أوباما يجدد الإلتزام بأمْـن إسرائيل وحدود 67 تتحول إلى مجرد ســراب!
كالعادة، نجح نتانياهو وتراجَـع أوباما وخرج الفلسطينيون "بلا حمُّـص".
هكذا يُـمكن تلخيص حصيلة ثلاثة خطابات في أقل من أسبوع واحد، بدءا بخطاب الرئيس الأمريكي أوباما في مقر وزارة الخارجية يوم 19 مايو الجاري ثم بخطاب ثانٍ بعد ثلاثة أيام أمام منظمة إيباك الصهيونية، وأخيرا خطاب نتايناهو أمام مجلسي النواب والشيوخ الأمريكي يوم 24 مايو.
مثل هذه الحصيلة من الفشَـل لمبادرات أوباما أو بالأحْـرى لأفكاره العامة جدا بشأن التسوية، ليست جديدة، كما أن الابتزاز الصهيوني الإسرائيلي، له ولأفكاره، بات مشهَـدا مُـعتادا ومتكَـرِّرا، غيْـر أن ثمنه الباهظ يأتي دوْما على الفلسطينيين والعرب معا.
الفشل الجديد.. حدود 67
وإذا كان الفشل الأبرز تعلَّـق بالاستيطان الإسرائيلي الذي لم يستطع الرئيس أوباما أن يُـوقِـفه من أجل حفز المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية برعاية أمريكية، مما قادَ في النهاية إلى استقالة المبعوث الأمريكي ميتشل مُـغلقا بذلك فترة تقترب من عاميْـن بلا أية نتيجة، سوى المزيد من الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
أما الفشل الجديد، فيتعلَّـق بحدود يونيو 1967 والتي تمثل أمَـل الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، وباعتبارها الحدود المقبولة تاريخيا ولا يمكن بعدها الحديث عن أي كيان فلسطيني متماسك، إن ضرب بها عرض الحائط كما يريد نتانياهو ووراءه كل الإسرائيليين، بِـغضِّ النظر عن توجُّـهاتهم ورُؤيتهم لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي.
كانت محاولة أوباما، كما في خطابه الأول، هي التذكير بمبدإ حلّ الدولتيْـن وبأن تكون حدود يونيو 67 أساسا صالِـحا للتفاوض من أجْـل دولة فلسطينية بجوار إسرائيل، ورابطا الأمر بتحذير الفلسطينيين من نتائج ما أسماه محاولة عَـزل إسرائيل بالأمم المتحدة، وهو التصوير الرمزي للجهود التي يتطلع إليها الفلسطينيون للحصول على اعتراف دولي من قِـبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر القادم بدولتهم المقبلة، وفقا لحدود 1967، وذلك كنتيجة حتمِـية لإنسداد أفُـق التفاوض مع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، وهي الجهود التي صوّرها أوباما جُـهودا فارغة المضمون لن تؤدّي إلى شيء على أرض الواقع.
لا اختراق.. لا تجاوز
جَـوْهر ما قاله أوباما في خطابه الأول، لم يكن يمثل أي اختراق أو تجاوُز للمبادئ الصارمة التي تحكم السياسة الأمريكية تُـجاه إسرائيل بأي شكل كان، لاسيما مبدأ الالتزام المُـطلق وغيْـر المحدود بأمْـن إسرائيل وحماية وجودها وقدراتها العسكرية الهائلة.
وبدا ذلك واضحا في ربْـط أوباما حدود 67 بالتفاوض، أي برضى الطرفين ودون تدخُّـل من أي طرف آخر، وفي الإقرار بضرورة أن تكون هناك مبادلات على هذه الحدود برضاء الطرفيْـن أيضا وكمنتج تفاوضي بالأساس، ناهيك عن أن الأمر برمَّـته لم يحمل تصوّرا متكاملا للتسوية المُـمكنة، ولم يُـشر الخطاب لا من قريب ولا من بعيد لقضايا مهمَّـة، هي جوهر الصراع، وتتعلَّـق بحقوق اللاجئين الفلسطينيين، لاسيما حق العودة ومصير القدس وحدود السيادة للفلسطينيين على أرضهم.
الابتزاز المعتاد.. والتراجع المعتاد
لم تكُـن أفكار أوباما جديدة ولا تمثل أي تحَـدٍّ لإسرائيل من أي نوعٍ كان، ومع ذلك، حدث الهجوم الإسرائيلي الصهيوني المعتاد، بما فيه من ابتزاز سياسي ومعنوي، فما كان من أوباما إلا التراجع الفوري أمام منظمة إيباك (اللجنة الأمريكية للشؤون العامة لإسرائيل)، التي تُـعَـد يد إسرائيل القوية في دهاليز السياسة الأمريكية، عبْـر إعادة توضيح ما بدا غامضا، وهو لم يكن كذلك أصلا.
وجاء التوضيح في صورة تأكيد على أمريْـن مترابطيْـن: الأول، أن دعوته لإقامة الدولة الفلسطينية على أساس حدود عام 1967، تأخذ بعين الاعتبار ما أسماه “الواقع السكاني الجديد”، أي الإستيطان اليهودي في الأراضي الفلسطينية المحتلَّـة من خلال إجراء “مبادلات للأراضي”، وموضِّـحا أن هذه الدّعوة تسمح للطرفيْـن نفسيْـهما بمراعاة التغييرات التي حدثت خلال الأربعين عاما الماضية.. بمعنى أنها تُـمكِّـنهما من مُـراعاة هذه التغييرات، بما فيها “الحقائق السكانية الجديدة على الأرض وحاجات الجانبين”.
ولا يخفى أن إجراء هذه المبادلات، من شأنه أن يُـغيِّـر تماما فِـكرة حدود 67، خاصة في ضوء وجود الكُـتل الإستيطانية اليهودية الكبيرة في عمق الأراضي الفلسطينية واستمرار عمليات الإستيطان على هذه الحدود في أكثر من موقع. كما أن فكرة رضى الطرفيْـن تعني بالأساس رضى إسرائيل على هذه المبادلات.
الثاني، إدانة اتفاق المصالحة الفلسطيني بين فتح وحماس، مؤكِّـدا أن الأخيرة هي “منظمة إرهابية لا يجوز التفاوض معها”.
نفس التعهدات السابقة
والأمران معاً وبهذه الصياغة التوضيحية، لا يختلفان عن جوهر تعهُّـدات الرئيس السابق بوش التي قدمها عام 2004 لرئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك آرئيل شارون، وتضمَّـنت تأييد واشنطن لِـما اعتُـبر حق إسرائيل في ضم الكتل الاستيطانية الكبيرة إلى حدودها وخصمها من أراضي الدولة الفلسطينية. وكأن كل ما فعله أوباما هو إعادة تأكيد تعهُّـدات بوش، ولكن بصيغة مَـرِنة وألفاظ محدّدة. وعلينا التذكير هنا باقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والتي تسمح عادةً بخضوع الرؤساء الأمريكيين والمرشَّـحين الرِّئاسيين لمطالب ورغبات القِـوى المؤيدة لإسرائيل والكرم الحاتمي في تأييدها.
موقف أوباما على هذا النحو مَـثَّـل انتصارا آخر لإسرائيل عامة، ولنتنياهو خاصة، والذي استثمر هذه البيئة الأمريكية التي تقبل كل ما تقوله الدوائر الإسرائيلية عن طيب خاطر وبتأييد عارم، ليُـعيد تأكيد كل مقولاته عن التسوية والمفاوضات وحدود 67 أمام مجلسي النواب والشيوخ، وليجد في كلمة يقولها تصفيقاً حادا تكرر في 26 مناسبة.
مقولات نتانياهو وحجم الانتصار
مما قاله نتانياهو، عدد من المقولات توضِّـح حجم الانتصار: “سنكون كرماء في تحديد حجم الدولة الفلسطينية، لكن إسرائيل لن تعود إلى حدود 1967 وسنكون متشدِّدين في وضع الحدود” وأنه لا يمكن تقسيم القدس وستظل عاصمة أبدية لإسرائيل وأن الفلسطينيين يجب أن يكون لهم حق الهجرة إلى الدولة الفلسطينية، وهذا يعني أن حل مشكلة اللاّجئين يُـمكن أن يكون خارج حدود إسرائيل” وأن “أي تنازل إسرائيلي يجب أن يعكِـس التغيرات الحاصلة منذ 1967، وبذلك، فإن المستوطنات ومصيرها، سيخضعان للبحث في المفاوضات وستقع بعض المستوطنات خارج حدود إسرائيل”.
مُـجمل القول هنا، أن نتانياهو يرفض أن يكون خط الحدود لعام 67 أساسا للتفاوض، حتى مع مبدإ اوباما القائل بإقرار تبادلات للأراضي تسمح لإسرائيل بالحفاظ على المستوطنات الكبيرة داخل حدودها، التي سيتفق عليها في المفاوضات، كما يرفض أيضا ربط أمن إسرائيل بهذه الحدود، باعتبارها لا تمكِّـن إسرائيل بالدِّفاع عن نفسها، ويرفض كذلك انطلاق البحث في حجم دولة فلسطين المرتقبة، انطلاقا من حجمها المستند إلى حدود 67، بل سيكون أساس تحديد هذا الحجم هو ” الكرم الإسرائيلي فقط”.
وبعبارة مُـوجزة، فإن كل ما قاله أوباما، خاصة في الخطاب الثاني أمام إيباك، لامعنى له. فحدود 67 أصبحت سَـرابا مغدورا ولا يمثل أساسا للتفاوض مع الفلسطينيين، والذين بدورهم لم يعُـد أمامهم سوى خيار واحد، هو استعادة كامل وِحْـدتهم الوطنية والإصرار على الذّهاب إلى الأمم المتحدة وتحقيق خطوة مَـعنوِية قد يُـمكن استثمارها لاحِـقا، حين تتغيَّـر الظروف، ولو بعد حين.
القدس (رويترز) – وسّـعت اسرائيل يوم الأربعاء 25 مايو جزءا من حدودها لبلدية القدس وأعلنت خُـططا لبناء 50 ألف منزل لليهود والعرب هناك على مدى العقدين المقبلين.
وقال مسؤولون إن الأرض التي استُـخدمت في التوسعة، جاءت من مزرعة جماعية لليهود (كيبوتس) على حافة الأراضي المحتلة التي يسعى الفلسطينيون لإقامة دولة لهم عليها وأن ذلك يأتي في إطار احتفالات إسرائيل السنوية بالاستيلاء على القدس الشرقية في حرب عام 1967.
من جهة أخرى، حضر أعضاء في حكومة بنيامين نتانياهو اليمِـينية احتفالا بافتتاح مستوطنة يهودية بُـنيَـت في الآونة الاخيرة في منطقة يغلب الفلسطينيون على سكانها بالقدس الشرقية، الأمر الذي يعمق الخلافات بشأن عملية السلام المتأزمة.
وضمت إسرائيل القدس الشرقية منذ عقود وأعلنتها جزءا من “عاصمتها الموحدة” في خطوة لم تحظ باعتراف دولي. وكرر نتانياهو في كلمة أمس الثلاثاء في واشنطن أن إسرائيل ترفض تقسيم القدس في إطار اتفاق سلام مستقبلي. وقال في تصريحات قوبِـلت بانتقادات من الفلسطينيين “القدس يتعيّـن أن تبقى عاصمة موحدة لإسرائيل”.
وقال وزير الداخلية الإسرائيلي إيلي يشاي لصحفيين دعاهم إلى مكتبه يوم الأربعاء “القدس عاصمة أبدية لإسرائيل”. ويرأس ايشاي حزبا يهوديا متشدِّدا قويا في حكومة نتانياهو الائتلافية. وأضاف إيشاي لدى كشفه النقاب عن خطة لبناء ضاحية جديدة مجاورة للقدس الشرقية تضم ما بين 1600 و2000 وحدة سكنية “نوسِّـع حدود” المدينة. وأردف ايشاي “أقف ثابتا وراء توسيع حدود القدس ويتعين إيجاد وسائل تحقيق ذلك”، مشيرا إلى الذكرى السنوية لاستيلاء إسرائيل على القدس الشرقية أوائل يونيو، باعتبارها “توقيتا مناسبا” للتحرك.
وقال نير بركات، الرئيس الإسرائيلي لبلدية القدس إن مساحة الاثنين وسبعين فدّانا من الأرض التي ضمت لا تقع ضمن المنطقة “موضع الخلاف”، مشيرا إلى أنها ليست داخل الضفة الغربية، دون توضيح أكثر. وقال بركات مازحا حين تعرّض لضغط بشأن الموضوع “هناك حدود مختلفة في القدس”.
وتابع أن الخطة تأتي في إطار مخطَّـط أوسع لبناء 50 ألف منزل أخرى لليهود والفلسطينيين في المدينة في العشرين عاما المقبلة، حين يرتفع عدد السكان من الجانبين معا – حسب توقعه – إلى زهاء مليون نسمة من 800 ألف نسمة حاليا.
ولم يذكر تفاصيل تلك الخُـطط التي لم تقر رسميا بعد، لكنه تعهَّـد بأن يكون هناك بناء للفلسطينيين أيضا، قائلا “إذا لم نقدِّم حلولا لمشكلة الإسكان في القسم العربي، ستشيد مبانٍ بشكل غير قانوني”.
ويشكو الفلسطينيون الذين يشكِّـلون نصف سكان القدس تقريبا، من تباطؤ إسرائيل في منحهم تراخيص بناء، بينما وسعت الأحياء الإسرائيلية في السنوات الأخيرة”.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 25 مايو 2011)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.