مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

عـنـصـريـة .. أم اقتصاد حُــر؟

صورة اعتاد السويسريون على رؤيتها في السنوات الأخيرة لحوادث السير الناجمة عن جنون السرعة والاستهتار بقواعد السير Keystone

في سابقة هي الأولى من نوعها، اعلنت واحدة من كبريات شركات التأمين عن عدم قبولها إبرام تعاقدات جديدة مع الأشخاص المنحدرين من دول منطقة البلقان وشرق أوروبا.

وفيما رأى البعض في هذه الخطوة شكلا من أشكال العنصرية المرفوضة، قال آخرون بأن الاقتصاد الحر يختار عملائه مثلما يشاء.

أعلنت شركة “موبيليار” السويسرية، عن عدم ابرام أية تعاقدات جديدة مع المقيمين في سويسرا من دول البلقان أو شرق أوروبا، الراغبين في التأمين على السيارات، إلا إذا كانوا من المتعاملين مع الشركة في مجالات أخرى، مثل التأمين ضد السرقة أو الحريق.

وقد وضعت الشركة قائمة تضم 28 جنسية هي فقط التي يمكن للقادمين منها ابرام عقد تأمين على السيارات، وتضم جميع دول غرب أوروبا والولايات المتحدة وكندا استراليا.

وقال كاسبار ناديك، أحد أعضاء شركة “موبيليار” للتأمين، بأن عملاء الشركة من مواطني البلقان، لاسيما الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و 25 عاما، يكلفون الشركة ضعفي أو ثلاثة أضعاف السويسريين في أعمار مماثلة، بسبب حوادثهم المتكررة والخسائر الفادحة الناجمة عنها.

الشركة أوضحت في بيان صدر عنها يوم 24 نوفمبر مبررات هذه الخطوة غير المسبوقة في سويسرا، وقالت إن ما تحصل عليه من قيمة بوليصات تأمين المواطنين الألبان مثلا لا يغطي ما يتسببون فيه من خسائر، حتى في صورة ترفيع المبلغ الذي يسدده شهريا كقيمة للتأمين.

وتصر شركة “موبيليار” على أن هذه الخطوة ليست عنصرية، بل تندرج في إطار استراتيجية لترتيب نظم التأمين فيها من خلال احتساب نسبة المخاطر، على ان ينتهي التقييم الجديد في منتصف عام 2005 المقبل.

ليست عنصرية بل اقتصاد حر

وبينما ترفض “موبيليار” التأمين على سيارات أبناء البلقان، قامت شركة “جينيرالي” برفع القسط التأمين الشهري على السيارة بنسبة 30% لأبناء البلقان المقيمين في سويسرا فحسب، وهو ما رأى فيه البعض “توجهات عنصرية مخالفة للقانون”.

من جانبها، اعتبرت الحكومة الفدرالية أن تلك الخطوة “مترتبة على حسابات الشركات من الربح والخسارة، وليس لها خلفيات عنصرية”.

في المقابل، رأى أحد خبراء القانون بأن “القرار وموافقة الحكومة عليه يدخلان في نطاق القمع العنصري، إذ لا يمكن الحكم على الشخاص مسبقا وتوقع خسائر فادحة لمجرد الاستناد إلى الأصل العرقي”، كما طالب الخبير القانوني شركة “موبيليار” بضرورة تقديم الاحصائيات التي تبرز أن ابناء البلقان وشرق أوروبا هم وراء أعلى نسبة حوادث، وأن حجم الخسائر الناجمة عنها، ترفع من احتمالات تحقيق خسائر للشركة.

وتنفرد “موبيليار” بهذا القرار، الذي لم تقدم عليه بعدُ كبريات شركات التأمين السويسرية الأخرى، حيث قال اوليفير ميشيل المتحدث باسم شركة زيورخ للتأمين بأن وضع هيكل تعريفة التأمين محسوم منذ عام 1996، ولم تجد الشركة مبررا لتغييره، إلا أنه أضاف بأن “جنسية العميل من المعطيات الهامة في بيانات الزبائن، لكن الشركة لم ترفض التأمين على أي شخص بسبب جنسيته أو أصله العرقي”.

السوق .. حـرة!

وكانت وسائل الإعلام السويسرية (الناطقة بالألمانية بوجه خاص) قد تطرقت مطولا خلال الصيف الماضي، إلى ما وصفته بظاهرة سرعة السيارات الجنونية على الطرق، والتي يتسبب في نسبة كبيرة منها شبان ومراهقون من أصول بلقانية، وحذرت من مخاطر الاستهتار بقواعد القيادة ونسبة الحوادث وما تخلفه من خسائر بشرية ومادية.

كما شغل أبناء البلقان الرأي العام قبل سنوات، بعدما انتشرت حالات سرقة السيارات المستأجرة، إذ كانت نسبة منهم لا تعيدها إلى الشركات بعد نهاية عقد الإيجار، وتقوم إما بتهريبها إلى الخارج أو بيعها كقطع غيار، وهو ما أدى إلى صدور قرارات بحظر تأجير السيارات إلى الحاملين لجنسيات بلدان منطقة البلقان إلا بعد دفع تأمين مالي كبير، أو حصولهم على ضمان شخص آخر حامل لجنسية أخرى.

التأمين على السيارات إجباري في سويسرا، لكن شركات التأمين ليست مرغمة على القبول بالتعاقد مع أي شخص يريد إبرام عقد معها، وطالما أن السوق السويسرية حرة ومفتوحة بوجه الجميع، فمن المفترض أن يجد الجميع ضالتهم فيها.

سويس انفو

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية