القرصنة والقراصنة في الصومال: “عولمة الدّول الفاشلة”
ظاهرة القرصنة في الصومال تُـثير الدهشة بقدر ما تطرَح التساؤلات: كيف أمكن لألف قرصان مُعدَم، تتراوح أعمارهم ما بين 20 و35 عاماً، كان معظمهم يعمل كصيادي أسماك، أن يُـعيدوا إلى السياسات الدولية ظاهرة ظنّ الجميع أنها انقرضت منذ أواخر القرن التاسع عشر؟
وكيف استطاع هؤلاء أن يتحّدوا نظاماً دولياً في عصر عولمة التّجارة الحرّة والأقمار الاصطناعية والغوّاصات النووية وحاملات الطائرات العملاقة؟
سنأتي إلى هذه الأسئلة بعد قليل، لكن قبل ذلك، سنتوقّـف أمام مسألة كُـبرى تكمُـن في جذر مسألة قرصنة القرن الحادي والعشرين هذه: مسألة ما يُسمّى بـ “الدولة الفاشلة” في العالم الثالث، والتي لولاها لَـما برز القراصِـنة الصوماليون.
الدولة الفاشلة
هذا المُـصطلح تعبير جديد وخطير طوّرته المؤسسات الأمريكية خلال العقد الماضي، ليكون هو المرجعية النظرية الرئيسية لكيفية التعاطي مع دُول الجنوب الفقيرة، وهذا ليس لأهداف إنسانية بالطبع، بل لأن هذه الدّول تشكّـل بُـؤرة ممتازة لترعْـرُع الإرهاب والجريمة المنظمة العالمية، ولمواكب الهجرة من الجنوب الفقير إلى الشمال الغني.
مركز التنمية العالمي الامريكي نشر مؤخّـرا تقريرا شامِـلا حول هذه المسألة، ركـّز فيه على النِّـقاط الرئيسية الآتية:
· “التحديات الكبرى التي تُـواجه السياسة الخارجية هذه الأيام، وهي الإرهاب والجريمة العابرة للقوميات والفقر العالمي والأزمات الإنسانية، معقّـدة ومُـنتشرة على نِـطاق واسع، ولها أسباب متباينة. ومع ذلك، ثمة خيط يربِـط بينها: إنها كلها تنشأ في الدول النامية التي تفتقد إلى القُـدرة، وأحيانا الإرادة، على الردّ على هذه التحديات.
· ثمة ثلاث “فجوات” في هذه القُـدرة، تتمثَّـل في فشل الدولة المعنية في ضمان الأمن وتوفير الحاجيات الأساسية للمواطنين وإقامة شرعية سياسية.
· العديد من الدّول تُـعاني من هذه الفجوات الثلاث معا (أفغانستان وأنغولا وبروندي وهاييتي وسيراليون والصومال والسودان…، الخ)، فيما تُـعاني 50 دولة من واحدة أو إثنتين من هذه الفجوات.
وعلى رغم أن تقرير مركز التنمية لم يضع الدّول العربية في خانة هذه الدّول الخمسين، إلا أن الإشارة الضمنية إليها كانت واضحة، إذ أن كل أو معظم هذه الدّول فشلت في توفير الأمن الاقتصادي لمواطنيها، ناهيك بالطبع عن الشرعية السياسية، وبعضها يعاني الآن حتى من العجز عن توفير الأمن.
الحلّ الذي يقترحه المركز هو ببساطة العمل على “ملء هذه الفجوات”. لكن كيف؟ عبر التدخّـل الخارجي!
هذه المسألة الأخيرة، أي التدخّـل، كانت مَـدار نِـقاشات مُـستفيضة في الولايات المتحدة، بيد أنها نِـقاشات نظرية ترقُـص على إيقاع برامج تنفيذية حقيقية:
· فقد اقترحت وزارة الدفاع الأمريكية تدريب “قوات حِـفظ سلام” إفريقية (بإشرافها بالتأكيد)، استعدادا للأزمات المستقبلية.
· وأقامت وزارة الخارجية الأمريكية مكتباً جديداً يهتَـمّ بعملية إعادة البناء في فترة ما بعد الصِّـراع (أو ما بعد انتهاء التدخّل العسكري الأمريكي)، وهذا اقتراح أطلقه أساسا السيناتوران جيمس لوغار وجون بايدن، نائب الرئيس الأمريكي المنتخب.
ويدرس البيت الأبيض إنشاء دائرة وزارية للتّـعامل مع أزمات ما بعد الصِّـراع.
حتى الآن، التعاطي الأمريكي مع “الدول الفاشلة” أو “الضعيفة”، مُـبعثر على وزارات وإدارات عدّة. فالبنتاغون يقوم بتدريب “قوات السلام” ووزارة العدل الأمريكية تدرّب ضبّـاط الشرطة ووزارة المالية الأمريكية تُـرسل الخُـبراء الاقتصاديين والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تُـمّول الحكومات “العالمثالثية”، التي تسير على طريق الإصلاحات، وهذا التبعثر يحفِّـز المسؤولين الأمريكيين على دراسة فِـكرة توحيد كلّ هذه الجهود في إدارة أو وزارة واحدة، توفيرا للوقت وزيادة للفاعلية. فهل ستكون هذه الوزارة نُـسخة غير منقحة عن وزارة “الخِـدمة الاستعمارية البريطانية” السابقة؟
جيفري غارتن، عميد كلية الإدارة في جامعة ييل وأحد كبار مساعدي هنري كيسنجر وسايروس فانس، لا يرى حَـرجا في ذلك، فقد كتب في “فورين بوليسي” (السياسة الخارجية): “يجب تشكيل وكالة دائمة لمعالجة أوضاع ما بعد التدخّـلات العسكرية الأمريكية في الدول الأخرى، مثل هذا المسعى يعترف بالحقيقة بأن أمّـتنا ستكون مُـجبرة على التدخّـل، عسكريا، في العديد من الدّول الأخرى خلال العقود المقبلة، وبأن نجاح هذه التدخّـل يعتمد على قُـدرتنا على إقامة الحدّ الأدنى من الاستقرار ووضع أسُـس التقدّم الاقتصادي والسياسي اللاحق”.
ويخلص إلى القول: “بإختصار، وبوصفها إمبراطورية في كل شيء إلا الاسم، يتعيّـن على الولايات المتحدة أن تنشئ مؤسّـسة تشبه بحِرَفِيَتها وتركِـيزها ومواهِـبها لدائرة “الخدمة الاستعمارية” البريطانية”.
خُـطط “ما بعد النزاع”
في 5 أغسطس 2004، أوجد البيت الأبيض رسمياً “مكتب التنسيق لإعادة البناء والاستقرار”، برئاسة السفير الأمريكي السابق لدى أوكرانيا كارلوس باسكوال.
مهمة هذا المكتب هي وضع خطط “ما بعد النزاع لـ 25 دولة تعيش هذه الأيام حال نزاع”. ووِفق باسكوال، كل خطّـة في كل دولة من هذه الدول ستستغرق ما بين خمس إلى سبع سنوات، وهذا يعني أن الإدارة الأمريكية، التي تملك الآن خطّـة للحرب الوقائية للتّـدمير، بات في حوزتها الآن خطّـة وقائية لإعادة الأعمار، وهكذا، ولّت أيام انتظار الحروب، ثم رسم الخطط العاجلة لإعادة جمع القِـطع المُـبعثرة.
وبالتنسيق الوثيق مع مجلس الاستخبارات القومي، يبقي مكتب “الدول العرضة للخطر الداهم، قيد الرقابة”، ويجعل فِـرق الردّ السريع جاهزة للاشتراك في خُـطط ما قبل الحرب و”للتعبئة والانتشار السريع” بعد توقّـف النزاع.
وتتكوّن هذه الفِـرق من شركات خاصة ومنظمات غير حكومية وأعضاء في مراكز أبحاث، وبعض هؤلاء، وِفق باسكوال، لديهم عقود لإعادة بناء الدّول التي لم تتحطّـم بعد. ويضيف أن هذا العمل المكتبي سيقلِّـص الوقت اللاّزم للردّ بما يتراوح بين 3 إلى 6 شهور.
وقد أبلغ باسكوال إلى مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن أن الفرق الذي تعمل به في مكاتب وزارة الخارجية، ترسم الخطط لتغيير “النسيج الاجتماعي ذاته في الدول المعنية”، وهذا يعني أن هدف مكتب التنسيق ليس إعادة بناء الدول القديمة، بل خلق “دول ديمقراطية جديدة، يقودها السوق”، وهذا يشمل بيع مؤسسات الدّولة (القطاع العام)، التي كانت السّبب وراء عدم نجاعة الاقتصاد، ويضيف: “في بعض الأحيان، إعادة البناء تعني تمزيق القديم”.
يقال في واشنطن الآن إن الاستعمار الذي كان يتخيّـل دوماً إقامة دُول طوباوية في المناطق المفتوحة حديثاً، قد مات، لكن في المقابل، هناك العديد من الدول المدمّرة، إما بفعل الإرادة الإلهية أو بفعل إرادة الإدارة الأمريكية، وحيث هناك دمار هناك إعادة إعمار.
يقول الخبير شالمالي غوتال: “إعتدنا (في الغرب) أن تكون لدينا نزعة استعمارية مبتذلة، لكن الآن لدينا نزعة استعمارية متطوّرة، وهم يطلقون على ذلك إسم إعادة بناء”.
ويبدو أن أقساماً كبيرة من العالم هي قيد البناء الفعال الآن من جانب حكومة موازية تتألّـف من تلك المجموعة المعروفة، من شركات الاستشارة الساعية للربح وشركات الهندسة والمنظمات غير الحكومية وهيئات المساعدة في الأمم المتحدة والمؤسسات المالية الدولية.
أما الناس الذين يعيشون في هذه الدّول، من العراق إلى أتشيه في اندونيسيا، ومن أفغانستان إلى هاييتي، فهُـم يتقدّمون بالشكاوى نفسها: العمل بطيء للغاية، هذا إذا ما كان هناك عمل أصلاً؛ المستشارون الأجانب يتقاضون آلاف الدولارات يومياً في هذه الدول، فيما يُحرم المحليون من الأعمال والوظائف والتدريب والمشاركة في صنع القرار.
إن “بناة الديمقراطية” يحاضِـرون على الحكومات حول أهمية الشفافية “والحكم الجيد”، لكن المقاولين والمنظمات غير الحكومية، ترفض فتح دفاترها أمام الحكومات ذاتها، ناهيك عن السماح لها بالسّـيطرة على أموال المساعدات.
بعد ثلاثة أشهر من تسونامي أتشيه، نشرت “نيويورك تايمز” رواية محبِـطة قالت فيها: “لا يبدو البتّـة أن الإصلاح وإعادة البناء بدأ”، والأمر نفسه ذكِـر عن العراق، حيث زعمت شركة “بكتل” أنها أعادت بناء شبكات المياه المنهارة، بيد أن شيئاً من هذا لم يحدُث؛ وعن أفغانستان، حيث التقارير تتواتر عن الفساد والإفساد على يد المقاولين الأجانب، وعن سريلانكا، حيث لا يزال 600 ألف شخص ضربهم التسونامي يعيشون في الخِـيم”.
لكن، إذا ما كانت شركات البناء غير كفؤة بشكل مُـذهل في إعادة البناء، فهذا لأن هدفها الرئيسي ليس البناء. وكما يقول غوتال: “ليس الهدف على الإطلاق إعادة البناء، بل إعادة تشكيل كل شيء. والحال أن قِـصص الفساد وعدم الكفاءة تخدم لتغطية فضيحة أعمق، وهي صعود شكل من الرأسمالية الكارثية الضارية، التي تستغل اليأس والخوف اللذين تخلقهما الكارثة بهدف الانغماس في الهندسة الاجتماعية والاقتصادية.
وعلى هذه الجبهة، تعمل صناعة إعادة الإعمار بسرعة للغاية وبفعالية على خصخصة المؤسسات والأراضي، قبل أن تعرف الشعوب ما الذي يجري، وهذا ما يدفع الكثيرين إلى وصف هذه الصناعة بأنها تسونامي آخر، يستند إلى العولمة المتطرفة والعسكرة، ويستهدف تسهيل سيطرة الشركات الكبرى على البحر والساحل، بمساعدة عسكرية من “المارينز” (مشاة البحرية) الأمريكيين.
إن باول فولفوفيتز أشرف، حين كان نائب وزير الدفاع، على مشروع مماثل في العراق. فالحرائق كانت لا تزال مستمرّة في بغداد، حين أعاد مسؤولو الاحتلال كتابة قوانين الاستثمارات وأعلنوا عن خصخصة كل شركات الدولة.
البعض قال إن هذه الخطوة تجعل فولفوفيتز غير مؤهّـل لقيادة البنك الدولي، لكن الواقع أن لاشيء يجعله مؤهّـلا لهذا المنصب أكثر من هذه الخطوة. ففي العراق، لم يفعل فولفوفيتز شيئا، سوى ما كان يُـريده البنك الدولي.
لقد كان الردّ السريع على الحروب والكوارث الطبيعية، من اختصاص الأمم المتحدة التي كانت تعمل مع المنظمات غير الحكومية، لتقديم المساعدات العاجلة، لكن تبيّـن الآن أن إعادة البناء صناعة مربحة للغاية وأكثر أهمية بكثير من أن تُـترك للأمم المتحدة، ولذلك، يقود البنك الدولي اليوم هذه العمليات، والأرقام هنا تتحدّث عن نفسها: 10 مليارات دولار لشركة هاليبورتون في العراق وأفغانستان وحدهما؛ مليارا دولار لإعادة بناء الديمقراطية. الظروف لم تكن في يوم ما مُـربحة لقطاع الشركات الاستشارية، كما هو الحال الآن.
الدّول المدمّرة جذّابة للبنك الدولي لسبب آخر: أنها جيدة في تنفيذ الأوامر. فبعد أحداث كارثية، تفعل الحكومات عادة أي شيء للحصول على الدولارات، حتى لو تم عن ذلك تحّمل ديون ضخمة والموافقة على إصلاحات كاسحة. ومع نضال الشعب المحلي للحصول على المأوى والطعام، سيكون من غير المتصّور تنظيم حملات سياسية ضدّ الخصخصة، إضافة إلى العديد من الدول التي دمّـرتها الحرب، هي في حال من “السيادة المحدودة”. وبالتالي، هي غير مستقرة ومؤهلة لإدارة أموال المساعدات المتدفقة، ويجب وضعها تحت إشراف البنك الدولي، هكذا حال العديد من دُول العالم اليوم.
قرصنة “مشروعة”؟
عودة الآن إلى الصومال. لا أحد على وشك الدّفاع عن القرصنة هناك. فهذه كانت على مدار التاريخ، مهمّـة عاقّـة وخارج القانون الدولي كما القوانين المحلية، على الرغم من أن تعبير القراصنة حمل في بعض الأحيان بعض معاني البطولة والجُـرأة والإقدام، كما عنى أحياناً أخرى ثورة الفُـقراء على الأغنياء.
القرصنة الصومالية جزء من عمليات الخروج على القانون هذه، وهو جزء بات كبيراً في الواقع بعد أن طوّر الصوماليون نشاطاتهم لتشمل خطف ناقلات النفط والسفن الضخمة، وحتى سفن الأسلحة. 100 سفينة تمّـت مهاجمتها حتى الآن، بينها 39 خطفت، و150 مليون دولار حصدها القراصنة عدّاً ونقداً، مقابل الإفراج عن السّفن وطواقمها، وهذا ما حوّل القرصنة الصومالية بين ليلة وضحاها إلى أزمة دولية كبرى، يُعقد من أجلها مجلس الأمن والمجلس الوزاري لجامعة الدول العربية، وترسل في سبيلها الأساطيل الحربية إلى خليج عدن وامتداداته في المحيط الهندي، وتوضع على عجل استراتيجيات لمجابهتها في البنتاغون والحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي.
البنتاغون يقول إنه من المستحيل السيطرة على منطقة بحرية تبلغ مساحتها 6،6 مليون متر مربع، حتى لو شاركت في العمليات كل أساطيل الدول الكبرى. ربما كان هذا صحيحاً، لكن هل النظام الدولي عاجز أيضاً عن التوجّه إلى رأس نبع عمليات القرصنة هذه في الموانئ الصومالية التي يتمركز فيها هؤلاء القراصنة؟ وهل باتت جيوش العولمة التي تُـقاتل الآن في كل مكان، عاجزة عن مجابهة ألف شاب يخوضون عباب البحر بزوارق صغيرة قد لا يتعدّى طولها الأمتار الخمسة؟
أمر مُـحيّر حقاً، وهي حيرة تتفاقم حين نسمع الاتِّـهامات اليَـمنية التي تتحدث عن دعم بعض الدّول الكبرى لعمليات القرصنة بهدف إيجاد وجود بحري دائم في خليج عدن، شبيه بالوجود البحري الأمريكي الدائم في منظقة الخليج العربي.
أجل، وضع حدٍّ نهائي للقراصنة الصومالية يبدو أمرا مُـستعصياً عبر العمليات العسكرية البحرية وحدها، لكنه ليس مستعصياً إذا ما استقرّ رأي الأسرة الدولية المهتمة بأمر هذا الشريان الحيوي للتجارة العالمية على ضرورة إنقاذ الصومال من اللّـعنتين اللتين يعاني منهما الآن: لعنة كونه واحدة من أفقر دول العالم (دولاران في اليوم للشخص الواحد) ولعنة تحوّله إلى دولة فاشلة ترتع فيها الميليشيات واللّـصوص وأمراء الحرب، وكِـلا اللّـعنتين، من مسؤولية واشنطن التي شجّـعت إثيوبيا على إطاحة نظام المحاكم الإسلامية، التي كادت تُـعيد إرساء الدولة المركزية الصومالية من جديد، من دون توفير نظام مركزي بديل عنه.
والحصيلة معروفة: عودة الحروب الدائمة إلى البلاد، ومعها المجاعة والفقر المدقع والأمراض والأوبئة.
لا أحد إذن، على وشك الدّفاع عن القراصنة، لكن حين يُترك شعب على هذا النحو ليقضي من الجوع والعوز والحروب، لا أحد أيضاً في وسعه إدانته بخرق القانون الدولي إذا ما طلب من الأغنياء دفع الفِـدية للفقراء.
القرصنة الصومالية ليست شيئاً آخر سوى العولمة، وإن بوسائل أخرى. وتفعل الدول الكبرى خيراً، إن هي أضاءت شمعة للصوماليين تدلّـهم على طريق الخروج من كوابيسهم الراهنة، بدل أن تلعن ظلام حفنة القراصنة الذين يقضون مضاجعها الآن.
كما في وسع هذه الدول أن تفعل شيئاً آخر: التوقف عن تحويل بلدان العالم الثالث إلى دول فاشلة، لتمويل شركاتها ومقاوليها. فالدولة الفاشلة سلاح ذو حدّين، كما يثبت الآن قراصنة الصومال!
سعد محيو – بيروت
كوالالمبور (رويترز) – ذكرت احدى الهيئات المعنية بمكافحة القرصنة يوم الاربعاء 26 نوفمبر 2008، أن “السفينة الام”، التي كان يعتقد أنها تابعة لقراصنة صوماليين والتي أغرقتها البحرية الهندية في خليج عدن الاسبوع الماضي، كانت في الواقع سفينة تايلاندية تحمل معدات صيد يجري اختطافها.
وقال نويل شونج، رئيس مركز الابلاغ عن جرائم القرصنة التابع للمكتب الدولي للنقل البحري ومقره كوالالمبور، “تلك الهوية الخاطئة ربما سببت الحادث”، مضيفا أن الحادث لا يتعين أن يعرقل الحرب ضد القرصنة. وأضاف شونج أن السفينة كان يجرى الاستيلاء عليها من قبل قراصنة مسلحين، عندما أطلقت سفينة حربية هندية النار عليها.
وقالت الحكومة الهندية ان تايلاند طالبت بمعلومات عن الحادث، ولكنها أصرت يوم الاربعاء على أن السفينة الهندية أطلقت النار دفاعا عن النفس.
وزادت القرصنة في خليج عدن، وهو واحد من أكثر الطرق البحرية ازدحاما في العالم هذا العام، وكان قراصنة قد استولوا في الاونة الاخيرة على ناقلة نفط سعودية عملاقة تقل نفطا قيمته مائة مليون دولار، وهي أكبر عملية استيلاء قام بها القراصنة حتى الان.
وفي الحادث الذي وقع في 18 نوفمبر، قتل أحد أفراد طاقم السفينة التايلاندية (اكاوات نافا 5) وأنقذ اخر وما زال 14 اخرون في عداد المفقودين.
ونقلت شبكة (سي.ان.ان) الاخبارية الامريكية عن ويشارن سيريشايكاوات، مالك السفينة، قوله يوم الثلاثاء أن فرقاطة هندية أغرقت سفينته لظنها أنها سفينة تابعة للقراصنة. وأضاف أن السفينة التي كانت تحمل معدات صيد كانت في طريقها الى اليمن من سلطنة عمان، عندما تعرضت للهجوم من قبل قراصنة قبالة سواحل القرن الافريقي. واستولى القراصنة على السفينة عندما تحركت الفرقاطة الهندية.
وقال ضباط بحرية على متن السفينة الحربية، انهم رصدوا قراصنة يتحركون على ظهر السفينة ومعهم قاذفات صواريخ.
وقال براناب مخيرجي، وزير الخارجية الهندي في نيودلهي، “يجب ان يكون ماثلا في الذهن ان السفينة كانت تحت قيادة القراصنة”. واضاف “وفقا للقانون الدولي والممارسات المرعية من كل دولة في اعالي البحار، فانه مال يستسلم القراصنة واذا ما غرقت السفن او السفينة، فان ذلك يدخل في نطاق الصواب وفقا للقانون الدولي”.
وقالت البحرية الهندية، انها ضربت مستودعا للذخيرة في السفينة، مما اسفر عن الانفجار الكبير. وقال نيراد سينها، المتحدث باسم البحرية متسائلا “ما الذي كانت تفعله هذه الذخيرة الكثيرة على زورق صيد. واذا كانت هذه هي الحالة فلماذا يطلقون النار علينا..”؟
وذكر شونج من المكتب الدولي للنقل البحري، ان السفينة التابعة للبحرية الهندية ربما لم تتلق بلاغا من المكتب بأن السفينة التايلاندية اختطفت. واضاف انه لهذا السبب يتعين أن تنسق سفن البحرية الهندية جهودها مع المكتب الدولي للنقل البحري وقوات التحالف البحري التي تعمل في المنطقة.
ونشرت الهند الفرقاطة لمرافقة السفن الهندية، بعد ان قالت شركات الملاحة في البلاد، انها تخسر ما يصل الى 450 الف دولار شهريا بسبب زيادة التكلفة والتأخيرات في الوفاء بالمواعيد.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 26 نوفمبر 2008)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.