شباب بين القلق والإدمان
تشعر أغلبية من الشباب في سويسرا ببعض الاضطرابات النفسية، مما يعرضها لمخاطر الإدمان على الكحول والمخدرات، رغم أن هؤلاء الشباب يتمتعون بصحة جيدة.
هذه هي نتيجة آخر دراسة اجرتها وزارة الصحة بالتعاون مع الأجهزة التعليمية في 18 كانتون.
عوامل اجتماعية مختلفة تقف وراء هذه النتيجة، التي توصلت إليها دراسة مدعومة من وزارة الصحة السويسرية بالتعاون مع الاجهزة التعليمية في 18 كانتون، حول الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و 20 عاما.
وحرص القائمون عليها على تغطية مناطق مختلفة في سويسرا، مع إضفاء البعد الأكاديمي عليها، من خلال مشاركة خبراء من جامعتي لوزان وبرن، إلى جانب السلطات الصحية في كانتون تيتشينو الجنوبي.
أما الشعور بالصحة، فهو نتيجة توفر الرعاية الصحية الجيدة والدراية الكافية بأصول التغذية الصحيحة، إلى جانب مستوى المعيشة المرتفع الذي يحمل معه رفاهية في أغلب جوانب الحياة.
خوف .. وقلق واضطرابات
في المقابل، يشير الجانب النفسي إلى العكس تماما، حيث تلعب عوامل اجتماعية كثيرة دورا في إحساس نسبة عالية من الشباب بعدم وجود من يمكن اعتبارهم مثلا عليا يمكن الاقتداء بها، سواء في الحياة اليومية أو العملية.
وتشعر نسبة كبيرة من الشباب بعدم الاستقرار نتيجة ركود الاقتصاد، وانعكاس ذلك على فرص العمل، التي أصبحت محدودة للغاية، مما يؤدي إلى شعور داخلي بالضعف والخوف وعدم الاستقرار.
ولابد لهذه المشاعر المتضاربة، أن تنعكس على السلوك العام للشباب، فنصف الفتيات المشاركات في تلك الدراسة أعربن عن حاجتهن الأكيدة لمساعدة خارجية للتغلب على هذا الضغط النفسي والعصبي الذي تتعرضن له يوميا، وتنخفض هذه النسبة إلى الثلث لدى الذكور، والقاسم المشترك بينهما هو أن نسبة غير قليلة فكرت في التخلص من الحياة، أي الانتحار.
ومن الطبيعي أن تأخذ تلك الحالة النفسية السيئة منحى آخر، فإتجه أغلب الشباب إلى التدخين والإقبال على تعاطي الكحول والمخدرات، وما يثير الخوف حقا هو ارتفاع نسبة الفتيات المتعاطيات لتلك المشروبات.
مؤشرات غير مريحة
وتزداد الصورة قتامة، إذا عرفنا أن ما بين 60 و75% من الشباب تتراوح اعمارهم بين 16 و 20 عام جربوا على الأقل مرة واحدة تعاطي مخدر الحشيش، بينما كانت هذه النسبة تتراوح بين 35 و 40% قبل عشر سنوات فقط، ونفس النسبة تقريبا تنطبق على تعاطي المخدرات القوية الأخرى.
وتقول الدراسة، إن 18% من الفتيات و25% من الشباب تعرضوا لحوادث نصب أو سرقة أو عمليات ابتزاز أو عنف جسدي خلال السنة الماضية، وهي نفس المعدلات التي أظهرتها الدراسة السابقة قبل عشر سنوات.
وتختلف النسب المذكورة أعلاه بين الشباب حسب نوع التعليم الذي يتلقونه، حيث تكثر هذه المشاكل بين المنخرطين في صفوف التعليم المهني عن نظرائهم في التعليم العام. وتسجل الدراسة أن النوع الأول يتعرض لضغوط نفسية أكثر وبشكل مكثف عن الفريق الثاني، ويعزوا الخبراء ذلك إلى نظرة المجتمع للشباب الملتحقين بالتعليم المهني، على أنهم أكثر بلوغا وتحملا للمسؤولية بسبب احتكاكهم بالحياة العملية في وقت مبكر مقارنة مع تلاميذ التعليم العام، بينما هم في الواقع يعانون بشكل أكثر من غيرهم.
والأكثر إيلاما في نتيجة هذه الدراسة، هي أن نسبة الشباب المصابين أو المعرضين للإصابة بأمراض نفسية في ارتفاع متواصل بالمقارنة مع دراسة مشابهة أجريت قبل عشر سنوات.
وعلى الرغم من المجهود الكبير المبذول في تلك الدراسة، إلا أنها اغفلت أوضاع الشباب العاطلين عن العمل، بمن فيهم من لم يتمكن من الحصول على مؤهل دراسي مناسب، وهم بلا شك يعانون بشكل أقوى من الآخرين.
إلا أن الدراسة في حد ذاتها تعتبر جرس انذار كبير للاهتمام بالشباب، في بلد يعتمد أولا وأخيرا على القوى العاملة في إدارة عجلة الاقتصاد.
تامر أبو العينين – سويس انفو
30% من الشباب السويسريين يعانون من مشاكل نفسية، سببها الأساسي التركيبة الاجتماعية والافتقار إلى القدوة الحسنة.
30% من الإناث و 52% من الذكور ممن شملتهم الدراسة فكروا في الانتحار.
42% من المشاركين في الدراسة يتجهون على الكحول هربا من المشاكل النفسية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.