أوباما يُـصبح أول رئيس أسود للولايات المتحدة
أصبح باراك أوباما أول رئيس أسود للولايات المتحدة يوم الثلاثاء 20 يناير 2009، وسارع إلى طيّ صفحة عهد حكومة الرئيس السابق جورج بوش، وحث الأمريكيين على العمل معا لإنهاء أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها البلاد منذ 70 عاما وإصلاح صورتها في الخارج.
وقال أوباما في كلمة أمام حشود اجتمعت لحضور حفل تنصيبه بعد أدائه اليمين القانونية “من اليوم.. يجب أن نتوحّـد وننفض عن أنفسنا الغُـبار ونبدأ مجدّدا مهمة إعادة صنع أمريكا”.
وعلَـت صيحات التأييد من جانب مئات الآلاف الذين تجمّـعوا في الساحة الوطنية، بينما كانوا يُـتابعون أوباما وهو يقف ويرفع إحدى يَـديْـه ويضع الأخرى على الكتاب المقدّس الذي استخدمه الرئيس الأمريكي الأسبق أبراهام لينكولن يوم تنصيبه للمرّة الأولى عام 1861 ويردد اليمين، ليُـصبح الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة خلَـفا لجورج بوش.
وقبّـل الرئيس الجديد، الذي بدا متألِّـقا، زوجته ميشيل وابنتيه التلميذتين ماليا وساشا، ثم التفت إلى الحشود التي تجمّـعت في يوم شِـتوي بارد، وهتفت الحشود “أوباما.. أوباما”. وتسلّـم أوباما الديمقراطي السلطة من الجمهوري بوش، الذي تولّـى السلطة لفترتين، وهَـوت معدّلات التأييد له إلى مستويات قياسية.
وعكّـر صفو الأجواء المفعمة بالبهجة، سقوط السناتور الديمقراطي ادوارد كنيدي مغشيا عليه خلال مأدبة غداء بمناسبة التنصيب في مجلس الشيوخ الأمريكي. وخضع كنيدي (76 عاما) لجراحة في يونيو لإزالة ورم في المُـخ. وقال معاون في الكونغرس، إن كنيدي كان يعاني من تشنّـجات على ما يبدو، ونُـقِـل إلى الخارج على محفة.
وقال أوباما على مأدبة الغداء “سأكذب عليكم إذا لم أقل أن جزءا منّي معه الآن، وأعتقد أن هذا ينطبق علينا جميعا”. وادوارد كنيدي، هو شقيق الرئيس الأمريكي الراحل جون ف. كنيدي، وهو واحد من أعضاء الكونغرس الديمقراطيين الذين يحظَـون بالاحترام.
ومثّـل تنصيب أوباما (47 عاما)، وهو ابن لأب كيني أسود وأم بيضاء من كنساس- معاني رمزية للأمريكيين من أصل إفريقي، الذين عانَـوا على مدى عقود من العبودية ثم التفرقة العنصرية، التي جعلتهم مواطنين من الدّرجة الثانية.
مستعدون للقيادة مرة أخرى
وفي اشارة واضحة الى عمليات الاستجواب الامريكية القاسية للمشتبه في كونهم إرهابيين والتي واجهت إدانة واسعة في الخارج تعهد أوباما بالتغيير قائلا إنه يرفض “الاختيار بين سلامتنا ومبادئنا” بوصف ذلك أمرا خاطئا.
ولم تصدر حكومته على الفور أمرا باغلاق معتقل جوانتانامو الامريكي في كوبا لكن مساعدين قالوا انه قد يفعل ذلك بحلول مطلع الاسبوع القادم.
ووجه أوباما حديثه لملايين المشاهدين في الخارج قائلا: “اعلموا أن أمريكا صديقة لكل أمة وكل رجل وامرأة وطفل ينشد مستقبلا يقوم على السلام والكرامة.. وأننا مستعدون للقيادة مرة أخرى”.
وبعد سنوات من توتر العلاقات مع المسلمين عقب هجمات 11 من سبتمبر ايلول قبل نحو سبع سنوات والتي دفعت بوش الى إعلان الحرب على الإرهاب وجه أوباما عبارات تصالحية تجاه المجتمع الاسلامي وقال إنه سيسعى “لنهج جديد للمضي قدما” يقوم على المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل.
ولكنه قال فيما يخص قضية الارهاب “لن نعتذر عن طريقتنا في الحياة.. ولن نتردد في الدفاع عنها .. ولأولئك الذين يسعون لتحقيق أهدافهم من خلال اثارة الإرهاب وقتل أبرياء.. نقول لكم الآن إن عزيمتنا اقوى ولا يمكن كسرها .. لا يمكنكم أن تفوقونا صمودا.. وسنهزمكم”.
وغادر بوش واشنطن عائدا إلى ولاية تكساس يوم الثلاثاء 20 يناير بعد فترة وجيزة من حفل التنصيب.
الإقتصاد.. الإقتصاد
وتشير استطلاعات الراي الى تاييد شعبي واسع لاوباما وتفاؤل بشأن سنوات رئاسته الأربع القادمة، لكنه سعى لتخفيف التفاؤل الشديد بشأن زعامته بالحديث عن الواقع.
وأشار أوباما إلى أسوأ أوضاع اقتصادية تشهدها الولايات المتحدة منذ 70 عاما ومشاركة الولايات المتحدة في الحربين بالعراق وأفغانستان وقال إنها وضعت البلاد “في خضم أزمة” وقال إنه قد حان الوقت “لإاعلان نهاية للمظالم الثانوية” التي طالما قسمت الامريكيين.
وأضاف “المطلوب منا الآن هو عهد جديد من المسؤولية.. اعتراف من كل أمريكي بأن علينا واجبات تجاه أنفسنا .. وبلدنا والعالم.. واجبات لا نقبلها كرها .. لكننا نقوم بها عن طيب خاطر.”
وتعهد أوباما بانعاش الاقتصاد الذي قال انه تضرر بشدة نتيجة “للجشع وانعدام المسؤولية”، وتعهد أيضا “بعين يقظة” لضمان عدم خروج الأسواق المالية عن السيطرة.
وأثقل الركود كاهل البلاد بعجز بلغ تريليون دولار ورفع عدد العاطلين الى 11 مليونا. وأصبحت تلك المخاوف الاقتصادية محط الاهتمام الرئيسي للامريكيين وساعدت أوباما في هزيمة المرشح الجمهوري جون مكين في الانتخابات التي جرت في نوفمبر 2008.
وقال جاريل وينستيد وهو مستثمر عقاري يبلغ من العمر 67 عاما جاء من سينسناتي في أوهايو الى الساحة الوطنية لحضور تنصيب اوباما “لا يهمني لونه… اذا لم يتحسن الاقتصاد .. واذا لم يوفر وظائف كافية .. فسيتبدد الصبر.”
ولم يتطرق الرئيس الامريكي الجديد إلى تفاصيل دقيقة بشأن حزمة الحوافز الاقتصادية المقترحة، لكنه قال إن الخطة التي ستشمل الانفاق على بناء طرق جديدة وجسور وشبكات كهرباء ومشروعات أخرى ستضع الاساس للنمو في المستقبل.
وأشارت تلميحاته إلى غياب عين يقظة على الاسواق إلى أنه سيجعل إصلاح القواعد المالية ضمن أولوياته.
أمن مشدد
وجرت مراسم حفل التنصيب وسط اجراءات أمنية لم يسبق لها مثيل. ونشر نحو 8000 شرطي وكان هناك اجمالا 32 ألف عسكري اما في الخدمة أو في وضع الاستعداد.
وقالت وزارة الامن الداخلي ان السلطات تحقق في تهديد محتمل تشترك فيه جماعة صومالية متمردة فيما يتصل بتنصيب أوباما.
وقال مصدر مطلع إن أوباما يعتزم ضمن أول أعماله كرئيس تعيين مبعوث له الى الشرق الاوسط وان السناتور السابق جورج ميتشل مرشح بارز للمنصب.
وسيجتمع أيضا مع قادة الجيش يوم الاربعاء لمناقشة احتمال تسريع انسحاب القوات الامريكية من العراق من أجل الوفاء بوعد قطعه خلال حملته الانتخابية بسحب جميع القوات خلال 16 شهرا.
ويتوقع أيضا أن يناقش الحاجة لمزيد من القوات في أفغانستان.
سويس انفو مع الوكالات
القاعدة البحرية الامريكية في خليج غوانتانامو – (رويترز) – بعد ساعات من تنصيبه يوم الثلاثاء 20 يناير 2009، أمر الرئيس الامريكي باراك أوباما المدّعين العسكريين في محاكمات جرائم الحرب في غوانتانامو بطلب إيقاف كل القضايا المنظورة لمدة 120 يوما.
وقال مسؤول يشارك في المحاكمات طالبا أن لا ينشر اسمه، إنه من المتوقع أن يصدر قضاة المحكمة العسكريون في المحاكمات التي تجرى في القاعدة البحرية الامريكية في خليج غوانتانامو بكوبا، حكما في الطلب يوم الاربعاء 21 يناير.
ويقضي الطلب بايقاف إجراءات المحاكمات في 21 قضية منظورة، ومن بينها القضية التي يُنتظر الحكم فيها بالاعدام والمقامة على خمسة سجناء في غوانتانامو متهمين بتدبير هجمات 11 من سبتمبر 2001. وقال مدعون في طلبهم المكتوب ان الايقاف “لمصلحة العدالة”.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 21 يناير 2009)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.