حصري- وزير خارجية العراق: “سويسرا ستعيد فتح سفارتها في بغداد خلال أشهر”
أعلن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في مقابلة حصرية مع سويس إنفو، أن سويسرا ستعيد فتح سفارتها في بغداد في غضون أشهر، منهيةً بذلك عقوداً من إغلاق السفارة.
تم نشر هذا المحتوى على
11دقائق
صحفية حائزة على جوائز ومسؤولة القسم العربي في سويس إنفو. عملت لدى عدّة وسائل إعلام عربية ودولية قبل انتقالها إلى سويسرا عام 2021. تغطّي قضايا حقوق الإنسان والهجرة والعلاقات الخارجية.
يوم الجمعة 24 مايو، أعادت سويسرا رسمياً إلى العراق ثلاث قطع أثرية مهمة من بلاد ما بين النهرين، كان قد تم استيرادها بشكل غير قانوني إلى سويسرا، وذلك خلال حفل أقيم في المكتب الفدرالي للثقافة في برن. وقدمت وزيرة الداخلية السويسرية إليزابيث باوم-شنايدر المنحوتتين والتمثال الآشوريين إلى نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية العراقي فؤاد حسين. وقد تضمنت زيارة حسين، التي استمرت ثلاثة أيام، لقاءً مع بيات يانس وزير العدل والشرطة السويسري.
تحدّثت سويس إنفو إلى الوزير العراقي عن النجاح في استعادة القطع الأثرية المنهوبة، وإعادة فتح السفارة السويسرية في بغداد، ومجالات التعاون الأوسع نطاقاً مثل التنمية الاقتصادية والهجرة والتبادل الثقافي.
سويس إنفو: نجح العراق في استعادة العديد من القطع الأثرية المسروقة من مختلف البلدان، بما في ذلك سويسرا. هل يمكنكم تقديم المزيد من التفاصيل حول إعادة القطع الأثرية الآشورية مؤخراً؟
فؤاد حسين: نحن في وزارة الخارحية العراقية كنا قد تبنّينا، بالإضافة إلى سياستنا الخارجية العامة، سياسة أسميناها ديبلوماسية الاسترداد، والتي تعني استعادة الآثار المنهوبة من العراق. وقد بدأ نهب الآثار العراقية منذ الحصار على العراق في 1991، ثم بعد 2003، سرقت مئات القطع وتم بيعها في الأسواق العالمية. لكن أكبر حملة لسرقة الآثار حدثت مع تنظيم الدولة الإسلامية (المعروف سابقًا بداعش). فعندما سيطر التنظيم على عدة مناطق، بما في ذلك محافظة نينوى، قام بسرقة آلاف القطع الأثرية وبيعها في الأسواق الغربية بشكل خاص.
بفضل سياستنا الجديدة، استطعنا إعادة آلاف القطع، فقد استرجعنا على سبيل المثال، 17 ألف قطعة أثرية من الولايات المتحدة، وذلك في حملة واحدة. والعملية ما تزال مستمرة. بالنسبة لسويسرا، هذه القطع الثلاثة التي تم استردادها اليوم تساوي ملايين الدولارات، بالإضافة إلى قيمتها الأثرية والحضارية الكبيرة. نحن بصدد استعادة آثارنا التي تمثل الحضارة العراقية، حضارة بلاد الرافدين. اليوم كان يوما مهما في هذا المجال.
تعتبر سويسرا إحدى دول العبور الرئيسية للقطع الأثرية المسروقة، بما في ذلك من العراق. كيف تقيّمون دورها في استعادة آثاركم المنهوبة؟
دور سويسرا كان إيجابيا بالفعل ونحن نشكر الحكومة الفدرالية على ذلك. وهناك قطع أخرى نعمل على استردادها من هنا بالفعل، وهي عشرون قطعة نقدية من العصر العباسي، وقطعتان من فترة ما قبل الميلاد.
القطعة الأثرية الأولى التي أًعيدت إلى العراق هي تمثال جزئي، يعود تاريخه إلى ما بين 1700 إلى 2800 سنة، وكان قد تم اكتشافه خلال عمليات التنقيب الرسمية في العراق، وأُخرج من البلاد في تاريخ غير معروف.
أما المجموعة الثانية من القطع الأثرية فهي عبارة عن تمثالين آشوريين كبيرين يعودان إلى القرن الثامن قبل الميلاد، تم اكتشافهما في موقع نمرود/ كالهو الأثري البارز.
وأخيراً، قامت سويسرا بإعادة جزء من تمثال نصفي ملكي إلى العراق. ويرتدي التمثال النصفي سترة مطوية وعباءة ملكية مزينة بالمعلقات. ويعود أصله إلى مدينة الحضر القديمة، ويرجع تاريخه إلى القرنين الثاني والثالث الميلاديين.
وقد تم مصادرة القطع الأثرية الثلاث خلال إجراء جنائي في كانتون جنيف العام الماضي. وقد حُكم على المتهم الرئيسي في القضية بالسجن بتهمة تزوير الوثائق وانتهاك قانون نقل الممتلكات الثقافية، الذي يحظر نقل الممتلكات الثقافية المسروقة أو المنهوبة.
في عام 2021، قامت سويسرا بأول زيارة رسمية لها إلى العراق منذ أكثر من 40 عاماً، وجرت خلالها مناقشات حول إمكانية إعادة فتح سفارة سويسرية في العراق. ما هي الآفاق والآثار المحتملة لإعادة إنشاء بعثة دبلوماسية كاملة في بغداد؟
لقد جمعتني عدة لقاءات مع مسؤولين سويسريين، من بينها في المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس، خلال دورات 2021 و2022 و2023 على التوالي، وبمناسبة مؤتمرات أوروبية أخرى. كما أن زيارة وزير الخارجية السويسري إلى بغداد، ساعدت في إقناع الجانب السويسري بإعادة فتح سفارة سويسرية في بغداد. ونحن سعداء بهذه الخطوة المهمّة ونتطلع إلى افتتاحها رسميا وتطوير علاقاتنا الثنائية.
هل تمّ تحديد تاريخ في هذا الصدد؟
إنها مسألة أشهر، حيث نتوقع أن يتم إعادة افتتاح السفارة في شهر سبتمبر المقبل.
بالإضافة إلى استرداد الآثار، ما هي أولوياتكم الحالية في إطار العلاقات الثنائية؟
زيارتي تأتي بالأساس في إطار تطوير العلاقات الثنائية. فبالإضافة إلى التسلّم الرسمي للآثار المنهوبة، كانت هناك عدّة ملفات على أجندتي بالفعل، وعلى رأسها مسألة الهجرة، والأموال العراقية المنهوبة والتي تحتجزها السلطات السويسرية. أولوياتنا، في الحقيقة، ذات صبغة اقتصادية، حيث نؤمن بأن الشركات السويسرية يمكن لها أن تلعب دورا مهمّا في إعادة بناء الاقتصاد العراقي ونتطلّع إلى ذلك، على غرار مجال الأدوية. وفي هذا الإطار، جمعتنا لقاءات مع شركة نوفارتيس من بين شركات أخرى.
تعطي سويسرا الأولوية للسلام والأمن وحقوق الإنسان في استراتيجيتها للشرق الأوسط وشمال أفريقيا. هل يمكنكم مشاركة بعض الأفكار حول الجهود التعاونية الحالية بين العراق وسويسرا في هذه المجالات، وما هي المبادرات المستقبلية المخطّط لها؟
هناك منظمات سويسرية غير حكومية تنشط في العراق، ونحن بدورنا نرصد السياسة السويسرية تجاه القضايا المهمة في الشرق الأوسط. في لقائي مع ممثلة وزارة الخارجية، مايا تيسافي، وهي رئيسة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ناقشنا هذه القضايا، ولا سيّما موضوع غزة والقضية الفلسطينية. ونحن نتطلع إلى موقف متقدّم أكثر من الجانب السويسري بخصوص هذه القضية.
فسويسرا دولة مهمة، ليس فقط من الناحية الاقتصادية، ولكن أيضًا من حيث قدرتها على جلب الأطراف المتنازعة إلى طاولة المفاوضات. لدى سويسرا والعراق نظامان سياسيان فدراليان، ونحن حريصون على الاستفادة من تجربة سويسرا في هذا المجال.
تحدثتم عن موضوع الهجرة، كيف يعمل العراق مع سويسرا فيما يتعلق بهذه القضية؟
في لقائي مع وزير العدل والشرطة، ناقشنا وضع مجموعة صغيرة من العراقيين في سويسرا الذين يعيشون هنا دون تصريح إقامة. وتحدثنا عن إتاحة الإمكانية لأولئك الذين يرغبون في العودة طوعًا إلى العراق، مع عرض سويسرا تقديم الدعم والمساعدة المالية في عودتهم. ونحن على استعداد للتعاون والعمل معًا في هذا الشأن.
هل نتحدث هنا عن إعادة، أم عودة طوعية بالتنسيق مثلا مع المنظمة الدولية للهجرة؟
إنه في الأساس، تنسيق بين الحكومتين، وينعكس ذلك في إعلان النوايا المشترك بين جمهورية العراق والفدرالية السويسرية بشأن التعاون في مجال الهجرة الذي وقّعناه سابقًا.
يمكن للباحثين.ات والفنانين.ات العراقيين.ات التقدم بطلب للحصول على منح التميّز الدراسية من الحكومة السويسرية (Swiss Government Excellence Scholarships). ما مدى أهمية هذا البرنامج بالنسبة للتطور التعليمي والثقافي في العراق، وما الذي يمكن فعله أكثر من ذلك لتعزيز التبادل الأكاديمي والثقافي بين البلدين؟
لقد ناقشنا هذا الأمر مع وزيرة الداخلية السويسرية بوم شنايدر. ونحن نهدف إلى ما هو أبعد من مجرد تقديم الدعم والمنح للطلاب العراقيين. لقد وجّهنا أيضاً دعوة إلى خبراء في القطع الأثرية من سويسرا للقدوم إلى العراق والمساهمة بخبراتهم في إعادة إعمار المواقع الأثرية. وهناك مناقشات مستمرة حول الأدوات والآليات اللازمة لتسهيل هذا التعاون الثقافي بين البلدين.
منذ عام مضى، تعرضت السفارة العراقية في برن لهجوم من قبل مجهولين. هل يمكنكم إطلاعنا على التحقيقات والتدابير التي اتخذتها السلطات العراقية والسويسرية لتعزيز أمن البعثة الدبلوماسية العراقية؟
نحن نأسف لذلك الهجوم بالفعل وكنا قلقين على موظفي السفارة والقائمين عليها، ولكن والحمد لله لم يكن هناك خسائر. وقد كانت السلطات السويسرية قد فتحت تحقيقًا في الغرض، ولكن لم يتم إبلاغنا بالنتائج بعد. ونحن نأمل أن تطلعنا السلطات على نتائج التحقيق قريباً.
تحرير: فيرجيني مانجين
ترجمة: أمل المكي
مراجعة: مي المهدي
قراءة معمّقة
المزيد
سياسة فدرالية
اقتراع فدرالي: هل تحتاج عقود إيجار العقارات في سويسرا إلى تعديل؟ الكلمة للشعب
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.
اقرأ أكثر
المزيد
أوّل زيارة رسمية لوزير خارجية سويسري إلى العراق منذ أكثر من 40 عاما
تم نشر هذا المحتوى على
يزور إينياتسيو كاسيس، عضو الحكومة الفدرالية، ثلاث دول في منطقة الشرق الأوسط هذا الأسبوع في إطار استراتيجية وطنية تهدف إلى تعزيز الاستقرار في المنطقة.
تم نشر هذا المحتوى على
بعد العمل كإعلامية وصحفية لمدة 40 عاماً، وكتابة رواية ومجموعة من القصص القصيرة، لا تجد ذكرى محمد نادر لنفسها في سويسرا إلّا تويتر كمنصة لتعرض وتشارك آراءها حول العراق والعالم.
المحتجزون السويسريون في سوريا والعراق: هل يُعتبر القتال من أجل الدولة الإسلامية جريمة؟
تم نشر هذا المحتوى على
سألني ابني، وهو أمريكي نشأ في سويسرا، وقد أصبح الآن مواطناً مزدوج الجنسية، عمن يكون. وعندما رفضت الإجابة لأنه سؤال معقد للغاية، قاطعني قائلاً إنه يسأل عن جنسيته فقط. "هل أنا أمريكي أم سويسري؟" أراد أن يعرف. أراد المراهق الفضولي تعريفاً واضحاً لهويته العامة، وهو أمر من السهل الإجابة عنه من الناحية القانونية ولكن ليس من السهل الإجابة عنه من الناحية الذاتية المتعلقة بما ينتاب المرء من مشاعر وأحاسيس.
إن الإجابة على هذا السؤال أمر معقّد بالنسبة للحكومات أيضاً. يقول أرسطو: "طبيعة المواطنة ... هي في الغالب مسألة متنازع عليها: من المؤكد أنه لا يوجد إجماع عام على تعريف واحد". ولعل الأزمة الحالية حول المعتقلين من مقاتلي وأتباع الدولة الإسلامية (ISIS)، توضّح إلى أي مدى يمكن أن يكون مفهوم المواطنة معقداً و "وموضع خلاف ".
فالحكومة السويسرية الآن بصدد مناقشة ما يترتب عليها فعله مع المواطنين السويسريين ومزدوجي الجنسية المعتقلين الذين انضموا إلى الدولة الإسلامية في العراق أو سوريا. هل يجب على الحكومة تنظيم عودتهم؟ أم يجب محاكمتهم في مكان احتجازهم؟ وعن هذين الخيارين، تطرح وزيرة العدل في سويسرا، كارين كيلر-سوتر السؤال التالي: " هل يجب علينا أن نعرّض مواطنينا للخطر مقابل استعادة أشخاص غادروا بمحض إرادتهم للقتال في سوريا والعراق؟".
أما الخيار الثالث فهو إلغاء جوازات سفرهم إذا كانوا مزدوجي الجنسية، إذ لا يمكن جعلهم قانونياً عديمي الجنسية.
وبحسب القانون السويسري فإنه يمكن إلغاء جوازات سفر المواطنين مزدوجي الجنسية إذا كانت أفعالهم تتعارض مع مصالح سويسرا أو مع سمعتها. وهذا الإجراء ينطبق على من تمت إدانته لارتكابه جريمة خطيرة متعلّقة بأنشطة إرهابية أو بتهمة التطرف العنيف مثل الإبادة الجماعية أو جرائم ضد الإنسانية. وحتى هذه اللحظة، لم يحدث شيء من هذا القبيل.
آراء متباينة
هذه المعضلة ليست فقط مشكلة سويسرية. فالقوات السورية الديمقراطية التي يقودها الأكراد، تدعي بأنها احتجزت أكثر من 900 مقاتل أجنبي في سوريا. فهل ما يزال لهؤلاء المحتجزين حقوق كمواطنين؟ وهل ما تزال لدى البلدان التي يحملون جوازات سفرها، التزامات تجاههم؟ ولطالما أن المعتقلين لم يتخلوا رسميّاً عن جنسيتهم وما يترتّب على هذه الجنسية من حقوق، فإن أفعالهم يمكن تصنيفها كخيانة أو كحد أدنى من انتهاك مصالح البلد الذي يحملون جنسيته. وبحسب مقالة نُشِرت في صحيفة "تريبون دي جنيف"، فإن جهاز المخابرات السويسرية يقول إن هناك ما يقرب من 20 جهادياً سويسرياً ومزدوج الجنسية حالياً في منطقة الصراع السورية - العراقية.
وفي برن، تتباين الآراء حول ما يجب فعله مع هؤلاء المعتقلين. فمن جهة، هناك من يؤيد مبدأ نزع الجنسية عنهم، ومن جهة أخرى هناك من يؤيد مبدأ محاكمتهم حيث تم احتجازهم. ويحتج كارلو سوماروغا، وهو عضو في لجنة الأمن السياسي قائلاً:" أن الاعتقاد بأن السويسري الذي يتم إلغاء جواز سفره لن يلجأ إلى العودة بطريقة غير شرعية ليس إلا وهماً. إن أفضل حل من أجل أمن البلاد هو إعادتهم إلى وطنهم، ومحاكمتهم، ثم جعلهم يقضون مدة عقوبتهم هنا. هذه هي أفضل طريقة للسيطرة عليهم". وهل سويسرا أصلاً في حالة حرب مع الدولة الإسلامية؟
'قنبلة موقوتة'
وكما هو الحال في برن حيث تتباين الآراء بهذا الشأن، كذلك هو الحال في الدول الأخرى حيث لا إجماع حول ما يجب فعله مع جهادييها. وعلى هذا الصعيد، قامت بريطانيا بإلغاء جنسية مراهقة أصبحت "عروس داعش" لمدة أربع سنوات. وبموجب القانون البريطاني، يمكن إلغاء الجنسية المعطاة لشخص ما، إذا كان ذلك " مؤاتياً للصالح العام" ولا يجعل منه شخصاً عديم الجنسية.
أما فيما يتعلّق بالولايات المتحدة، فيقول محام متخصص في شؤون الهجرة لصحيفة نيويورك تايمز إن هناك ظروفاً تستطيع فيها حكومة الولايات المتحدة إلغاء الجنسية، كالإدانة بالخيانة العظمى مثلاً. لكنه أضاف أن الانتماء إلى جماعة إرهابية أو تقديم المساعدة لها لا يُعتبر سببا كافياً لفقدان الجنسية.
وتحتجز الولايات المتحدة العديد من الجهاديين. ويقول الرئيس ترامب في تغريدة له على تويتر: "إن الولايات المتحدة تطلب من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وحلفاء أوروبيين آخرين أن يقوموا باستعادة أكثر من 800 من مقاتلي داعش اعتقلوا في سوريا، وتم تقديمهم للمحاكمة. الخلافة على وشك السقوط. البديل عن استعادتهم ليس جيداً، لأننا سنضطر عندئذٍ إلى إطلاق سراحهم".
وبما أنه قد تمّت السيطرة على آخر معقل لتنظيم "الدولة الإسلامية"، وبدأت القوات الأمريكية بالانسحاب، فسوف يتعين على الدول الأوروبية أن تقرر ما ستفعله مع مواطنيها الذين انضموا إلى الدولة الإسلامية. كثير من هذه الدول تتردد في عودة مواطنيها خشية أن يكونوا تهديداً للأمن المحلي، كما تقول كيلر سوتر. لكن وزارة الداخلية الألمانية أوضحت أن المواطنين الألمان لهم الحق "من حيث المبدأ" في العودة. ومما يزيد الوضع تعقيداً، ما صرّح به مسؤول كردي حيث قال إن المعتقلين "قنبلة موقوتة" يمكن أن تنفجر عندما تنسحب القوات الأمريكية، لأن فرص الهروب ستكون كبيرة جدّاً.
عقد سياسي
هل للمحتجزين أي حقوق ترتكز على أساس جوازات سفرهم وجنسياتهم؟ الجنسية هي هوية عامة تعطي حاملها الحق بحماية الدولة التي ينتمي إليها. ولأنني مواطن في بلد ما - بالقرابة أو بالإقامة - يمكن لدولة هذا البلد أن تفرض عليّ واجبات معيّنة مثل احترام القوانين أو دفع الضرائب، كما يمكنني أن أطالب بدوري الدولة بالقيام بواجباتها تجاهي، كحمايتها لي. هذا هو العقد السياسي بين المواطنين وحكومتهم.
وبالنسبة لأولئك السويسريين الذين تم اعتقالهم في سوريا أو العراق، ألا يحق لهم أن يعوّلوا على الحكومة السويسريّة في تقديم شكل من أشكال الحماية لهم؟ إن كونهم قد غادروا البلاد للانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية لا يلغي تلقائياً جنسيتهم، أقله في الوقت الحالي.
وتبين حجة وزيرة العدل أن الخوف من عائد "يعرّض" سويسرا للخطر، أقوى من حق الشخص في محاكمة عادلة في سويسرا. وتصرح قائلة: "بالنسبة لي، فإن الأولوية تبقى أمن السكان السويسريين وقوات الأمن السويسرية".
ولكن ماذا عن حقوق المُحتجز؟ هل خسر جميع حقوقه بالانضمام إلى الدولة الإسلامية؟ وطالما لم يتم إلغاء جنسية هذا الشخص، فإنه من الواجب أن يُمنح كمواطن سويسري محتجز شكلاً من أشكال من الحماية.
تتعرض سياسات العالم باستمرار للتحدي بسبب قضايا السيادة والهوية. كان سؤال ابني سؤالاً وجيهاً، خاصة في عالم تتزايد فيه التدفقات البشرية عبر الحدود وداخلها. لقد أضحت الهويات الشخصية المتعددة والمواطنة المتعددة جزءاً من العالم الحديث. أكثر من واحد من كل خمسة مواطنين سويسريين يحمل جنسية مزدوجة.
إن التصريحات الرجعية لانعدام الأمن القومي، كتلك التي تنادي بضرورة إقامة جدران حدودية أو بمحاكمة السويسريين في سوريا أو العراق، تقلل من شأن احترام حقوق الإنسان ومن دور سويسرا في حماية كل مواطن. للمواطنين السويسريين الحق في الحماية من قبل حكومتهم. ومن حق المحتجزين أن تتم استعادتهم إلى سويسرا.
The views expressed in this article are solely those of the author, and do not necessarily reflect the views of swissinfo.ch.
شارف على الإنتهاء... نحن بحاجة لتأكيد عنوان بريدك الألكتروني لإتمام عملية التسجيل، يرجى النقر على الرابط الموجود في الرسالة الألكترونية التي بعثناها لك للتو
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.