في الجزائر.. إنجازات ومشاريع ضخمة لكن من المستفيد؟
لم يطو العام الجديد في الجزائر أسبوعه الأول حتى اندلعت احتجاجات صاخبة صحبتها أحداث شغب ومواجهات بين شباب غاضب وقوات الأمن بسبب الارتفاع الفاحش والمفاجئ لأسعار المواد الغذائية الأساسية منذ بداية السنة.
وأفادت تقارير صحفية أن عددا من الأحياء في العاصمة الجزائرية وعدد من المدن الداخلية من بينها وهران والجلفة شهدت أحداثا مماثلة، أسفرت في حصيلة أولية عن سقوط جرحى بين المتظاهرين وقوات الأمن وخسائر طالت المحلات التجارية والسيارات فضلا عن أعمال سلب هنا وهناك، وتأتي هذه الأحداث في وقت أعلنت فيه الحكومة عن زيادات مُغرية بلغت 50% لأجور عناصر الشرطة، دون غيرها من الأجور.
كما تأتي الاحتجاجات في وقت أعلنت فيه الحكومة عن برامج تنمية ضخمة بلغت قيمتها 286 مليار دولار للفترة الممتدة من 2010-2014، فضلا عن وجود احتياطي من النقد الأجنبي بلغ 157 مليار دولار أمريكي، وسط اختلاف للآراء في الشارع الجزائري حول الأحداث.
إنجازات هامة.. في ظل صمت تام
وفي الواقع، عرفت الجزائر في السنة المنقضية إنجازات اقتصادية واجتماعية هامة للغاية، صُـرِفت عليها عشرات البلايين (مليارات) من الدولارات، تأثَّـر بها الجزائريون بدون شك، إلا أن تأثير المواطنين فيها كمجتمع، ظل محلّ شكِّ من جانب كثيرٍ من المراقبين، الذين يشيرون إلى أن هذه الإنجازات – ورغم الضخامة التي اتسمت بها – تمَّـت في ظل صَـمت شِـبه تام.
وبالفعل، تمكَّـنت الجزائر من إنجاز الطريق السريع شرق – غرب، الذي يربط الحدود التونسية بنظيرتها المغربية، بطول يُـقدَّر بألف ومائتيْ كيلومتر، صُـرفت عليها مبالغ فاقَـت اثني عشر مليار دولار، دَفعت بالزعيم الليبي معمر القذافي إلى دعوة الشركات العالمية إلى القيام بنفس الأمر في الساحل الليبي المتوسطي. وقد يخدم إنجاز الطريق المغاربي في شطره الجزائري، عملية تَـدافُـع الحكومات المغاربية الأخرى لفعل نفس الشيء.
إلا أن إنجاز الطريق في الجزائر، تمّ من دون إشراك يَـدٍ عاملة جزائرية طيلة الوقت، لدرجة أن شيوخا في العقديْـن السادس والسابع من عمرهما، مثل الحاج البرهومي ابن الساسي، ابن مدينة بوسعادة، جنوب شرق الجزائر، يؤكِّـدون لـ swissinfo.ch أن “طريق الوِحدة الإفريقية الذي أنجزه الرئيس الراحل هواري بومدين، أشدّ أثرا في نفوس الناس، لأن شباب الخِـدمة العسكرية هُـم الذين شاركوا في إنجازه وتحدّثوا إلى عائلاتهم وأبنائهم عن التَّـعب الذي قابلوه والفخر الذي يسكُـن قلوبهم بعد إنجاز الطريق”.
ويقصد الحاج البرهومي في إشارته إلى “طريق الوِحدة الإفريقية”، الطريق الرابطة بين شمال الجزائر وأقصى جنوبها إلى غاية الحدود المالية – النيجيرية. وكان هدف الرئيس الراحل بومدين منه، وصل منطقة الساحل الإفريقي بالبحر المتوسط. وحسبما فقد رسخ إنجاز هذه الطريق في الذاكرة الجماعية للجزائريين، على خِـلاف الطريق الذي أنجزه بوتفليقة.
إنجازات بعيدة عن الحس الجماعي
ويبدو أن هذه الحالة النفسية، تنسحِـب على إنجاز مئات المدارس ومثلها من الثانويات والمقاعد المدرسية والجامعية، كلها موجودة ويستعملها الناس، إلا أنها بعيدة عن الحِـسّ الجماعي مثلما يعبِّـر عن ذلك عمر أميني، الخبير الاقتصادي بالقول: “تتم الإنجازات بشكل يُـبعِـدها عن قيمتها الحقيقية، لابدّ أن يحترمها الناس بأن تكون جزءا منهم. أما هكذا، فإن الصيني والياباني والسريلانكي، لا يمكن أن يشكِّـلوا الروح الجماعية للجزائريين”.
غير أن التلفزيون العمومي الجزائري، وقبل نهاية العام بشهر ونصف، قرّر بثّ موضوع يردُّ به على الخائِـضين في موضوع من هذا القبيل بالتشديد على فِـكرة أساسية تزعم أن “اليد العاملة الجزائرية غيْـر مؤهلة، وليس هناك مجال للعاطفة في القضايا الإقتصادية والمالية”، وقام التلفزيون الجزائري بعرض رجل الأعمال تِـلو الآخر، وهم يشتَـكون من “سوء تكوين الجزائريين وعدم قدرتهم على العمل” في مشاريع مختلفة.
وفي وقت لاحق، أعلنت الحكومة عن طريق التلفزيون، عن إطلاق مشاريع تربوية ضخْـمة للتكوين المهني، الهدف منها، تأكيد وِجهة نظر الدولة حول سوء تكوين الجزائريين من جهة، ولقطْـع الطريق على ناقديها، من جهة أخرى.
2010: عام القاعدة والمخدرات والتهريب والعنف
على صعيد آخر، كان عام 2010، عام الرّبط بين المخدِّرات والتهريب والجماعات المسلحة والعنف في الصحراء الكبرى، على الحدود ما بين الجزائر ومالي والنيجر وموريتانيا، على أن هذا الرّبط قد زاد من حدّة ارتباط اسم الجزائر بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، الذي سلَّـم قائده عبد المالك دروكدال – حسبما يبدو – مفاتيح الحل الأمني إلى أسامة بن لادن، بعد خطْـف ثمانية فرنسيين في النيجر.
ومباشرة بعد هذا الإعلان وفي أعقاب تسريبات أخرى نشرها موقع ويكيليكس عن ارتباط الجزائر بعلاقات أمنية مع الولايات المتحدة الأمريكية (ومن تفاصيل هذه العلاقة، طائرات تجسُّـس أمريكية تسيح في الأجواء الجزائرية كما تشاء)، قرّرت السلطات الأمنية العليا في الجزائر، القيام بهجوم هائل ضدّ معاقل تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي بولايات بومرداس وتيزي وزو وبجاية، بمنطقة القبائل.
أما الغاية المُـعلَـنة من الهجوم، فهي القضاء نهائيا على التنظيم وتواجُـده في جهة تعجّ بالغرائب. فمنطقة القبائل الجزائرية، قد تكون الوحيدة في العالم، التي تشهد تحرّك مسلَّـحي القاعدة والإنجيليين الأمريكيين والأوروبيين في مكان واحد، دون أن يُـؤذي أحدهم الآخـر. والواضح، أن هذه المسألة من “الطابوهات” (أي المحرمات) التي لا يريد أهل المنطقة (ولا الطبقة السياسية عموما) الخوْض فيها، لسبب أو لآخر. والظاهر، أن الحكومة على عِـلم بهذا الأمر، وهي على معرفة أيضا بأن سيِّـد الأمر في منطقة القبائل، إنما هي القيادات السياسية والوجوه المعروفة. أما الوافدون والغرباء فليسوا سوى “أسلحة وضيوف في نفس الوقت”، بالإمكان رميهم أو شكرهم على الزيارة في أي لحظة.
لذا، يرى الكثير من المراقبين، أن مسألة الفوز على تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، وبخاصة في منطقة القبائل الشمالية، إنما هو مرهون بمدى تعاون المواطنين مع الجيش، عِـلما أن هذا الأمر غير متوفّـر في المناطق الصحراوية، حيث ينشط التنظيم، وقد اشتكى العديد من المنتسبين إلى مصالح الأمن الجزائرية، من التعاون الكبير ما بين بعض سكان الصحراء العرب والبربر مع تنظيم القاعدة، وهو أمر يحدث – حسب مزاعمهم – عن “قناعة إيديولوجية واضحة”.
موافقة تاريخية
يبقى أن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، وقبل نهاية العام المنقضي، أعطى موافقة تاريخية للحكومة الألمانية للبدء في دراسة مشروع ديزيرتك Desertec، الذي يقضي بأن تخصّـص الجزائر ما يقرب من 10% من أراضيها الداخلية الواقعة شمال الصحراء الكبرى، لنصب مئات الملايين من الألواح الشمسية، التي ستوفر 15% من الطاقة الكهربائية التي يحتاجها القسم الغربي من أوروبا.
ويرى الإعلامي الجزائري فؤاد سبوتة، أن هذا المشروع في حال تحققه أن “يضمن، بالإضافة إلى المداخيل المالية الضخمة، صكّـا أمنيا على بياض للجزائر، يجعل أوروبا، أكثر الناس سهَـرا على أمن الجزائر، كي لا تنام هي في الظلام إن حدث مكروه، كما أن الجزائر ستنال موقع الشريك الإستراتيجي لدول أوروبية كثيرة، كما هو الحال للمملكة العربية السعودية في منطقة الخليج العربي”.
وبالرغم من وضوح فوائد المشروع على المدى المتوسط والبعيد، إلا أن سعيد سعدي، زعيم التجمّـع من أجل الثقافة والديمقراطية، انتقد الرئيس الجزائري على موافقته المبدئية، وقال في تصريحات نقلتها عنه الصحافة الجزائرية: “لابد من فتح نقاش في الموضوع الذي قد يكون أفضل، لو اقترن بمخططات الاتحاد من أجل المتوسط”. ومعلوم أن سعيد سعدي مقرب جدا من فرنسا، التي لا زالت تحتفِـظ بنفوذ إستراتيجي كبير في الجزائر، عبْـر مئات المؤيِّـدين لها في مفاصل أجهزة الحُـكم ممّـن يحملون الجنسيتيْـن، الجزائرية والفرنسية.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تقحم فيها باريس نفسها للحؤول دون تقارب جزائري مع دولة غيْـر فرنسا، وخاصة ألمانيا. ففي عام 1984 من القرن الماضي، أفسَـد الرئيس الراحل فرانسوا ميتران مشروعا جزائريا – ألمانيا لإيصال الغاز الجزائري إلى حوض الرور الألماني، ويقول خبراء إنه لو تم إنجاز المشروع في ذلك الوقت، لحلّـت الجزائر مكان روسيا والنرويج كشريك إستراتيجي ثابت القيمة والإحترام للعملاق الألماني.
بدأت هيئة وطنية جزائرية للتصدي للفساد عملها الاربعاء 5 يناير 2011 وذلك بعد اربع سنوات من صدور قانون استحداثها وتجاوز صعوبات واجهت تشكيلها، حسبما افادت الصحف الجزائرية.
وكان اعضاء “الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته” ادوا اليمين القانونية الثلاثاء 4 يناير بمجلس قضاء العاصمة الجزائرية وذلك طبقا للمرسوم الرئاسي الصادر في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2006 والذي حدد تشكيلة الهيئة.
واشارت الصحف الجزائرية الاربعاء الى ان الهيئة بدأت العمل الفعلي بعد تخطي رئيسها الصعوبات التي واجهته خصوصا في ايجاد “سبعة اشخاص تتوفر فيهم النزاهة”.
ونقلت وسائل الاعلام الجزائرية عن رئيس الهيئة ابراهيم بوزبوجن تعهده بان “يرصد ممارسات الرشوة والفساد بكل صرامة وبدون تهاون ولا تهويل” مشيرا الى انه يعمل” تحت الاشراف المباشر لرئيس الجمهورية”.
وتتشكل” الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته” من رئيسها وستة اعضاء من بينهم سفير سابق وعقيد سابق في قوات الدرك الوطني.
ووفقا للقانون الذي استحدثها فان الهيئة “تتمتع بالاستقلال المالي والاداري وتتولى مهام التحري في قضايا الفساد بالاستعانة بالنيابة العامة كما تتلقى التصريحات بالممتلكات الخاصة بالموظفين العموميين بصفة دورية”.
واحتلت الجزائر المرتبة 111 مع مصر وجيبوتي ب 2,8 نقطة في ترتيب سنة 2009 لمنظمة الشفافية الدولية متراجعة ب 19 مرتبة عن تصنيف 2008 حيث احتلت المرتبة 92 وفقا للتقرير الخاص بانتشار الرشوة في العالم المنشور على الموقع الالكتروني للمنظمة.
(المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية أ ف ب بتاريخ 5 يناير 2011)
الجزائر (رويترز) – قال يوسف يوسفي، وزير الطاقة والمناجم الجزائري، يوم الاثنين 3 يناير 2011، إن شركات الطاقة الأجنبية جنت حوالي 3.34 مليار دولار من أنشطتها في الجزائر في 2010، أي ما يعادل 6% من إجمالي إيرادات قطاع الطاقة.
وقال يوسفي، إن إيرادات الجزائر من مبيعات النفط والغاز الخارجية، بلغت 55.7 مليار دولار العام الماضي، منخفضة قليلا عما توقعته شركة سوناتراك الحكومية منذ أسبوع، بإيرادات تبلغ 57 مليار دولار.
وبلغت إيرادات سوناتراك، أكبر شركة في إفريقيا من حيث الإيرادات، 43 مليار دولار في 2009.
وأضاف اليوسفي في حديث إذاعي أن إيرادات مبيعات النفط والغاز الخارجية في 2010، جاءت مرتفعة 25% عن 2009. وتابع أن الشركات الأجنبية ساهمت بنحو 50% من إنتاج النفط ولم يتجاوز نصيبها من إجمالي الإيرادات 6%.
وبي.بي وأميرادا هيس وشتات أويل وأناداركو بتروليوم كورب وريبسول وتوتال، هي الشركات الأجنبية الرئيسية التي تعمل في التنقيب عن النفط والغاز وإنتاجهما في الجزائر.
وتشير بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إلى أن الجزائر، العضو في منظمة أوبك، تحوز ثالث أكبر احتياطيات نفطية في إفريقيا وتحتل المركز السادس كأكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 3 يناير 2011)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.