مُعارضون سوريّون في سويسرا يطالبون دبلوماسيّي بلادهم بالإنضمام إلى الثورة
نظم أفراد الجالية السورية المقيمون في سويسرا من المعارضين للنظام، مظاهرة وجهوا خلالها عدة رسائل تشمل مطالبة الدبلوماسيين السوريين الإنضمام للثورة، ودعوة الأمم المتحدة للتحرك أكثر، وحث السلطات السويسرية على دعم الجهود الرامية لعزل أقطاب النظام السوري اقتصاديا.
فقد نظم حوالي 60 شخصا من أفراد الجالية السورية المقيمين في سويسرا الروماندية (أي المتحدثة بالفرنسية غرب البلاد)، انضم إليهم فيما بعد سوريون مقيمون في باقي أنحاء سويسرا ومتعاطفون من الجالية العربية وعدد من السويسريين، مظاهرة يوم الجمعة 12 أغسطس 2011 أمام مقر القنصلية والبعثة السورية في جنيف للتنديد بما يحدث من قتل وتدمير في سوريا، ولمطالبة الموظفين السوريين وعلى رأسهم السفير بالانضمام الى الثورة والتخلي عن نظام الرئيس بشار الأسد.
المظاهرة التي ردد خلالها المتظاهرون شعارات تنادي بـ ” إسقاط النظام ” وتؤكد على “وحدة الشعب” انتهت بتقديم رسالة الى مسؤولي البعثة السورية لدى مقر الأمم المتحدة في جنيف تتضمن هذه المطالب التي يلخصها السيد عبد الحميد الشدة المقيم في سويسرا منذ 28 سنة بعد أن فـرّ بعد مجاز حماه الأولى، بقوله: “لنعلن احتجاجنا عما يحصل في سوريا من قتل وتدمير، وثانيا لنطلب من المبعوثين السوريين لكي يتخلوا عن هذا النظام ويختاروا الوقوف الى جانب شعبهم بدل الوقوف الى جانب القاتل والرئيس، ويكونوا في خدمة شخص او عائلة من المجرمين والعصابات المجرمة، وأن يختاروا احترام القانون والدستور السوري الذي يمنع القتل والإستعباد”.
أما باسل شلهوب فيوضح أن مشاركته في هذه المظاهرة تأتي للتعبير عن سخطه وألمه بعد أن قُتل شقيقه على ايدي شبيحة النظام ويقول: “ليست مشاركتي فقط لأن أخي استشهد لأن هناك آلاف الشهداء، وإنما للدعوة لوقف إراقة الدماء لأن ما يحدث، يتم بوحشية لا توصف”. ويصف كيف استشهد أخوه بعد أن ألقى به الشبيحة من الطابق الرابع لبناية، وواصلوا قذفه بالأحجار مما تسبب في إلحاق سبعة كسور بجمجمته.
وقد شارك في المظاهرة ممثلون عن بعض الأحزاب السويسرية من بينهم السيد أولي لوينبيرغر، رئيس حزب الخضر الذي قال: “إن وجودي في هذه المظاهرة للتعبير عن تضامني مع السوريين المقيمين في سويسرا ومع الشعب السوري الذي يعاني مما يحدث من مجازر وبدون أن يتحرك أحد بإستثناء تجند الشعب السوري والجاليات السورية في الخارج. ووجودي أيضا للتعبير عن قلقي وامتعاضي من هذا النظام الذي يبيد شعبه، ولتعزيز حملة التضامن من أجل إخضاع هذا النظام وتركيعه”.
إصلاحات مرفوضة
وعند أثارة موضوع الإصلاحات التي يردد النظام أنه بصدد إدخالها، تثور ثائرة أحد المنظمين السيد حازم داوودي الذي عرّف نفسه بأنه “سوري من مدينة حماه مقيم في سويسرا منذ 21 سنة مشرد مثل ملايين المشردين من السوريين الذين تم تشريدهم باعتماد سياسة منظمة كالإضطهاد والقضاء على المعارضة واجتثاث منابعها حتى يستأسد هذا النظام وأسرة هذا الطاغية للإستبداد بالحكم في سوريا لمصالحهم الشخصية”، ثم يواصل قائلا: “الإصلاحات المزعومة من قبل النظام مرفوضة لأننا انتظرنا أكثر من 40 سنة الإصلاحات، ولم يكن غير المراوغة والكذب من هذا النظام . لقد تفاءلنا خيرا بوصول بشار الأسد حتى ولو كان بطريقة غير شرعية للحكم، وقلنا خير من أن تكون لدينا فتنة ومشاكل. انتظرنا 11 سنة، ولم يكن غير الكذب والدجل. الأحوال ساءت أكثر والحياة أصبحت مفقودة. أكيد أنه لم تكن هناك مواجهات مع الحكومة لأنه لم يكن هناك من يجرؤ على مواجهة النظام . لكن نحن كنا نقول للسوريين بشار الأسد مثل أبوه مجرم ابن مجرم. كانوا يقولون لنا هذا طبيب درس في إنجلترا. قلنا لهم هو لم يتعرض لنفس الظروف ولو يتعرض سيكون مجرما أكثر من أبيه. الآن تأكد الناس كلهم والعالم كله بأن بشار الأسد ابن حافظ الأسد. وهؤلاء لديهم هدف مريض يريدون تأسيس خلافة علوية أو خلافة بعثية أو خلافة أسدية وهذا هو مرضهم”.
وعن المخاوف من نشوب خلافات طائفية في البلاد يرد السيد حازم داوودي: “الشعب السوري ليس طائفيا بالمرة. فنحن نقبل بأي إنسان يحكمنا بشرط أن يكون عادلا. فصلاح الدين الأيوبي (الكردي) لم يكن عربيا ولا سوريا لكن العرب كلها قبلته كقائد لها لأنه كان شريفا مخلصا لوطنه ولأمته. حافظ الأسد كانت أمامه هذه الفرصة التاريخية هو وغيره من القادة العرب”.
“شبه صمت” أممي
وبحكم أن مدينة جنيف تؤوي مقرات العديد من المنظمات الأممية ومن بينها مجلس حقوق الإنسان، يؤكد المعارضون السوريون أن جانبا من مظاهراتهم مُوجّه إلى منظمة الأمم المتحدة. وفي هذا السياق، يُـذكـر السيد حازم داوودي بـ “أننا نسهر على تنظيم مظاهرة أسبوعية كل يوم سبت من الساعة الثانية حتى الخامسة مساءا أمام مقر منظمة الأمم المتحدة في جنيف، وهذا إضافة الى تنظيم مظاهرات في سوريا كل جمعة. لذلك من واجبنا تلبية نداء الوطن من أجل تعبئة الرأي العام العالمي وتسليط الضوء على جرائم النظام في بلادنا”.
وفيما تجنب السيد حازم مهاجمة الأمم المتحدة، تساءل عضو مجلس النواب السويسري وزعيم حزب الخضر أولي لوينبيرغر عن الأمم المتحدة التي “لا نرى تحركا كبيرا لها في الوقت الحالي” وأضاف “أودّ أن أراها تتحرك لتطالب بوضوح بوقف المجازر وأن تنادي بحلول سلمية وديمقراطية. وجنيف التي تعتبر مقرا للمنظمات الدولية أين هي اليوم؟ لأنني أود أن أرى عددا أكبر يتضامن مع السوريين المشاركين في هذا الإحتجاج”.
انتظار خطوات ملموسة من برن
في سياق متصل، يرى بعض السوريين المقيمين في الكنفدرالية أن الشعب السويسري بدأ يعي حجم المأساة التي يعيشها الشعب السوري ويتعاطف معه، فيما ينتظر البعض الآخر خطوات عملية من الحكومة السويسرية.
السيد عبد الحميد الشدة يؤكد أن “الكثير من السويسريين بدأوا يهتمون بالقضية السورية وبدأوا يشاركونا احتجاجاتنا وبدأوا يبلغون المسؤولين الكبار في الأحزاب والدولة عن واقع القضية السورية ويشرحون أسبابها، لكي يأخذوا موقفا على المستوى الدبلوماسي، وثانيا لتجميد الأموال المُودعة من قبل المسؤولين السوريين، أو اللامسئولين في الواقع لأنهم حرامية”.
لكن متظاهرا آخر وهو السيد توفيق شماع ينتظر من الحكومة السويسرية “أن تتخذ خطوات ملموسة واقعية ليس فقط بالكلام أو المساندة اللغوية”، إذ يقول: “نريد من السلطات السويسرية أن تقوم بعمل واضح وأن توجه الى السلك الدبلوماسي في سويسرا وإالى الحكومة السورية رسالة واضحة بأن سويسرا هي إحدى الدول التي تعترف بحقوق الإنسان وتهتم بها ولا يمكن أن تقبل بأي شكل من الأشكال ما يحدث في سوريا وأن تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا وهذا ما نأمله”.
من جهته يُذكّـر السيد حازم داوودي “كنا قبل فترة قريبة قد قدمنا طلبا للحكومة السويسرية موقعا من 600 سوري مقيم في سويسرا نطالب فيه بطرد البعثة الدبلوماسية السورية في سويسرا. ووقوفنا هنا أمام القنصلية لنطلب من أعضائها بالوقوف إلى جانب الشعب السوري. وإذا رفضوا مطالبنا التي تعرب عن رأي الشعب السوري في الداخل، سنكرر مطلبنا للحكومة السويسرية بطرد هذه البعثة لأنها امتداد للأجهزة الأمنية والمخابراتية في سوريا”.
وفي هذا الصدد، قال رئيس حزب الخضر السويسري السيد أولي لويبنيرغر: “إنني أقف الى جانب المطالب التي تطالب سويسرا بالمشاركة في الجهود الرامية إلى عزل سوريا اقتصاديا. وسينكب زملائي في اللجنة البرلمانية المكلفة بالعلاقات الخارجية بمجرد استئناف الدورة البرلمانية على متابعة الوضع عن كثب”.
عمان (رويترز) – قال سكان ومدافعون عن حقوق الانسان إن البحرية السورية قصفت منطقتين بهما كثافة سكانية مرتفعة بمدينة اللاذقية الساحلية يوم الأحد 14 أغسطس 2011 في اليوم الثاني من هجوم عسكري للقضاء على الإحتجاجات.
وقال شاهد لرويترز في مكالمة هاتفية من اللاذقية “يمكنني أن أرى شبح سفينتين رماديتين. انهما تطلقان النيران وتسقط المقذوفات في منطقتي الرمل الفلسطيني والشعب السكنيتين”.
وكانت الدبابات والمدرعات قد انتشرت قبل ثلاثة أشهر للقضاء على الإحتجاجات المناهضة للرئيس السوري بشار الاسد.
وقال سكان إن نيران الدبابات قتلت ثمانية على الأقل في اللاذقية يوم الاحد ليرتفع إجمالي عدد القتلى منذ بداية الهجوم يوم السبت الى 10. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان إن تسعة مدنيين قتلوا وأصيب 25 يوم الأحد 14 أغسطس.
وكانت المظاهرات ضد حكم الاسد خلال الانتفاضة المستمرة منذ خمسة أشهر الاكبر في أحياء تسكنها أغلبية سنية في اللاذقية مثل الصليبية في وسط المدينة والرمل الفلسطيني والشعب على الشاطيء الجنوبي.
ويقول سكان إن القوات والدبابات تحاصر الحيين منذ شهور مع تراكم القمامة وانقطاع الكهرباء من حين لآخر.
وفي مارس 2011 أصدرت شخصيات سورية معارضة بارزة وشخصيات من المجتمع المدني منهم عارف دليلة وهو خبير اقتصادي بارز من اللاذقية إعلانا ينبذون فيه الطائفية ويلتزمون بالتغيير الديمقراطي غير العنيف بعد العمليات التي قام بها من يطلق عليهم “الشبيحة” المُوالون للاقلية العلوية التي ينتمي اليها الاسد.
وحذر دليلة – وهو علوي – مرارا من استغلال السلطات لمدينة اللاذقية التي تسكنها أغلبية سنية الى جانب أعداد كبيرة من العلويين في إذكاء المخاوف الطائفية لدى العلويين من احتمال مواجهتهم للإنتقام في حالة فقدهم السلطة بدلا من التركيز على تحويل سوريا الى نظام ديمقراطي تتمتع فيه كل الطوائف بمعاملة متساوية بموجب دستور جديد.
ويهيمن العلويّون على أجهزة الدولة من حكومة وجيش وجهاز امني. ويمثل السنة ثلاثة أرباع السكان في سوريا.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 14 أغسطس 2011)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.