صحف سويسرية: “إسرائيل ألحقت هزيمة عسكرية ودبلوماسية وأخلاقية بنفسها”
خصصت الصحف السويسرية الصادرة يوم الثلاثاء على اختلاف لغاتها وتوجهاتها السياسية جل افتتاحياتها للتعليق على حادث الإعتداء الإسرائيلي على قافلة المساعدة الإنسانية لفك الحصار على قطاع غزة واصفة العملية تارة بـ "المتجاوزة للمعايير"، وتارة أخرى بـ "الهزيمة الدبلوماسية والسياسية بل حتى العسكرية" فيما حاول البعض منها تحليل الحرب الإعلامية بين الطرفين في هذه القضية.
وهذا ما خصصت له صحيفة لوتون (تصدر بالفرنسية في جنيف) افتتاحيتها تحت عنوان” إسرائيل، نظام في طريق الإنحراف”،حيث كتب فريدريك كولر “إن إسرائيل بفتحها النار في المياه الدولية على ناشطين مناصرين للشعب الفلسطيني من أربعين جنسية يحملون مساعدات إنسانية إلى غزة، إنما عملت على إلحاق هزيمة بنفسها، عسكرية ودبلوماسية وأخلاقية”.
وفيما يتعلق بالهزيمة الأخلاقية، كتب معلق لوتون “الهزيمة الأخلاقية لأن اللجوء الى القوات العسكرية ضد 700 من النشطاء الموصوفين بالمسالمين والذين يوجد من بينهم ممثلون برلمانيون أوربيون وأحد الحاملين لجائزة نوبل للسلام وأحد الناجين من معسكر الاعتقال النازي، إنما يعكس عجز إسرائيل عن إقناع بقية العالم بأنها على حق بطريقة أخرى غير طريقة استخدام الأسلحة”.
في صحيفة “لاليبرتي” (تصدر بالفرنسية في فريبورغ)، وصف باسكال بيريسفيل ما حدث بـ “المعركة الخاسرة” وأضاف يقول في تعليقه بأن “إسرائيل أصبحت تخسر منذ مدة كل “معارك الصورة” ولذلك عمدت هذه المرة للقيام بالهجوم ليلا: لكنه خيار خاطئ أتى ليعزز جملة من الهفوات العسكرية التي تم القيام بها نتيجة لعمليات استفزاز”، وانتهى الصحفي الى استنتاج يفيد بأن “هذه المجزرة في أعالي البحار ستعمل على تعقيد إحساس باللاشرعية في مواجهة التصرفات الإسرائيلية”.
صحيفة لا تريبون دي جنيف (تصدر بالفرنسية في جنيف) اهتمت من جهتها بردود الفعل التركية تحت عنوان “تركيا على وشك القطيعة”، إذ كتبت غابريال دانتساس “إن الهجوم الإسرائيلي أثار قطيعة جديدة بين حليفين تقليديين”. واستعرضت الصحيفة تعليلات الطرفين بخصوص وجود أو عدم وجود أسلحة على متن هذه السفن الإنسانية وأوردت أقوال أحد قادة المنظمة الإنسانية التركية التي استأجرت السفينة الذي أوضح أن “السلطات التركية فتشت البواخر قبل إقلاعها ولم تكن هناك أسلحة على متنه” مشيرا إلى أن “إسرائيل إنما ترغب في تغطية جريمتها”.
نفس الجريدة خصصت مقالا آخر للموضوع تحت عنوان “حرب إعلامية ” بقلم أندري لالمان حاول فيه استعراض وجهتي نظر الطرفين في سردهما للأحداث قبل أن يتساءل: “ألم تكن العملية انتحارية؟”، وهو ما أجاب عليه أحد المناصرين لحركة غزة الحرة بقوله: “قد نكون مستفزين ولكن لسنا انتحاريين”.
“إسرائيل تفقد كل المعايير”
الصحف الناطقة بالألمانية خصصت من جهتها نفس الإهتمام بهذا الموضوع مستعرضة بدورها تفاصيل ردود الفعل المحلية والدولية. إذ كتب بيتر مونش افتتاحية في صحيفة تاغس انتسايغر (تصدر في زيورخ) تحت عنوان “إسرائيل تفقد كل المعايير” يقول: “أكيد أن لا أحد كان يرغب في أن تصل الأمور الى هذا الحد، ولكن كان من المؤكد أن هذا كان سيحدث في يوم من الأيام لأن حكومة إسرائيل لم تفقد فقط في هذا الحادث الإلتزام بالمعايير التي يجب أن تلتزم بها في كفاحها من أجل تحقيق أهدافها”.
وبعد أن ذكّـر كاتب المقال بالظروف التي مرت بها إسرائيل منذ قيامها قبل 62 عاما وضرورة استعدادها المستمر للرد على التهديدات، استنتج أن هذا “أدى الى النظر الى الأشياء دوما من زاوية التهديد والخطر وأن على البلد أن يبقى في أهبة الاستعداد دوما للرد على ذلك. وهو ما أصبح من يجسد واقع الدولة في إسرائيل”.
وفي مقال آخر، لخصت الجريدة أحداث توقيف ركاب “قافلة الحرية” واعتقالهم تحت عنوان معبر تحدث عن “النهاية المأساوية لشركة غير عادية”، في إشارة الى التعاون العسكري الذي كان قائما منذ عشرات السنين بين إسرائيل وتركيا.
في مقال ثالث لصحيفة تاغس انتسايغر بقلم سوزان كناول من القدس، أجرت الجريدة حديثا مع جمال الزحالقة، النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي الذي كان يعتزم الإلتحاق بالقافلة البحرية، والذي اعتبر أن “إسرائيل كانت تحاول حتى قبل الحادث نزع الشرعية عن هذه العملية، بيحث رددت بأن هناك إرهابيين من بين الركا، وانتهىإالى وصف ما حدث بانها “عملية قرصنة وجريمة حرب. وقد خططت لها إسرائيل مُسبقا ، وكان على الجنود إطلاق النار من أجل القتل لإثناء آخرين عن القيام بذلك لاحقا”.
“خطأ لا يُغتفر”
صحيفة نويه لوتسرنر تسايتونغ (تصدر في لوتسرن) نشرت تحت عنوان عريض “إسرائيل حققت عكس ما كانت تتوقع”، بقلم مراسلها في تل أبيب شارل لاندسمان “إن ما حدث أمس على باخرة التضامن وما تم على المستوى الرسمي الإسرائيلي فيما بعد يعتبر خطأ لا يمكن غفرانه، بل هزيمة على طول الخط تسير في نفس خط الهفوات الإسرائيلية العديدة السياسية منها والعسكرية”.
وانتهى شارل لاندسمان إلى أن “أسطول الحرية على العكس من ذلك استطاع تحقيق هدفه: إذ حشر إسرائيل في زاوية الضغط الأخلاقي وطرح من جديدة قضية الحصار المفروض على قطاع غزة”.
صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ (تصدر في زيورخ) تطرقت بدورها للحدث في مقال نشر تحت عنوان “القبضة الحديدية لإسرائيل”، تطرق فيه مارتين فوكرإلى مختلف العمليات التي استخدمت فيها إسرائيل القبضة الحديدية” سواء في لبنان أو في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقال: “إن إسرائيل بدأت تشعر بتأثيرات خطئها منذ الوهلة الأولى عندما باشرت عمليتها تحت أنظار وسائل الإعلام التي كانت ترافق القافلة”.
وأشار مارتين فوكرإلى أن “إسرائيل كانت تواجه الإنتقادات الدولية دائما بتبرير هذا التصرف بالدفاع عن أمنها. فكانت تجد مبررات أمنية لحيازتها لأسلحة نووية، ولمواصلة الحصار المفروض على الضفة الغربية، وللتمييز في المعاملة بين اليهود وغير اليهود” من سكانها.
ويذهب فوكر في تحليله إلى أن “إمكانية التوصل الى اتفاق بحل النزاع بين طرفين متساويين يعتبر نظرة غير شائعة في إسرائيل”، ويشير إلى أن الدول الصديقة للدولة العبرية “ستتعرض خلال الأيام القادمة لضغوط من أجل التأثير على حكومة إسرائيل، ولكن بدون إشراك حماس في المفاوضات، ستظل حظوظ إقامة حل الدولتين بعيد المنال”.
محمد شريف – جنيف – swissinfo.ch
دعت العديد من منظمات المجتمع المدني السويسري المؤيِّـدة للسلام أو المتعاطفة مع الفلسطينيين، إلى تنظيم تجمّـعات احتجاجية، في مدن زيورخ وبازل وبرن مساء الثلاثاء 1 يونيو.
بدعوة من ائتلاف يضمّ 15 جمعية ومنظمة مؤيِّـدة للفلسطينيين، تجمّـع أكثر من 300 شخصٍ أمام المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف مساء الإثنين 31 مايو، للاحتجاج على ما أسمَـوه “هجوما وحشيا خُـطِّـط له سلفا”، وطالبوا بإدانة دولة إسرائيل “لارتكابها جرائم حرب” وبمقاطعتها.
من جهة أخرى، نظّـمت المجموعة من أجل سويسرا بدون جيش (GSSA) وقفة بالشموع مساء الاثنين في برن، شارك فيها 80 شخصا تقريبا، كما شهِـدت مدن بازل وزيورخ تجمّـعات مشابهة، اتّـسمت بالعفوية.
على إثر طلب تقدّمت به جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، قرر مجلس حقوق الإنسان الملتئم حاليا في دورة عادية في جنيف، عقد اجتماع عاجل بعد ظهر الثلاثاء 1 يونيو، يُـخصَّـص للنظر في التدخل العسكري الإسرائيلي ضد القافلة البحرية، المحمّـلة بمساعدات إنسانية كانت في طريقها إلى غزة.
في جنيف، دعت سويسرا في تدخل لمندوبها أمام مجلس حقوق الإنسان بعد ظهر الاثنين 31 مايو، إلى الإسراع بتوضيح ملابسات هذه المأساة (في إشارة إلى مقتل أكثر من 18 شخصا في هجوم الكوموندوس الإسرائيلي على القافلة الإنسانية المتّـجهة إلى غزة)، في إطار الحصار على غزة، “من أجل أن يتمّ التوصّـل إلى الاستنتاجات الملائمة”.
يوم الاثنين أيضا، أدانت الفدرالية الدولية للصحفيين والحملة من أجل شارة للصحفيين الهجمات التي تعرّض لها ممثلون عن وسائل الإعلام يرافقون القافلة البحرية الإنسانية، المتّـجهة إلى غزة. وفيما ندّدت الفدرالية بـ “السرية” و”الرقابة” المفروضة من طرف السلطات الإسرائيلية على تبِـعات العملية العسكرية، طالبت برفع التعتيم المفروض على الإعلام، كما اتّـهم جيم بوملحة، رئيس الفدرالية، إسرائيل بـ “منع الصحفيين من تغطية الأحداث بصورة ملائمة”.
من جهتها، أعلنت الحملة من أجل شارة للصحفيين (PEC)، التي تتخِـذ من جنيف مقرا لها، أن “العديد من الصحفيين قد أوقِـفوا من طرف القوات الإسرائيلية وأن مُـعدّاتهم قد احتُـجزت” وطالبت بـ “الوقف الفوري للهجمات ضد الصحفيين وتمكينهم من القيام بتغطية الأحداث في ظروف آمنة”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.