كالمي – ري في نيويورك: “الأسلحة النووية منافية للأخلاق”
طالب الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون في مستهل أشغال مؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار النووي يوم الاثنين 3 مايو 2010 في نيويورك، ببذل مزيد من الجهد لنزع الأسلحة النووية. وقال: "إذا لم تبد الدول النووية أي استعداد لنزع أسلحتها فإن ذلك سيشكل خطوة إلى الوراء".
عمل تدخل الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، المنتقد بشدة للولايات المتحدة الأمريكية على إحداث أزمة دبلوماسية ، انسحب على إثرها وفد الولايات المتحدة الأمريكية ووفود عدد من الدول الأوربية.
وقد وصفت وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي – ري الأسلحة النووية على أنها ” غير قابلة للاستعمال، وغير أخلاقية، ومخالفة للقانون”. وقالت: “إن سويسرا تأمل في أن يستغل مؤتمر المراجعة الفرصة من أجل إطلاق برنامج عمل لمعالجة موضوع نزع الأسلحة النووية بشكل عملي وموضوعي”.
وسيستمر مؤتمر الدول الـ 189 الأعضاء في اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية حتى 28 مايو الجاري. ويتم تنظيم مؤتمرا للمراجعة كل خمس سنوات منذ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ في عام 1970.
ويتمثل الهدف من هذه الاتفاقية في وقف انتشار الأسلحة النووية كما تطالب القوى النووية بالشروع في وضع برنامج لنزع أسلحتها. وترتكز اتفاقية منع الانتشار النووي على ثلاثة دعائم تشمل حظر انتشار الأسلحة النووية، وإلزام الدول النووية بنزع أسلحتها، وإعطاء ضمانات لجميع الدول الموقعة على الإتفاقية بحرية الإستخدام السلمي للطاقة الذرية.
الحد من الأسلحة النووية.. وزيادة الاستخدام السلمي للطاقة الذرية
وقد طالب الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون، بالتخفيض من الأسلحة النووية، وزيادة الاستخدام السلمي للطاقة الذرية. وقال: “على العالم أن يتحرر نهائيا من مخاطر الأسلحة النووية، وأن يتم في نفس الوقت دعم وتطوير الأبحاث في مجال الاستخدام السلمي للطاقة الذرية لجعل الطاقة النووية تصبح أكثر أمانا واكثر تقدما”. وكان الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة قد صرح حتى قبل بداية أشغال مؤتمر المراجعة بأن “مستقبل الكرة الأرضية لا يترك لنا أي خيار غير خيار نزع الأسلحة النووية”.
وقد وجه الأمين العام نداءا في خطابه لكل الدول التي لم توقع على اتفاقية منع الإنتشار النووي لكي “تقوم بذلك على وجه السرعة” لمنع انتشار مواد خطيرة مؤكدا على أنه “يجب الحيلولة دون وقوع تلك المواد بين أيدي قوى غير حكومية أو بين أيدي إرهابيين”.
وهذا النداء الذي أطلقه بان كي مون موجه بالدرجة الأولى إلى كل من إسرائيل والهند وباكستان وكوريا الشمالية. فإسرائيل وباكستان والهند لم توقع ابدا على اتفاقية الحد من الانتشار النووي، وتملك حسب كل التقديرات أسلحة نووية. أما كوريا الشمالية فقد انسحبت من اتفاقية منع الإنتشار النووي في عام 2003 وفجرت لأول مرة في عام 2006 قنبلة نووية لأغراض تجريبية.
كما طالب بان كي مون القيادة الإيرانية بوضع حد للشكوك التي تحوم حول برنامجها النووي. وناشد إيران بالالتزام بكل قرارات مجلس الأمن الدولي.
وتتهم الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية إيران بالعمل على تخصيب اليورانيوم من أجل انتاج أسلحة نووية. وقد كذبت القيادة في طهران هذه الإنتقادات بقوة وشددت على أن برنامجها النووي “لا يهدف إلا لأغراض سلمية”.
“غير قابلة للإستعمال ولاأخلاقية وغير شرعية”
وفي خطابها في الجلسة العامة للمؤتمر، وصفت وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي – ري الأسلحة النووية بأنها “غير قابلة للاستخدام، ولا أخلاقية، وغير شرعية”.
وكان من المفروض أن يعمل اتفاق “ستارت” الذي وقعته الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا في 8 أبريل 2010، وكذلك المنهج الذي اختارته الدولتان في المجال النووي، واجتماعات القمة التي نظمها البلدان بخصوص الأمن النووي في واشنطن، على خلق ديناميكية في المجال النووي، ولكن التأثيرات العملية لذلك بقيت متواضعة من وجهة النظر السويسرية.
وحتى في النهج الجديد الذي اعتمدته الإستراتجية العسكرية للقوتين النوويتين العظميين لا تُوجد هناك مراجعة جذرية بخصوص امتلاك الأسلحة النووية. فهاتين القوتين لا زالتا تملكان رؤوسا نووية متعددة، يمكن تجهيزها في بضعة دقائق، والتي تضاف لها آلاف الأسلحة المخزنة.
أسلحة إبادة…
وقالت وزيرة الخارجية السويسرية أيضا: “إن استمرار وجود نظم دفاع مرتكزة على أسلحة نووية، لا يعني شيئا آخر غير التلاعب بمستقبل البشرية”. إذ ترى ميشلين كالمي – ري أن الأسلحة النووية “ليست فقط أسلحة دمار شامل بل أسلحة إبادة، لأنها تقضي على نطاق واسع وبدون تمييز على البشر والطبيعة “، وهي بذلك تعتبر “لا أخلاقية وغير شرعية، وتعمل على انتهاك أسس القانون الإنساني الدولي”.
وشددت الوزيرة على أن سويسرا “تنتظر من هذا المؤتمر بيانا ختاميا، يعمل على تحقيق تقدم ملموس في مجال نزع السلام النووي بطريقة عملية وتدريجية ومنطقية”.
وكالة الطاقة الدولية والاستخدام المدني
في سياق متصل، ترى سويسرا أن هناك حاجة للتحرك ايضا فيما يتعلق بالركنيين الآخرين من الاتفاقية حيث يتطلب الأمر تعزيز دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية لكي تكون قادرة على القيام بدور الرقابة في مجال الانتشار النووي. أما فيما يتعلق بالاستخدام المدني للطاقة الذرية لأغراض مدنية فيجب التمسك بحق الدول غير النووية في استخدام هذا النوع من الطاقة، واحترام الالتزامات المرتبطة بذلك بطريقة لا تدعو للتشكيك.
كما أن لسويسرا نظرة تتعدى ذلك، خصوصا في مجال نزع السلاح. وبالنظر الى أن حربا نووية قد تهدد الإنسانية بأكملها، ترغب الكنفدرالية في أن تُوضع الإهتمامات الإنسانية في مقدمة أي نقاش يثار بخصوص نزع السلاح النووي.
وفي هذا السياق، أعلنت ميشلين كالمي – ري أن سويسرا ستقوم على هامش المؤتمر الحالي على نشر نتائج دراسة أمرت بإعدادها، تهدف الى “نزع الشرعية على امتلاك الأسلحة النووية”.
ريتا إيمش – نيويورك – swissinfo.ch
(ترجمه من الألمانية وعالجه: محمد شريف)
تم التوقيع عل اتفاقية منع الانتشار النووي في عام 1968 ودخلت حيز التنفيذ في عام 1970.
في عام 1995 تم تمديد صلاحية الاتفاقية بدون تحديد زمني، وتتم كل 5 سنوات مراجعة كيفية تطبيق بنود الاتفاقية.
انضمت للاتفاقية لحد اليوم 189 دولة ، من ضمنها القوى النووية الرسمية أي الولايات المتحدة الأمريكية ، وروسيا ، والصين ، وبريطانيا ، وفرنسا.
تمنع الاتفاقية على القوى النووية الخمس تسليم أسلحة نووية لدول أخرى . كما أن الدول غير النووية التي وقعت على اتفاقية منع الانتشار النووي يُحظر عليها شراء او امتلاك او تطوير او إنتاج أسلحة نووية.
لكن بإمكان الدول غير النووية تطوير الاستخدام المدني للطاقة النووية بما في ذلك تخصيب اليورانيوم.
ومن مهام مراقبي الوكالة الدولية للطاقة التي مقرها في فيينا، العمل على منع سوء استخدام البرامج النووية المدنية لأغراض عسكرية.
وقد اثارت كوريا الشمالية أزمة في السنوات الأخيرة عندما انسحبت من اتفاقية منع الانتشار النووي في عام 2003 ، وقامت في عام 2006 بتفجير قنبلة نووية تجريبية. كما أن هناك جدلا بخصوص البرنامج النووي الإيراني ، إذ يتم التشكيك في رغبة طهران في أنتاج أسلحة نووية.
وهناك ايضا دول طورت أسلحة نووية ولم تنظم لاتفاقية منع الانتشار النووي وهي باكستان والهند وإسرائيل.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.