دور الإنترنت في مجال الدعاية السياسية يتزايد.. رغم التشكيك!
أثار سبر الآراء الإلكتروني الذي أطلقه الحزب الاشتراكي السويسري على موقعه على الإنترنت في يونيو 2009 لمعرفة مواقف المتصفحين وخيارات المعنيين بخصوص المحور الذي سيختاره لمبادرته الشعبية القادمة، ردود أفعال متباينة لدى الطبقة السياسية السويسرية والأحزاب المنافسة.
ويقول الخبراء في مجال الاتصال والتعبئة والعلاقات العامة أن الإتجاه العام يسير نحو استخدام متزايد لوسائل الإعلام الجديدة في المجال السياسي، وأنه لم يعد بالإمكان إيقاف هذا التوجه، خاصة إذا ما استخدم بمصداقية ، ولأغراض محددة.
وقد أدلى بصوته في سبر الآراء المتواصل أكثر من 4000 مشارك حتى الآن، ويهدف الإستطلاع غير المسبوق إلى تعزيز إسهام المواطنين في رسم البرنامج السياسي للحزب الإشتراكي في الفترة القادمة.
وعن الغرض من هذه الخطوة، يقول بيتر لونّر، أحد الناطقين بإسم الحزب الإشتراكي: “إنها إحدى الطرق لسبر آراء المواطنين، وإننا سعداء بالتفاعل الذي أبدوه مع هذه الخطوة حتى هذه اللحظة”.
وبالنسبة إليه، فإن “هذه الطريقة الحديثة في التواصل، مهمة أيضا لأنها تسمح بتواصل مباشر مع أعضاء الحزب ومناصريه في الخارج، فضلا عن كونها تساعد على إبلاغ صوتنا إلى ناخبين جدد”.
بدوره، يتفق دانيال شفارتس، وهو أخصائي في العلوم السياسية من جامعة برن، بأن حجم تفاعل الجمهور مع المبادرة الإشتراكية، يُعدّ محترما وكافيا. لكن من وجهة نظر علمية، لا تبدو مصداقية هذا الاستطلاع واضحة بما فيه الكفاية، خاصة وأنه مفتوح لمشاركة الجميع.
ويقول السيد شفارتس: “من الأرجح أن يكون غالبية المشاركين من أعضاء الحزب، أو من دوائر يسار الوسط، ومن المحتمل ان يكونوا من فئة الشباب”.
ويلفت شفارتس، الذي يعمل خبيرا في الشبكة المستقلة للتصويت الإلكتروني، إلى أن الخطوة التي أقدم عليها الحزب الإشتراكي، تدخل ضمن دائرة العلاقات العامة، بالرغم من أن الإهتمام الذي حظيت به لا يزال محدودا.
ثقافة الإتصال
أما مارك بالسيغر، مستشار سياسي وخبير في الاتصال والعلاقات العامة، فقد أشار إلى أنه بإمكان الحزب الاشتراكي، من خلال هذه المبادرة، جلب المزيد من الزوار إلى موقعه الإلكتروني وبإمكانه أن يأمل في كسب المزيد من الأنصار.
ويعقِّـب بالقول: “إنها خطة ماهرة، فالمجموعات الموصولة إلكترونيا، تتشكل من أعضاء ناشطين وتتمتع بثقافة تواصُـل نامية ومتطوّرة”.
وتتسم تقييمات الأحزاب الرئيسية السويسرية الأخرى لاستطلاع الرأي عبر شبكة الإنترنت بالحذر وتفضّل التريُّـث. وأوضح الحزب الليبرالي الراديكالي (يمين وسط) بأن عملية الاستشارة الإلكترونية المفتوحة “مهمّة”، لكنها ليست أمر جديد”.
وقال داميان كوتيه، الناطق بإسم الحزب الليبرالي الراديكالي: “بدورنا سنقوم نحن أيضا قريبا بفتح عملية الاستشارة الداخلية، لتشمل مشاركين خارجيين، وسنعيد النظر في الشاكلة التي نسجل بها حضورنا على مستوى الإنترنت”.
تشكيك وتردد
في المقابل، يبدو الحزب الديمقراطي المسيحي وحزب الشعب (يمين متشدد)، أكثر ترددا في تقدير أهمية الاستشارات عبر الوسائط الإلكترونية. وقد علّق آلان هاورت، الناطق بإسم حزب الشعب على سبر الآراء الذي أطلقه الإشتراكيون، فقال: “يبدو أن الاشتراكيين ليس لديهم ما يكفي من الأفكار لصياغة خططهم”.
وأما ما يشغل تيم فراي، أمين عام الحزب الديمقراطي المسيحي، هو مستوى وحجم المصداقية الذي تتّـسم به نتائج استطلاع من هذا النوع”، ليختتم قائلا: “لا يجب أن نقع فريسة لبعض الحيل التسويقية”.
وطِـبقا لهذا المسؤول الديمقراطي المسيحي، فإن شبكات التواصل الإجتماعي كفيسبوك وتويتر وغيرها من الوسائط الحديثة، تصلح بداية للإستخدام لأغراض خاصة، ولا وجه للمقارنة بين الأوضاع في الولايات المتحدة والوضع في سويسرا، الذي يميّز بمحدودية نسبة مستخدمي الإنترنت.
ومع ذلك، يعتبر فراي أن التواصل الإلكتروني يظل تحديا يواجه الحزب الديمقرطي المسيحي، في الوقت الذي يشدد فيه حزب الشعب على الحاجة الملحّـة لرسم خطط واستراتيجيات للاستفادة من هذه الوسائط.
ومثلما هو الحال بالنسبة لليبراليين، يستحث حزب الشعب الجهود لتطوير موقعه الإلكتروني، مستفيدا في نفس الوقت من خدمات تويتر ووسائط مرئية وسمعية.
دور مهُـيمن
منذ الانتخابات العامة الأخيرة، أي قبل سنتيْن تقريبا، بذلت أغلب الأحزاب السويسرية الرئيسية، جهودا من أجل تعزيز حضورها على مستوى الإنترنت.
وبالنسبة لبالسيغر، أحد المتابعين وخبير في الاتصالات الحديثة: “حقق الحزب الاشتراكي والليبراليون الراديكاليون، نوعا من السبق في هذا المجال”.
ويعتقد هذا الخبير أن دور المضامين السياسية المنشورة على الإنترنت، سيتضاعف في المستقبل، نظرا للإقبال المتزايد عليها وان وسائل، مثل الفيسبوك، ستصبح أكثر قبولا في المستقبل، حتى وإن لم تستخدم هذه الشبكة بطريقة مثلى إلى حد الآن.
وبالنسبة لهذا المستشار في مجال الاتصال: “لن يكتب لأحد إبلاغ صوته في المستقبل، ما لم يكن وراءه خبيرا في مجال الاتصالات الإلكترونية”.
أما دانيال شفارتس، عالم السياسة بجامعة برن، فيتفق مع الرأي القائل بأن الإنترنت سوف يلعب في المستقبل دورا كبيرا في الحملات الانتخابية وفي حشد الدعم والحصول على التمويلات اللازمة، لاي عملة دعائية. ويقول السيد شفارتس أنه، من الضروري استخدام الأجيال الجديدة من وسائل الإعلام بطريقة منهجية تحافظ على مصداقيتها، خاصة لدى الشباب وسكان المدن الحواضر. ويختم شفارتس بالقول: “إنه ليس هيِّـنا استخدام وسائط تقدِر على جذب المستخدمين”.
أورس غايسر – swissinfo.ch
(ترجمه وعالجه عبد الحفيظ العبدلي)
أطلق الحزب الإشتراكي السويسري يونيو 2009 إستطلاعا للرأي بواسطة الإنترنت لمساعدة مؤسسات الحزب على اختيار محورا لمبادرة شعبية من ضمن خمسة محاور مطروحة.
ويتاح لكل مشارك أو مشاركة الإدلاء بصوتها إلى موفى شهر اغسطس، قبل أن تحسم قيادة الحزب خيارة في شهر اكتوبر القادم.
هذا الإستطلاع للرأي بواسطة الإنترنت، هي جزء من عملية استشارة موسعة، داخل صفوف الحزب وخارجها، وعلى المستويين المحلي والكانتوني ايضا.
يعتبر الحزب الإشتراكي السويسري وحزب الخضر الهيئتان السويسريتان الرائدتان في إستخدام الإعلام الإلكتروني لاغراض سياسية.
ومنذ الإنتخابات التشريعية العامة لسنة 2007، ازداد عدد الساسة السويسريين المستخدمين والمسجلين بمواقع التواصل الإجتماعي كفيسبوك، وتويتر، والمدوّنات الشخصية، ناهيك عن المواقع الإلكترونية الشخصية.
استطلاع الرأي الذي اطلقه الحزب الإشتراكي السويسري بواسطة الإنترنت هو الأوّل من نوعه لهذا الحزب. وقد دفعت الحزب الليبرالي الراديكالي إلى التفكير في خوض هذه التجربة أيضا.
أما حزب الشعب، فقد وعد خلال حملة تعريفية سبقت إنشاء موقعه الإلكتروني، بان يتضمّن الموقع محتويات مرئية، وأن يلتجأ إلى خدمات مثل تويتر.
ويقول الديمقراطيون المسيحيون أن التواصل عبر الوسائل الإلكترونية يظل تحديا كبيرا، لكنهم يحّذرون من المبالغة في الإشادة بالإدوار التي تلعبها هذه الوسائل على المستوى السياسي.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.