عزة الهندوس ومخاوف المسلمين في صلب انتخابات مهمة في الهند
يجتمع هندوس يأتون من كل أرجاء الهند للصلاة في أيوديا قرب مسجد تراثي هدمه قبل ثلاثة عقود متطرفون ما أثار اعمال شغب طائفية أدت إلى مقتل آلاف الأشخاص، وستكون مسألة بناء معبد في مكان المسجد في صلب انتخابات مهمة تبدأ الخميس.
وهدم مسجد بابري المبني منذ قرون، هز الأسس العلمانية للدولة ومهد الطريق أمام تصاعد القومية الهندوسية بوصفها القوة السياسية المهيمنة.
حاليا يعكف عمال على تشييد معبد هندوسي في الموقع السابق للمسجد، ويخشى المسلمون من أن تؤدي الانتخابات المحلية المرتقبة في الولاية الأكبر من حيث عدد السكان، إلى تكرارا لمثل تلك المحاولات في أماكن أخرى.
وقال أنيل ميشرا، العضو في الصندوق المشرف على مشروع البناء لوكالة فرانس برس “إنه ليس معبدا عاديا” مضيفا “إنه معبد وطني يحمل مشاعر وأحاسيس الناس”.
في منطقة مجاورة منع الدخول إليها، يردد حشد من المؤمنين أدعية للإله رام، وهو من الأكثر عبادة بين الآلهة الهندوس، والذي يعتقد أنه ولد في هذا الموقع قبل آلاف السنين.
لعب حزب الشعب الهندي (بهاراتيا جاناتا) بزعامة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، دورا محوريا في الحملة ضد المسجد الذي بنته سلالة المغول المسلمة التي حكمت معظم شبه القارة الهندية قبل قرون.
منذ هدم المسجد في 1992، أيّد الحزب بحماسة بناء معبد للإله رام في مكانه وتجديد العديد من المواقع الدينية الأخرى.
والآن يبذل الحزب جهودا لتصوير نفسه حارسا لديانة الغالبية في الهند، وضمان إعادة انتخابه في ولاية أوتار براديش، حيث سيدلي أكثر من 200 مليون شخص بأصواتهم في انتخابات ماراثونية تمتد سبعة أسابيع اعتبارا من الخميس.
– سجنوا شبانا مسلمين –
يرى محللون سياسيون أن اوتار براديش حاضنة للحكم الهندوسي المتشدد وأداة فاعلة في جهود حزب الشعب الهندي نحو التحول من هند علمانية إلى أمة للهندوس.
والوزير الأول في الولاية يوغي أديتياناث، متهم بتشجيع أعمال عنف نفذها محليون بحق مسلمي الولاية وإدخال قوانين تمييزية لتهميش هذه الفئة الدينية.
والمتشدد البالغ 49 عاما، معروف بخطبه الدينية النارية ويعد خلفا محتملا لمودي، الذي يكبره بأكثر من عقدين.
وقد فرضت إدارته قانونا يجعل الزواج بين الأديان أكثر صعوبة، وأغلق مسالخ يديرها مسلمون لحماية الأبقار التي يقدسها الهندوس، فيما يقول منتقدون إنه تغاضى عن أعمال عنف موجهة ضد من يُتهم بتناول لحم البقر.
ومدينة ماثورا القريبة من العاصمة نيودلهي، تعتبر على نطاق وسع بأنها مكان ولادة الإله كريشنا، ويقول هندوس متشددون إن مسجدا آخر من حقبة المغول بني جزئيا فوق معبد لذلك الإله.
وتنذر تصريحات لشخصيات بارزة من حزب الشعب الهندي، بمواجهة دينية وشيكة في المدينة.
وقال مساعد يوغي، كيشاف براساد موريا الشهر الماضي إن “بناء المعبد الكبير يتواصل في أيوديا … (الان) نستعد لماثورا”.
ومسلمو المدينة يشعرون بالغضب إزاء سنوات من التمييز خلال حكم بهاراتيا جاناتا، ويخشون مما قد يحمله انتصار انتخابي جديد.
وقال المواطن محمد يمين “لقد سجنوا شبانا مسلمين بتهمة الخيانة، ويمنعوننا عن تناول ما نريد وزادوا من خسارة وظائفنا بإغلاق محلات ومطاعم اللحوم”.
– اعتزاز قومي واحترام للذات –
عانت أوترا براديش من صعوبات خلال التراجع الاقتصادي الأخير للهند، مع انتشار واسع للبطالة من جراء تداعيات جائحة كوفيد.
غير أن حزب الشعب الهندي تمكن من حشد دعم فئات من الهندوس أشادوا بالحزب لإيفائه بوعد بناء معبد أيوديا.
وقال الحاج الهندوسي كوسم غوبتا (59 عاما) الذي قطع أكثر من ألف كلم لزيارة الموقع “نحنا سعداء ونأمل أن يكون بناء كبيرا”.
من جهته قال تشامبات راي، العضو في الصندوق المشرف على أعمال المعبد، إن البناء تتويج ل”500 سنة من النضال” ويضاهي في أهميته القومية، استقلال الهند عن بريطانيا.
وأضاف راي لوكالة فرانس برس إن المعبد سيكون “رمزا للعزة القومية واحترام الذات” مضيفا أن هدم المسجد حطم بشكل رمزي الأغلال التاريخية لحكم المسلمين خلال سلالة المغول.
وتابع “لا دولة أخرى في العالم تبقي رموز عبوديتها حية”.
يعمل جيش من عمال البناء على مدار الساعة منذ أن وضع مودي حجر الأساس في مراسم قبل 18 شهرا.
وأحد هؤلاء العمال ويدعى مانيكندان ويبلغ 23 عاما، قال لفرانس برس إن “أكثر الأيام حظا” في حياته كان عندما طُلب منه المساعدة في بناء المعبد.
وأوضح “كونك هندوسي، ما بوسعك أن تطلب غير ذلك؟”.