التمويل الحكومي للأحزاب السويسرية موجود لكنه.. غير مباشر!
إذن، هو أمر موجود بالفعل! نعم، هناك تمويل للأحزاب السويسرية من الأموال العامة! بل يُقدر اثنان من الخبراء السياسيين قيمة هذه المنح الحكومية بحوالي 20 مليون فرنك سنوياً. أما سمتها المميزة فهو أنها تتم بصورة غير مباشرة.
تم نشر هذا المحتوى على
6دقائق
درس التاريخ والعلوم السياسية في جامعة برن. سبق له العمل مع وكالة أنباء رويترز وصحيفة "دير بوند" وصحيفة "بَرنَر تسايتونغ" اليومية، ومحطة إذاعة "فوردَرباند" المحلية. أنجز تحقيقات حول الممارسة السويسرية للديمقراطية المباشرة الحديثة بكل جوانبها وعلى جميع المستويات، واضعاً المواطن والمواطنة السويسرية في مركز الحدث دائماً.
ففي القارة الأوروبية، تشجع جميع الدول تقريباً التشكيلات الحزبية السياسية عن طريق أموال حكومية، وهذا بحجم كبير أو حتى كبير جداً.
محتويات خارجية
وبرغم أن الحديث عن التمويل المباشر يُعدّ من التابوهات في الكنفدرالية، فإن هناك أموالاً تتدفق من الخزينة العامة في سويسرا إلى خزائن الأحزاب. وهذا عن طريق ست قنوات غير مباشرة، كما يشرح كل من لوكاس لويتسنغر وكلاوديو كوستر، الباحثان الشابان في علم السياسة، في مدونتهما السياسيةرابط خارجي المعنونة بـ “كابوس نابليون” أو Napoleon’s Nightmare.
ففي مساهمتهما التي تحمل عنوان “ماذا كانوا يقولون آنذاك عن عدم وجود تمويل حكومي للأحزاب؟”، يقدر الباحثان المبلغ الإجمالي الممنوح للأحزاب السياسية في سويسرا بحوالي 20 مليون فرنك سنوياً.
تُمنح هذه الأموال للكتل الحزبية في غرفتي البرلمان الفدرالي. ويبدأ الحديث عن وجود كتلة حزبية ابتداء من خمس ممثلين للشعب عن الحزب الواحد. لكن الأحزاب تستفيد من هذه الأموال أيضاً. ويبلغ الإجمالي حاليا 7٬5 مليون فرنك، والرقم متجه للزيادة.
تُلزم الأحزاب ممثليها في الوظائف العامة (الوزراء الفدراليين، والبرلمانيين، والقضاة، والسياسيين على مستوى الكانتونات والبلديات) بدفع جزء من مداخيلهم إلى خزينة الحزب. الإجمالي: حوالي خمسة ملايين فرنك.
في استطاعة من يدعم أحد الأحزاب مالياً أن يتمتع بخصم هذا المبلغ من الضريبة التي يدفعها عن دخله. وهذا التخفيض الضريبي يُسفر عن فجوة مقدراها حوالي 10 ملايين من الفرنكات في الخزينة الفدرالية.
الإستثناء الأول: بناء على التشجيع القانوني للشباب، تحظى الهياكل الشبابية للأحزاب السياسية بتمويل مباشر من الدولة بمبلغ إجمالي يُناهز 290000 فرنك.
الإستثناء الثاني: يقدم كانتونا فريبورغ وجنيف منحاً مباشرة للأحزاب بعد انتهاء الإنتخابات. لكن لأجل هذا ينبغي على الأحزاب، أو بالأحرى على ممثليها تخطي بعض العقبات ألا وهي: الحصول على 20% من أصوات الناخبين في كانتون جنيف، والحصول على 1% من أصوات الناخبين في كانتون فريبورغ (ينطبق هذا أيضاً على خوض الإنتخابات على المستوى الفدرالي).
تتنازل بعض الكانتونات للأحزاب عن تكاليف إرسال منشورات الدعاية الإنتخابية. إذ يتم إرسال هذه داخل المظروف الحكومي مع المستندات الرسمية. كذلك يمكن للأحزاب أن تقوم بتعليق مصلقاتها الدعائية قبيل الإنتخابات فوق الأراضي المملوكة للدولة.
إن تشجيع الأحزاب بصورة غير مباشرة ليس هو المشكلة في حد ذاته، كما يؤكد كل من لويتسنغر وكوستر. لكن ما يعد حقاً ضرباً من “النفاق” – حسب رأيهما – هو رفض المطالبات بمزيد من الشفافية بحجة أنه لا يُوجد تمويل حكومي للأحزاب في سويسرا.
الموضوع الأبدي في سويسرا: تمويل الأحزاب
عاما بعد عام، تذهب صيحات اللجان الدولية المطالبة بمزيد من الشفافية فيما يتعلق بمسألة تمويل الأحزاب بسويسرا أدراج الرياح.
في الواقع، يأتي التحذير بوجوب الإعلان عن مصدر تمويل الأحزاب السويسرية من عدة جهات منها – بخلاف منظمة الشفافية الدولية – مجموعة دول مجلس أوروبا ضد الفساد والمعروفة اختصاراً باسم “Greco”.
الآن، تدب الحركة في المياه الراكدة. وهذا ليس نتيجة الضغط الخارجي، بل الداخلي: فقد تم طرح مبادرة شعبية في مطلع شهر أغسطس 2017 تطالب بـ “مزيد من الشفافية في التمويل السياسي”. وقد جاء طرح هذه المبادرة من قِبل اليسار السياسي. ويطالب بموجبها أكثر من 120000 شخص وقّعوا عليها بأن تلتزم الأحزاب السويسرية بالإفصاح عن مصدر المنح التي تُقَدم لها ابتداء من مبلغ 10000 فرنك.
الأكثر قراءة السويسريون في الخارج
المزيد
سويسرا والاتحاد الأوروبي يتوصلان إلى اتفاق بشأن العلاقات الثنائية المستقبلية
كيف يمكننا منع احتكار الذكاء الاصطناعي من قبل الدول والشركات الكبرى؟
يمتلك الذكاء الاصطناعي القدرة على حل العديد من مشكلات العالم، لكن قد تسعى الدول الأغنى والشركات التكنولوجية الكبرى إلى احتكار هذه الفوائد لمصلحتها الخاصة.
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.
اقرأ أكثر
المزيد
دفاتر حسابات الحملة الإنتخابية لن تبوح بأسرارها..
تم نشر هذا المحتوى على
لا يُساور المراقبين أي شك في أن الحملة السابقة للإنتخابات الفدرالية المقرر إجراؤها يوم 18 أكتوبر 2015 ستكون الأعلى تكلفة في تاريخ سويسرا. في المقابل، لا يُوجد نص قانوني يُجبر أي حزب سياسي على التصريح بحجم ميزانيته أو الكشف عن أسماء الجهات الداعمة له.
السـرّية المحيطة بتمويل الأحزاب السويسرية تتعرض مُجدّدا للإنتقادات الأوروبية
تم نشر هذا المحتوى على
ونوهت مجموعة دول مجلس أوروبا لمكافحة الفسادرابط خارجي “GRECO” بالمعدل المنخفض لإدانات الرشوة في سويسرا، وعدم صدور أية إدانة بهذا الصدد في القطاع الخاص. على الرغم من صورتها كبلد ينعم بديمقراطية نزيهة وبحكم رشيد، تُعتبر سويسرا واحدة من بين الدول الغربية القلائل التي لا يتوجب فيها على السياسيين قانونيا الإعلان عن كيفية تمويل نشاطاتهم الانتخابية. وقد…
ضبابية تمويل الأحزاب السياسية السويسرية.. لا زالت مستمرة
تم نشر هذا المحتوى على
تعزّزت هذه القناعة بالذات، لدى الاشتراكيين والخُـضر الذين مرت سنوات عديدة وهُـم يطالبون دون جدوى بالمزيد من الشفافية بخصوص تمويل الأحزاب. وبحسب أحد خبراء السياسة، لا يوجد ما يُـشير إلى أن هذا الحال سيتغير في السنين القادمة. ومن حيث المضمون، تختلِـف الأحزاب فيما بينها اختلافا واضحا بشأن الموارد المالية المُـتاحة لكل منها. ففي ربيع عام…
تمويل الأحزاب السياسية في سويسرا لا زال سـرّا غامضا
تم نشر هذا المحتوى على
تختلف طرق التمويل من حزب إلى آخر. وطبقا لدراسة نشرتها مجلة L’Hebdo الأسبوعية في الربيع الفارط، ولم يعترض على ما جاء فيها أي من الأحزاب السياسية، أنفق حزب الشعب (يمين شعبوي)، قرابة 35 مليون فرنك لغرض الدعاية السياسية في الفترة المتراوحة بين عامي 2007 و2010. وتوفرت للحزب الليبرالي الراديكالي في نفس الفترة، مبالغ وصلت إلى 19…
غياب الشفافية في تمويل الأحزاب السويسرية “يخدم مصالح مجموعات الضغط”
تم نشر هذا المحتوى على
ومع اقتراب موعد هذه الإنتخابات تحرص الأحزاب السياسية السويسرية على تخصيص ميزانيات خاصة بها، لكن مواردها تختلف اختلافا كبيرا من هيئة إلى أخرى. وإذا كان الاشتراكيون قد أعدّوا لذلك ميزانية تبلغ 1.5 مليون فرنك، فإن حزب الشعب السويسري (يمين شعبوي)، يتوقع ان تبلغ نفقاته على تلك الحملة 15 مليون فرنك، وهو رقم تقديري، لأن هذا…
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.