سويسرا تُـصدر قائمة بالبلدان “الآمنة”
في خطوة غير مسبوقة، أصدر المكتب الفدرالي لشؤون اللاجئين في سويسرا قائمة الدول التي أطلق عليها وصف "الآمنة".
ويعني هذا التوصيف أن رعايا البلدان التي وردت أسماءها في القائمة لا يحقّ لهم الحصول على اللجوء في الكنفدرالية.
في الفاتح من أغسطس المقبل، يبدأ العمل في سويسرا بقائمة الدول “الآمنة”، المعتمدة من طرف الحكومة الفدرالية والبرلمان، وهو ما سيعني أن المكتب الفدرالي لشؤون اللآجئين لن ينظُـر أصلا في طلبات اللجوء المُـقدّمة من طرف مواطني 40 بلدا.
وصرح دومينيك بوالا المتحدث باسم المكتب الفدرالي لشؤون اللاجئين، في حديث مع سويس انفو أن الإعلان هذه القائمة ليس أكثر من مجرد إجراء إداري يُـفترض أن يُـضفي المزيد من السرعة على إجراءات النظر في الملفات مستقبلا.
فإذا كان صاحب الطلب من رعايا الدول الواردة أسماؤها في القائمة، فسوف لن يواجَـه طلبه للحصول على حق اللجوء في سويسرا بالرفض، وسيُـصبح من السهل اتخاذ قرار ترحيله إلى بلاده.
ويضيف السيد بوالا أن ملفات مواطني تلك الدول سيتم البث فيها في غضون أيام قليلة، على العكس مما هو سائد حاليا، حيث تدوم فترة الانتظار عدة أسابيع، بل أشهرا طويلة قبل البت النهائي في مصير صاحب الطلب.
مفارقـــات
وقد تضمّـنت اللوائح الجديدة للتعامل مع طالبي اللجوء من تلك الدول بندا يُـحدّد بعض الحالات الخاصة التي تُـبيح بعض الاستثناءات، مثل عدم قُـدرة البلد على حماية طالب اللجوء من عصابات الإجرام الدولية “كالمافيا” أو أن تكون صاحبة الطلب سيدة تعرضت للاغتصاب والعنف، وفشلت سلطات بلدها في تأمين سلامتها وحمايتها.
في المقابل، لا يحق لهؤلاء الأشخاص الحصول على حق اللجوء، إلا أن السلطات السويسرية ستسمح لهم بالبقاء فوق أراضيها لبعض الوقت في انتظار هدوء الأوضاع أو إيجاد حلّ لمشكلتهم.
وسيقوم المكتب الفدرالي لشؤون اللاجئين بتحديد قائمة الدول الآمنة مرّتين في السنة بالاعتماد على معايير متنوعة، لعل أهمّـها مدى احترام حقوق الإنسان في تلك الدولة، وتطبيق سلطاتها للمواثيق والمعاهدات الدولية المتعلقة بها.
ومن المفارقات أن القائمة المنشورة في برن ضمّـت أسماء بلدان مثل البوسنة والهرسك ومقدونيا، على الرغم من انتشار ظاهرة عدم الاستقرار في دول منظقة البلقان عامة، إلى جانب بلدان مثل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بما في ذلك الدول العشرة التي ستلتحق به ابتداءً من 1 مايو 2004.
ردود فعل غاضبة
وفي أول رد فعل على ورود إسم البوسنة والهرسك تحديدا في قائمة الدول الآمنة، أعربت المنظمة السويسرية لرعاية اللاجئين عن بالغ قلقها، لأن سويسرا هي الدولة الوحيدة التي صنفتها ضمن الدول الآمنة، بالرغم من ورود تقارير عديدة تؤكّـد استمرار وجود بعض الأحقاد الدينية والحزازات العرقية فيها، وتشير إلى أن حوالي نصف مليون شخص لا زالوا يعيشون في حالة هجرة داخلية في أراضي جمهورية البوسنة والهرسك نفسها.
وعددت المنظمة غير الحكومية المعنية بالدفاع عن حقوق اللاجئين في سويسرا في البيان الذي أصدرته “عوامل واضحة لعدم الاستقرار في البوسنة”، بالاستناد إلى واقع الحياة اليومية والسياسية هناك، مثل عدم امتثال حكومة صرب البوسنة لطلبات تسليم المتهمين بارتكاب جرائم حرب، والإهمال المتعمد لأبسط حقوق مسلمي البوسنة في العودة إلى قراهم وبيوتهم، رغم الاتفاقيات الدولية المُـبرمة بين أطراف النزاع والتي تنص على ذلك.
كما انتقدت المنظمة نشر سويسرا لتلك القائمة في سابقة هي الأولى من نوعها، حيث كان تصنيف “الدول الآمنة” يتغيّـر طبقا لمعايير الأمن والاستقرار الداخليين التي تختلف من حالة إلى أخرى. وجاء هذا الانتقاد على الرغم من تعهّـد المكتب الفدرالي لشؤون اللاجئين بالاستمرار في مراقبة الأوضاع في البلدان التي وصفها بالآمنة، وبإحاطة الحكومة بأي تغيير يطرأ على استقرارها.
ولفت نظر المراقبين إقدام المكتب الفدرالي لشؤون اللاجئين على وضع دول مثل غانا وغامبيا في نفس القائمة مع بلدان مثل النرويج أو أيسلندا مفترضا أنها تتمتّـع بنفس القدر من الاستقرار. وتتخوف المنظمة السويسرية لرعاية اللاجئين من أن يطبق الاتحاد الأوروبي مستقبلا نفس المعايير السويسرية في التعامل مع قضايا طالبي اللجوء.
يُـشار إلى أن الإعلان عن هذه القائمة يأتي في الوقت الذي تستعد فيه الأحزاب السياسية للانتخابات البرلمانية التي يستحوذ فيها ملف اللاجئين والأجانب على اهتمام كافة الأطراف المتنافسة في محاولة لكسب أكبر عدد من المؤيدين.
ويرى مراقبون في العاصمة الفدرالية أن نشر هذه الوثيقة قبل 3 أشهر من موعد الانتخابات قد يخفف من حدة هجوم حزب الشعب السويسري ذي التوجات اليمينية المتشددة على الحكومة التي دأب على اتهامها بعدم اتباع سياسة واضحة وصارمة مع طالبي اللجوء.
تامر أبو العينين – سويس انفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.