من مدافع عن حقوق الإنسان إلى أول سفير لليبيا الحرة في سويسرا
في أول حديث إلى وسيلة إعلام سويسرية، اعتبر السفير الليبي الجديد لدى الكنفدرالية سليمان بوشويقير، أن تدهور العلاقات بين البلدين بسبب أزمة اعتقال هانيبال القذافي "صفحة تم طيها"، وأكد وجود رغبة ليبية في إسهام فعلي للشركات السويسرية في عملية إعادة البناء في البلاد، التي تقدر بحوالي 700 مليار دولار.
فالسفير سليمان بوشويقير، الذي كان الأمين العام للرابطة الليبية لحقوق الإنسان والذي يحمل الجنسية السويسرية ايضا، قدم اوراق اعتماده لرئيسة الكنفدرالية يوم 29 سبتمبر 2011. وفي حديث أجرته معه swissinfo.ch في مقر البعثة، التي أصبحت تحمل اسم سفارة ليبيا بدل المكتب الشعبي للجماهيرية، تحدث عن واقع الأموال المجمدة في سويسرا وعن رغبة الشركات السويسرية في العودة للعمل في ليبيا وحظوظ إسهامها في عملية إعادة البناء، رغم استمرار بعض الملفات العالقة، وعن إبرام اتفاقيات مع مستشفيات جامعية سويسرية لاستقبال الحالات الخطيرة لجرحى الحرب الليبية، وعن واقع عودة الليبيين إلى بلدهم بعد الثورة.
swissinfo.ch: تم تعيينكم كأول سفير لليبيا الحرة لدى الكنفدرالية وهو تحوّل من مدافع عن حقوق الإنسان إلى سفير ممثل للنظام الجديد في ليبيا، أولا ما هو شعوركم بهذه المناسبة؟
سليمان بوشويقير: إنه شعور غريب نوعا ما، لأننا كنا دوما في صفوف المعارضة، نظرا لكوننا مع الأسف لم نعرف حكما ديمقراطيا حقيقيا. والآن، وجدت نفسي في صفوف الحكومة ولابد أن أدافع على كل ما تقوم به الدولة. فهو شعور غريب، لست متعودا عليه. ولكن سنعمل إن شاء الله على أن يكون النظام الجديد نظاما ديمقراطيا حقيقيا.
هل لديكم قناعات بأن النظام سيسير في هذا الاتجاه الديمقراطي؟
سليمان بوشويقير: نعم، أعتقد حقيقة أن القيادة السياسية الجديدة نزيهة في توجهها الديمقراطي، وبالأخص السيد مصطفى عبد الجليل والسيد محمود جبريل. ولكن النزاهة لا تكفي، بل بالعمل فقط يمكن تبسيط الأرضية الضرورية لتحقيق التقدم، وللمضي قدما في طريق الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.
فالخطوط الأولى للديمقراطية موجودة في الدستور المؤقت، الذي سيحكم البلاد لمدة السنتين القادمتين، إذ يضمن هذا الدستور المؤقت حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة والانتخابات الحرة والنزيهة، ويضمن لكل مواطن جميع حقوقه، ويضمن استقلال القضاء. فإذا وجد استقلال القضاء وحرية الرأي والتعبير والشفافية في أي مكان، تكون هزيمة حقيقية لانتهاكات حقوق الإنسان.
وبعد 18 شهرا، ستتم انتخابات حرة ونزيهة، وسيحل أول برلمان في ليبيا، وهذا البرلمان هو الذي سيعين الحكومة، والحكومة ستكون مسؤولة أمام البرلمان وهكذا… حقيقة إننا في الاتجاه الصحيح، وأكرر وأقول، أن نكون في الاتجاه الصحيح ليس بالكافي، لابد من العمل من أجل إرساء هذه القواعد في القانون وفي التعامل اليومي في نفس الوقت.
توليكم لهذا المنصب في سويسرا، هل هو لإعادة العلاقات السويسرية الليبية الى وضعها الطبيعي بعد ما عرفته من تأزم بسبب قضية اعتقال ابن القذافي هانيبال، وكيف تحكم على هذه العلاقات؟
سليمان بوشويقير: نحن نصبو إلى أن تفوق العلاقات ما كانت عليه من قبل. ليست لنا عداوة أو أي شيء آخر يتركنا لا نتفق مع الحكومة السويسرية. فسويسرا بلد صديق، وحقيقة العلاقات الطيبة والجيدة هي في صالح الشعبين، الجميع يستفيد. فقد كان السويسريون دائما في صفوف الديمقراطية، وكما تعلم في العالم أجمع، يساعدون دائما التيارات الديمقراطية في إرساء قواعد حقوق الإنسان إلخ… وبالتالي، مصالحنا ومصالح سويسرا هي واحدة في نهاية المطاف.
الآن خرجنا من حكم الأسرة إلى حكم الشعب، والشعب السويسري والشعب الليبي ليس بينهم ما يفرقهم، نحن نصبو إلى تنمية حقيقية وبناء دولة حديثة. وبإمكان السويسريين أن يساعدونا في ميادين عدة، لأن هذا في صالحهم وفي صالح المجتمع الدولي، أن تكون في ليبيا دولة ديمقراطية تحترم الحقوق وتدافع عن الحريات وتكون جزءً لا يتجزّأ من المجتمع الدولي الفاعل.
هل يمكن أن نقول الآن أن صفحة هانيبال قد طويت وأن الأمور عادت الى وضعها الطبيعي بين البلدين؟
سليمان بوشويقير: في اعتقادي أنها صفحة قد طويت. ومن خلال الحديث مع القيادة الليبية، التي ترفض ذكر هذه الحقبة السوداء وتقول إنها مجرد فترة بين قوسين في العلاقات السويسرية الليبية، يتضح أننا بدأنا صفحة جديدة. وأنت تعلم أن السويسريين عينوا سفيرا جديدا لهم وسيصل إلى طرابلس يوم 10 أكتوبر الجاري.
كما تعلم أنه لدينا الآن فروعا سويسرية لأطباء بلا حدود في مصراتة وبنغازي ولدينا أيضا مرضى سيقدمون إلى سويسرا للعلاج خلال الأيام القليلة المقبلة. فقد وقعنا اتفاقيات مع مستشفى كانتون جنيف، واليوم نسعى لتوقيع اتفاقية مع المركز الطبي لكانتون لوزان CHUV وكذلك مع مستشفى برن، وأعتقد بانهم سيستقبلون بعض الجرحى الخطيرين، الذين سيقدمون من تونس، بعد أن عجزت المستشفيات هناك عن علاجهم. فقد طلب منا الأطباء في تونس نقل الجرحى إلى مستشفيات ذات تقنيات متقدمة، ومن ضمن ما ذكروه، سويسرا.
هذا الاتفاق أُبرم بالفعل مع المستشفيات الثلاث؟
سليمان بوشويقير: لا، في طور الإتفاق… اليوم أو غدا يمكن أن نتلقى الجواب، لأنهم يريدون منا معلومات أكثر… كم يمكن أن يستوعبوا من جريح إلخ..
ومن الممكن أن تلتحق مستشفيات أخرى بهذا الاتفاق. وقد ساعدتنا الحكومة السويسرية في هذا المجال، كما فتحت لنا الأبواب في شتى الميادين الأخرى. وأنا ممنون لهم على هذا الاستقبال ولا أدري كيف نرد لهم هذا الجميل.
بالنسبة للشركات السويسرية التي تعطلت بسبب أزمة هانيبال، هل عادت الآن أو هناك نية في عودتها؟
سليمان بوشويقير: في الحقيقة، نحن بصدد الاتصال بالغرف التجارية السويسرية، خاصة في لوزان وفي زيورخ وفي جنيف. المشكل الأساسي، نحن نريد أن تكون لنا خريطة طريق لإعادة البناء، والغرف التجارية بالذات قالت لنا يا حبذا لو حصلنا على مشروع إعادة البناء، حتى نوزعه على الشركات ونساهم فيه. ونحن بدورنا نعطي أهمية كبيرة جدا للمساهمة السويسرية في عملية إعادة البناء هذه.
هناك نية لعودة الشركات السويسرية، لكن هناك ملفات عالقة بين الحكومة الليبية وبعض الشركات السويسرية منذ أزمة هانيبال. هل طُـرح هذا الموضوع؟
سليمان بوشويقير: في حقيقة الأمر، لم يُـطرح هذا الموضوع، باعتبارنا جدد على السلطة ولم يكن لنا الوقت الكافي إلى حد الآن لمراجعة ملفات عهد القذافي. والمفروض أن على السلطات السويسرية طرح هذا الموضوع. ولكن السويسريين لم يثيروا هذا الموضوع إلى حد الآن…
هل حددتم كليبيِّـين الملفات أو الميادين التي يمكن للسويسريين أن يلعبوا فيها دورا، وهل هناك تقييما لكلفة عملية إعادة البناء ؟
سليمان بوشويقير: فيما يخص مشروع الخطة الشاملة لإعادة البناء، هناك تحضيرات لإعداد خطة دقيقة. وقد يحتاج الخبراء الساهرون على إعداد هذه الخطة للخبرة السويسرية المعروفة في مجال التقييم والتخطيط.
وحسب رئيس الوزراء، هناك تقدير بما بين 500 مليار دولار الى 700 مليار دولار، وهو مقدار لا يمكن لليبيا أن تستوعبه لوحدها. لذلك، هناك حاجة الى مساهمة شركات أجنبية في عملية إعادة البناء لإعادة الأمور الاقتصادية الى مجراها الطبيعي في اقرب وقت ممكن.
وفي الحقيقة، يمكن للسويسريين أن يسهموا في مختلف القطاعات ،نظرا لخبرتهم في مجالات التنمية والتقنية المؤدية الى التنمية المستدامة، وأيضا في مجالات التقنية المتطورة وبناء البنية التحتية من طرقات وكهرباء ومواصلات سلكية ولاسلكية وغيرها. كما أن الشركات السويسرية معروفة بجودة عملها، سواء في مجالات التقنية والخدمات.
وهناك أحد الوزراء الليبيين الحاليين الذي تحدث عن إمكانية مساهمة السويسريين في تنشيط قطاع السياحة والفندقة. وأملي الشخصي أن يتولى السويسريون هذا الملف، أي ملف السياحة، لأن لديهم خبرة كبيرة ولديهم سياحة دائمة وليست موسمية. فإذن البلد مفتوح والامكانيات متوفرة للطرفيين للاستفادة.
من الملفات التي ينتظر الجانب الليبي حلها، ملف إعادة الأموال المجمدة نظرا للحاجة الملحة. هل لديكم تقييما للأموال المحتمل وجودها والى اين وصلت المشاورات بخصوص إعادة ما تم تجميده؟
سليمان بوشويغير: يوجد في حقيقة الأمر نوعان من الأرصدة المجمدة. هناك الأرصدة التي هي ملك للدولة الليبية، وهي لا تشكل أي مشكل بالنسبة للحكومة السويسرية. فقد أخطرتنا بأنها في حدود 760 مليون دولار أمريكي، وهي الآن موجودة في البنك الوطني السويسري. وكانت رئيسة الكنفدرالية السيد ميشلين كالمي – ري قد أعلنت في اجتماع باريس لمساندة الحكومة الليبية في الفاتح سبتمبر، عن استعداد الحكومة السويسرية للإفراج عن 380 مليون دولار مباشرة.
وأعتقد أن سويسرا كانت تنتظر فقط صدور قرار مجلس الأمن الدولي لتخصيص هذه الأموال لصرفها في المجال الانساني، وهو القرار الذي صدر في آخر شهر سبتمبر. وننتظر تحديد موعد مع البنك الوطني السويسري هذه الأيام من أجل الشروع في تحديد إجراءات تنفيذ ما صرحت به السيدة الرئيسة بخصوص الـ 380 مليون دولار. أما البقية فستناقش فيها بعد.
وهناك الأرصدة التي هي ملك لأفراد مقربين من القذافي وأسرته، وهي الأرصدة التي لا تتدخل فيها الدولة السويسرية ولا أحد بإمكانه تقديم تقييم عنها. لكن الحكومة السويسرية عرضت علينا المساعدة القضائية بخصوصها. وعلينا أن نعين محامين للاتصال بالبنوك لتقييم المبلغ الإجمالي لتلك الحسابات الخاصة. ونحن بصدد تكليف مكتب محاماة من جنيف بهذه المهمة بعد التعرف على التكاليف وعلى مدى جدوى القيام بخطوة من هذا النوع.
من خلال ما باشرتم من أعمال بالسفارة والقنصلية منذ توليكم لهذا المنصب ما هي الخدمات التي استعدتموها بالنسبة لأبناء الجالية الليبية في سويسرا؟
سليمان بوشويقير: من خلال تجربتي القصيرة الأمد، هناك إقبال كبير على عودة الليبيين الى بلدهم، وبالأخص ممن كانوا حاصلين على حق اللجوء السياسي. ويمكن تقدير عدد العائدين ما بين 700 او 800 ليبي، وهؤلاء ليسوا في حاجة لا لدعم ولا لمساعدة. وحتى من كان يعاني من عدم تجديد جوازه، يمكنه الحصول على تأشيرة دخول بمجرد تقديم إثبات بوثائق ليبية. وعودته لليبيا، على العكس مما كان يتم من قبل، تتم بدون خوف ولكي يعود الى أهله وذويه وليس لكي تستلمه المخابرات العامة.
اما الفئة التي تخلق لنا بعض المشاكل، فهم الليبيون الذين ليست لهم علاقة بالسياسية ولم يكونوا حاصلين على حق لجوء ويرغبون في البقاء في سويسرا. فقد قابلت وفدا من المكتب الفدرالي للهجرة بوزارة الداخلية السويسرية يوم الأربعاء 5 أكتوبر، أعلمني بأن هناك قائمة بحوالي 30 شخصا ليبيا يرغبون في إعادتهم الى ليبيا، وأن سويسرا على استعداد لمساعدة من يرغب في العودة التلقائية بتقديم مبلغ 7 آلاف فرنك سويسري. ولم أتوصل لحد الآن بأي خبر عن مدى استجابتهم.
وأغتنم هذه الفرصة لكي اوجه نداء لكل ليبي لا مبرر لاستمرار تواجده في سويسرا، أن يعود الى بلده الذي هو في حاجة إليه أكثر من أي وقت مضى.
مسيرة مهنية أممية
بعد فصله من كلية الاقتصاد والتجارة في جامعة بنغازي في ابريل 1976، غادر السيد سليمان بوشويقير ليبيا بعد تهديد له ولعشرة من زملائه من قبل “الطلائع الثورية ” التي كان يترأسها عبد السلام جلود. ثم التحق بمنظمة الأمم المتحدة في نيويورك حيث تقلب في عدة مهام ومناصب ما بين عامي 1978 و 2003 من أهمها:
– بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في كمبوديا.
– بعثة خبراء الأمم المتحدة لمنطقة الكيب الشمالية بجنوب افريقيا حيث جرت أولى الإنتخابات التي شارك فيها السكان الأفارقة وسمحت بفوز حركة نلسن مانديلا في عام 1994.
– بعثة فريق الخبراء للاشراف على انتخابات المنطقة الجنوبية الشرقية من هايتي التي فاز فيها الرئيس ارستيد عام 1995.
– كلف في إطار بعثة الأمم المتحدة في كوسوفو بتولي منصب عمدة مدينة اسكندراي/ سربيتسا
– شارك في بعثة الأمم المتحدة للصحراء الغربية ضمن لجنة تحديد الهوية.
معارض لنظام القذافي منذ الأعوام الأولى
– ساهم في عام 1974 في تأسيس رابطة الطلبة الليبيين في واشنطن والتي انضمت إليها فروع أخرى لتكوين الاتحاد العام لطلبة ليبيا في أمريكا.
– يناير 1976: تضامنا مع طلبة بنغازي شارك في عملية اقتحام لمقر السفارة الليبية في واشطن والاعتصام بها.
– يوليو 1976 صادرت السلطات جواز سفره ومنعته من السفر للخارج الى جانب زملاء له تم التعرف على أنهم “من المحرضين الذين يرغبون في تشكيل جبهة مضادة لثورة سبتمبر العظيمة”.
– نوفمبر 1980 ساهم في تاسيس الجبهة الليبية الوطنية الديمقراطية المعارضة الى جانب علي الترهوني ومحمود شمام وآخرين.
– في مارس 1989 ساهم في تأسيس الرابطة الليبية لحقوق الإنسان الى جانب 157 شخصية من بينها منصور الكيخيا. وهو الذي تلى كلمة باسمها في جلسة مجلس حقوق الإنسان في 25 فبراير وهي الجلسة التي تم فيها اتخاذ قرار تجميد عضوية نظام القذافي في المجلس.
تهدف الرابطة لمناصرة قضية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في ليبيا، وفقا لمواد الشرعة الدولية لحقوق الإنسان.
المجال الجغرافي: ليبيا
مجالات النشاط:
حقوق المرأة
العدالة
المهاجرون واللاجئون
الشباب
تعليم حقوق الإنسان
الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
حرية تكوين الجمعيات
حرية التعبير
النشاطات الرئيسية:
أولا: دراسة حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية – حرية تكوين الجمعيات والعمل في ليبيا. ثانيا: حرية الصحافة. ثالثا: عقوبة الإعدام. رابعا: المهاجرون واللاجئون.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.