مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

أصول القذافي: سويسرا تسلط غرامة ماليّة على موظّف أخلّ بواجب الإبلاغ

معمر القذافي ورفيقه دبيبة
علي الدبيبة (على اليسار)، ومعمر القذافي (على اليمين). وصل معمر القذافي إلى السلطة في انقلاب عسكري عام 1969 واستمرّ حكمه حتى الإطاحة به عام 2011. وعدّ علي الدبيبة عضوًا مؤثرًا في حكومته لسنوات عديدة. وقد ترأس شركة أوداك الحكوميّة، 20 عاما. Facebook/CCRP/Keystone-SDA

على مدار عدة سنوات، أدار بنك كريدي سويس أصولا غير مشروعة بحيازة فئة مؤيدة لنظام القذافي في ليبيا، ما يعد خرقاً لقوانين مكافحة غسيل الأموال. وقد فرضت وزارة المالية السويسرية غرامة مالية على الموظف المسؤول. ذلك ما توصلت إليه دراسة استقصائية أجرتها وحدة خاصة من التلفزيون السويسري العمومي الناطق بالألمانية (SRF). 

يُعدّ علي الدبيبة شخصية نافذة في ليبيا، إذ شغل مناصب هامة إلى جانب [الديكتاتور] معمر القذافي لأكثر من عشرين عاماً. كما ترأس شركة أوداك (ODAC) الحكوميّة المكلفة بإعادة إعمار ليبيا، ولكن كشفت التحقيقات التي أجريت بعد اغتيال القذّافي وسقوط نظامه عام 2011، إهدارها مليارات الدولارات في الواقع، وأنّ علي الدبيبة وعائلته الأكثر استفادةً من هذا النظام الفاسد. 

وتربط الدبيبة ثماني علاقات تجارية بكريدي سويس، خلال الفترة الفاصلة بين 1989 و2016. فقد افتُتحت خمسة حسابات باسمه تحديدا، وثلاثة أخرى خُوِّل للتوقيع عليها. وتوصّلت تحقيقات وزارة المالية السويسرية (FDF) إلى هذه المعلومات المهمة. كما تورّط اثنان من أبنائه، وصهره أحمد لملوم أيضًا في فضيحة الفساد هذه. 

كريدي سويس يعلم جيدا أصحاب هذه الحسابات 

اعتَبر البنك علي الدبيبة وأبناءه من الشخصيات المعرّضة بسبب أنشطتهم السياسية، ما استدعى إجراء تحقيق دقيق حول مصادر أموالهم. وقد تولّت فرق مختصّة داخل بنك كريدي سويس، مسؤوليّة تنفيذ هذه التحقيقات، منها الموظف المُدان في القضيّة.  

بعد انهيار نظام القذافي، أدّت شكوك كافية بسويسرا والاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات على شركة أوداك في أغسطس 2011. ووجّهت إليها تهمة تلقّي أموال من برنامج التنمية التابع للدولة الليبيّة، أثناء إدارة الدبيبة لأكثر من 20 عامًا، حُوّلت فيما بعد إلى حسابات استثمارية خاصة. 

الدبيبة مطلوب أيضا لدى الأنتربول 

أفادت وزارة المالية السويسرية، أنّ مؤشرات مبكرة ظهرت لتشير إلى تورّط الدبيبه وأحمد لملوم، في أنشطة غير قانونية. كما تناولت وسائل الإعلام البريطانيّة والأمريكيّة عدّة مرّات على مدى السنوات الأخيرة، التحقيقات الجارية ضده في ليبيا، بتهمة الاختلاس وإساءة استعمال السلطة. كما تبين امتلاك عائلته أكثر من 100 شركة في عشر دول، ويُزعم أنها كانت تحوّل  الأموال خارج البلاد لأكثر من عشرين عامًا. 

وأوردت التقارير الإعلامية، استثمار الدبيبة ملايين اليوروهات في سوق العقارات بلندن وغيرها من المجالات، رغم سقوط القذّافي. وأصدرت الإنتربول عام 2014، مذكرة اعتقال ضده وأبنائه. 

المزيد
معمر القذافي وبشير صالح بشير خلال مؤتمر

المزيد

بشير صالح… قصّة إدانة القضاء السويسري لـ”ذراع” القذّافي المالية

تم نشر هذا المحتوى على بعد أكثر من عقد من التحقيقات، أدان الادّعاء العامّ السويسري بشير صالح بشير، الذراع المالية للقذّافي، بتهمة غسيل الأموال والمشاركة في منظمة إجرامية. كواليس القضية.

طالع المزيدبشير صالح… قصّة إدانة القضاء السويسري لـ”ذراع” القذّافي المالية

كان على كريدي سويس اتخاذ تدابير منذ عام 2012 

يتضح ذلك جليا من خلال إشعار العقوبات الصادر عن وزارة المالية السويسرية، الذي تحصّلت عليه مؤسسة “أس أر أف إنفستغتيف”. وأثارت عائلة الدبيبة عام 2012، قلقًا داخل البنك، ما دفع فريق التحقيق إلى التوصية بإنهاء العلاقة التجارية معها. ورغم توازن بعض الحسابات، استمر تعامل بنك كريدي سويس، مع علي الدبيبة حتى أبريل 2016. ومع ذلك، لم يتواصل بنك كريدي سويس مع مكتب الإبلاغ عن غسيل الأموال حتى عام 2018. 

في فبراير 2022، نشرت وسائل إعلام دولية عديدة، منها صحيفة زود دويتشه تسايتونغ، ومشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد (OCCRP)، وصحيفة الغارديان، وصحيفة نيويورك تايمز، وصحيفة لوموند، تحقيقًا تحت عنوان ”أسرار سويسرية“، تناول أساسا، تسريب معلومات عن أكثر من 30,000 فرد من كريدي سويس. ومُنعت وسائل الإعلام السويسريّة من نشر نتائجه، بسبب السرية المصرفية.  

وقد كشفت التحقيقات بعض الأمور، منها احتفاظ علي الدبيبة وغيره من الدوائر المقرّبة من نظام القذافي بحسابات في بنك كريدي سويس، تحتوي عدة ملايين من الدولارات. وقد تجاهل البنك حينئذ إشارات التحذير، دفاعا عن نفسه ضد الاتهامات الموجهة إليه. وأكّد في بيان ”أسرار سويسرية“ الصادر في فبراير 2022، أنّه كافح التهرب الضريبي، وغسيل الأموال في سويسرا وخارجها، عبر ممارسة ضوابط صارمة. وأورد البيان: ”يرفض كريدي سويس بشدة الادعاءات والاستنتاجات المتعلقة بالممارسات التجارية المزعومة“. ويعتبر البنك القضايا المعروضة قديمة، بل عفا عليها الزمن، وتعود إلى ”زمن تختلف فيه القوانين، والممارسات، والتوقعات الخاصة بالمؤسسات المالية، تمامًا عنها في الحاضر تماما“. 

كيف يمكن أن يحدث هذا؟ لا يمكن تقديم إجابة كافية عن هذا السؤال. فقد اتّضح أنّ الموظف المدان لم يقم بإجراء تحقيق دقيق في عدة مناسبات، كما أنه تجاهل التوصيات. لذلك، سيتعرض لغرامة قدرها 2,000 فرنك سويسري. لقد أُغلق الملف، ولا توجد أي خطوات إضافية من قبل إدارة الشؤون المالية. 

ولا يزال الجمهور يطلب معرفة دواعي غياب ردّة فعل فوريّة من قبل الهيأة المديرة للبنك، ومن يتحمل مسؤولية القرارات الخاطئة السابقة؟ وإلى أي مدى ساهمت هيكلة البنك المركزي السويسري في تيسير هذه القرارات؟ 

ترجمة: عبد الحفيظ العبدلي

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية