سويسرا تُعدّل الإطار القانوني لممثلية فلسطين في برن
أقدمت سويسرا مؤخرا على تعديل الإطار القانوني لبعثة فلسطين في برن في أعقاب قبول فلسطين كدولة مراقبة غير عضو في منظمة الأمم المتحدة.
السيد إبراهيم خريشي، السفير الفلسطيني لدى سويسرا ولدى الأمم المتحدة في جنيف رحّـب بـما اعتبره “خطوة هامة”، لكنه يرى أن الهدف المنشود يظل “الإعتراف الكامل بدولة فلسطين”.
في الثالث عشر من شهر فبراير 2013، أصدرت الخارجية السويسرية بيانا جاء فيه أنه “على إثر قرار الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة في 29 نوفمبر 2012 الذي منح فلسطين صفة دولة مراقبة غير عضو لدى منظمة الأمم المتحدة، قررت الحكومة الفدرالية السويسرية تعديل الإطار القانوني للبعثة العامة لفلسطين في العاصمة برن”.
في حوار خاص مع swissinfo.ch، يجيب السفير الفلسطيني إبراهيم خريشي عن أسئلة تتعلق بمدى أهمية هذه الخطوة، وتأثيراتها على العمل الدبلوماسي الفلسطيني عموما، وعما إذا كانت دول أخرى قد حذت حذو الخطوة السويسرية.
swissinfo.ch: ما هو تقييمكم لهذه الخطوة التي اتخذتها سويسرا بخصوص تعديل الإطار القانوني لممثلية فلسطين لديها؟
السفير إبراهيم خريشي: نعتبر أنها خطوة إيجابية، ونرحب بهذا القرار الذي اتخذه المجلس الفدرالي السويسري بتعديل الواقع القانوني والفني لبعثة فلسطين، أو المفوضية العامة لفلسطين لدى الفدرالية السويسرية في برن.
ويأتي ذلك انسجاما مع القرار الذي تم اتخاذه في جنيف، حيث أن البعثة المراقبة لدى الأمم المتحدة في جنيف، أصبحت بعثة دبلوماسية كاملة لدولة مراقب في الأمم المتحدة. وبناء عليه تم تغيير حتى شكل إقامات العاملين في البعثة. وأصبحت بعثة تتمتع بكافة الحصانات الدبلوماسية وفقا لاتفاقية فيينا للعام 1961. وبالتالي ما حصل الآن في هذا القرار، هو انطباق نفس الشكل على المفوضية العامة لفلسطين في العاصمة السويسرية، حيث أصبحت هذه البعثة وموظفيها يتمتعون بما جاءت به اتفاقية فيينا.
نحن نتطلع لذلك كخطوة بالإتجاه الصحيح، وصولا إلى الإعتراف الكامل من قبل الفدرالية السويسرية بدولة فلسطين، على أن يُساعد ذلك فلسطين ودولة فلسطين حقيقة على الأرض وليس فقط قرارات تؤخذ في المؤسسات الدولية. وهذا سيساعد فلسطين ، وسيساعد إسرائيل، وسيساعد المجتمع الدولي. وهذا حق من حقوقنا بأن نمارس حق تقرير المصير على أرضنا الفلسطينية.
منذ اعتراف الأمم المتحدة بمنظمة التحرير الفلسطينية في سبعينيات القرن الماضي، يتمتع الفلسطينيون بوضع شبيه بالمنظمات الدولية.
في عام 1998 حصل الفلسطينيون على صلاحيات إضافية مثل حق التدخل في المناقشات العامة، ولكن دون حصولهم على مكانة شبيهة بالدول ذات السيادة.
يرى الخبراء أن قرار الرفع من مستوى التمثيل الفلسطيني إلى دولة مراقبة سيُسفر عن العديد من الإجراءات، من بينها إمكانية إرغام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي على التحقيق في جرائم الحرب المرتكبة من طرف قوات الإحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية.
حتى اليوم، رفضت المحكمة الجنائية الدولية القيام بخطوة من هذا القبيل باعتبار أن فلسطين ليست دولة معترفا بها. وقد وعدت المحكمة بإعادة النظر في موقفها في حال قبول الجمعية العامة بتعديل وضعية التمثيل الفلسطيني في الأمم المتحدة وهو ما حدث فعلا يوم 29 نوفمبر 2012.
هذا التغيير في الإطار، هل سيفتح آفاقا جديدة أمام عملكم الدبلوماسي؟
السفير إبراهيم خريشي: بالتأكيد. لكن يجب القول أولا وقبل كل شيء، بأن الفدرالية السويسرية لم تحظر علينا العمل في أي مجال. كنا نتحرك حتى بالصفة القديمة، لكن الآن أصبح الشكل القانوني أفضل، وهو ما سيسمح لنا ويفتح لنا التواصل مع كافة المؤسسات في داخل الفدرالية السويسرية، ومؤسسات المجتمع المدني، والبلديات والأحزاب وغيرها، دون أي إحراج .
فقد كنتُ قبل فترة ممثلا لفلسطين في جنيف، ولم أكن أجرؤ حتى أن أصبح رئيسا للبعثة في برن. والآن أصبحت أتمتع بصفة سفير لفلسطين ورئيس بعثة المفوضية العامة في برن. وهذا سيكون له بالطبع تأثير على العمل الداخلي مع الفدرالية السويسرية ومؤسساتها. وسيعمل بالتأكيد على تعزيز التعاون والدعم المستمر من قبل سويسرا لدولة فلسطين.
هذه الخطوة لا ترقى إلى مستوى اعتراف كامل بدولة فلسطين مثلما تطمحون، لكن هل هناك دول أخرى قامت بتحرك مماثل في أعقاب التصويت الأممي؟
السفير إبراهيم خريشي: هناك خطوة كبيرة جدا قامت بها قبرص قبل بضعة أيام، حيث أعلنت عن الإعتراف الكامل بدولة فلسطين على حدود عام 1967، انسجاما مع قرار الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة في 29 نوفمبر الماضي. وستصبح بعثتنا هناك سفارة كسفارات باقي الدول المعتمدة لدى الحكومة القبرصية. وهناك بالطبع وعود من بعض الدول الأخرى.
وللعلم هناك 27 دولة صوتت لصالح رفع مكانة دولة فلسطين داخل الأمم المتحدة ولم تكن تعترف بدولة فلسطين. الآن قبرص هي الدولة الأولى من هذه الدول التي اعترفت بنا دوليا. وسنعمل مع الدول ال 26 المتبقية ومنها سويسرا من أجل الإعتراف الثنائي المتبادل.
بعد اليونسكو، هل هناك خطوات أخرى باتجاه انضمام فلسطين إلى المنظمات الدولية والوكالات المتخصّصة؟
السفير إبراهيم خريشي: في الحقيقة هناك استعدادات، وهناك دراسة يتم إعدادها. وقبل عدة أيام، شاركت أنا وزميلي في نيويورك في لقاءات برام الله مع القيادة الفلسطينية ومع الوزارات، وتحدثنا حول الأولويات وكيفية الذهاب والإنضمام إلى هذه الوكالات المتخصصة، والإتفاقيات المختلفة، لكننا لن نقدم على أي خطوة دون دراسة مستفيضة، لأننا لا نريد أن نُوقع ضررا بأحد، ولا نريد أن نفتعل أزمة لأي من هذه الوكالات. بل نريد أن يكون هناك توافق دولي في تحركنا، وفي ممارسة حقنا في الإنضمام إلى المنظمات المتخصصة وللإتفاقيات الدولية. ولدينا بعض الأولويات من بينها “اتفاقيات جنيف الأربعة”، وستكون إن شاء الله في الفترة القريبة القادمة.
هل لاحظتم، سعادة السفير، تغييرا ما في التعامل مع السلطة الفلسطينية بعد القرار الذي اتخذ بشأن عضوية فلسطين في الأمم المتحدة؟
السفير إبراهيم خريشي: طبعا هناك شكل آخر الآن بدأ في التعاطي مع الوضع الفلسطيني بعد هذه المكانة، بحيث بدأت تنطبق علينا قواعد القانون الدولي الآمرة، بصفتنا دولة مراقب غير عضو بالأمم المتحدة. وهذا يساعد في الحد، شيئا ما من الممارسات الإسرائيلية، ويُلزم إسرائيل بتنفيذ التزاماتها الدولية في المجالات المختلفة.
كان هناك حديث عن احتمال التماس عضوية في المحكمة الجنائية الدولية، الى أين وصلت هذه الجهود اليوم؟
السفير إبراهيم خريشي: هذه إحدى القضايا الساخنة، ونحن قيد دراسة هذا الأمر، وانعكاساته على الواقع الفلسطيني، وعلى الواقع الدولي. القضية ليست سهلة، لكن مع ذلك هناك استعدادات ومشاورات داخلية ومع الأصدقاء للوصول الى هذه المحطة، للإستفادة منها والدفاع عن أبناء شعبنا الفلسطيني ومحاسبة مرتكبي الجرائم بحق الإنسانية ومرتكبي جرائم الحرب.
على مستوى المفاوضات والعملية السلمية، هل من جديد في المساعي الدولية؟
السفير إبراهيم خريشي: نتوقع أن تكون زيارة الرئيس باراك أوباما يوم 21 مارس القادم، فاتحة خير على أسس واضحة، وهي معروفة. نحن لا نشترط بل إن الطرف الآخر هو الذي يشترط. وللأسف فإن كل التصريحات من الجانب الإسرائيلي حتى هذه اللحظة هي اشتراطات. وقد تفاجأت بتصريحات لابيد، رئيس حزب” هناك مستقبل” الجديد، الذي صرح بأن القدس لا يمكن أن تُقسّم ولا بد أن تكون عاصمة لدولة إسرائيل، وأنه على استعداد لقبول قيام حكومة فلسطينية في مناطق مصغرة في داخل الضفة لفترة مؤقتة. هذا لا يبشر خيرا. فنحن مستعدون للعودة إلى المفاوضات، على أساس واضح وهو المعيار الدولي وما قالته المجموعة الدولية والأمم المتحدة وما قاله الرئيس أوباما. وليس شرطا من قبلنا إن نحن طالبنا بوقف الإستيطان لأن هذا ما طالبت به الرباعية وغيرها. فمع استمرار الاستيطان، لا يمكن لنا أن نعود إلى مفاوضات، لأن الإستيطان سيقتل فكرة حل الدولتين الذي اتفق عليه المجتمع الدولي بكافة مكوناته.
يجوز للدول غير الأعضاء في الأمم المتحدة، التي هي أعضاء في وكالة أو أكثر من الوكالات المتخصّصة، أن تقدم طلبًا للحصول على مركز مراقب دائم لدى المنظمة.
يقوم مركز المراقب الدائم على محض الممارسة، ولا توجد أحكام بشأنه في ميثاق الأمم المتحدة. وتعود هذه الممارسة إلى عام 1946، عندما وافق الأمين العام على تعيين الحكومة السويسرية مراقبًا دائمًا لدى الأمم المتحدة.
قدَّمت دول معينة فيما بعد مراقبين أصبحوا في وقت لاحق أعضاء في الأمم المتحدة، بما في ذلك النمسا، وفنلندا، وإيطاليا، واليابان. وأصبحت سويسرا عضوًا في الأمم المتحدة بتاريخ 10 سبتمبر 2002.
يتمتع المراقبون الدائمون بإمكانية حضور معظم الإجتماعات والحصول على الوثائق ذات الصلة.
من بين المراقبين الدائمين الذين يشاركون أيضًا في عمل الجمعية العامة ودوراﺗﻬا السنوية، هناك عدد كبير من المنظمات الإقليمية والدولية.
(المصدر: عن الموقع الرسمي للأمم المتحدة بتصرف)
على ذكر الاستيطان، صدر تقرير عن اللجنة المنبثقة عن الجلسة الخاصة لمجلس حقوق الإنسان حول المستوطنات، والذي اقرت فيه بأن الاستمرار في بناء المستوطنات قد يرقى الى مستوى جرائم حرب. كما ان أعضاء اللجنة اقترحوا على فلسطين، في حال اكتمال إجراءات العضوية أمام المحكمة الجنائية الدولية تقديم الموضوع للمحكمة. كيف تنوون معالجة هذا الموضوع أمام الجلسة القادمة لمجلس حقوق الإنسان؟
السفير إبراهيم خريشي: في الحقيقة كان تقريرا هاما، وفيه الكثير من العناصر القانونية التي ترصد الإستيطان وانتهاكه للقانون الدولي بشكل عام. وقد أشارت اللجنة من خلال توصياتها إلى أن الاستيطان، ونقل السكان الى أراضي الغير الواقعة تحت الإحتلال هو انتهاك للمادة 49 من اتفاقية جنيف، وانتهاك للمادة 85 من البروتوكول الأول، وانتهاك كذلك لاتفاقيات لاهاي، وهي جرائم ترقى إلى مستوى جريمة حرب. وهذا يمكن أن يصل بنا الى محكمة الجنايات الدولية إذا ما أصبحنا عضوا في ميثاق روما الناظم لهذه المحكمة.
نحن نريد أولا، ثم أولا، ثم أولا أن نتوصل الى اتفاق سلمي يُنهي الإحتلال، لكن إذا بقي التعنت الإسرائيلي وصلافة الحكومة الإسرائيلية بهذا الشكل، سنذهب إلى أي مكان يُتاح لنا من أجل الدفاع عن حقوقنا ولإنهاء هذا الإحتلال.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.