أسقـف يؤيّـد تشييد مــآذن في سويسرا
في خُـطوة ملفتة، أعرب كورت كوخ، أسقُـف بازل في تصريحات نُـشرت يوم الأحد 3 سبتمبر، أن تشييد مآذن في سويسرا لا يُـسبّـب له أي مشكل.
وقال رجل الدين المسيحي، “إن هذا (الحق) يجب أن يُـمنح لهم”، واعتبر أن النزاع القائم يُـخفي وراءه نِـقاشا أكثر أهمية.
جاءت تصريحات أسقف بازل (شمال) في وقت تعدّدت فيه تحرّكات المعارضين لتشييد مآذن أو مساجد في بعض المناطق السويسرية. ومن المُـحتمل أن تزيد في احتدام النقاش – الهادئ إلى حدّ الآن – حول وضع المسلمين في الكنفدرالية بشكل عام.
الأسقف كورت كوخ ذكـّر في تصريحاته إلى عدد الأحد من صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ، الصادرة في زيوريخ، بأن المئذنة تُـعتبر رمزا للهوية بالنسبة للمسلمين، وقال “لو قلنا إلى كنيسة مسيحية إن كنيستها يجب أن تُـحرم من صرحها (أو برجها)، لَـطُرح السؤال: وأين المشكل”؟
وعبّـر كورت كوخ عن انشغاله، للمعارضات المتتالية في الأنحاء الناطقة بالألمانية من سويسرا لتشييد مآذن، واعتبرها “مؤشرا على خوف كبير تُـجاه الأجنبي”، على حدّ تعبيره.
كما ذهب أسقف بازل إلى أن الإسلام لا زال قليل الاندماج في المجتمع بسويسرا، إضافة إلى ذلك، فإن المسلمين يعبّـرون بقوة عن ديانتهم، في الوقت الذي يتّـسم فيه المسيحيون بالتحفّـظ في هذا المجال. فالمشكل لا يكمُـن – بدرجة أقل – في قوة الإسلام، بل في ضُـعف المسيحية، إنه تحدٍّ كبير، حسب كورت كوخ.
في نفس الحديث، رفض أسقف بازل الحُـجّـة التي تقول: “إن مئذنة في سويسرا ستشكّـل علامة على إخضاع الأراضي المجاورة”، وقال: “قد يكون الأمر هكذا بالنسبة لمجموعات أصولية، لكن الأمر ليس على هذه الشاكلة مع المسلمين الذين أعرفهم”.
على الجانب الآخر، عبّـر الأسقُـف كورت كوخ عن الأمل في أن يتمكّـن المسيحيون أيضا من التمتّـع بحرية العبادة في البلدان الإسلامية. وأورد مثال الأسقـف المناوب للجزيرة العربية “الذي لا يُـمكن له مثلا إقامة شعائر القُـربان المقدّس في بعض البلدان. إنها قضايا ظلّـت مفتوحة ويقتضي الأمر التطرّق إليها”.
“حرب” المآذن
في سياق متّـصل، تشهد سويسرا منذ عدّة أشهر سجالات محلية (أسبغت عليها وسائل الإعلام أحيانا طابعا وطنيا) حول مطالب تقدّمت بها جمعيات أو هيئات إسلامية لتشييد مآذن أو مساجد في بعض الأحياء أو البلديات الواقعة في الأنحاء الناطقة بالألمانية من البلاد.
ففي مدينة فيل WIL في كانتون سانت غالن (شرق)، يلقى مشروع تشييد مئذنة، تقدّمت به الجالية المسلمة الألبانية، معارضة شبّـان حزب الشعب السويسري (يمين متشدّد) الذين أعدّوا قبل فترة عريضة تدعو لحظر تشييد المآذن في كافة أنحاء الكانتون. ويطالب شبّـان الحزب في عريضتهم بحماية المنظر العام من المآذن أو من “أبنية دينية مُـزعجة” أخرى. كما يدعون إلى استفتاء الناخبين في هذه الحالات.
من جهته، أشار الإمام بيكيم عليمي، الذي عرض مشروع إقامة مسجد بمئذنة يوم 26 أغسطس الماضي إلى أن بيت الصلاة المتوفّـر حاليا لأعضاء الجالية، الذين يبلغ عددهم 650 شخص، ضيَـق جدّا، حيث لا تزيد مساحته عن 250 متر مربع. وأشار عليمي إلى أن الجالية لا تتوفّـر في الوقت الحاضر على أرض لبناء مسجد من هذا القبيل عليها أو على مخطط نهائي، كما أنه لم يتم التقدّم بأي طلب للترخيص في البناء.
كما تشهد مدينة لانغنتال Langenthal في كانتون برن معارضة شديدة لمشروع إقامة مئذنة فوق أحد مساجدها، تجسّـدت بالخصوص في عريضة سُـلِّـمت يوم 16 شهر أغسطس الماضي إلى السلطات البلدية، ممهورة بـ 3500 توقيع.
وقال فيرنر غريلكا، المسؤول عن اللجنة المعارضة، التي تحمل إسم “أوقفوا المئذنة”، إن هذا التحرّك ليس موجّـها ضد الأشخاص الذين يريدون تشييد هذه المئذنة”، وأوضح أن الأمر يتعلّـق بمعارضة المضمون الرمزي للمئذنة، التي تمثل “علامة على تقدّم الإسلام”، على حدّ تعبيره.
لكن ممثلين عن الجالية الإسلامية في المدينة (معظمها من الألبان) أكّـدوا أن أعضاءها مسلمون أوروبيون متشبّـعون بروح التسامح، وأنهم يرغبون في مغادرة الأقبية ليتمكّـنوا من التعبير عن مشاعرهم الدينية في الضوء، ولهذا السبب، فهم يرغبون في تشييد مئذنة بارتفاع 6 أمتار.
أما في فنغن Wangen، في كانتون سولوتورن، فقد آل الأمر بعدّ أشهر من الجدل إلى القضاء، الذي سيحسِـم في قضية المئذنة المتنازع عليها بعد أن قرّر أعضاء المجلس البلدي لفنغن يوم 6 أغسطس الماضي (بأغلبية 5 أصوات وإمساك عضو عن التصويت)، إحالة القضية إلى المحكمة الإدارية في الكانتون.
وكانت لجنة التهيئة العمرانية، التابعة للبلدية، قد رفضت في شهر فبراير الماضي منح ترخيص بناء مئذنة يبلغ ارتفاعها 6 أمتار، إلا أن القرار ألغِـي من طرف سلطات الكانتون، التي اعتبرت أن بناء المئذنة مطابق للمخطط العمراني للمنطقة المعنية.
بدورها، رفضت سلطات مدينة فوهلن Wohlen في كانتون أرغاو، تشييد مئذنة. أما الجالية الإسلامية في مدينة بيل Biel بكانتون برن، فقد تراجعت عن مشروعها إقامة مركز في بلدية نيداوNidau القريبة، في أعقاب معارضة المتساكنين قرب الموقع.
سويس انفو مع الوكالات
يناهز عدد المسلمين المقيمين في سويسرا 340 ألف شخص، وتقدم أغلبيتهم من منطقة البلقان (ألبانيا وإقليم كوسوفو والبوسنة ومقدونيا والجبل الأسود) وتركيا.
ارتفعت نسبة المسلمين مقارنة بإجمالي عدد السكان في الكنفدرالية من 2،2% عام 1990 إلى 4،3% عام 2000.
يعود الارتفاع المسجّـل في عشرية التسعينات أساسا إلى قدوم أعداد كبيرة من اللاجئين الذين فرّوا من الحرب الأهلية في جمهوريات يوغسلافيا سابقا.
لا يوجد حاليا في سويسرا سوى مسجدين بمئذنة، وهما مسجد المؤسسة الثقافية الإسلامية في جنيف، الذي افتتح عام 1978 ومسجد محمود الذي أقامته الطائفة الأحمدية في زيورخ عام 1963.
يُـمكن للمسلمين المقيمين في سويسرا، إقامة شعائرهم في أكثر من 120 بيت للصلاة، توجد في مراكز ثقافية إسلامية أو في أقبية بنايات سكنية أو محلات مهجورة.
تقليديا، تتمثل مهمة المئذنة في توفير مكان مرتفع حتى يتسنّـى للمؤذن أن يدعو المؤمنين للصلاة. أما في المآذن الحديثة، فعادة ما يُـجهّـز المبنى بالأبواق.
في سويسرا، لا يُـرفع الآذان من المئذنتين الموجودتين في جنيف وزيورخ.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.