تحالف “سياسوي” في البرلمان يُـوجّـه “صفعة” جديدة لوزير الدفاع
بدون مفاجأة، انـهزم وزير الدفاع السويسري سامويل شميد صبيحة الأربعاء 24 سبتمبر أمام مجلس النواب الذي رفض بـ 104 صوتا مقابل 83 وامتناع 6 عن التصويت على تخصيص 917 مليون فرنك لبرنامج التسلح لعام 2008. وقد تعثر المشروع بسبب تحالف "غير عادي" بين أصوات اليسار وحزب الشعب السويسري (يمين متشدد).
الوزير شميد، الذي يواجه ضغوطا قوية منذ انشقاقه عن حزب الشعب والتشكيك في مصداقيته بعد الفضيحة التي أدت إلى استقالة قائد الجيش، صرح بعد عملية التصويت أنه لا يشعر تماما بأن قرار النواب قد أضعفه، لكنه أقـر بأنه “سيفكر في احتمال تقديم استقالته”، دون الإدلاء بتفاصيل إضافية.
وفي معرض تحليله لما حدث، اعتبر وزير الدفاع أن “بعض البرلمانيين يحاولون تغيير سياسة الأمن لكن الأغلبية ليست مستعدة لتعديل هذا الخط” واكتفى بالإشارة إلى أن الأمر يتعلق ببعض الإختلافات التفصلية لا أكثر.
دفاع مستميت
وكان شميد قد دافع بقوة عن مشروع الميزانية أمام النواب مؤكدا أن برنامج التسلح المعروض على موافقتهم لا يتسم بأية صفة استثنائية كما أنه يستجيب لمتطلبات الأمن. كما أبدى استمانة في الدفاع عن شراء 220 عربة مصفحة لنقل الجنود (بقيمة 369 مليون فرنك) وتوجه للنواب متسائلا: من الذي سيتضرر (من عدم اقتناء عربات أكثر أمنا وسلامة – التحرير).. أليسوا الجنود.. أي أبناؤكم؟ وقد كان تدخلا ناجحا تمخض عن رفض الأغلبية لتخفيض المبلغ.
في المقابل، تركزت المواجهة الحاسمة حول محفظة مالية بقيمة 404 مليون فرنك المرصودة لتأهيل أسطول الطائرات المقاتلة الذي يتكون من 33 طائرة من طراز F-A 18.
الوزير أكد أنه من الضروري تحديث هذه الطائرات حتى تظل قادرة على القيام بالعمليات المطلوبة منها إلى حدود 1025 – 2030 ووجه في الوقت نفسه انتقادات لاذعة لتيارات اليسار التي أطلقت مبادرة شعبية مناهضة لاقتناء طائرات مقاتلة جديدة مذكرا بأن عدم إجراء عمليات الصيانة والتجديد الضرورية على طائرات F-A 18 سيتحول إلى حجة إضافية لفائدة الصفقة المقررة لاقتناء مقاتلات جديدة لتعويض 54 طائرة من F-5 Tiger أوشكت فترة صلاحيتها للخدمة على الإنتهاء.
جبهة رفض “سياسوية”
إثر ذلك تقدم الحزب الإشتراكي بمقترح يدعو إلى الربط بين الملفين وتحويل المسألة برمتها (أي رصد ميزانية بقيمة 404 مليون فرنك) إلى الحكومة الفدرالية لآتخاذ قرار بشأنها مشترطا الموافقة عليه قبل منح تأييده لبرنامج التسلح المعروض على التصويت لكن أغلبية النواب (131 مقابل 61) رفضت مقترح الإشتراكيين.
عند هذا الحد احتد النقاش بين المؤيدين والمعارضين. ففيما انتقد كريستيان لوفرا، رئيس الحزب الإشتراكي ما أسماه “صلف” الراديكاليين والديمقراطيين المسيحيين الذين رفضوا العرض الذي تقدم به حزبه متهما إياهم بتفضيل مصالحهم الإنتخابية، رد كريستوف داربولي، رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي بأن حزبه والراديكاليين ليسوا وحيدين في الدفاع عن تصورهم للجيش مؤكدا أن “الحكومة الفدرالية والشعب يقفون إلى جانبنا”.
إثر ذلك أسفر التصويت عن رفض مجمل برنامج التسلح الذي تقدم به وزير الدفاع بـ 104 صوتا مقابل 83 واحتفاظ 6 نواب بأصواتهم حيث تراكمت معارضة الإشتراكيين مع الرفض “المبدئي” لحزب الشعب السويسري (يمين متشدد) والخضر.
أمام مجلس الشيوخ
الآن يعود الملف أمام أنظار مجلس الشيوخ الذي سبق أن وافق عليه في يونيو الماضي بدون أي تغيير. وفي صورة تأييده لقرار مجلس النواب يُرفض برنامج التسلح نهائيا، أما إذا تمسك الشيوخ بموقفهم السابق (وأعادوه إلى مجلس النواب للبت فيه)، فإن رفضا ثانيا من طرف الغرفة السفلى للبرلمان الفدرالي سيصبح نهائيا وباتا.
تظل الإمكانية الأخرى القائمة متمثلة في قيام مجلس الشيوخ بإدخال بعض التحويرات على النقاط المثيرة للخلاف في المشروع المرفوض، وهو ما قد يؤدي إلى حصول توافق برلماني يسمح بتمرير الميزانية في قراءة ثانية مُحوّرة مثلما حدث في سياق مشابه عام 2005.
وفي انتظار أن يحدث ذلك، يبدو أن التبعات السياسية للسجالات التي شهدها مجلس النواب هذا الصباح ستلقي بظلال كثيفة السواد على المستقبل السياسي لوزير الدفاع سامويل شميد وقد تؤدي في نهاية المطاف إلى تغييرات في تشكيلة الحكومة الفدرالية.
سويس انفو مع الوكالات
يتضمن هذا البرنامج الذي وافق عليه مجلس الشيوخ في يونيو الماضي، استثمارات بقيمة 917 مليون فرنك.
طِـبقا لما ورد في برنامج التسلّـح، فإن الإنفاق المقترح سيُـوجّـه بالخصوص لاقتناء عربات جديدة خاصة وتعزيز جاهزية المقاتلات الحربية F/A-18 للنصف الثاني من فترة استعمالها (2009 – 2015).
594 مليون فرنك من الطلبيات المترتبة عن برنامج التسلح 2008، ستذهب إلى الاقتصاد السويسري في شكل مساهمات مباشرة وغير مباشرة.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.