هل تُـفلح مصر في استرداد ثرواتها المنهوبة؟
أكد خبراء قانونيون مصريون على أهمية التحقيقات، التي تجريها النيابة العامة وجهاز الكسب غير المشروع مع الرئيس المخلوع حسني مبارك وأفراد أسرته وأعوانه ورجال نظامه، على "مسيرة" استرداد الأموال المنهوبة، التي تستلزم صدور "أحكام نهائية باتة" من "محاكم طبيعية"، توفر للمتهمين كافة الحقوق القانونية، دون استخدام أي "إجراءات استثنائية" أو "محاكم عسكرية"...
وشددوا في الوقت نفسه، على أهمية الاستفادة من الأجهزة والمنظمات والاتفاقيات الدولية الصادرة في هذا الصدد، وفي مقدمتها “اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد”.
وفي محاولة منها للتعرف على الجهود المصرية المبذولة والطرق والإجراءات القانونية المتبعة والسوابق التاريخية، استطلعت swissinfo.ch آراء عدد من الخبراء القانونيين هم: الدكتور فؤاد عبد المنعم، القاضي السابق بالمحكمة الدولية لجرائم الحرب وأستاذ القانون الدولى بجامعة القاهرة وجامعة السوربون فى باريس وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، والدكتور السيد مصطفى أبو الخير، أستاذ القانون الدولي وخبير العلاقات الدولية، والخبيرة القانونية هالة رياض، المحامية بالنقض، فكان هذا التحقيق.
أحكام نهائية باتة!
في البداية، كشف الدكتور فؤاد عبد المنعم أن “هذه التحقيقات تتِـم بخصوص نوعيْـن من الأموال المنهوبة. الأول، الأموال والثروات العقارية والأراضي الموجودة بمصر، وهذه من السَّـهل إعادتها، خاصة بعد صدور قرارات من النائب العام بتجميدها ومنع أصحابها الذين هُـم رهْـن التحقيقات، من التصرف فيها أو السفر إلى الخارج، وهذا النوع لا يمثل مشكلة كبيرة أمام الجهات الرسمية بمصر. أما النوع الثاني، فهو تلك الأموال السائلة أو الأصول العقارية الموجودة بالخارج أو التي نجح المتّـهمون في تهريبها”، معتبرا أن “هذا الشق هو الذي يمثل مشكلة كبيرة ويحتاج إلى جهود كثيرة ووقت طويل”.
وقال عبد المنعم، القاضي السابق بالمحكمة الدولية لجرائم الحرب وأستاذ القانون الدولى بجامعتيْ القاهرة والسوربون في تصريحات خاصة لـ swissinfo.ch: “في كِـلا النوعيْـن، فإن تحقيقات جهاز الكسب غير المشروع والتي تتزامن مع التحقيقات التي تجريها النيابة العامة، مهمة للغاية في دعْـم الجهود المبذولة في السعي لاسترداد الأموال الموجودة بالخارج والتي يصعب، بل ويستحيل الحصول عليها قبْـل صدور حُـكم نهائي باتّ”، شريطة أن يكون قد “استكمل كل مراحل الطّـعن عليه، بعد إتاحة الفرصة للدفاع عنهم وانتهى إلى الحُـكم بإدانتهم بالتربح واستغلال السلطة والنفوذ في ثروات غير مشروعة”.
متفقا مع عبد المنعم، أكد أبو الخير أن “هذه التحقيقات مطلوبة جدا، لأن عملية استعادة الأموال تتطلّـب صدور حُـكم نهائي من قاضٍ طبيعي، والتحقيقات التى تتِـم الآن هي تحضيرية للمحاكمة وضرورية لمثولهم أمام القضاء، لأن الدول الأخرى لا تعترف بالأحكام التي تصدر عن محاكِـم أمن الدولة أو المحاكم الاستثنائية أو العسكرية، ومن ثَـم فإنها تَـعتبِـر الحُـكم الذى يصدر عنها، غير ذي بال، لأن استعادة الأموال يجِـب أن تكون بحُـكم نهائي من محكمة جنائية، أي من قاضى طبيعي”.
وأوضح أبو الخير ضرورة أنْ تتوافَـر في الحُـكم الصادر، كافة الضمانات القانونية مثل: حق الدفاع عن النفس وأخذ الوقت لدراسة القضية وتحضير الدفوع، فضلا عن استنفاذ كافة الطُّـرق القانونية للطَّـعن فيه”، وهو ما وافقته عليه هالة رياض، التي أضافت أنه “في حال اتِّـخاذ أي إجراء استثنائي ضد المتّـهمين المحبوسين على ذمّـة التحقيقات، نكون قد خرجنا من الإطار القانوني الدولي لاسترداد الأموال المنهوبة، والذي يشترط: أن لا يكون هناك تعسّـف ضد المتّـهمين وأن لا تُـتَّـخذ حِـيالهم إجراءات استثنائية وأن توفّـر لهم حقوق الدفاع القانوني”.
دور النائب العام.. أساسي!
ومن جهته، كشف أبو الخير عن أن “هناك أجهزة دولية ومنظمات تقدّم مساعدات كبيرة في إعادة هذه الأموال، لكنها تحصل على نسبة منها قد تصل إلى 25%، غير أن تشكيل لجنة رسمية بقرار من النائب العام وبتفويض رسمي من الحكومة، يوفر تلك النسبة، فضلا عن تزويدها بما يؤيِّـد هذه الاتهامات، وبذلك يحِـق لها التقدّم بطلب رسمي للدول الخارجية للتحفظ على هذه الممتلكات إلى حين البَـتّ في القضايا، وبهذا لا يحِـق للدولة أو البنوك الخارجية خصْـم أيّ نسبة من هذه الأموال جرّاء اتخاذ إجراءات تحفُّـظية عليها”.
متفقة مع أبو الخير، تشير هالة إلى أن “دور النائب العام في الموضوع مُـهم للغاية، لكونه الشخص المَـنُـوط به قانونيا، متابعة هذا الملف ومخاطبة الحكومات الأخرى، لكن من المُـهم والضروري على وزارة العدل أن تقدِّم كافة صُـور الدّعم المُـمكنة للنيابة العامة، خاصة فيما يتعلق بتزويدها بالمحقِّـقين وتقديم الخِـبرات اللاّزمة لهم، ولابد أيضا على كل الجهات الرقابية أن تقدّم سُـبل العَـوْن للنيابة العامة ولجهاز الكسب غير المشروع، ليتمكَّـنا من إنجاز المُـهمة الثقيلة المُـلقاة على عاتقهم، في أقصر وقت ممكن”.
وإن ثمن الدّور الذي تقوم به اللجان الشعبية التي شكّـلها المصريون لهذا الخصوص، فقد أقَـر عبد المنعم بـ “أهمية وضرورة اللجنة التي شكّـلها النائب العام، لكونها مشكَّـلة بقرار من صاحب الحق الوحيد قانونا في متابعة عملية استرداد الأموال”، غير أنه أشار إلى أنها “لن تتمكّـن من ممارسة عملِـها بشكل قانوني فعّـال، قبل صدور أحكام نهائية بإدانة المتهمين، وهو أمر يستلزم: سرعة التحرك الخارجي وعدم التباطُـؤ الداخلي في المحاكمات وصدور أحكام نهائية بإدانة المتهمين، بعد منحهم كافة الحقوق القانوينة من مرافعات وطعون”.
واشترط عبد المنعم أن “تتم المحاكمات أمام القاضي الطبيعي المدني، دون اللجوء إلى المحاكم الاستثنائية أو العسكرية، فضلا عن تعاون الدول التي بها هذه الثروات مع اللجنة المصرية”، محذرا من “إطالة المدى الزمني للتحرك، حتى لا تمتنع هذه الدول عن المساعدة، بدعوى انقضاء المُـهلة المتاحة أمام مصر لاستكمال إجراءات إعادة الأموال والثروات التي يملكها هؤلاء المتّـهمون ببلدانها”.
مافيا سوداء.. واتفاقيات بيضاء!
وردا على قول البعض باستحالة استرداد الأموال المهرّبة، لوجود سوق خاصة بالمال الأسود تديرها مافيا عالمية متخصصة في عمليات التهريب والإخفاء والغسيل وأن هناك رموز سرية… إلخ، كشف عبد المنعم عن أنه: “ليس هناك شيء مستحيل، طالما كان مؤيَّـدا بالقانون. ومنذ أيام، التقينا وفدَ منظمة الشفافية الدولية وطلبنا منه تعريفنا بمكان وقيمة هذه الأموال المملوكة لهؤلاء المتهمين والمحبوسين على ذمّـة التحقيقات، لكنه ردّ علينا مطالبا بصدور أحكام قضائية نهائية بإدانتهم أولا”، مشيرا إلى أنه “كلما مرّ الوقت، كان بإمكان هذه المافيا أن تلعب، ومِـن ثَـمّ يجب الإسراع قدْر الإمكان”.
متفقا مع عبد المنعم، يُـقر أبو الخير في تصريحات خاصة لـ swissinfo.ch: بأن “هناك مافيا سوداء، ولكن في المقابل، هناك منظمات وأجهزة دولية تعمَـل على حفظ وتتبّـع مثل هذه الأموال، ولو كان الأمر مستحيلا، لَـمَـا ضغطت بعض الدول الخليجية لعدم محاكمة مبارك وأسرته، كما أن هناك العديد من الأجهزة والاتفاقيات الدولية والإقليمية التي تحمي هذه الأموال وتحفظ حق مصر في استعادتها، وبعضها يشترط الحصول على نسبة محدّدة منها”، مشيرا إلى أن “مصر موقّـعة على عدة اتفاقيات دولية وإقليمية، منها اتفاقية الأمم المتحدة والاتفاقية الإفريقية لمكافحة الفساد”.
وأضاف أبو الخير أن هناك “أجهزة ومنظمات دولية متخصِّـصة في محاربة غسيل الأموال تَتَتَبَّـعُ هذه الأموال التي يجري غسلها، ومنها على سبيل المثال: اللجنة الدولية لمُكافحة غسيل الأموال (الفاتف) ولجنةُ بازل للرقابة المصرفيَة والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول) وبرنامج الأمم المتحدة من أجل الرقابة الدولية على المُخدِّرات وبرنامج العمل المالي ومنظمة الشفافية الدولية”، وهو ما تؤكده هالة، مضيفة أنه “في الفترة الحالية، هناك إجراءات قانونية يجب اتخاذها، بعد إثبات الفساد، مع العِـلم بأن جرائم الأموال العامة بمصر لها شقّـان، شق إداري وآخر جنائي، وهو المنصوص عليه في قانون العقوبات المصري”، معتبرة أن “مكافحة الفساد، وفقا لاتفاقية الأمم المتحدة، تتم بطريقتيْـن: التحقيق في القضايا السابقة والعمل على منع الفساد القادم”.
هل هناك سوابق قانونية؟!
قال الدكتور عبد المنعم: “أعتقد أن هناك سابقة واحدة في تارخ مصر، وهي واقعة استرداد مبلغ 180 مليون دولار من عبد الوهاب الحباك، رئيس الشركة القابضة للصناعات الهندسية، كانت مُـودعة بأحد بنوك سويسرا باسم نجله، وذلك بعد صدور حُـكم نهائي باتّ، بالحُـكم عليه بالسجن لمدة 18 سنة”، معتبرا أن “الدور الدبلوماسي ينحصِـر في القيام بإخطار سفارات تلك الدول وسفاراتنا بتلك الدول، للمسارعة بتجميد الأموال والثروات العقارية، دون الدخول في الشق القضائي، الذي هو من اختصاص النائب العام أو من يوكله”.
وأوضح عبد المنعم أن “اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، الصادرة عام 2003 والتي دخلت حيِّـز التنفيذ في 2005، تنص في مادتها الثالثة على:
– تنطبق هذه الاتفاقية، وِفقا لأحكامها، على منع الفساد والتحرّي عنه وملاحقة مرتكبيه، وعلى تجميد وحجز وإرجاع العائدات المتأتية من الأفعال المجرّمة، وِفقا لهذه الاتفاقية.
– لأغراض تنفيذ هذه الاتفاقية، ليس ضروريا أن تكون الجرائم المبيّنة فيها قد ألحقت ضررا أو أذى بأملاك الدولة، باستثناء ما تنص عليه خلافا لذلك”.
متفقا مع عبد المنعم، يشير أبو الخير إلى أن “هناك سابقة أخرى حدثت في إيران، عندما تمكَّـنت من استرداد حوالي 17 مليار دولار من أموال شاه إيران (مُحمَّد رضا بهلوي) المجمّـدة منذ قيام الثورة عام 1979 في أمريكا والبالغة حوالي 24 مليار دولار كانت قد هُـرِّبت وتم غسلها”، مشيرا إلى أن “أنسب طريقة لاستعادة هذه الأموال، هي لجوء مصر إلى آليات برنامج سِـتار، التابع للبنك الدولي، وهو عبارة عن مبادرة أطلقها البنك الدولي لمحاربة الأموال المهرّبة بواسطة أو لحساب مسؤولين سابقين ورؤساء دول، بعد أن تفشت ظواهر الفساد السياسي في عدد كبير من الدول النامية خلال العقود الثلاثة الماضية، وهذا البرنامج يوفِّـر آليات لاسترداد هذه الأموال عبْـر طُـرق قانونية ودبلوماسية مُـتعارَف عليها”.
“الرد” مقابل “الصفح”!!
وحوْل المبادرة التي يطرحها البعض والتي تتلخص في: (الرد مقابل الصفح) كحل مضمون وسريع لاسترداد الأموال، تقول هالة؛ في تصريحات خاصة لـ swissinfo.ch: “هناك مواد في القانون الجنائي قد تسمح بالتصالح في جرائم الأموال العامة، ولكنني أعتقد أن المطالبة القانونية بالأموال المنهوبة، هي أول سابقة تطبَّـق في مصر بعد صدور اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ودخولها حيِّـز التنفيذ، كما أعتقد أن هناك رغبة سياسية لدى معظم الدول الموقِّـعة على الاتفاقية، لتقديم الدّعم والمساعدة لمصر في سبيل استردادها أموالها”، مشيرة إلى أنه “على مصر أن تُـطمئِـن هذه الدول بأنه ن في حال استرداد هذه الأموال، فإنها لن تُـدخِـلها مباشرة للخِـزانة العامة، وإنما وِفق برنامج استرداد يستهدف تنمية مقدّرات الدولة وحل مشكلاتها المُـزمنة”.
متفقا مع هالة، يعتبره عبد المنعم “أحد الحلول المطروحة، التي يطالب بها معظم رجال الأعمال المحبوسين رهْـن التحقيقات في قضايا فساد مالي، حيث يطرح محاموهم فِـكرة قيامهم برد الأموال التي يحاكَـمون من أجلها، مقابل صدور مرسوم بقانون بالعفْـو عنهم في جرائم المال (النصب/ الاستيلاء/ التربح/ التهريب/…)، وهو أمر قد يكون من الناحية المنطقية مفيدا للدولة، غير أن الشعب المصري ربما يرفضه نهائيا، خاصة من المسؤولين، ولهذا، فإن موقِـفي منه محايِـد، نظرا لحساسيته ولأن الشعب – وهو مُحق – يريد تطبيق العدالة في مواجهة مَـن نهَـبوا ثرواته”، مشيرا إلى أنه “في كِـلا الحالتين، لا صفح عمَّـن ارتكبوا جرائم الدّم بحق الشعب”.
القاهرة (رويترز) – تجاوزت الثورة المصرية مطالب نشطاء الانترنت الذين دعوا للنزول الى الشارع للمطالبة بالاصلاح يوم 25 يناير 2011 لتحقق عدة احلام كان الكثير من المصريين يعتبرونها شبه مستحيلة وأولها اسقاط النظام.
وحققت الثورة أولى نجاحاتها بتخلي الرئيس حسني مبارك عن الحكم بعد 30 عاما في السلطة يوم 11 فبراير شباط وتسليمها الى الجيش. وتلى ذلك حل البرلمان بمجلسي الشعب والشورى وتعيين حكومة تسيير اعمال جديدة يحظى رئيسها عصام شرف بقبول في الشارع واجراء استفتاء على تعديلات دستورية وحل الحزب الوطني الحاكم ومحاكمة رموز للنظام السابق على رأسهم مبارك. لكن بعد مرور 100 يوم على انطلاق الثورة لا تزال هناك تحديات كثيرة تواجهها.
وعن أبرز انجازات الثورة يقول حسن نافعة استاذ العلوم السياسية والناشط السياسي البارز “أهم انجازات الثورة هي سقوط رأس النظام وتقديمه للمحاكمة. لم يكن أحد يتوقع ان يقدم الرئيس ورموز نظامه للمحاكمة.”
ويخضع مبارك للحبس على ذمة التحقيقات في تهم تتعلق بالفساد وقتل المحتجين ابان الثورة لكنه يقضي الحبس في مستشفى بمنتجع شرم الشيخ بسبب حالته الصحية حسبما تقول وسائل الاعلام الرسمية.
وقال نافعة في تصريحات لرويترز ان من نتائج الثورة كذلك “كشف كل هذا الكم الهائل من الفساد الذي يؤكد أن الثورة كانت حتمية وأن البلاد كانت ذاهبة الى مصير مقلق جدا.”
وقال أيمن نور مؤسس حزب الغد والمرشح الرئاسي المحتمل “أهم النجاحات هو بداية تفكيك منظومة الفساد الضخمة التي حكمت مصر 30 سنة.”
وقضت محكمة مصرية يوم الخميس 5 مايو بالسجن لمدة 12 عاما على حبيب العادلي وزير الداخلية في عهد مبارك عن تهمتي التربح وغسل الاموال وتغريمه نحو 14 مليون جنيه (2.4 مليون دولار) ورد ومصادرة أكثر من تسعة ملايين جنيه أخرى. وهو أول مسؤول في حكومة مبارك يصدر عليه حكم في قضية فساد.
ولكن يرى المحلل السياسي نبيل عبد الفتاح أن أبرز انجازات الثورة التي كان من بين اسباب نجاحها اعتصام شارك فيه مئات الالوف واستمر 18 يوما في ميدان التحرير بوسط القاهرة وتجمعات حاشدة أخرى في عدد من المحافظات هو ” كسر حاجز الخوف لدى المصريين من مواجهة السلطة السياسية”. وأضاف في تصريحات لرويترز “ساهمت الثورة كذلك في عودة الحريات الشخصية والكرامة الانسانية”.
وعانى دور مصر الاقليمي ومؤسستها الدبلوماسية من انكماش وتراجع ملحوظ في السنوات الاخيرة لكنها تمكنت من استعادة قدر من عافيتها واحراز عدة نجاحات بعد الثورة. فقد نجحت مصر في انهاء حالة الانقسام بين حركتي فتح وحماس الفلسطينيتين بعد اربع سنوات من عدم قدرتها على تحقيق المصالحة بين الجانبين في عهد النظام السابق واجريت مراسم الاحتفال بتوقيع اتفاق المصالحة بين الحركتين وباقي الفصائل الفلسطينية في القاهرة يوم الاربعاء الماضي الذي وافق اليوم المئة لانطلاق الثورة.
كما أعلنت اثيوبيا مؤخرا عن تأجيل التوقيع على الاتفاقية الاطارية الجديدة الخاصة بتوزيع مياه النيل والتي ترى مصر انها قد تضر بحصتها وذلك بعد زيارة قام بها وفد دبلوماسي شعبي مصري لاديس أبابا بهدف فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين.
كما قطعت الدبلوماسية المصرية خطوات الى الامام على صعيد العلاقات مع ايران ودول الخليج وافريقيا.
وقال نافعة “ما جرى في الخارجية المصرية تغيير حقيقي وطبيعي ومنطقي وليس تغييرا تكتيكيا بسبب انتهاء مشروع التوريث. فقد أصبحت المصالح الوطنية وليس مصالح النظام والتمهيد للتوريث هي المحور الذي تقوم عليه الخارجية في الوقت الراهن.”
وكان أغلب المصريين يعتقدون أن مبارك يخطط لنقل السلطة الى نجله الاصغر جمال لكن الثورة قضت على هذه الفكرة كلية. وجمال وشقيقه الاكبر علاء محبوسان حاليا على ذمة التحقيقات بتهم تتعلق بالفساد وقتل المحتجين اثناء الثورة.
وقال عبد الفتاح ان من مكتسبات ثورة 25 يناير “عودة الاهتمام بقيمة ودور مصر الاقليمي وقوتها الناعمة في الاقليم وانها غير منفصلة عن الاتجاه العام لحقوق الانسان العالمية والحرية”.
وفي مقابل الانجازات هناك العديد من التحديات.
وقال نور المعارض البارز الذي سجن ابان عهد مبارك “سقط النظام السياسي وسقط ابرز القائمين عليه لكن الحقيقة أن الثورة لم تقم من أجل سقوط نظام بقدر ما قامت من أجل بناء نظام جديد أكثر ديمقراطية وأكثر احتراما للكرامة الانسانية ولحرية وحقوق الانسان في مصر”. وأضاف في تصريحات لرويترز “اعادة بناء النظام الجديد مسألة تراوح مكانها لكن لم تتحرك في الاتجاه الصحيح حتى الان لان الاتجاه الصحيح هو الدعوة لجمعية تأسيسية تضع دستورا جديدا للبلاد… ثم يأتي بعدها انتخابات رئاسية ثم تأتي انتخابات برلمانية.”
ووفقا لخارطة الطريق التي رسمها المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد من المقرر أن تجرى انتخابات برلمانية في سبتمبر أيلول المقبل تليها انتخابات رئاسية في وقت لاحق العام الجاري. وسيعمل البرلمان على تشكيل لجنة تأسيسية لصياغة دستور جديد للبلاد.
واعتبر نور أن “أهم الاخفاقات (منذ انطلاق الثورة) أن بعض التشريعات التي صدرت لم تأت تعبيرا حقيقيا عن ارادة الثورة ولم تأت تعبيرا عن حوار مجتمعي حقيقي.”
وقال نافعة “الثورة لم تكتمل بعد فالكل يدرك حجم الثورة المضادة. فقد قطع رأس النظام لكن الجسد ما زال قائما وعلى الشعب ان يتمتع بالنفس الطويل.”
وأطلق مصطلح “الثورة المضادة” على الافعال والانشطة التي يقوم بها أفراد أو مجموعات بهدف تشويه الثورة أو وضع العراقيل في طريقها.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 6 مايو 2011)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.