عبد الوهاب الزنتاني: “سنُعلن قريبا حزبا ناصريّا في ليبيا”
يُعتبر السفير السابق عبد الوهاب الزنتاتي من الوجوه الناصرية البارزة في ليبيا، وهو يسعى حاليا لتشكيل حزب ناصري مع الوجوه العروبية التي كانت ممنوعة من العمل السياسي في ظل حُـكم الزعيم الفارّ معمر القذافي، الذي كان يعتبِـر نفسه "الناصري الأول في ليبيا"، ولا يعترف لأحد سِـواه بحق الكلام باسم هذا التيار.
وأصدر الزنتاتي في السنة الماضية كتابا في القاهرة عن عبد الناصر، لكنه كان محظورا في ليبيا. وقد زار العاصمة القطرية الدوحة في الأيام الأخيرة على رأس وفد من قبائل الزنتان، ضم 17 وجيها من وجهاء هذه المنطقة الواقعة في غرب ليبيا، والتي لعبت دورا حاسما في تحرير العاصمة طرابلس، فكان معه هذا الحديث عن مستقبل العملية السياسية في ليبيا والدور المتوقع للتيار الناصري فيها.
swissinfo.ch: أصدرت العام الماضي في القاهرة كتاب “عبد الناصر رجل العرب”، لكنه ظل ممنوعا من التداول في ليبيا. بوصفك أحد قيادات هذا التيار، هل ستُعيد التجربة الناصرية مثلما هي لو قُيض لتيارك أن يحكم ليبيا، أم هناك أخطاء ستعمل على تفاديها؟
عبد الوهاب الزنتاتي: طبعا كانت هناك أخطاء، وفي المقدمة منها إلغاء الأحزاب وإلغاء هيئة كبار علماء الأزهر، ما جعله يتحول إلى جزء من الحكومة ويتخلّـى عن دوره الدِّيني والسياسي، الذي برز مثلا أيام الحملة الفرنسية على مصر. وبعد ذلك الإجراء، أصبح شيخ الأزهر يُعين بقرار مثل أي موظف. والخطأ الكبير الثالث هو التسرّع في إعلان الوِحدة مع سوريا في 1958.
فالمواطن السوري مشهور بالتجارة والمضاربات، بينما حاول نظام عبد الناصر تطبيق الاشتراكية في بلد لا يتحملها، مما سهل على المتآمرين على الوحدة أن يقودوا الدّعوة إلى الإنفصال، بعدما شعروا أن الشعب السوري غيْـر راض. حدث ذلك في وقت حقق فيه عبد الناصر مجدا قوميا من خلال مواقفه الشجاعة واكتسب شعبية كبيرة بعد سن قانون الإصلاح الزراعي وتجميد الإيجارات وإقرار مشاركة العمال والفلاحين في إدارة الشركات، مما جعل الناس يصفونه بـ “أبو الغلابى”… وأعتقد اليوم، بعدما نشرت الفواتير التي أظهرت كم كان يُخصم من راتبه من أجل تأثيث بيته في منشية البكري، أنه كان نظيف اليد والسريرة، ولعله لم يأت حاكم عربي مثله منذ عمر بن عبد العزيز. عبدالناصر لم يُغير بيته بعدما أصبح رئيسا، وهو لم ينم ليلة واحدة في أي قصر من القصور السبعة التي كانت في القاهرة.
لنأت إلى الحاضر في ليبيا، ماذا أعد الناصريون للمستقبل؟
عبد الوهاب الزنتاتي: كان التنظيم الناصري سريا واعتمد على نظام الحلقات الذي أوصى به عبد الناصر عندما أسس “التنظيم الطليعي”، ونحن في ليبيا أخذنا بهذا النظام، أي خمسة عناصر وإلى جانبهم حلقة أخرى بخمسة أعضاء وهكذا، لكن الذين يعرفون بعضهم البعض، هم رؤساء الحلقات فقط. وطبعا ظل التنظيم سرِيا إلى نهاية معمّـر القذافي، إذ أنه سعى إلى معرفة مَـن هي القيادات الناصرية وضغط في هذا الإتجاه، لأنه كان يقول إنه هو “أبو الناصرية في ليبيا”، لكنه فشل.
أما نحن، فكنا على اتصال مع شخصيتين في مصر هما المرحوم شعراوي جمعة، وزير الداخلية وسامي شرف، مدير مكتب عبد الناصر، الذي ما زلنا على اتصال به إلى اليوم. حاول القذافي أن يعرف من سامي شرف أسماء القيادات الناصرية الليبية، ثم لما أخفق، دعا المفكر الفلسطيني الراحل أحمد صدقي الدجاني، الذي كان صديقنا، ليعرف منه الأسماء، لكنه فشل أيضا، فتحول إلى التهديد وصار يُردد “ليس هناك ناصريون في ليبيا سواي”.
وخلال زيارة عبد الناصر لليبيا عام 1970، حاول القذافي أن يعرف منه مَـن هي أسماء الناصريين الذين يثِـق فيهم، فردّ عليه عبد الناصر “كل الليبيين ناصريون، وهؤلاء إن وُجدوا سيكونون عونا لك على تطبيق التجربة القومية في ليبيا”. ثم قال في خطاب رسمي “أترككم وأنا واثق من أن الأخ معمر أمين القومية العربية”. ولعل ناصر كان مُـحقا في ذلك الموقف، بمعنى أن ليبيا الملكية كانت تمثل شوكة في خاصرة مصر، إذ انطلقت الطائرات الغربية من قواعدها لضرب مصر في عدوان 1956، فلا نتوقع أن لا يكون عبد الناصر سعيدا بقيام ثورة في ليبيا أو أن يتنكر للشعارات القومية التي رفعتها، وهو على كل حال لا يستطيع التنبُّـؤ بالمستقبل.
وبعد اندلاع ثورة 17 فبراير، كيف تصرف الناصريون؟
عبد الوهاب الزنتاتي: سيطر الجانب الحربي ولم تكن هناك إمكانية للفرز. بات الجميع يلتحق بالكتائب في الجبهات من أجل التحرير. والآن هناك اتصالات من أجل تشكيل حزب وربما أحزاب، ونحن عانينا من التشرذم كناصريين في لبنان مثلا وحتى في مصر نفسها.
من أنتم؟
عبد الوهاب الزنتاتي: لن أذكر أسماء. فالمهم أن هناك اتصالات بيننا وبدأنا إعداد نوع من الميثاق وكان الإتجاه أن نطلق عليه اسم “الميثاق الوطني للناصريين في ليبيا”، لكن تم الإعتراض على عبارة “وطني” وربما سيتم استبدالها بالمحلي.
وهل شاركتم في القتال؟
عبد الوهاب الزنتاتي: بلى، شاركنا في بنغازي والمنطقة الشرقية أي برقة، علما أن الحركة الناصرية السرية كان مركزها في بنغازي.
لكن تيار الإخوان مثلا كان أبرز منكم…
عبد الوهاب الزنتاتي: هذا صحيح وله عدّة أسباب، منها أولا، أن تيار الإخوان أسبق من الناصرية بمراحل. وثانيا، أنهم كانوا أقدر على مواجهة الحكام وتحمّـل التضحيات وتعرضوا للقمع في أكثر من مكان، فمنحهم ذلك خِـبرة وقدرة على الإستمرار. كما نجحوا في الجانب الإقتصادي، إذ لهم قيادات في أوروبا تُـدير مؤسسات، ومنهم مثلا يوسف ندى، الذي أقام مؤسسات بالتعاون مع الإخوان في مصر. فنحن إذن بإزاء سلسلة قوية. أما الليبراليون، فهم مقبولون في العالم العربي وحتى الغربي، إلا أنهم غير قادرين على إنشاء حالة تنظيمية على شاكلة الإخوان.
في ليبيا، ينطبِـق على الإخوان ما ينطبق على نظرائهم في مصر وسوريا. فقد تعرّضوا للقمع وأدخِـلوا السجون، وهي تجربة تصقل الإنسان، في حين أن الناصريين حديثي العهد، وقد طغت عليهم شخصية عبد الناصر التي باتوا يعتمدون عليها من دون أن يمارسوا تجارب تنظيمية أو نضالية، لا في عهده ولا بعده، عدا مرحلة عبد الكريم قاسم في العراق (1958 – 1963). وبعد رحيله، صار النضال القومي مُركّـزا على معارضة السادات في مصر، وشمل اليمن والسودان وليبيا وموريتانيا، لكن كان الناصريون يعتبرون أن القيادة، يجب أن تُعقد لمصر بوصفها مهْـد الناصرية.
ليبيا مُقبلة على مرحلة بناء، كيف تنظرون إلى ملامح الفترة القادمة؟
عبد الوهاب الزنتاتي: الواقع، أن بنغازي والمنطقة الشرقية عموما متأثرتان بمصر، كما أن الزنتان هي المدينة الوحيدة في ليبيا التي انتفضت بقوة منذ بداية 17 فبراير ولم تستطع كتائب القذافي دخولها. نحن نفكر حاليا كيف يمكن أن نلعب دورا في ليبيا الجديدة. ستكون ليبيا دولة ديمقراطية يحكمها الدستور والقانون، مثل تونس ومصر، ونحن نحاول إعداد الميثاق الناصري، وسيكون لنا قبول في ربوع ليبيا، رغم التشويش الشديد على القضية العربية والموقف القومي في الحِـقبة الماضية.
قد توجد في المستقبل تجربة جديدة تعوِّض الوحدة الإندماجية وتقوم على التبادل الإقتصادي، وقد ناقشنا هذه الصِـيغ ومازلنا نناقشها. لكن الواضح أن “الإخوان” أقوى حضورا وأن الليبراليين متمكِّـنون أكثر منا، فلا في عهد الملك ولا في عهد القذافي، كان هناك ناصري واحد في الحكم. تجربتنا ظلت سرية حتى هذه اللحظة، وهي تحتاج إلى دعم سياسي واقتصادي.
كيف تفسِّـر أن الآخرين، مثل التيار الإسلامي بزعامة علي الصلابي أو التيار الليبرالي برموزه المختلفة، بارزون على السطح أكثر منكم بكثير؟
عبد الوهاب الزنتاتي: لا الصلابي ولا الآخرون يعملون منفردين، بل هم يعتمدون على مؤسسات قوية ولهم علماء معهم، والجانب الدِّيني مؤثر في العالم العربي. فالدكتور القرضاوي يستطيع أن يهز العالم الإسلامي بخطبة واحدة، وهؤلاء يدعمون الإخوان كتيار، بينما الناصريون يعتمدون فقط على شخصية عبد الناصر. فالصلابي مثلا، استفاد من تجربة السجن، وهم (الناصريون) كانوا تنظيما إخوانيا داخل السجون…
لكن هذه التيارات تحصد كل يوم على مواقع جديدة ستساعدها على التأثير في المستقبل…
عبد الوهاب الزنتاتي: نحن لسنا في عجلة من أمرنا، سنعتمد على الشعور القومي القوي في مختلف المناطق، وربما سيبرز الليبراليون أو الإخوان أو غيرهم في المقدمة خلال الفترة القريبة القادمة، لكن مع الزمن، وقد لا يكون طويلا، سيختلف الوضع لسببين، أولهما أن “الإخوان” سيحاولون السيطرة على الحكم وسينشأ عن ذلك صراع بينهم وبين العلمانيين. وثانيا، ستصبح هناك فجوة مما يمنح فرصة أكبر للناصريين، الذين سيعتمدون على تلك الخلافات…
تقصد أنكم ستشكِّـلون التيار الثالث؟
عبد الوهاب الزنتاتي: بل الثاني. فاليوم، هناك مفارقة، إذ أن الثورة قامت من بنغازي، حيث التيار القومي قوي، لكن لم يوجد ناصري واحد معروف في المجلس الوطني الإنتقالي.
أليس محمد العلاقي رجلا ناصريا؟
عبد الوهاب الزنتاتي: هو لا يقول ذلك ونحن لم نعرفه بوصفه ناصريا… هناك خلْـط ربما بين القومية والناصرية. نشعر أن علي العيساوي قريب منا وعلاقاتنا وطيدة مع أعضاء المجلس الوطني الإنتقالي. ويتألف المكتب التنفيذي من غالبية من التكنوقراط والليبراليين، وهذا لا ينفي عنهم صفة الوطنية، لكن هناك طبعا مُـيول أقرب إلى “الإخوان” ضمن الإنتقالي، وفكر علي الصلابي يُدمغ بالتشدّد، وهذا غير مُرحب به في ليبيا وقد يؤثر في مسار “الإخوان” مستقبلا.
لكن حركة الثوار كان يقودها فكر عقائدي ومنهج سياسي بعيدان عن الناصرية…
عبد الوهاب الزنتاتي: كانت الفكرة خام وبسيطة، وهي تحرير ليبيا، وفي سبيل ذلك، قاتل الشباب ببندقية أو من على ظهر دبّـابة، لأنهم كرهوا الدكتاتورية والنظام الذي ضيع ليبيا في كل المجالات.
هذا على السطح، أما في العُـمق فتُمسك الوجوه الإسلامية، مثل عبد الحكيم بلحاج، بمفاتيح القرار العسكري…
عبد الوهاب الزنتاتي: كل رصيد بلحاج، هو أنه كان في سجن القذافي وذهب قبل ذلك إلى أفغانستان وانضم إلى تيارات “الإخوان”، لكن ليست له مواقع متينة في القطاع المقاتل. ففي الزنتان مثلا، لا وجود لتيار إسلامي ولا حتى ليبرالي. ويحاول الإخوان في ليبيا حاليا منافسة الليبراليين المعتمدين بدورهم على الإعلام العربي والغربي، المؤثر بلا شك… أما الناصريون، ففرصهم ضئيلة في الإعلام الغربي المُشكك بالبُـعد القومي، بما يرمز له من تأميم واشتراكية، لذا، فالأفضل اليوم أن لا نكون مع اشتراكية متشدّدة، وإنما مع نظام تعاوُني على الطريقة البريطانية مثلا، ما سيُسهل التعامل مع الغرب… لا يوجد فِـكر يحكم الآن المرحلة الإنتقالية، ونحن نريد أن نرى ليبيا دولة ديمقراطية يتساوى فيها المواطنون، وبعد ذلك فلتبرز التيارات على السطح.
ماذا سيكون وزن القبائل في بناء النظام السياسي الجديد؟
عبد الوهاب الزنتاتي: لا نعرف وزنها في المستقبل. فهي كبيرة وتربطها نظُـم أسَـرية، وسيكون لها بالتأكيد دور في الإنتخابات وتكوين المجلس التأسيسي ولجنة صياغة الدستور، ولاحقا البرلمان المنتخب. أما نحن، فنريد أن ننتظر استكمال مرحلة التحرير لكي نقدم أنفسنا للشعب.
كان القذافي يتمسّـك بالخيمة بطريقة جعلت المحللين يعتبرون أن هدفه هو إقناع الليبيين بكونه ما زال ينتمي إلى القبيلة وتقاليدها. هل سيكون للقبيلة في المستقبل حساب مؤثر في مصير البلاد؟
عبد الوهاب الزنتاتي: بعيدا عن تمثيليات القذافي الذي كان يتظاهر، فكرا وممارسة، بانتمائه للقبيلة مجرّد تظاهر، ما زالت القبائل قوية في ليبيا وستبقى إلى فترة. ونحن قاتلنا وما زلنا نقاتل كقبائل، ودُعينا إلى هنا (قطر) كقبائل، مع أننا لا ننتمي إلى فكرة سياسية واحدة. ففينا القومي والليبرالي والإخواني، وستلعب القبيلة دورا بلا شك في التحرير والبناء، ثم يتبلور تدريجيا الجانب الفكري والسياسي والحضاري.
لماذا دُعيتم إلى قطر؟
عبد الوهاب الزنتاتي: وجَّـه القطريون دعوة إلى بعض التنظيمات القبلية، إدراكا منهم أن الحرب تقودها القبائل. فمثلا يرى شباب الزنتان، الذين هم عماد الحرب، أن روح القبيلة يجب أن تنزاح إلى الوراء بعد استكمال التحرير، لتبقى رابطة اجتماعية فقط. وتبدو هذه الرابطة في أشكال عميقة. فقد زرت اليمن بصفتي مسؤولا في منظمة التضامن الأفروآسيوي، وسألت عن الزنتان هناك ومقرّهم في مأرب، لأزورهم باعتبار أن قبيلتنا أتت من دواسر في نجد بالجزيرة العربية، فاكتشفت أننا ننتمي جميعا إلى بني سليم، وهي قبيلة نزحت من اليمن بعد انهيار سد مأرب إلى الشام، ثم إلى صعيد مصر، قبل أن يتخلص منها الحاكم بأمر الله، لأنها لم تكن منضبطة بتشجيعها على الهجرة إلى شمال إفريقيا، من أجل معاقبة حكّـامها الذين دانوا بالولاء لبغداد، وليس للسلطة الفاطمية في القاهرة.
كيف تتوقع أن يُؤثر العنصر القبلي في العملية السياسية المقبلة؟
عبد الوهاب الزنتاتي: العنصر السائد في المجلس الإنتقالي، هم التكنوقراط، كما أسلفت، وهؤلاء لن يكونوا قبليين. فالتنظيمات المقبلة، مثل المجلس التأسيسي، ستنبثق مما يفكر فيه هؤلاء التكنوقراط الذين لن يلجؤوا إلى القبائل المقيمة خارج المدن، بل إلى أبناء المدن الذين بات تفكيرهم مختلفا عن تفكير القبيلة. وسيتكوّن المجلس التأسيسي من مجموعات المثقفين. أما الدستور، فسيُعده بالضرورة رجال قانون، وهؤلاء درسوا جميعا في الغرب، وتحديدا في فرنسا وبريطانيا وأمريكا، مع استثناءات قليلة في مصر. كما أن الدستور سيُعد انطلاقا من الدساتير القائمة في الغرب، لذا، أعتقد أن دور القبيلة سيتراجع بالضرورة.
ما هي إذن خلفية الصراع الضاري الدائر حاليا على المكتب التنفيذي (مجلس الوزراء) بين رئيسه محمود جبريل وعلي الصلابي؟
عبد الوهاب الزنتاتي: جبريل كان دبلوماسيا عمل معي في قبرص، وهو مثقف ومُسيِّـس، وقد برز في هذه المرحلة كتكنوقراطي محنّـك وقام بدور جيد، لكن سرعان ما برزت الصراعات بين “التنفيذي” والمجلس الوطني الإنتقالي، وهذا الأخير يضم، مع الأسف، مجموعات غير متجانسة، فكريا وسياسيا، بعضها مناطقي والبعض الآخر قبلي. وأرى أن جبريل يفكر بشكل مختلف وبروزه عالميا أعطاه الشعور بكونه يمكن أن يشكل حكومة من المثقفين والسياسيين، بينما غالبية “الإنتقالي”، تفكر بشكل مختلف، وترى أن الحكومة ينبغي أن تتألف من ممثلين عن المناطق وربما عن القبائل…
في الزنتان مثلا، كيف تتم الأمور؟
عبد الوهاب الزنتاتي: أنا رئيس اللجنة السياسية في الزنتان وشكلنا بعد الثورة نوعا من التنظيم، يتكون من مجلس محلي يمارس الصلاحيات السياسية ومجلس شورى ولجنة اقتصادية وأخرى سياسية وهكذا، أي ما يُشبه دولة صغيرة. واللجنة السياسية مثلا، مكلفة بالإتصال بالمجالس الأخرى. وقد رفضنا في بيانات رسمية، تشكيل أية حكومة قبل التحرير الكامل، واستُجيب فعلا لهذا الطلب، وتم التمديد لأعضاء المكتب التنفيذي.
من مواليد الزنتان وأمضى حياته المهنية في مواقع دبلوماسية عدة في آسيا وإفريقيا وأوروبا قبل أن يتقاعد في 1989.
عمل سفيرا في كل من لبنان وقبرص والسودان ويوغسلافيا السابقة وفنلندا والإتحاد السوفييتي.
شغل منصب نائب رئيس منظمة التضامن الأفروآسيوي ومقرها القاهرة.
طرابلس (رويترز) – قال قائد عسكري كبير ان قوات الحكومة الليبية المؤقتة دخلت الى معقل بني وليد المؤيد لمعمر القذافي يوم الاحد 16 أكتوبر 2011 ورفعت العلم الجديد لليبيا.
وقال العقيد عبد الله ناكر رئيس المجلس الثوري في طرابلس لرويترز ان القوات وصلت الى وسط المدينة ورفعت العلم.
وقال ايضا مقاتلون من لواء يشارك في الهجوم على بني وليد لرويترز انهم دخلوا المدينة.
وتعد بني وليد بالاضافة الى مدينة سرت مسقط رأس القذافي اخر مدينتين في ليبيا تقاومان حكم المجلس الوطني الانتقالي.
وفي سرت خاض مقاتلو الحكومة الليبية معارك يوم الاحد لاخضاع جيوب مقاومة من جانب مقاتلين موالين للقذافي يعرقل رفضهم التخلي عن مسقط رأس الزعيم المخلوع تحرك ليبيا نحو الديمقراطية.
وواصلت قوات المجلس الوطني الانتقالي الحاكم قصف منطقة صغيرة في وسط سرت ولكن لم يحدث تحرك للقوات البرية. وتحاصر ميليشيا المجلس الوطني الانتقالي سرت منذ اسابيع وتضيق الخناق على انصار القذافي في منطقة تبلغ مساحتها نحو كيلومترين. ولا تزال الاعلام الخضراء التي ترمز لحكم القذافي ترفرف فوق المنطقة.
وعبر بعض المقاتلين عن سخطهم من قادتهم العسكريين لعدم اصدار اوامر بالتقدم ولضعف مستوى الاتصال بين الالوية. وقال هشام الدفاني أحد مقاتلي المجلس الوطني الانتقالي لرويترز “لم تصدر اي أوامر رغم اننا نمتلك القوة لطردهم..لانعرف ما الذي يحدث.”
وأدى الفشل في الاستيلاء على سرت وبلدة بني وليد المعقل الاخر المتبقي للقذافي الى تأخير التحول الديمقراطي في ليبيا. ويقول الحكام الجدد للبلاد ان عملية التحول الى الديمقراطية لن تبدا الا بعد السيطرة على سرت.
وقال مراسلون لرويترز ان القتال تواصل ايضا في بني وليد يوم الاحد فيما عرقلت نيران القناصة تقدم قوات المجلس الوطني الانتقالي في المدينة مثلما حدث في سرت.
وأعرب بعض المقاتلين في سرت عن اعتقادهم بأن عدم اصدار اوامر بالتقدم ناجم عن عدم استعداد زعماء المجلس الوطني الانتقالي بعد لوضع خريطة طريق لانتخابات وطنية.
وألقى مقاتلون اخرون باللوم في التأخير على ضعف الاتصال بين الميليشيات المتعددة للمجلس الوطني الانتقالي في سرت. وقال محمد السبتي القائد الميداني للمجلس الوطني الانتقالي “نحن مدنيون ولسنا عسكريين..ليست لدينا خطة محددة.”
وواصل مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي اطلاق النار على منطقة تعرف باسم الحي الثاني واعربوا عن اعتقادهم بان أحد ابناء القذافي وهو المعتصم ربما يكون متحصنا هناك.
وقال القائد عمر ابو ليفة “نعرف ان المعتصم القذافي في الداخل ولهذا السبب يقاتلون حتى اخر قطرة دماء.. نحاصر تلك المنطقة. نأخذ الامر على مهل لاننا نريد الامساك به حيا.”
وقالت بعض مصادر المجلس الوطني الانتقالي لرويترز الاسبوع الماضي ان المعتصم وهو مستشار سابق للامن القومي اعتقل اثناء محاولته الهرب من سرت. لكن المجلس الوطني الانتقالي لم يؤكد او ينف رسميا التقارير.
ويقول ضباط المجلس الوطني الانتقالي ان الموالين للقذافي مستمرون في الصمود لانهم يخشون من التعرض لعمليات انتقامية في حالة استسلامهم. وتقول جماعات حقوقية ان بعض المقاتلين الذين جرى اعتقالهم تعرضوا لانتهاكات.
وقال طبيب يعمل لدى منظمة اطباء بلا حدود في سرت ان ما يقدر بنحو عشرة الاف شخص ما زالوا محاصرين في المدينة التي كان يسكنها نحو 75 الف شخص. ومعظم هؤلاء الاشخاص من النساء والاطفال وبعضهم مريض او مصاب.
ويقول بعض المحللين السياسيين ان الحصار الطويل لسرت وبني وليد يهدد بتقويض المجلس الوطني الانتقالي ويحبط جهوده للسيطرة على البلاد بالكامل.
وأدى الصراع في سرت والذي غالبا ما شابته الفوضى الى مقتل عشرات الاشخاص وتشريد الالاف وتدمير الكثير من المدينة التي كان القذافي يستضيف فيها القادة الاجانب.
وتسلطت الاضواء على الاخطار التي يمثلها الاخفاق في اعتقال القذافي يوم الجمعة 14 أكتوبر عندما اندلع قتال في طرابلس بين قوات المجلس الوطني الانتقالي والموالين للقذافي للمرة الاولى منذ فرار القذافي من المدينة في اغسطس اب.
وأقامت القوات الحكومية المزيد من حواجز الطرق في انحاء المدينة في مطلع الاسبوع ولكن بصفة خاصة داخل وحول منطقة ابو سليم ذات المباني السكنية المتهالكة والتي وقعت فيها الاشتباكات.
وساد الهدوء المنطقة يوم الأحد وسط اجراءات امنية مشددة ولكن على مسافة قريبة بدأت جرافتان تحت حراسة مسلحين هدم الجدران المحيطة بمقر القذافي السابق بالعاصمة الليبية.
عندما بدأت الجرافتان هدم مجمع باب العزيزية كبر رجال مسلحون قائلين ان هذا من أجل دماء الشهداء. وأطلق البعض نيران الاسلحة الالية في الهواء. وقال عصام سراج وهو أحد المسلحين لرويترز “نحن نهدمه لاننا نريد هدم اي شيء يخص القذافي”.
وأوقف المارة سياراتهم وانضموا الى حشد يلوحون بأعلام ليبيا الجديدة. وقال عتمان الذي ذكر أنه مسؤول عن المقاتلين في الموقع “سنستمر الى أن نهدم كل شيء يخص القذافي”. وأضاف “نطالب ببناء منظمة للسلام بدلا من مقر اقامة القذافي”.
وكان المُجمّع الحصين الذي تبلغ مساحته ستة كيلومترات مربعة مقر حكم القذافي واقامته في طرابلس. واستهدفت طائرات حلف شمال الاطلسي مجمع باب العزيزية عدة مرات قبل سقوط طرابلس في أيدي قوات المجلس الوطني الانتقالي في 23 اغسطس الماضي.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 16 أكتوبر 2011)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.