انقاذ التأمينات الإجتماعية في سويسرا رهن قرار الشعب
سيدعى السويسريون الأحد 27 سبتمبر للإدلاء بأصواتهم في اقتراع فدرالي، يتعلق الموضوع الأساسي فيه بإقرار أو رفض زيادة مؤقتة في رسوم الضريبة على القيمة المضافة لإنقاذ صناديق التامين ضد العجز من افلاس مالي لا انفكاك منه. ومن الموضوعات المطروحة أيضا على التصويت إقتراح بإلغاء حق الشعب في إطلاق "مبادرات عامة".
ومن المعلوم أن الوضع المالي لصناديق التأمين ضد العجز ما فتئ يتدهور مع مرور الأعوام. وقد بلغ العجز السنوي لهذه الصناديق خلال منتصف العقد الأول من الألفية الثالثة، 1.5 مليار فرنك، بعد أن كان يقل عن 427 مليون فرنك سنة 1996.
في ظل ظروف كهذه، تصاعدت الديون المتراكمة عليها، لتصل حاليا إلى 13 مليار فرنك، بعد أن كانت مليارا واحدا فقط سنة 1996. ولا يهدد العجز السنوي البالغ حاليا مليارا ونصف المليار من الفرنكات التأمين ضد العجز فقط، بل وأيضا التأمين ضد الشيخوخة لكونهما ينتميان إلى نفس صناديق التعويض.
الزيادة في الرسوم على القيمة المضافة
لإصلاح الأوضاع المالية لهذه المؤسسة، يقترح كل من البرلمان والحكومة الزيادة في حجم الرسوم على القيمة المضافة. ومن المتوقع ان تدخل هذه الزيادة حيّز النفاذ في فاتح يناير 2011في حالة إقرارها من طرف الناخبين، ولمدة محدودة تقدّر بسبع سنوات.
المقترح الذي سيعرض على الناخبين يدعو إلى زيادة بنسبة 0,4 % في معدل الرسوم على القيمة المضافة، والبالغ حاليا 7.6%، لكن هذه الزيادة سوف تكون أقل بالنسبة للرسوم المخفّضة (المطبقة على الكتب، والأدوية والمواد الغذائية)، حيث ستبلغ هذه الأخيرة 2.5% بعد أن كانت 2.4% فقط. كما سيتم رفع نسبة 3.6% المفروضة على الصناعة السياحية بمعدّل 0.2%.
من جهة أخرى، تقترح الحكومة السويسرية الفصل بين التأمين ضد الشيخوخة، والتأمين ضد العجز، وأن يكون لكل منهما صندوق تعويض خاص، حتى لا تهدد مشكلات الواحد منهما مصير التأمين الآخر.
مسالة مستعجلة
لقد حاول البرلمان من قبل الحد من تكاليف التأمين ضد العجز، ووافق من أجل ذلك على تشديد المعايير التي في ضوئها تُمنح هذه التعويضات، وأقرّ عددا من الإجراءات التي تشجّع المعاقين وأصحاب الاحتياجات الخاصة، على الإنخراط من جديد في سوق الشغل.
هذه المراجعة الخامسة بصدد إتيان أكلها، في وقت تطبخ فيه على نار هادئة مراجعة سادسة تهدف إلى ضمان المستقبل المالي للتأمين ضد العجز على المدى البعيد.
وسواء تعلّق الأمر بأحزاب اليسار أو بأحزاب الأغلبية من اليمين، فإنه من الضروري، وبشكل مستعجل ضمان موارد مالية إضافية للتأمينات ضد العجز، لإخراج هذه الأخيرة من وضعها المتردي. ولا يرواد الجميع أدنى شك في أنه من دون اتخاذ هذه الخطوة، فإن مستقبل هذا التأمين سيكون في مهب الريح، ومن ورائه مستقبل أصحاب الاحتياجات الخاصة.
المعارضة الرئيسية للترفيع المقترح في الرسوم على القيمة المضافة، يقودها بالأساس حزب الشعب السويسري (يمين متشدد). وبالنسبة له، لابد من القيام بالمراجعة السادسة وضمان أسس ثابتة للتأمين ضد العجز، ثم التفكير لاحقا في تخصيص موارد إضافية عندما تتأكد ضرورتها.
أما في الوقت الحاضر، فلا يرى الحزب وجود ضرورة مستعجلة لتخصيص موارد جديدة لهذا الصندوق الذي تحول برأيه إلى “بئر من دون قاع” قبل إدخال إصلاحات ملحة، ناهيك وأن الأوضاع الإقتصادية الحالية الصعبة ليست مواتية للزيادة في الضريبة على القيمة المضافة، بحسب حزب الشعب دائما.
معقّدة وغير مجدية
المسالة الثانية المطروحة في هذا الاقتراع الدعوة إلى إلغاء حق الشعب في إطلاق ما يُسمّى المبادرات العامة، وهو الحق الذي أقره الشعب نفسه في سنة 2003. وتختلف “المبادرة العامة” عن المبادرة الشعبية المتعارف عليها، في أن الأمر لا يتعلق بمشروع مفصّل يهدف إلى إقناع المقترعين، بل التقدّم بمجرّد طلب للبرلمان ودعوته إلى إيجاد حل لمشكلة متعلقة بالموضوع قيد الطلب.
و”المبادرة العامة” أكثر مرونة من “المبادرة الشعبية”، لكون الأولى تتيح للبرلمان فرصة اختيار السبل المناسبة لإيجاد حلول (بديلة أو مغايرة) للقضية المطروحة: كاقتراح تعديل دستوري، أو مجرد تعديل تشريعي، في حين أن “المبادرة الشعبية” التقليدية تتطلب إلزاما إجراء تعديل دستوري.
وإذا كانت “المبادرة العامة”، من حيث هي مفهوم نظري أمرا يحظى بدعم قويّ، فإن الحكومة والبرلمان السويسرييْن قد توصلا إلى إستنتاج مفاده ان هذا النوع من المبادرات شديد التعقيد إلى درجة يستحيل معه تنزيلها في الواقع. وتبعا لذلك، فإن هذا الإمتياز يُعدّ غير مفيد، وغير مجد. ولسان الحال يقول: لماذا يتم حشد 100000 توقيع فقط من أجل مطالبة البرلمان بالنظر في قضية من القضايا، في حين أنه بالإمكان، ومن دون بذل مجهود إضافي اقتراح حلول خاصة بأصحاب المبادرة.
يبدو أن هذه الحجج قد وجدت آذانا صاغية، إذ لم تعترض أي جهة جزبية أو غيرها على الدعوة إلى إلغاء الحق في إطلاق “المبادرات العامة”. ولابد من انتظار كلمة الشعب، لمعرفة ما إذا كان مستعدا للتخلّي عن مكسب ديمقراطي جديد، حتى وإن لم يستخدمه من قبل.
أوليفيي بوشار – swissinfo.ch
(ترجمه من الفرنسية وعالجه عبد الحفيظ العبدلي)
ينص مشروع القانون الذي من المنتظر أن يصوّت عليه الشعب السويسري يوم 27 سبتمبر 2009، على الترفيع في الضريبة على القيمة المضافة من 7.6% إلى 8%.
في القابل، ستكون الزيادة أقل في ما يتعلّق بالمعدّلات المخفّضة المطبّقة على سلع مثل الكتب والعقاقير الطبية، وكذلك المواد الغذائية، وفي هذا المستوى، سترتفع نسبة الضريبة من 2.4% إلى 2.5% فقط.
وفي الأخير، ينص المشروع المطروح أمام الشعب على ترفيع النسبة الخاصة للضريبة على القيمة المضافة في مجال الصناعة السياحية من 3.6% إلى 3.8%.
وينتظر من حيث المبدأ ان تدخل هذه الزيادة في حجم الضريبة على القيمة المضافة حيّز النفاذ في غزة يناير 2011، في حالة ما إذا فازت بتأييد غالبية الأصوات، وهذا طبقا لآخر قرار برلماني.
ويكشف النواب بقرارهم هذا عن اقتناعهم بالحجج التي تقدّمها الدوائر الإقتصادية، والتي تعتقد أن الوضع الإقتصادي في هذه الآونة لا يشجع على التسرّع في تنفيذ هذا الترفيع في نسبة الرسوم.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.