مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

ما هي اليونيفيل؟ وكيف تساهم سويسرا في حفظ السلام؟ 

مراقب عسكري سويسري يقوم بمراقبة مرتفعات الجولان في إسرائيل.
يمسح مراقب عسكري سويسري مرتفعات الجولان، التي ضمتها إسرائيل خلال حرب الأيام الستة، عام 1967. swissinfo.ch

تتعرّض قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام لإطلاق النار، فيما تستهدف إسرائيل حزب الله في جنوب لبنان. تستعرض سويس إنفو دور قوّات اليونيفيل، وسويسرا في هذه المنطقة المضطربة.   

ما هي اليونيفيل؟  

 تنتشر قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) في جنوب البلاد، وقد تأسست “اليونيفيل”، قوة حفظ سلام قوامها 10،000 جندي في مارس 1978، بقرار من مجلس الأمن الدولي، عقب الاجتياح الإسرائيلي الأول للبنان، رداً على هجمات فلسطينية منه. وأكّد تفويض اليونيفيل الأوّلي انسحاب القوات الإسرائيلية من هناك، واستعادة السلام والأمن الدوليين، ومساعدة الحكومة اللبنانية في إعادة بسط سلطتها في المنطقة.   

وتتألف اليونيفيل في المقام الأول، من انتداب أفراد من الجيش والشرطة الوطنيين من عدة بلدان، للعمل مع الأمم المتحدة، رغم الحضور المدني بنسبة صغيرة. وتشمل مجموعة الدول الأوروبية المساهمة فيها إيطاليا، وفرنسا، وإسبانيا، وإيرلندا. وتعدّ إيطاليا أكبر مساهم غربي من حيث عدد القوات الي بلغ عددها 900 فرد. في حين تمثّل إندونيسيا أكبر مساهم في البعثة، إذ يبلغ عدد جندها 1231 فردا. 

محتويات خارجية
Embed:

كيف تطورت مهمة اليونيفيل؟  

واجهت اليونيفيل تحديات كبيرة على مرّ العقود. وقد انعكست التغييرات العسكرية الطارئة بين إسرائيل ولبنان على ولايتها.  

 لقد نفّذت إسرائيل في يونيو 1982 اجتياحاً ثانياً للبنان، ما مهّد الطريق لإنشاء منطقة أمنية في جنوبه، حافظت عليها إسرائيل بدعم من جيش الجنوب الذي تهيمن عليه الطائفة المسيحية، حتى عام 2000. ثم ظهرت حركة حزب الله، المدعومة من إيران، لمقاومة هذا الاحتلال، وقوي حضورها السياسي والعسكري هناك.  

وأعلنت إسرائيل انسحابها الكامل من لبنان في أبريل 2000. فانسحبت قوات جيش الدفاع الإسرائيلي وقوات جيش لبنان الجنوبي بحلول مايو، ما دفع الأمم المتحدة إلى إنشاء ما يسمى بالخط الأزرق للتحقق من الانسحاب، إيذاناً بنهاية الاحتلال. وفي أكتوبر من ذلك العام، أيّد مجلس الأمن الدولي هذا التطور بالقرار 1310، مشجعاً لبنان على تعزيز وجوده في الجنوب، معقل حزب الله آنذاك.  

وتبنى مجلس الأمن عام 2006، عقب الحرب بين إسرائيل وحزب الله، القرار 1710 الذي وسّع من ولاية اليونيفيل كثيرا بزيادة عدد قواتها إلى 15،000 فرد، ومثلها من لبنان، وإنشاء قوة بحرية لمساعدة البحرية اللبنانية في مراقبة المياه الساحلية، ومنع عمليات نقل الأسلحة غير المصرّح بها.    

ما الفرق بين اليونيفيل واليونتسو؟

 تعمل اليونيفيل ضمن الإطار الأوسع لهيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة (يونتسو)، التي توفّر المراقبة العسكرية لدعم عمليات السلام، وتشارك سويسرا بنشاط فيها.   

تأسست اليونتسو، أول بعثة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة، عام 1948. وتتألف من حوالي 150 فردا عسكرياً غير مسلّح، وأكثر من 200 خطة وظيفية (موظف وموظفة).   

وتساعد الهيئة المراقبة في اليونتسو أعضاءَ اليونيفيل في جنوب لبنان، وقوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك في مرتفعات الجولان، التي استولت عليها إسرائيل من سوريا في حرب الأيام الستة عام 1967، ولا تزال تحتلها عسكرياً حتى اليوم. كما تحتفظ هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة بمكاتب اتصال في مصر، وإسرائيل، والأردن، ولبنان، وسوريا، وذلك لتعزيز الحوار والتعاون الإقليمي. 

ما هي التحديات التي تواجهها اليونيفيل حالياً؟ 

تعرضت اليونيفيل لأكثر من 20 هجوماً في جنوب لبنان منذ بداية شهر أكتوبر 2024، عندما شنت إسرائيل هجومها البري في البلاد بهدف تدمير حزب الله. وتتبادل الجماعة المسلحة وإسرائيل إطلاق النار عبر الحدود منذ بداية الحرب على غزة في أكتوبر 2023.  

وفي 29 أكتوبر، سقط صاروخ يرجّح أن يكون قد أطلقه حزب الله أو جماعة تابعة له، على مقر اليونيفيل في الناقورة من جنوب لبنان. وقد أصيب ثمانية أفراد من قوات حفظ السلام، جميعهم من النمسا، بجروح طفيفة وسطحية عند إصابة الصاروخ ورشة عمل للمركبات، ما تسبب في اندلاع حريق. 

وقد عرّض الهجوم البري الإسرائيلي في لبنان، قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة للخطر مرارًا وتكرارًا. ففي 7 نوفمبر الجاري، أصيب ستة من جند ماليزيا لحفظ السلام في غارة إسرائيلية مميتة بطائرة دون طيار، أثناء عبور نقطة تفتيش على متن حافلة المنظّمة. كما قُتل ثلاثة أشخاص في سيارة قريبة.  

 وفي اليوم التالي، قالت اليونيفيل إن الجيش الإسرائيلي استخدم الحفارات والجرافات، لتدمير سياج وهيكل خرساني في إحدى نقاط حفظ السلام التابعة لها.  

وقد اعتبرت البعثة مثل هذه الأعمال متعمّدة. واتهمت القوات الإسرائيلية في أكتوبر الماضي، بانتهاك قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، المحدد لنهاية الأعمال العدائية السابقة بين إسرائيل وحزب الله. وأشارت إلى استهداف الغارات الإسرائيليّة أفرادها في حوادث متعددة، ما أدى إلى وقوع إصابات، وتعطيل العمليات، وإلحاق الضرر بالبنية التحتية.  

وترفض إسرائيل اتهامها بتعمد استهداف قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. وقال رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو في بيان مصور في 14 أكتوبر، على اليونيفيل “الابتعاد مؤقتاً عن طريق الأذى”. وتقول البعثة كذلك طالبها الجيش الإسرائيلي مراراً وتكراراً “بإخلاء مواقعها على طول الخط الأزرق، وتعمد الإضرار بمواقع الأمم المتحدة”.   

وقد حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الشهر الماضي، من أن الهجمات على اليونيفيل “قد تشكّل جريمة حرب”. وتقول بعثة حفظ السلام إنها تخطط للبقاء في مواقعها، رغم الضغوط الممارسة عليها وعلى الدول المساهمة بقوات ضمنها. 

ما دور سويسرا في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة؟ 

لا تشارك سويسرا بشكل مباشر في بعثة اليونيفيل في لبنان، أو في بعثة قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك في مرتفعات الجولان. وقد أوضح ذلك دانيال سيكلر، رئيس قسم الاتصالات في القيادة الدولية للقوات المسلحة السويسرية “سويس إنت”، في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى سويس إنفو (SWI swissinfo.ch):  “يونتسو هي البعثة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تضمّ أفرادا من الجيش السويسري”.  

وتتولى القيادة الدولية للقوات المسلّحة السويسرية، تنفيذ مهمة حفظ السلام السويسرية في الخارج، على النحو المبين في الدستور الفدرالي والقانون العسكري. وتمثّل هذه المهمة إحدى مسؤوليات القوات المسلّحة السويسرية الأساسية الثلاث. 

وقد دأبت سويسرا على إرسال هيئة مراقبة عسكرية وفريق من ضباط الاتصال دون سلاح، إلى عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام في جميع أنحاء العالم، منذ عام 1990. ويساهم في هذه البعثات حالياً، قرابة 300 شخص بين جندي ولواء، في 18 بلداً.  

ويتمركز أفراد من الجيش السويسري في المواقع التالية، ضمن هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة؛ إسرائيل (ثلاثة أفراد، بما في ذلك رئيس البعثة)، وسوريا (ستة أفراد)، ولبنان (ثلاثة أفراد)، ومصر (فرد واحد). ولم يُنشر أي موظف سويسري أو موظّفة في الأردن، رغم انتمائه إلى منطقة عمليات هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة.  

وبلغت مساهمة سويسرا في هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة محطة بارزة في أكتوبر 2021، عندما عيّن أمينُها العام غوتيريش، اللواءَ السويسري، باتريك غاوشات، رئيساً لبعثتها، لأول مرة يتولى فيها ضابط سويسري قيادة بعثة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة. 

>> شاهد.ي فيديو المقابلة مع الرئيس السويسري لهيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة حول تحديات مراقبة وقف إطلاق النار في الشرق الأوسط.

تحرير: ليندسي جونستون/دس

ترجمة: أمل المكي

مراجعة: عبد الحفيظ العبدلي

التدقيق اللغوي: لمياء الواد

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية