الأستاذ رشيد مصلي: “اعتقال مراد دهينة تـمّ لأسباب سياسية”
إثر توقيف السلطات الفرنسية في باريس للمعارض الجزائري مراد دهينة المقيم بصورة مؤقتة في سويسرا، اعتبر الحقوقي رشيد مصلي أن الخطوة تمثل "محاولة لإبقاء المعارضين في الخارج لأطول فترة في السجون".
تناقلت وكالات الأنباء ووسائل الإعلام السويسرية اعتقال مراد دهينة، المعارض السياسي الجزائري والمدير التنفيذي لمنظمة الكرامة لحقوق الإنسان التي تتخذ من جنيف مقرا لها يوم الاثنين 16 يناير 2012 في باريس. وذكرت المنظمة في بيان صادر عنها أن “اعتقال الدكتور مراد دهينة جاء بناء على تحريض من السلطات الجزائرية لأسباب سياسية، وأن نيابة مجلس قضاء باريس ستنظر في الطلب الرسمي للسلطات الجزائرية بترحيله”.
في الحوار التالي مع swissinfo.ch يستعرض الأستاذ رشيد مصلي، المدير القانوني لمنظمة الكرامة لحقوق الإنسان، قضية اعتقال مراد دهينة، والدوافع الكامنة حسب رأيه وراء إعادة الحياة لطلب يعود إلى سنة 2003، والإجراءات التي اتخذتها منظمته امام المحافل الحقوقية الأممية.
swissinfo.ch: رشيد مصلي ما هي في نظركم أسباب اعتقال الدكتور مراد دهينة؟
رشيد مصلي: يتعلق الأمر بتوقيف من قبل الشرطة القضائية الفرنسية بطلب من السلطات الجزائرية. إذ يعتقد أن هناك طلب توقيف من قبل السلطات الجزائرية يعود لتسعينات القرن الماضي والذي يبدو أنه تم تفعيله من جديد للتوصل الى هذا التوقيف اليوم.
لماذا الآن بالذات؟
رشيد مصلي: هذا هو السؤال الذي يطرحه الجميع. ولكن ما يمكن أن نقوله هو أن هناك الوضع العام في الجزائر المتمثل في تنظيم انتخابات تشريعية مقبلة، ومحاولات الإصلاح التي رفضتها المعارضة الجزائرية. وكذلك هناك إطار الانتخابات الرئاسية المقبلة في فرنسا. وعما إذا كانت هناك اسباب سياسية لهذا التوقيف، هذا ما يعقده العديد من الملاحظين السياسيين اليوم.
لكن ما هي التهم الموجهة لمراد دهينة منذ العام 2003؟
رشيد مصلي: تعرفون أنه من أجل التوصل الى اعتقال المعارضين السياسيين في الخارج، لجأت السلطات الجزائرية في أغلب الأحيان الى التذرع بانهم يمارسون الإرهاب, ولست أدري ما الذي يمكن أن يُتهم به السيد مراد دهينة منذ العام 2003، نظرا لكونه لم يعد الى الجزائر منذ 1987. من الواضح أن ما تتهمه به السلطات الجزائرية هو قيامه بنشاطات سياسية في الخارج وبالتحديد في إطار حركة رشاد التي هو أحد مؤسسيها.
هل بلغت نشاطات حركة الرشاد حدا من الإزعاج لحد دفع السلطات الجزائرية الى إعادة تفعيل طلب التسليم؟
رشيد مصلي: يجب اعتبار بأن السلطات الجزائرية اصبحت أكثر حساسية لأية نشاطات يقوم بها المعارضون في الخارج. فقد قامت حركة رشاد مؤخرا، بتنظيم مظاهرة أمام السفارة الجزائرية في باريس. كما أن توقيف مراد دهينة جاء بعد أيام من تنظيم هذه المظاهرة التي كانت مرخصة من قبل بلدية باريس وقد تمت بمناسبة الذكرى العشرين للإنقلاب العسكري ووقف المسار الديمقراطي في الجزائر في 12 يناير 1992.
ما هو الوضع القانوني للسيد مراد دهينة من حيث ترخيص الإقامة الذي يملكه في الوقت الحالي وما هي التداعيات القانونية المترتبة عن ذلك؟
رشيد مصلي: السيد مراد دهينة لا يتمتع بحق اللجوء السياسي، ولم يأت إلى سويسرا لطلب اللجوء، نظرا لكونه أتى في عام 1987 مباشرة من الولايات المتحدة الأمريكية حيث أحرز على دكتوراه في الفيزياء النووية، وذلك بطلب من معهد زيورخ الفدرالي العالي المتعدد التقنيات للقيام بمهمة تدريس الفيزياء النووية. وعمل فيما بعد في المركز الأوروبي للأبحاث النووية حتى عام 1992 لما اقدمت السلطات الفرنسية على إلغاء عقد عمله وهذا بالطبع تحت ضغوط الحكومة الجزائرية، نظرا لأن السيد مراد دهينة قد عبر آنذاك عن معارضته للإنقلاب العسكري.
وبالنسبة لسويسرا لم يحصل السيد دهينة على حق اللجوء، وهو أمر نأسف له لاعتقادنا بأنه يوفي بكل الشروط. ولكن حسب المعلومات التي توصلنا بها، يبدو أن السويسريين لم يمنحوه حق اللجوء تحت ضغوط وزير الداخلية الفرنسي آنذاك شارل باسكوا، مما يجعله يتمتع فقط في الوقت الحالي بترخيص إقامة مؤقت.
ونظرا لهذا الطابع من الإقامة، ما الذي يترتب عنه من مسئوليات بالنسبة للحكومتين السويسرية والفرنسية في حال الاقدام على قبول تسليمه للسلطات الجزائرية؟
رشيد مصلي: السيد دهينة لم يتم إيقافه في سويسرا، ولم يتعرض ابدا لمشاكل في سويسرا، ولم يرد في يوم الأيام أن تسلمه الى السلطات الجزائرية على الرغم من الطلبات المتعددة التي قدمتها السلطات الجزائرية للسلطات السويسرية بخصوص المعارضين لها. وبالتالي لا تتحمل سويسرا أية مسؤولية في هذه القضية.
لكن فيما يخص فرنسا، هناك طلب تسليم معلق أمام القضاء الفرنسي. ومن الزاوية القانونية المحضة لا يمكن لفرنسا أن تستجيب لطلب تسليم لبلد مثل الجزائر لأن ذلك يعني بكل وضوح انتهاكا للبند الثالث من معاهدة مناهضة التعذيب، والبند الثالث من المعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان. وهي إجراءات تحظر تسليم أي شخص يكون من المحتمل تعرضه لسوء المعاملة في البلد الذي يطلب التسليم. لذلك يبدو لنا واضحا بأن فرنسا لا تستطيع تسليم السيد مراد دهينة أيا كانت الضمانات الدبلوماسية التي تقدمها السلطات الجزائرية لنظيرتها الفرنسية.
لكن بحكم هذا الوضع، إقامة مؤقتة وطلب لجوء مرفوض، هل بإمكانه القيام بهذه النشاطات من خلال جمعية الرشاد والتنقل الى فرنسا؟
رشيد مصلي: في الواقع سويسرا عضو في فضاء شنغن، ولا توجد اية قرارات منع من الدخول الى فرنسا. وحتى السلطات القضائية الفرنسية التي أشعرتني بتوقيفه أوضحت لي بأنه لا توجد أية مشاكل له مع السلطات الفرنسية، وأنها لم توقفه إلا بطلب من السلطات الجزائرية.
وما الذي تتوقعونه من إجراءات قادمة في هذه القضية؟
رشدي مصلي: هناك مهلة شهر أمام السلطات الجزائرية لكي تقدم طلب تسليم. ومن خبرتنا وتجاربنا نعرف جيدا أن السلطات الجزائرية ستقوم بمناورات بهدف تأخير الفصل في طلب التسليم. والهدف بالنسبة للسلطات الجزائرية هو دوما العمل على إبقاء المعارضين لأطول فترة ممكنة في السجون في الخارج. وما نخشاه هو أن يتم تمديد هذه الإجراءات لفترة طويلة بسبب هذه المناورات.
من جهتكم في منظمة الكرامة، ما هي الخطوات التي تنوون القيام بها على مستوى المحافل الحقوقية؟
رشيد مصلي: لقد قمنا بالفعل بإشعار المقررة الخاصة المعنية بالدفاع عن المدافعين عن حقوق الإنسان، نظرا لأن السيد مراد دهينة مدافع عن حقوق الإنسان، وهو المدير التنفيذي لمنظمتنا، ويطالب في نشاطه السياسي لبلده بمزيد من الديمقراطية، ودولة القانون التي تحترم الحريات الفردية والجماعية. كما وجهنا إشعارا للمفوضة السامية لحقوق الإنسان والمقرر الخاص المعني بمناهضة التعذيب لاطلاعهم على هذه القضية.
دكتور جزائري في الفيزياء النووية ، تخرج من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة الأمريكية.
قدم الى سويسرا في عام 1987 للتدريس في المعهد الفدرالي العالي للتكنولوجيا بزيورخ. ثم اشتغل في الفيزياء النظرية بالمركز الأوروبي للأبحاث النووية الواقع على الحدود الفرنسية السويسرية.
كان من بين قيادات حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ (المحظورة) في الخارج، ومن المعارضين لوقف المسار الانتخابي في عام 1991.
لم تمنحه السلطات السويسرية اللجوء السياسي لكنه يتمتع برخصة إقامة مؤقتة.
التحق بجمعية الكرامة لحقوق الإنسان غير الحكومية في عام 2007 وأصبح مديرها التنفيذي.
في عام 2007 شارك في تأسيس حركة رشاد للتنسيق بين مختلف القيادات المعارضة للنظام الجزائري في كل من ألمانيا وبريطانيا وسويسرا.
السيد مراد دهينة متزوج وأب لستة أطفال.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.