“74% من الإحتجاجات بمصر ذات طابع اقتصادي واجتماعي”
أصدرت مؤسسة "مؤشر الديمقراطية"، ومجموعة "المؤشر" للدراسات البحثية في القاهرة تقريرًا موثقا توصلت من خلال نتائجه إلى أن الربع الأول من عام 2016، شهد تنفيذ المصريين 733 احتجاجًا، بمعدل 245 احتجاجًا في الشهر، و6 احتجاجات يومية، مشيرة إلى أن هذا "يعكس استمرار وتيرة الإحتجاجات على منوال واحد، منذ الربع الأخير من عام 2015، والذي شهد 730 احتجاجًا، بمتوسط 244 احتجاجًا في الشهر".
وقال “مؤشر الديمقراطية”، في تقرير رصد الحراك الإحتجاجي، إن المحتجين خرجوا في 542 احتجاجًا، للمناداة بمطالب اقتصادية واجتماعية، بشكل جعلها تتصدر المشهد الإحتجاجي، بنسبة 74% من جملة الإحتجاجات، في حين بلغت الإحتجاجات المطالبة بالحقوق المدنية والسياسية 191 احتجاجًا فقط، بنسبة 26% من أسباب الإحتجاجات، خلال فترة الدراسة”.
72 عمل بحثي منذ يناير 2013
وعن أهم وأبرز الدراسات والأبحاث التي أنجزتها المؤسسة؛ أوضح محمد عادل زكي، رئيس تحرير “المؤشر”، والباحث في الشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان، أن مؤسسة مؤشر الديمقراطية أصدرت 72 عمل بحثي، منذ يناير 2013، وحتى أبريل 2016، تناولت بالرصد والتحليل: الحراك الإحتجاجي بشكل عام، والحراك الطلابي، والحراك العمالي.
وقال زكي، أمين عام مؤسسة “مؤشر الديمقراطية”، في تصريحات خاصة لـ”swissinfo.ch“: “فبالنسبة لمؤشر حرية التنظيم، رصد المؤشر كافة التحركات الإحتجاجية التي نفذتها كافة قطاعات المجتمع، ومن أهم التقارير التي أصدرها في هذا الصدد (مطالب شعبرابط خارجي: وهو دراسة حول أولويات المواطنين، وأهم مطالبهم وفق رصد وتوثيق حوالي 15000 احتجاج، كذلك تقرير الحراك الإحتجاجي خلال العام 2015رابط خارجي“.
وأضاف: كما رصد المؤشر الحراك الإحتجاجي للطلاب في المدارس والجامعات، وأصدر عنها (مؤشر الحراك الطلابي خلال العام الدراسي 2014-2015رابط خارجي)، وكذا فيما يخص الحراك العمالي، حيث يرصد حراك ومشكلات القوى العاملة، من أجل حقوق العمل، وأصدر مؤشر الحراك العمالي خلال 2015رابط خارجي؛ كما اهتم مؤشر الأداء التشريعي برصد وتوثيق الآداء التشريعي والرقابي داخل البرلمان المصري، وأصدر مؤشر الأداء التشريعي مايو 2013.رابط خارجي
وتابع “زكي”، أما مؤشر أداء السلطة التنفيذية، فقد اهتم برصد مدى توافق الأداء الحكومي مع مطالب المواطنين وخطط التنمية، وأصدر مؤشر الأداء الرئاسي خلال العام الأول للرئيس محمد مرسيرابط خارجي. فيما اهتم مؤشر الإصلاح الإنتخابي، بمراقبة الانتخابات والإستفتاء، وأصدر تقريرًا بعنوان: استفتاء 2014.رابط خارجي كما أصدر مؤشر العنف والإرهاب السياسي، تقريرًا بعنوان: مؤشر العنف والإرهاب السياسي خلال 2015.رابط خارجي فيما اهتم مؤشر التوعية، بإصدار عدة ملفات للتوعية بموضوعات تتعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان، لرفع وعي المواطنين بهذه الموضوعات الهامة.
تعريف موجز بمؤسسة “مؤشر الديمقراطية”
هي مؤسسة مصرية (غير حكومية)، مشهرة برقم 3688 لسنة 2010، متخصصة في رصد وتحليل الحراك الاحتجاجي في مصر، من خلال متابعة أداء السلطتين التشريعية والتنفيذية.
أصدرت أكثر من 60 تقريرًا دوريًا منذ انتظام إصداره فى يناير 2013 وحتى اليوم.
المؤسسة هي نتاج اندماج، بين مبادرة “مؤشر الديمقراطية”، التي انطلقت في يناير 2013، وبين “المؤسسة الإفريقية للتربية المدنية وحقوق الإنسان”، المُشهرة في عام 2010.
نجح الاندماج في تغيير اسم المؤسسة الأفريقية، لتصبح مؤسسة مؤشر الديمقراطية، المتخصصة في العمل البحثي والتوعوي، في الموضوعات والقضايا المتعلقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان، يديرها مجلس إدارة شاب ومتخصص.
تطمح المؤسسة في تحقيق عملية التحول الديمقراطي السلمي في مصر، من خلال دعم ثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان، مستخدمة العديد من الأساليب والتقنيات الحديثة، المبنية بالأساس على البحث العلمي، والرصد الميداني الدقيق، لمشكلات المواطن، وعثرات التحول الديمقراطي في مصر والشرق الأوسط.
تعمل المؤسسة على تحقيق رسالتها، من خلال العديد من الأنشطة، من أهمها: مرصد مؤشر الديمقراطية، التدريب، المؤتمرات، إنتاج الأفلام التوعوية، تقديم خدمات الدعم القانوني، خدمات الدعم النفسي، المؤتمرات الصحفية والبيانات الإعلامية واللقاءات والأعمال الإعلامية المشتركة، برتوكولات التعاون المشترك بين كافة المؤسسات المدنية.
تؤمن المؤسسة، بأن الشباب والنساء هم العنصرين الأقدر على المشاركة، مع باقي عناصر المجتمع، على قيادة عملية تحول ديمقراطي ناجح، وقيادة هذا التحول إلى الإستمرار.
92% من مظاهر الإحتجاج “سلمية”
رغم قيام الثورة في مصر، وانتخاب برلمان جديد، وعودة المؤسسات الدستورية للعمل، يتساءل البعض عن الأسباب التي تدفع البعض للإحتجاج خارج الأطر القانونية؟ يُجيب رئيس تحرير مؤشر الديمقراطية أنه “وفق إحصائيات المؤشر فإن 92% من مظاهر الإحتجاج سلمية، وفق تعريف القانون الدولي/ العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والذي وقعت وصادقت عليه مصر، لكن القانون المصري يشترط لأي احتجاج الحصول على موافقة أمنية”؛ معتبرًا أن “هناك فجوة بين رؤية المواثيق الدولية المنظمة لحقوق الإنسان، ورؤية التشريعات والدولة المصرية لمدى سلمية أو قانونية الوسائل الإحتجاجية”.
في السياق نفسه، يُضيف زكي قائلاً: أما الشق الثاني، الخاص بدوافع المواطنين لتنظيم 8% من احتجاجاتهم بانتهاج وسائل عنف، فإن 5% من الـ 8%، خرجت لأسباب ملحة وجوهرية، كتشريد العمال، أو انتشار الأمراض، وسوء الخدمات، ..إلخ”؛ مستدركًا بقوله: “لكن هناك أيضًا نوع من العنف الإحتجاجي، الذي يمارسه الخصوم السياسيين للدولة، مثل جماعة الإخوان، غير أن هذا العنف تناقص بشكل ملموس خلال الأشهر الستة الأخيرة”.
تضييق وملاحقات.. لكننا مستمرون!
سؤال آخر يفرض نفسه: كيف تتعامل السلطة مع المؤسسة؟ وهل تضيّق عليها، أم أن القائمين على المؤشر يحرصون على عدم تجاوز “السقف المسموح به”؟؛ هنا أوضح أمين عام “مؤشر الديمقراطية”، أن المؤسسة واجهت في بداية عملها العديد من العراقيل، في التعامل مع الدولة، مما أسفر عن وقف مشروعات المركز، وبعد التأسيس واجهنا إعاقات من وزارة التضامن الإجتماعي، مما اضطرنا لتأسيس مركز آخر تحت مسمى “مجموعة المؤشر للدراسات البحثية والإستشارات”، للعمل كمؤسسة بحثية خارج وصاية التضامن الإجتماعي”.
واختتم “زكي”، بالإشارة إلى أن “المؤسسة تعاني كمثيلاتها من منظمات المجتمع المدني من التضييق، منذ بداية عملها، لكنها لم تتوقف، بل إنها قادرة على الإستمرار في العمل، بشكل طوعي، ولديها من الإستراتيجيات الوقائية التي تحميها من التضييق والملاحقة القضائية، وهو سبب استمرارية المؤشر منذ صدوره في عام 2009، تحت مسمي “حالة الديمقراطية”، وحتى اللحظة الراهنة، ومرورًا بكافة الأنظمة المصرية، التي وقف المؤشر في وجه انتهاكاتها”.
74% من الإحتجاجات غير سياسية
من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي أحمد طه، أن مؤسسة مؤشر الديمقراطية تُعنى بمتابعة حالة التحوّل الديمقراطي من خلال رصد وتحليل أداء السلطتيْن التشريعية والتنفيذية فيما يتعلّق بقضايا الحقوق السياسية والإقتصادية والإجتماعية وما يتعلّق بملفات الحراك السياسي وتفاعل القوى السياسية وأداء مؤسسات المجتمع المدني وما تحظى به من حرية العمل والحركة. ويقول “طه”، الباحث المهتم بملف الديمقراطية في مصر، لـ”swissinfo.ch“: “ما يستحق الانتباه في تقرير المؤسسة الأخير عن حالة الحراك الإحتجاجي في مصر، هو غلبة الإحتجاجات ذات المطالب الإقتصادية والإجتماعية على نظيرتها ذات المطالب السياسية، إذ بلغت الأولى 74%، في حين بلغت الثانية 26%”.
أحمد طه عزا هذا إلى “عدم طروء تغيير يُذكر على المنظومة النيوليبرالية القديمة، وفشل الثورة في إحداث تغيير جذري في البنية الإقتصادية القديمة، إلى جانب تعثّر المسار السياسي الحالي، ومصادرة السلطة الحالية وإغلاقها المجال العام، لاسيما شقّه السياسي؛ حيث بات العمل السياسي خطراً يُعَرِّضُ صاحبَه للعديد من المتاعب، وهو ما انعكس على علاقة السلطة بمؤسسات المجتمع المدني، خاصة المنظمات الحقوقية، التي تعرّض عددٌ منها للتضييق والإغلاق”.
هناك حالة من عدم اليقين، وفقدان الإيمان بالقدرة على التأثير من خلال الأطر الرسمية والقانونية، فتم اللجوء لأساليب أخرى هاني سليمان قربة، سكرتير تحرير مجلة “آفاق سياسية”
“تقرير دقيق وموثق وحيادي”
من ناحيته؛ اعتبر هاني سليمان قربة، كبير الباحثين بالمركز العربي للبحوث والدراسات وسكرتير تحرير مجلة “آفاق سياسية” في تصريحات لـ”swissinfo.ch” أن أهم ما يتميّز به تقرير “تصاعد الحراك الإحتجاجي بمصر ” يتمثل في “الموضوعية، والشفافية، إضافة إلى دقة التصنيف والرصد والتحليل، خاصة فيما يتعلق بخريطة الإحتجاجات، والفئات المحتجة، وأسباب الإحتجاجات، فضلاً عن تقسيم المطالب إلى سياسية واجتماعية واقتصادية، وهو تقسيم يعكس الوضع على الأرض”، ولم يتردد في وصفه بأنه “تقرير دقيق وموثق وحيادي”، على حد قوله.
إضافة إلى ذلك، اعتبر كبير الباحثين بالمركز العربي للبحوث والدراسات، الذي أنجز في الفترة السابقة بعض الكتب والبحوث، من بينها “تنظيم داعش: قراءة في بنية التنظيم”، و “مستقبل حركات الإسلام السياسي في الوطن العربي (أعمال مؤتمر)” أن “هناك فجوة بين مؤسسات الدولة، التي أتت لتعبّر عنها، لا عن الشعب، كما أن البرلمان كسلطة تشريعية رقابية أتى من داخل كتلة التأييد الصلبة للدولة، بحيث تم إقصاء الآراء المخالفة (المزعجة) ابتداءً”؛ مشيرًا إلى أن “هناك حالة من عدم اليقين، وفقدان الإيمان بالقدرة على التأثير من خلال الأطر الرسمية والقانونية، فتم اللجوء لأساليب أخرى”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.