“التحالف الوطني” يتّجه لمقاطعة الإستفتاء على مشروع الدستور المعدّل
أوضح إمام يوسف، القيادي بالتحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب، أن الإتجاه الأرجح داخل التحالف، هو لمقاطعة الإستفتاء على مشروع الدستور المعدّل المقرّر إجراؤه يومي 14 و15 من شهر يناير 2014، كما أفاد أن قيادات التحالف تعكِف الآن على دراسة خياريْن اثنيْن، هما: المقاطعة والدعوة الواسعة لها أو المشاركة بقوّة والتصويت بـ "لا"، مؤكدا في الوقت ذاته أن مُعظم الكيانات السياسية المنضوية تحت إطار التحالف، أعلنت بعدُ عن مقاطعتها للإستفتاء.
وقال يوسف، ممثل حزب “الأصالة” السّلفي في التحالف في حوار خاص مع swissinfo.ch: “نحن نرفُض هذه السلطة الحاكمة، وكل ما يصدر عنها من قرارات، لأنها سلطة مُغتصِبة، انقلبت على خيارات وإرادة الشعب المصري، التي عبّر عنها في 5 استحقاقات انتخابية متتالية”، ونفى وجود أي محادثات تحت الطاولة بين التحالف والسلطة، مشيرا إلى أن “التحالف مستعدّ للقبول بأي وساطات، للخروج بمصر من مأزقها الراهن”. مزيد من التفاصيل في نص الحوار التالي:
swissinfo.ch: هل حسم التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب أمره بخصوص مسألة المشاركة من عدمه، في الاستفتاء على الدستور المقرر يومي 14 و15 يناير المقبل؟
إمام يوسف: التحالف يتكوّن من 12 كيانا سياسيا، وبعض هذه الكيانات حسمت أمرها وأعلنت قرارها النهائي بمقاطعة الإستفتاء ودعوة الشعب للمقاطعة، مثل: أحزاب “الحرية والعدالة” و”الوسط” و”الأصالة” وغيرها. أما القرار النهائي للتحالف كتكتل، فلم يُحسم بعد، وما زالت قيادات التحالف في مرحلة الدراسة والتشاور، وعمّا قريب سيعلن القرار النهائي، وهو لن يخرج عن أحد خياريْن: إما المقاطعة والدّعوة إليها، وإما المشاركة بـ “لا” ودعوة الشعب لذلك. وإن كان خيار المقاطعة هو الأرجح حتى الآن.
ظهرت فكرة تأسس “التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب”، يوم الخميس 27 يونيو 2013، عقب دعوة حركة “تمرد” إلى التظاهر بميادين مصر لمطالبة الرئيس محمد مرسي بالإعلان عن إجراء استفتاء على رئاسته أو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وتم تدشينه رسميًا عقب عزل الجيش للرئيس مرسي في الثالث من شهر يوليو 2013.
ذكر بيان التأسيس أن التحالف يستهدف: حماية مكتسبات الشعب المصري الديموقراطية، وحراسة ثورته في ظل ما يجري من محاولات آثمة من فلول النظام السابق، وتنسيق الجهود الرامية لحفظ كرامة الوطن وحماية إرادته الشعبية، وإدارة الوقفات السلمية المليونية والاعتصامات في ميادين مصر؛ بهدف التأكيد على نبذ العنف، ومقاومة البلطجة، وحماية مصر، واختيارات شعبها، واستكمال ثورة الشعب المصري المباركة، وتحقيق غاياتها النبيلة في وطن آمن وحرية مصونة وعيش كريم، مستخدمين في ذلك كل السبل القانونية والطرق السلمية.
دعا التحالف الوطني لدعم الشرعية الشعب المصري للانضمام إلى فعالياته السلمية، والتي كان أولها مليونة “حماية الشرعية” التي عقدت غداة الإعلان عن تأسيسه، وذلك يوم الجمعة 28 يونيو 2013 بعد صلاة العصر، في ميدان رابعة العدوية.
يضم التحالف الوطني لدعم الشرعية 12 حزباً وكياناً سياسيًا، منها: حزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، وحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة افخوان المسلمين، وحزب العمل الجديد، وحزب الفضيلة، وحزب الإصلاح، وحزب التوحيد العربي، والحزب الإسلامي، وحزب الوطن، وحزب الوسط، وحزب الأصالة، وحزب الشعب، وائتلاف اتحاد القبائل العربية بمصر، ومجلس أمناء الثورة، واتحاد النقابات المهنية (يضم 24 نقابة مهنية)؛ واتحاد طلاب جامعة الأزهر، ومركز السواعد العمالية، والرابطة العامة للباعة الجائلين، وضباط متقاعدين ومحاربين قدماء.
swissinfo.ch: لكن لماذا ترفضون مشروع الدستور المُعدل؟ وما هي الأسباب التي دفعتكم لتكوين هذا العقيدة السياسية؟
إمام يوسف: عمدة القول في موقفنا الرافض لهذا المشروع، أن مَن قامت بإعداده، سلطة مُغتصِبة للشرعية. فهذه سلطة باطلة وما بُنِـي على باطل فهو باطِل، ومن ثَـم، فإن رفضنا المشاركة هو تعبير عن رفضنا لقيادة هذه المرحلة برمَّتها، كما أن الأمر يعود بالأساس إلى أنهم اغتصبوا السلطة بطريقة غيْر شرعية ويحاولون إجبارنا على السيْر في الطريق الذي رسموه هُـم، دون توافقات وطنية، فضلاً عن أن هذا الدستور به عورات كثيرة.
swissinfo.ch: وما الأساس الذي تبنون عليه خياركم المُحتمل بالمشاركة بـ “لا” في الإستفتاء على الدستور؟
إمام يوسف: نحن ندرس الأمر جيدا ونقلبه بيننا، ولابد أولاً أن نعرف ماذا بعد “لا”، ما الذي سيترتب لو أن نتيجة الإستفتاء خرجت بـ “لا” لهذا الدستور، فهم يستفتون الشعب على مشروع دستور معدّل لدستور 2012، فماذا لو قال الشعب “لا” لهذا المشروع المعدل؟! المفروض عقلاً، أن نعود ساعتها إلى آخر دستور كان يحكُم البلاد، وهو دستور 2012 الذي تمّ إقراره بأغلبية 64% من الشعب، لكن السلطة الحاكمة للبلاد اليوم، لا تقول لنا بوضوح ماذا لو جاءت النتيجة بـ “لا”!
نحن لا ننتظر منهم شيئا، وإنما ندرس الخيارات لنحسم أمرنا ونخرج برأي نهائي إما بـ “لا”، فنحشد لها بقوة في الشارع، لنُفشِل ما صنعوا ونبطل هذا الدستور اللّقيط، وإما بالمقاطعة الكاملة ودعوة الشعب المصري بكثافة إلى مقاطعة الإستفتاء، ومن ثم فإننا لن نعترف بما سيترتّب على إقرار هذا الدستور الإنقلابي. فنحن نرفض كل القرارات التي تصدرها سلطة الإنقلاب منذ الثالث من يوليو الماضي، وحتى يزول الإنقلاب وتعود الشرعية، ولن نُقِرّ لهم بذلك، ولو وضعوا السكّين على رقابنا!
swissinfo.ch: وما هي الإجراءات على الأرض التي ستتخذونها في حال إقراركم المقاطعة بشكل نهائي؟
إمام يوسف: نحن في الشارع مع الناس، وعلى أي حال فإن لكل حادثة حديث، ونظرا لطبيعة الصراع بيننا وبين الإنقلابيين، فلن نعلن بالتفصيل عن خُططنا المستقبلية، فنحن لا نملك رفاهية الإختيار، لأنهم يمنعوننا من إقامة تجمعات أو مؤتمرات أو حتى الظهور في العلن، فكل الرّافضين للإنقلاب مطارَدون، فهناك أكثر من 15 ألف معتقل، و75 ألف مطلوب على رأس قوائم الإعتقالات، هذا فضلا عن عشرات الآلاف من المُصابين، إضافة إلى ما لا يقِل عن ثلاثة آلاف شهيد ارتقوا إلى ربّهم منذ بداية الإنقلاب في 3 يوليو وحتى اليوم.
* كشف استطلاع رأي أجراه المركز المصري لبحوث الرأي العام (بصيرة) أن 84% من المواطنين أعلنوا عن نيتهم في المشاركة في الاستفتاء على الدستور الجديد مقابل 17% لن يشاركوا. وبحسب خارطة الطريق التي أعلنها الجيش في 3 يوليو الماضي، تنتهي لجنة الخمسين المنوط بها تعديل دستور 2012 من مهمتها في نوفمبر المقبل، يُجرى بعدها الاستفتاء على الدستور، ثم يدعو الرئيس المؤقت إلى انتخابات برلمانية خلال 60 يوما، وخلال أسبوع من أول انعقاد للبرلمان، تتم الدعوة للانتخابات الرئاسية.
وأظهرت نتائج الاستطلاع، حسبما أوردتها وكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم، أن ارتفاع نسبة من ينوون المشاركة إلى 80% بين الحاصلين على تعليم أقل من متوسط إلى 90% بين الحاصلين على تعليم جامعي أو أعلى. وقال ماجد عثمان، مدير المركز، إن الاستطلاع أظهر أن 41% من المواطنين يفضّلون إلغاء مجلس الشورى في الدستور الجديد، بينما فضل 34% من أفراد العينة بقاءه، في حين رأى 25% بأنهم غير متأكدين.
وأشار إلى ارتفاع نسبة مَن يفضلون إلغاء مجلس الشورى من 28% بين الحاصلين على تعليم أقل من متوسط إلى 66% بين الحاصلين على تعليم جامعي أو أعلى. وقال: إن الاستطلاع تم على 1724 مواطناً في الفئة العمرية 18 سنة فأكثر وغطى كل محافظات الجمهورية باستخدام الهاتف المنزلي والمحمول خلال يومي 25 و26 سبتمبر 2013. ولفت إلى أن الاستطلاع تضمّن سؤالا عن الموافقة على استمرار تخصيص 50% من مقاعد البرلمان للعمّال والفلاحين، أظهرت النتائج أن 66% من المصريين يُوافقون على ذلك، بينما 13% لا يوافقون و20% لم يقرروا و1% أعربوا عن موافقتهم، ولكن بوضع شروط لاستمرارها.
وأوضح عثمان، أن الأمن والاستقرار استحوذ على المرتبة الأولى في الأمور الأساسية التي يرى المواطنون ضرورة أن يضمنها الدستور الجديد بنسبة 28%، ثم العدالة والمساواة بنسبة 14% يليها إصلاح أحوال البلد بنسبة 12% ثم توفير فرص العمل بنسبة 11% ثم خفض الأسعار7% والاهتمام بالتعليم 7% ضمان حقوق الإنسان 6% وضمان الحريات 6% والاهتمام بالصحة وتوفير العلاج 4%، في حين أعرب الباقون عن عدم قدرتهم على الحكم.
* حتى الآن، لم يُجر المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام “تكامل مصر”، استطلاعا للرأي أو دراسة ميدانية عن النسبة المتوقّعة لمشاركة المصريين في الاستفتاء على مشروع الدستور المقرّر في يومي 14 و15 من شهر يناير 2014 المقبل، غير أنه أصدر دراستيْن ميدانيتين وثيقتي الصّلة بالموضوع، أولاهما: أظهرت ثبات مؤيدي شرعية الرئيس محمد مرسي بحوالي 69% من المصريين، وانخفاض مؤيدي عزله إلى 18%، فيما حقق التيار الثالث أكثر من 12%، وهو ما يؤكد أن ستة وعشرين مليون مصري شاركوا في فعاليات التأييد، وخمسة ونصف مليون فقط شاركوا في فعاليات العزل. فيما أظهرت الدراسة الثانية أن 79% من المصريين يعدّون مذابِح فضّ اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، جريمة ضدّ الإنسانية، وأن 73% من المصريين يحمّل مسؤولية هذه المجازر لوزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي وأن 65% من المصريين يرون أن قناة “الجزيرة” الفضائية، الأكثر مصداقية. بينما يرى 62% منهم أن تناول الإعلام المصري لأخبار الرئيس محمد مرسي، لا يتّسم بالمهنية.
* كشف استطلاع للرأي أجرته بوابة “مصر العربية” على الإنترنت، على عيِّنة عشوائية من المصريين على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” حول موقفهم من المشاركة في الاستفتاء على الدستور الجديد يومي 14 و15 يناير المقبل، عن أن 69% من الأعضاء يتّجهون لمقاطعة الاستفتاء، في حين وافق 25.5% على المشاركة والتصويت بـ “نعم”، وجاءت النسبة الأضعف وهي 5.6% من المواطنين سيصوتون بـ “لا”. وجاءت تعليقات بعض النشطاء ساخِرة من أعضاء لجنة الخمسين لتعديل الدستور، فقال أحدهم: “مقاطع دستور الرّاقصات”، في حين هاجم أحد النشطاء وثيقة الدستور واصفا إياها بـ “وثيقة الدم”، وقال آخر: “سنقاطع، لأنه جاء على دم شهدائنا”، وطالب البعض الآخر بضرورة عدم مقاطعة الاستفتاء على الدستور.
* وفي استطلاع للرأي أجراه موقع “مصراوي”، بعنوان: ما توقّعاتك لموقِف جماعة الإخوان المسلمين من الاستفتاء على الدستور؟ شارك فيه 17,729 قارئ، توقع 45% منهم أن تقاطع الجماعة الاستفتاء، فيما قال 49% إنهم سيشاركون في الاستفتاء، ولكنهم سيصوتون بـ “لا”، فيما رأى 6% من المُستطلعة آراؤهم، أنه سيشاركون وسيصوتون بـ “نعم”.
* أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة جيمس زغبي العالمية البحثية لاستطلاعات الرأي أن: الثقة بالمؤسسة العسكرية انخفضت من 93% في يوليو إلى 70% في سبتمبر، والثقة بالقضاء انخفضت من 67% في مايو إلى 54% في سبتمبر، والثقة بالشرطة المنخفضة أصلا 52% في مايو ازدادت انخفاضا مقابل 49% في سبتمبر، والثقة بالحكومة الانقلابية لا تزيد على 42% مقابل 52% لا يثقون بها. أما الرئيس محمد مرسي، ورغم كل الحرب الإعلامية الشرسة ضده، فقد بلغت نسبة تأييده 44%، ولا يفوقه حاليا سوى السيسي، وإن كان انخفضت نسبة تأييده في سبتمبر لتصل إلى 46% مقابل 52% يرفضونه، أما الرئيس المؤقت عدلي منصور فلم تتجاوز نسبة الثقة به 39% بينما يرفضه 58%.
ونسبة مؤيدي الإخوان قفزت لأعلى ووصلت في سبتمبر إلى 34% (مقابل 26% في مايو و24% في يوليو). أما حزب النور، فانخفضت نسبة تأييده لتصل إلى 10% فقط، وقال 86% من المصوّتين إنهم لا يثقون به، وهو نفس ما حدث مع جبهة الإنقاذ التي تدنى تأييدها إلى 13% وقال 84% من المصريين إنهم لم يعودوا يثقون بها، وحركة تمرد التي قال 62% إنهم لا يثقون بها مقابل 35% يؤيدونها!!
ومن اللافت أن 79% من المصريين أيدوا المصالحة الوطنية، بينما رفضها 21% وقال 35% إن جماعة الإخوان هي العقبة أمام تحقيق المصالحة، بينما رأى 23% أن الجيش هو العقبة، ورأى 17% أن المزاج العام هو العقبة أمام تحقيق المصالحة. الاستطلاع أثبت أيضا أن 51% من المصريين يرون أن قرار الانقلاب على د. مرسى بهذه الطريقة، لم يكن صوابا بعد ما تبعه من نتائج، وعندما سئل المصريون عن حال مصر بعد الانقلاب، قال 35% منهم إنها أحسن حالا بعد الانقلاب، فيما قال 46% إنها صارت أسوأ.
swissinfo.ch: لو جاءت نتيجة الإستفتاء على مشروع الدستور بـ “نعم”، ماذا سيكون موقفكم آنئذ؟
إمام يوسف: مؤكّد أنهم سيُزوّرون الاستفتاء، ولكن لو كان التزوير نفَع مَن قبلَهم لنَفَعهُم، أقصد لو كان التزوير نفَع الرئيس المخلوع حسني مبارك على مدى ثلاثين عاما، فسينفع السّيسي اليوم، وأحيلك إلى أحد الخبراء المتخصّصين في العلوم السياسية ممّن يؤيِّدون الإنقلاب العسكري، وهو د. معتز عبد الفتاح، والذي أعلن منذ أيام أن النتيجة محسومة، حتى ولو جاءت نتيجة الإستفتاء بـ “لا”، لأن الحكومة ستتدخّل ساعتها لتجعلها “نعم”. أيضا د. محمد أبو الغار، أحد قيادات جبهة الإنقاذ، أعلن أن المجلس العسكري زوّر الدستور قبل الإستفتاء وأن ما يحدُث “عك”!!
swissinfo.ch: لماذا لا تحسمون أمركم بالمشاركة بقوّة وترفضون هذا المشروع المقترح للدستور المعدّل، بدلاً من القرار المتوقّع بالمقاطعة كما أشرتم؟
إمام يوسف: لأن خروج النتيجة بـ “لا”، لا تعني شيئا واضحا وملموسا حتى الآن.. هل خروج نتيجة الإستفتاء بـ “لا” تعني عودة دستور 2012 المُستفْتى عليه من الشعب؟ هل تعني عودة الرئيس الشرعي المُنتخَب من الشعب د. محمد مرسي؟ هل تعني عودة مجلس الشورى المُنتخَب من الشعب؟ هل تعني العودة إلى ما قبل 3 يوليو؟ إذا كانت تعني كل هذا، فسندرس المشاركة بجدِية، لكن كل المؤشرات تُشير إلى عكْس ذلك. هُم سرقوا الحُكم ولم يكونوا يتوقّعون أن يجِدوا كل هذه المعارضة لهم في الشارع.
swissinfo.ch: هل تعتقِد أن الاستفتاء المقرّر هو مجرد استفتاء على مشروع الدستور المعدل، أم أنه يمتد إلى ما هو أبعد من ذلك؟
إمام يوسف: بالطبع، هو ليس مجرّد استفتاء على مشروع الدستور المعدّل، وإنما استفتاء على مشروعية الإنقلاب الذي قاموا به، استفتاء على خارطة الطريق التي أعلنوها لحظة الإنقلاب على الشرعية، هي محاولة يائسة لـ “شرعنة” الإنقلاب العسكري الدّموي، ولكي يتمكّنوا من مخاطبة العالم بهذه الشرعية، ولكنهم نسوا أنهم في كل الإستحقاقات الانتخابية الخمسة التي تمّت قبل الإنقلاب، لم يحصلوا على الأغلبية ولو مرّة واحدة، وإنما حصدوا الأقلية بامتياز! فكيف لهم أن يدّعوا هذه المرة أنهم قد حصلوا على الأغلبية؟! إنها بلا شك ستكون أغلبية مُـزيَّفة ومزوّرة ـ لن يقبلها الشعب ولن يُصدّقها العالم المتحضِّر.
swissinfo.ch: ما حقيقة ما يتردّد في وسائل الإعلام عن “مبادرات” و”مفاوضات” و”حوارات” و”وساطات”… بينكم وبين السلطة القائمة؟
إمام يوسف: ليس هناك شيء قائم الآن من كل هذه المسميات، وكانت آخر المحاولات التي باءت بالفشل، وساطة المفكّر القانوني الدكتور أحمد كمال أبو المجد، وقد أعلن عن فشلها. نحن نحب هذا الوطن ونحب الخير له ونتمنّى له الإستقرار السياسي والهدوء الإجتماعي، ومن ثم، فإننا لا نمانع مطلقا من وجود أي مبادرات أو وساطات للمصالحة الوطنية، نحن يا سيدي لا يفرق معنا من يحكُم مصر، ولكن كيف تُحكَم مصر.
نحن لا نمانع من مدارسة أي مبادرات تُـقدَّم لنا لانتِشال مصر من أزمتها، ولا نرفض أي وساطات، سواء كانت من داخل مصر أو خارجها، من أشخاص أو جماعات أو أحزاب، من الجماعة الإسلامية أو من عبد المنعم أبو الفتوح أو غيرهم. فنحن لا نمانع حتى لو تدخّلت الكنيسة للمصالحة، فنحن لا نمانع ونقبل بوساطتها. أيّ مصري وطني شريف يبحث عن مخرَج لهذه الأزمة ويتوسّط لحلِّها، فنحن نقبل بوساطته ولا نرفضها.
swissinfo.ch: (مقاطعا).. عفوا، إذا كنتم صادقين في قولكم هذا، فلماذا تُصرّون إذن على عودة الدكتور محمد مرسي للحُكم كشرط أساسي لأي محاولة للمصالحة مع السلطة؟
إمام يوسف: نحن صادِقون في هذا، ولكن في علم المفاوضات في القانون والعلوم السياسية عندما يكون هناك طرفان متنازِعان: السلطة الانقلابية ترفض أي مبادرة تشترط عودة مرسي، ونحن نرفض أي وساطة لا تقول بضرورة عودة الشرعية، وفي مقدّمتها عودة مرسي للحُكم.. في هذه الحالة، يجب أن نجلس سويا على طاولة مفاوضات في وجود أي وسيط يقبله الطرفان لنتناقش حتى نصِل إلى حلّ وسط، في ظل إعلاء مصلحة مصر العليا.
swissinfo.ch: وماذا لو كانت مصلحة مصر العليا تقتضي في هذا التوقيت، التنازل عن شرط عودة مرسي.. هل ستقبلون بذلك؟
إمام يوسف: لكل حادِثة حديث، لكن في كل الأحوال يجب أن نحترم إرادة الشعب وأن نحترم خيار الشعب. فالشعب حينما اختار فُـلانا ليحكُمه، فيجب علينا أن نخضع لإرادة الشعب وأن لا ننقلب على رغبته، التي جاءت عبْر آليات الديمقراطية وصندوق الإنتخابات، التي شهد العالم كلّه بنزاهتها، لا أن نتآمر على هذه الإرادة.
swissinfo.ch: لكن هذا الشعب أيضا هو الذي خرج في 30 يونيو ليسحب هذه الوكالة ويقول للرئيس مرسي لا نريدك! وماذا لو خرج الشعب الآن في الاستفتاء وقالوا “نعم”، ألا يعني هذا أنهم يقبلون بخارطة الطريق بكل ما تحتوي؟!
إمام يوسف: نحن من أبناء هذا الشعب ونعيش بين الناس ونعلم نبضه وحقيقة رأيه ونعلم مَن سيخرج، وإلا فلماذا فشلوا في كل الإستحقاقات الخمسة التي جرت قبل الإنقلاب، بدءا من الإستفتاء على الإعلان الدستوري وانتهاءً بالإستفتاء على دستور 2012، مرورا بانتخابات مجلسيْ الشعب والشورى والرئاسة. فأين كان هؤلاء المُنقلِبون؟! أليس هذا هو الشعب المصري؟! أم أنهم سيستفتون شعبا آخر؟! وماذا سيقولون لنا لو لم يخرج سوى 4 – 5 ملايين وقالوا “نعم”؟ هل سيخرجون علينا قائلين إن الشعب المصري قال نعم للدستور المعدّل؟! بينما هم بالأمس القريب مَن أعلنوا رفضهم لدستور قال له 12 مليونا من المصريين “نعم”!! نحن لسنا طرف الأزمة. هم طرف الأزمة ونحن طرف الحلّ. هم استَوْلوا على السلطة بالقوة ووصلوا للحُكم على ظهْر الدبّابة العسكرية. وأنا أقاومهم بسلمية وبصدور عارية، وهذا هو ما أطمعهم فينا!
swissinfo.ch: لكن، لماذا لا تتجاوزون هذا المأزق وتقبلون الواقع وتشاركون بقوّة في الحياة السياسية، وتعودون إلى البرلمان وإلى الحُكم من باب المشاركة مجددا؟
إمام يوسف: يا سيدي هل يُعقل أن يسمح هؤلاء الذين انقلَبوا على السلطة أن يعود الإسلاميون مرّة أخرى للبرلمان وأن يُمسكوا بمقاليد الحُكم؟! لا أعتقد مطلقا، لأنهم يعرفون جيدا أن مشاركة الإسلاميين تعني عودتهم للسلطة، وأن عودتهم للحكم، تعني عزل ومحاكمة هؤلاء الإنقِلابيين وفي مقدِّمتهم عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع ومحمد إبراهيم، وزير الداخلية.. إنهم يعلمون هذا جيدا ومن ثم، فإنهم لن يسمحوا لك بالمشاركة والعودة مرة أخرى إلى السلطة، ولو على رِقابِهم!
swissinfo.ch: ولكن.. علام تُراهنون بخياركم الأرجح بمقاطعة الإستفتاء على مشروع الدستور؟
إمام يوسف: نراهن على الشعب المصري الرافض للإنقلاب على الشرعية التي اختارها هو بإرادته الحرة، وعلى هذا الجمع الغفير وهذه الملايين الكثيرة التي تخرج في كل ميادين وشوارع جميع محافظات ومُدن وقرى ونجوع مصر، منذ أكثر من 160 يوما بلا كلل ولا ملل، في الحر الشديد والبرد القارس، في الليل والنهار، رجالاً ونساءً، شبابًا وشيبة، ونخص بالرّهان هذه الثورة العارمة التي تعم كافة جامعات وكليات ومعاهد ومدارس مصر، بلا استثناء. وشعبيتنا في الشارع في ارتفاع مستمر منذ حدوث الإنقلاب. هذا هو ما نُراهِن عليه في صمودنا السِّلمي ضد هذه السلطة الإنقلابية المُغتصِبة.
swissinfo.ch: وماذا عن رهانكم على الضغوط الخارجية من بعض الدول والحكومات، سواء من الإتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة؟
إمام يوسف: لا، لا نحن لا نعوِّل مطلقا على هذه الدول والحكومات، لأنها في النهاية تعمل لمصالحها الخاصة، ويؤكّد كلامي هذا ما صرّح به د. سعد الدين إبراهيم، مدير مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية ونجيب ساويرس ومحمد سلماوي ومنى ذو الفقار، من أنهم منعوا قرارا كان على وشك الصدور من الإتحاد الأوروبي بإدانة الإنقلاب وقطع المساعدات! فما الذي منع الأوروبيين من إدانة المجازِر البشرية التي وقعت في فضّ اعتصاميْ رابعة العدوية والنهضة، إلا مصالحهم الشخصية؟ نحن نعوِّل فقط على الله عزّ وجل، ثم على صمود هذا الشعب وفي القلب منه، طلاب مصر.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.