جهود الوساطة بين برن وطرابلس مستمرة عبر الإتحاد الأوروبي
بعد مرور أيام قليلة من إحباط الإتحاد الأوروبي لخطة سويسرية تهدف إلى ممارسة ضغوط على الجانب الليبي من أجل إطلاق سراح الرهينة ماكس غولدي، تقول برن إنها لا تزال تعوّل على جهود الإتحاد الأوروبي في التوصل إلى انفراج في أزمتها مع ليبيا.
وقد أعرب مسؤولو الإتحاد الأوروبي عن التزامهم بالعمل من أجل إطلاق سراح ماكس غولدي، مسؤول فرع شركة ABB ، والمحتجز هناك منذ 19 يوليو 2008. وبالنسبة لسيسيليا مالشروم، المستشارة الأوروبية للشؤون الداخلية فإن “العديد من دبلوماسيي الإتحاد الأوروبي منخرطون في الجهود” التي تبذلها بروكسل لحل هذه الأزمة.
ويوم الأحد 28 مارس، شدد غيدو فيسترفيل، وزير الخارجية الألماني في تصريح إلى إحدى الصحف السويسرية أن “على ليبيا إطلاق سراح الرهينة ماكس غولدي، في أقرب وقت، ومن دون أي تأخير”.
كذلك، اعتبرت وزارة الخارجية السويسرية في اتصال مع swissinfo.ch أن “دور الوساطة الذي يقوم به الإتحاد الأوروبي مع ليبيا مهم جدا من أجل التوصل إلى الهدف الرئيسي وهو عودة ماكس غولدي سالما إلى بلده”.
لكن صالح الزحاف، محامي غولدي، أوضح عبر اتصال هاتفي قصير أجرته معه swissinfo.ch يوم الثلاثاء 30 مارس 2010، أنه لا يمتلك أي مستجدات عن وضع موكله ماكس غولدي الذي يقوم موظّفو القنصلية السويسرية بزيارته طيلة أيام الأسبوع بإستثاء يوم الجمعة، بحسب مصادر وزارة الخارجية.
وفي تطوّر آخر، طالبت منظمة العفو الدولية يوم الثلاثاء 30 مارس بتحسين أوضاع احتجاز الرهينة السويسرية. وقالت هذه الأخيرة إن غولدي معتقل في غرفة بها درجة رطوبة عالية، ولا تحتوي على نوافذ، وبها روائح كريهة، وليس بإمكانه استنشاق الهواء النقي.
ولا يزال أمام ماكس غولدي قضاء حوالى 12 أسبوعا من مجموع أربعة أشهر هي مدة الحكم الذي صدر بحقه بعد أن أدانته محكمة ليبية بانتهاك قوانين الإقامة، لكن الدبلوماسيين الأوروبيين والسويسريين يأملون أن يعود إلى بلاده قبل انتهاء تلك المدة.
ويوم الخميس الماضي (25 مارس 2010)، ألغت سويسرا العمل بالقائمة السوداء التي ضبطتها بأسماء شخصيات ليبية من بينها الزعيم الليبي معمر القذافي، تهدف إلى منع دخول وتنقل تلك الشخصيات في البلدان الخمسة والعشرين المشكلة لفضاء شنغن. وجاء القرار السويسري بعد أن قال قادة الإتحاد الأوروبي إنهم سيناقشون الإجراء الذي اقدمت عليه برن يوم 5 ابريل القادم.
“سويسرا تلقت صفعة”
تخلي سويسرا عن العمل بتلك القائمة هو “عبارة عن صفعة قوية في وجه سويسرا” بالنسبة لأنّابيل ليتّوس- مونّات، الأستاذ المساعد بالمعهد العالي للدراسات الدولية والتنمية بجنيف، والمتخصص في الشؤون الأوروبية.
فهذا النزاع، الذي احتكم إلى منطق الفعل ورد الفعل، وأعمال انتقامية من هذا الطرف أو ذاك، والذي انطلقت شرارته بعد احتجاز شرطة جنيف لهنيبال، نجل الزعيم الليبي لفترة قصيرة في منتصف يوليو 2008، قد تطور مع الوقت ليتحوّل إلى معركة دبلوماسية كبيرة من أجل التوصل إلى تحقيق أهداف فرعية بسيطة.
في غضون ذلك أقدمت ليبيا في موفى الأسبوع الماضي على إلغاء حظر التأشيرات الذي سبق أن فرضته على رعايا البلدان الأوروبية العضوة في فضاء شنغن، وأعلنت انتصارها على سويسرا، في وقت اعتذرت فيه أوروبا لليبيا عما يمكن أن يكون قد ألحقه حظر منح تأشيرات شنغن إلى بعض الشخصيات الليبية من إساءة. وهو إعتذار، “لم يترك أي مساحة للمناورة لسويسرا أو للإتحاد الأوروبي”، حسب رأي أستريد إيبيناي، أستاذة القانون الدولي، ونائبة مدير معهد القانون الأوروبي التابع لجامعة فريبورغ.
وتظل الأطراف الفاعلة والقوية في هذا الملف، بحسب إيبيناي، أربعة بلدان هي بالإضافة إلى ليبيا وسويسرا، سبانيا وألمانيا. فالأولى تتولى الرئاسة الدورية للإتحاد الأوروبي، والثانية شريك اقتصادي مهم لكل من ليبيا وسويسرا.
ولا تجزم إيبيناي، باحتمال إطلاق سراح ماكس غولدي قريبا، وهذا بغض النظر عما تتمتع به الدبلوماسية الأوروبية من خبرة وفعالية، أو التعاطف المفترض من النظام الليبي، وأضافت في تصريح إلى swissinfo.ch: “أعتقد أنه ليس بحوزة الدبلوماسية الأوروبية الكثير من الأوراق في هذا المجال”.
لقد حصلت ليبيا وفي غضون أقل من نصف شهر على اعتذاريْن من أطراف دولية رفيعة المستوى. فقبل ان تعبّر أوروبا عن بالغ أسفها لما يمكن قد تسبب فيه حظر منح تأشيرات الدخول إلى فضاء شنغن لبعض الشخصيات الليبية من إساءة وضرر، أعرب ناطق رسمي رفيع المستوى بوزارة الخارجية الأمريكية عن اعتذاره لما بدر منه من تهكم عن الزعيم الليبي معمّر القذافي، حينما قال “إن تصريحات القذافي لا يمكن حملها محمل الجد”. وقد جاء هذا التعليق عقب إعلان القذافي يوم 25 فبراير الماضي الجهاد ضد سويسرا.
المصالح الاقتصادية
بالإضافة على الاعتبارات السابقة، هناك أيضا المصالح الاقتصادية، فمنذ 2008، شرع الإتحاد الأوروبي في التفاوض من اجل التوصل إلى اتفاق شراكة مع ليبيا، وهي البلد الوحيد من بين بلدان جنوب حوض البحر الأبيض المتوسط التي لا يربطها اتفاق من هذا النوع مع الإتحاد الأوروبي.
وبالنسبة لليتوس- مونّات: “من المهم جدا بالنسبة للإتحاد الأوروبي التوصل إلى هذا الاتفاق، وإقراره في أقرب وقت”.
وسيسمح هذا الاتفاق المستقبلي بتعزيز التبادل التجاري والاستثمار بين ليبيا والإتحاد الأوروبي، وسيكون مشروطا بتحقيق تقدم على مستوى حقوق الإنسان والعملية الديمقراطية.
وبالإمكان أن تكون ليبيا شريكا مهما لأوروبا في محاربة الإرهاب. فضلا عن انها تحتل المرتبة الأولى إفريقيا، والمرتبة السادسة عالميا على مستوى الثروة النفطية.
ويخلص مونات إلى القول : “لم يكن الإتحاد الأوروبي داعما قويا إلى سويسرا في نزاعها مع ليبيا”، لكنه يشير إلى أن كل خطوات الإتحاد الأوروبي، بما في ذلك اعتذاره لليبيا، كانت لها دوافع إستراتيجية بعيدة المدى.
ويختم الأستاذ المساعد بالمعهد العالي للدراسات الدولية والتنمية بجنيف بالتأكيد على أن بقية الأقطار الأوروبية مهتمة بمصير الرهينة السويسرية، لكن “لا احد منزعج كثيرا لذلك، لان الحكم الصادر بحقه هو أربعة أشهر، وهذه المحكومية سوف تنتهي في كل الأحوال”.
جوستين هاين – swissinfo.ch
(ترجمه من الإنجليزية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)
4 نوفمبر 2009: الحكومة السويسرية تقرر تعليق العمل باتفاق 20 أغسطس وتعلن عن مزيد من التشدد في منح تأشيرات الدخول إلى المواطنين الليبيين.
7 فبراير 2010: القضاء الليبي يبرئ رشيد حمداني من تهمة “ممارسة نشاطات اقتصادية غير مرخص بها” بعد أن برأه في محاكمة سابقة من تهمة “انتهاك قوانين الهجرة والإقامة” في ليبيا.
11 فبراير 2010: خفضت محكمة استئناف ليبية الحكم الصادر على ماكس غولدي بتهمة “ممارسة نشاطات اقتصادية غير مرخص بها” من 16 إلى 4 أشهر سجنا، بعد ان حكم عليه سابقا بغرامة تبلغ قيمتها 800 دولار في تهمة “انتهاك قوانين الإقامة والهجرة”.
14 فبراير 2010: ليبيا تباشر تنفيذ قرارها بمنع دخول رعايا الدول الأوروبية الأعضاء في فضاء شنغن، باستثناء بريطانيا.
18 فبراير 2010: وزيرة خارجية سويسرا تلتقي نظيرها الليبي بحضور وزير خارجية إسبانيا في مدريد الذي يُشير إلى تحقيق “بعض التقدّم” في المفاوضات بين البلدين.
19، 20، 21 فبراير 2010: تكتم شديد يحيط بمحادثات تحتضنها ألمانيا في برلين بين وفدين من المفاوضين الليبيين والسويسريين.
22 فبراير 2010: رشيد حمداني يتحصل على تأشيرة خروج ويغادر الأراضي الليبية عبر الحدود البرية مع تونس وماكس غولدي يسلم نفسه للشرطة القضائية ويُودع في سجن قريب من طرابلس.
25 فبراير 2010: الزعيم الليبي يدعو من بنغازي إلى إعلان “الجهاد” ضد سويسرا. والإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة تعبران عن الإستنكار.
28 فبراير 2010: متحدث في طرابلس يعلن أن ليبيا قررت فرض مقاطعة اقتصادية وتجارية “شاملة” على سويسرا.
3 مارس 2010: مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية يصدر بيانا يؤكد فيه “تضامن الدول العربية مع ليبيا” بشأن الخلاف مع سويسرا ويجدد مطالبته برن سحب القائمة التي أصدرتها، باعتبارها “ذات طبيعة عنصرية”.
11 مارس 2010: رئيس البعثة الليبية لدى الأمم المتحدة في جنيف يعقد ندوة صحفية ويعلن عن 4 شروط ليبيا لعودة علاقات بلاده إلى مسارها الطبيعي مع سويسرا.
الثلاثاء 23 مارس: سويسرا تعرب عن إستعدادها للتخلي عن العمل بقائمتها السوداء ضد ليبيا، وفي اليوم الموالي تعلن دخول القرار حيّز النفاذ عقب الإجتماع الأسبوعي للحكومة الفدرالية.
الخميس 25 مارس: المفوّضية الاوروبية تطالب ليبيا بالإفراج الفوري عن الرهينة السويسرية، ورفع القيود المفروضة على منح تاشيرات الدخول على رعايا الإتحاد الاوروبي.
الأحد 28 مارس: إعلان وزير الخارجية الليبي موسى كوسه تسوية أزمة التأشيرات مع الإتحاد الأوروبي، واستمرار الأزمة مع سويسرا، ويؤكد على تمسك بلاده بالتحكيم الدولي سبيلا لحل هذا النزاع.
30 مارس: منظمة العفو الدولية تطالب بتحسين ظروف احتجاز ماكس غولدي، بعد ثلاثة أيام من إعلان محاميه عن نقله إلى زنزانة جديدة تفتقر إلى النوافذ والهواء النقي والماء الدافئ.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.