مجموعة الدول المؤثرة في الملف الليبي تتبنى خارطة طريق “المجلس الإنتقالي”
بعد مشاورات أحيطت بتكتم شديد طيلة الأسابيع الأخيرة، تبنت مجموعة التنسيق الدولية حول ليبيا خارطة طريق عرضها "المجلس الوطني الإنتقالي" الذي يُعتبر في مثابة حكومة الثوار.
وأكدت مصادر مطلعة لـ swissinfo.ch أن التطورات في ليبيا وآفاق المرحلة الإنتقالية كانت في قلب أعمال قمة الثمانية التي أنهت أعمالها يوم الجمعة 27 مايو 2011 في مدينة دوفيل الفرنسية، وأن الدول التي بيدها مفتاح هذا الملف، وخاصة فرنسا وقطر وإيطاليا وبريطانيا، وافقت على تبني الخطة التي تقدم بها “الإنتقالي” لإدارة الأوضاع بعد تنحية العقيد معمر القذافي.
وقال الناشط الليبي القريب من “الإنتقالي” نزار كعوان إن لجنة الإتصال الدولية حول ليبيا طلبت منا في اجتماعيها في روما ثم الدوحة تقديم تصور مفصل عن مراحل الفترة الإنتقالية بعد التخلص من نظام القذافي. وأكد لـswissinfo.ch أن العواصم الغربية كانت حريصة على معرفة مشاريع “المجلس الوطني الإنتقالي” كي تطمئن على حقيقة الأوضاع، خصوصا في ظل الإشاعات المتكررة التي بثتها أجهزة دعاية القذافي في شأن الإنتشار المزعوم لجماعات متشددة في المناطق المحررة شرق البلاد.
خارطة النقاط السبع
وحصلت swissinfo.ch على خارطة الطريق التي عرضها “المجلس الوطني الإنتقالي” على العواصم الدولية المعنية، والتي أعاد طرحها على قمة الثمانية بعد إدخال تعديلات طفيفة عليها. وجاء في الوثيقة التي ننشر هنا نصها الكامل، أنها ترمي إلى “إيضاح الخطوات التي سيتم اتخاذها بشكل متسلسل وترتيب منطقي” بعد دخول وقف اطلاق النار الكامل حيز التنفيذ الفعلي، وحتى تشكيل حكومة منتخبة”.
يُذكر أن أمين اللجنة الشعبية العامة (رئيس وزراء معمر القذافي) البغدادي المحمودي أعلن أمس قبول مبدإ وقف إطلاق نار متزامن بين الثوار وكتائب القذافي، ومباشرة مفاوضات مع “المجلس الوطني الإنتقالي”، للمرة الأولى، إلا أن المجلس ازدرى العرض.
وبموجب خارطة الطريق ستكون الخطوة الأولى بعد الإطاحة بالقذافي هي إعلان حكومة تصريف أعمال خلال يومين من وقف اطلاق النار الكامل وانسحاب قوات نظام القذافي من المدن المحتلة والمحاصرة، وايصال كل انواع المساعدات الانسانية الى هذه المدن. وعلمت swissinfo.ch أن هذه النقطة أثارت جدلا داخل المجلس وكذلك بينه وبين بعض القوى السياسية خارجه، التي عارضت التعامل مع عناصر النظام، قبل أن يتحقق توافق على تركيبة هذه الحكومة المؤقتة.
وأفاد محمود عبد العزيز الورفلي القريب من العضو البارز في المجلس محمود جبريل أن اتفاقا حصل على ضرورة وجود عناصر من التكنوقراط الذين عملوا مع نظام القذافي في حكومة تصريف الأعمال بحكم معرفتهم الدقيقة بالأوضاع. واستدرك مؤكدا لـ swissinfo.ch أن المجلس يشترط لدى اختيار تلك العناصر ألا تكون أياديها ملوثة بالمال الحرام أو بالدم الليبيين.
ومضى الورفلي شارحا “خذ مثلا الملف المالي، كيف سنعرف أين وُضعت أموال ليبيا وكم هي أحجامها وأين ذهب كل مليم، ما لم تكن معنا عناصر مطلعة تماما على هذه الملفات؟”، لكنه أضاف “المهم أن يكون هؤلاء نظيفي الأيادي، أما العمل مع النظام سابقا فكثير من أعضاء “الإنتقالي” أنفسهم بمن فيهم رئيسه (وزير العدل السابق مصطفى عبد الجليل) كانوا يعملون مع النظام”.
منع الفلتان الأمني
من جهة أخرى، ركزت خارطة الطريق التي قدمها المجلس على أن المهمة الأولى الموكولة للحكومة المؤقتة ستكون “الحفاظ على الأمن والنظام ومنع الفوضى التي قد تلي سقوط النظام”. وفي هذا السياق، اقترح المجلس أن تتشكل الحكومة المؤقتة من بعض الشخصيات التي يختارها المجلس الوطني الانتقالي، وثلاث شخصيات من التكنوقراط من النظام السابق، وثلاث شخصيات عسكرية من الرتب العالية لم يُعرف عنها المشاركة في قمع الانتفاضة، وثلاث شخصيات أمنية لم يُعرف عنها مشاركتها في قمع او تعذيب الليبيين، بالإضافة لقاضٍ من المحكمة العليا، زيادة على بعض الشخصيات (التي لم تُحدد الخارطة عددها) من المجتمع المدني و”القيادات الإجتماعية يكون من بينها شخصيات دينية ذات قبول”.
وبناء على هذه الخارطة سيدعو “المجلس الوطني الإنتقالي” الى عقد مؤتمر وطني موسع خلال أسبوعين من سقوط النظام، على أن يضم هذا المؤتمر ممثلين عن جميع المدن الليبية، مع تحديد نسب التمثيل طبقاً لحجم عدد السكان النسبي لكل مدينة. واستطرادا، سيذوب “المجلس الوطني الانتقالي” في المؤتمر الوطني بمجرد انعقاده ويصبح جزءاً منه. وتكون وظيفة المؤتمر الوطني الأساسية هي “اختيار اللجنة التأسيسية التي تضع مسودة دستور البلاد خلال خمسة وأربعين يوما من تكليفها بهذه المهمة”. ثم تُعرض مسودة الدستور على المواطنين الليبيين في استفتاء عام يُنظم تحت إشراف الأمم المتحدة.
انتخابات برلمانية
وتقضي المرحلة الموالية من الخارطة بدعوة المؤتمر الوطني الليبيين الى انتخابات برلمانية بعد أربعة أشهر من إقرار الدستور، على أن تتولى حكومة تصريف الاعمال القيام بكل الإجراءات الإدارية المطلوبة لإجراء الانتخابات في موعدها تحت اشراف كامل من الأمم المتحدة. ثم يقوم البرلمان المنتخب في أول انعقاد له بحل المؤتمر الوطني، ويدعو الليبيين الى إجراء أول انتخابات رئاسية بعد شهرين من انعقاد أول جلسة للبرلمان المنتخب.
ويكون رئيس البرلمان هو الرئيس المؤقت للبلاد الى حين استكمال الإنتخابات الرئاسية وأداء الرئيس المنتخب اليمين الدستورية. وفي الأخير يُتوج هذا المسار الإنتقالي بتسمية الرئيس المنتخب شخصية وطنية لتكون رئيس الوزراء الجديد الذي يقوم باختيار أعضاء وزارته. وحال اقرار البرلمان لهذه الحكومة يتم حل حكومة تصريف الاعمال المؤقتة.
ويمكن القول إن “المجلس الإنتقالي” قدم تصورا واضحا اشتمل على صيغتين: الخطة ألف والخطة باء، وفي أعقاب مناقشات داخلية وحوارات مع الشركاء الدوليين، حصل توافق على صيغة نهائية حسمت مسألة ضم عناصر من النظام السابق إلى حكومة تصريف الأعمال، مشترطة أن تكون تلك العناصر ممن لم تُلطخ أياديهم بالفساد أو بالدم. وأفاد محمود الورفلي أن أسماء هؤلاء معروفة ولا توجد اعتراضات عليها، من دون أن يُعطي أيّا منها.
ويُرجّح محللون أن ساعة تنفيذ خطة الطريق المُعتمدة قد دقت مع بداية انهيار دفاعات القذافي وتكثيف القصف الأطلسي الذي يستهدف تحصينات الزعيم الليبي في باب العزيزية، وكذلك المدن والبلدات التي مازالت تحت سيطرة كتائبه.
وفي الخط الموازي تتوالى الإعترافات الدولية بالمجلس الإنتقالي، بعدما بدأت البلدان الإفريقية القريبة من القذافي سابقا تتخلى عنه، وفي مقدمتها السينغال التي كرت منها سبحة الإعترافات، على رغم الحفاوة الكبرى التي استقبلت بها الزعيم الليبي أثناء زيارته الأخيرة لها، وحيث يملك استثمارات واسعة في كثير من القطاعات.
دوفيل (فرنسا) (رويترز) – دعا الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف الزعيم الليبي معمر القذافي الى التخلي عن السلطة وقال إن روسيا لن توفر ملجأ للقذافي لكن دولا أخرى قد تفعل ذلك.
وقال ميدفيديف إنه ارسل مبعوثا الى بنغازي معقل المعارضة يوم الجمعة 27 مايو في اطار الجهود لانهاء الصراع. وقال انه يأمل ان تتاح للمبعوث الفرصة للتحدث الى الجانبين.
وكان ميخائيل مارجيلوف ممثل روسيا الخاص للشؤون الافريقية قال يوم الجمعة 27 مايو إن روسيا أجرت اتصالات مع الدوائر المقربة من الزعيم الليبي معمر القذافي ويمكنها ان تناقش مسألة تنحيه عن السلطة.
وقال مارجيلوف في قمة مجموعة الثماني في منتجع دوفيل بشمال فرنسا “كان يتعين ان نتحدث الى القذافي شخصيا لكننا ناقشنا الامر مع اعضاء حكومته وربما مع ابنائه. ونواصل اجراء مثل هذه الاتصالات لذا فثمة أمل في حل سياسي.”
وطـُلـب منه ان يحدد من سيكون الشريك الرئيسي لروسيا فرد بقوله “تخيل لو اعطيتك اسم هذا الشخص ثم طار رأسه في اليوم التالي”، واضاف “لكن لدينا ناس في معسكر القذافي”.
وفي وقت سابق من يوم الجمعة قال مسؤول روسي رفيع على هامش قمة مجموعة الثماني ان روسيا مستعدة للتوسط في الازمة الليبية بعد ان طلب منها ذلك شركاؤها في المجموعة.
وقال سيرجي ريابكوف نائب وزير الخارجية “اذا كانت لهجة الاحترام التي تحافظ عليها روسيا في الحوار مع السلطات الليبية ستساعد السيد القذافي على اتخاذ القرار الصحيح اعتقد ان ذلك سيكون اسهامنا الجاد والهام في حسم الموقف الخطير المنطوي على خطورة أكبر في ليبيا والمنطقة.”
وصرح بان القذافي فقد شرعيته وعليه أن يتنحى.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 27 مايو 2011)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.