انتقادات لسويسرا أمام لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
تعرضت سويسرا في جنيف لانتقادات من قبل خبراء لجنة الحقوق الاقتصادية والإجتماعية والثقافية فيما يتعلق بسياسة الهجرة والمساواة في الأجور بين الجنسين ولعدم اتخاذ تدابير للحد من ارتفاع حالات الإنتحار.
فقد عرضت سويسرا تقريريها الثاني والثالث معا يومي الجمعة 5 والإثنين 8 نوفمبر أمام لجنة الأمم المتحدة المعنية بمراقبة مدى تطبيق الدول للمعايير الواردة في الصك الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية. وقد حضر لتقديم التقرير المتكون من 175 صفحة وفد هام يضم ممثلي مختلف الوزارات والمصالح المعنية تحت رئاسة السفير جون جاك ايلميغر.
التزام بالتطبيق… واعتراف بالنقائص
في تقديمه للتقرير شدد السفير ايلميغر على مدى “حرص سويسرا على إيلاء أهمية كبرى لتطبيق وحماية حقوق الإنسان والمعايير الديمقراطية ومبادئ دولة القانون”.
ولكن أعضاء الوفد اعترفوا أثناء النقاش الذي دام ويما ونصف، بأن هناك بعض القضايا الحساسة التي لازالت تحتاج الى بلورة مثل المساواة بين الرجال والنساء في مجال الأجور والتكوين، وفي مجال إدماج العمال الأجانب نظرا لكون سويسرا تأوي 22% من الأجانب وهي نسبة عليا على المستوى الأوروبي.
وإذا كان الجانب السويسري قد شدد على كون سويسرا صادقت منذ التقرير السابق على عدد من الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية مثل اتفاقية مناهضة العنف ضد المرأة واتفاقية منع التعذيب فإن انتقادات الخبراء تمحورت حول أسباب عدم مصادقة سويسرا على البروتوكول الإضافي الملحق بالعهد الدولي حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والذي يسمح لمواطني البلد الموقع على العهد بتقديم شكاوى في الإنتهاكات المتعلقة بعدم احترام بنود العهد.
وفي شروح أعضاء الوفد كثيرا ما كانوا يلجأون الى توضيح خصوصية النظام الكنفدرالي السويسري الذي يرتكز على تقاسم الصلاحيات بين الحكومة الفدرالية وحكومات الكانتونات، وأن هناك جهودا مبذولة على مستوى مراجعة دساتير الكانتونات كي تراعي على غرار الدستور الفدرالي متطلبات احترام الحقوق الإقتصادية والاجتماعية والثقافية. وهو ما دفع أحد الخبراء إلى التوضيح باننا نتعامل مع دولة موقعة على عهد دولي وليس مع حكومات الكانتونات.
تمييز في الأجور وفقر
من النقاط التي ركز عليها الخبراء في انتقاداتهم أثناء استعراض تقرير سويسرا الثاني والثالث أمام لجنة الحقوق الاقتصادية والإجتماعية والثقافية، مسألة عدم توفر سويسرا على أجر أدنى وعدم المساواة في الأجور بين الرجال والنساء. كما أن رئيس الوفد السويسري أشار إلى أن الكنفدرالية رغم ثرائها لا زال حوالي 8،8% من سكانها في مستوى دون خط الفقر.
ففي مسألة الأجر الأدنى إذا كان الوفد قد اقر بأن سويسرا لا تتوفر على نموذج وطني من هذا النوع باستثناء أجور العمال المنزليين، فإنه شدد على أن عقود العمل الجماعية المبرمة بين ارباب العمل والنقابات في قطاع من القطاعات تحدد السقف الأدنى. ولكن مع ذلك اقر الوفد بوجود عمال فقراء. وهؤلاء العمال الفقراء حتى وإن تراجعت نسبتهم من 4% الى 3،8 % من مجموع اليد العاملة فإن أغلبيتهم مازالت مكونة من الأسر الأحادية الوالدين أو الأشخاص غير المتحصلين على تكوين جيد أو الأجانب.
وفيما يتعلق بالتمييز في الأجور بين الرجال والنساء يرى التقرير أن عمال القطاع الخاص يعانون من زيادة في هذه الظاهرة منذ العام 2008 بعد استقرار تم تسجيله في السنوات السابقة.
ومن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة للحد من هذه الهوة، كما أوضح أعضاء الوفد السويسري، مراقبة المكتب الفدرالي المعني بالمساواة بين الجنسين لمدى استفادة المؤسسات من السوق العمومية والإقدام على استفادة المؤسسات التي لا تحترم المساواة في الأجور بين الجنسين من الاستفادة من عروض السوق العمومية.
مستوى انتحار مرتفع رغم الجهود
أشار تقرير سويسرا إلى أن حالات الانتحار سجلت تراجعا عما كانت عليه في منتصف التسعينات، ولكن مع ذلك مازالت النسبة في سويسرا عالية مقارنة مع المتوسط العالمي او الأوربي.
إذ أشار التقرير الى أنه إذا كانت نسبة الانتحار في فئة المسنين ما بين 15 و 74 عاما قد عرفت تراجعا فإنها عرفت زيادة في نسبة المسنين ما فوق 80 عاما. وهو ما دفع عددا من خبراء اللجنة الأممية الى التساؤل عن سبب عدم اتخاذ الحكومة الفدرالية لإجراءات عملية للحد او للتخفيض من نسبة الانتحار والتساؤل ايضا عما إذا كان توفر الأسلحة بسهولة داخل المنازل يعتبر من العوامل المشجعة على ارتفاع نسبة الانتحار.
وفي رد الوفد السويسري ورد أن العام 2009 سجل 1300 حالة انتحار في سويسرا 900 في صفوف الرجال و 400 في صفوف النساء. كما شدد أعضاء الوفد على أن الحكومة تعكف على تكثيف الدراسات لمعرفة الأسباب الحقيقية، وقد خصصت لذلك حوالي 15 مليون فرنك، وان الشعب السويسري سيصوت في مارس من العام 2011 على مشروع قانون يحدد من احتفاظ السويسريين بأسلحة الخدمة العسكرية في منازلهم.
مشكلة إدماج الأجانب
سويسرا التي تعرف إحدى أعلى نسبة أجانب في أوربا أي حوالي 22% من سكانها، ترى على لسان رئيس وفدها “أنها تقوم بمجهود من أجل إدماج هؤلاء الأجانب في المجتمع بشكل مقبول رغم الصعوبات التي يمليها تقاسم السلط ما بين الحكومة الفدرالية وحكومات الكانتونات المكلفة بتطبيق سياسة الهجرة”.
وقد كان موضوع إدماج الأجانب بمختلف فئاتهم في المجتمع السويسري من اهم النقاط التي تلقت انتقادات او تساؤلات الخبراء سواء فيما يتعلق بالحظوظ المتوفرة للأطفال السويسريين وأطفال العمال المهاجرين.
كما تطرق الخبراء إلى موضوع تصويت 28 نوفمبر القادم الذي يهدف لاعتماد قانون يقضي بالطرد المنهجي للمجرمين الأجانب ومدى تعارضه مع مقتضيات القانون الدولي. وأثاروا أيضا مشاكل فئة أكثر تعقيدا وهم طالبو اللجوء الذين ترفض طلباتهم.
ودائما في إطار مشاكل إندماج الأجانب في سويسرا، تم التطرق لموضوع التصويت على منع بناء مآذن جديدة وهو ما حاول رئيس الوفد التوضيح بخصوصه بأنه لا يهدف لمنع المسلمين من آداء شعائرهم الإسلامية”. منتهيا الى القول “بأن الحكومة الفدرالية منذ ذلك التصويت وهي تعمل على تعزيز حوارها مع الجاليات المسلمة في سويسرا من أجل التعرف على المشاكل التي تعترض عملية الإندماج ولإيجاد حلول عملية لها”.
تم اعتماد العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من قبل الأمم المتحدة في العام 1966.
وقد انضمت إليه سويسرا في عام 1992
بموجب هذا الانضمام يتوجب على كل دولة أن تقدم تقريرا أمام لجنة الخبراء المكونة من 18 خبيرا مستقلا لمراجعة مدى تطبق بنود العهد الدولي في القوانين والممارسات في تلك الدولة العضو.
وبعد أن قدمت سويسرا تقريها الأول في عام 1998 هذه هي المرة الثانية التي تعرض فيها تقريرها الثاني والثالث مرة واحدة.
وقبل الشروع في مناقشة التقرير السويسري استمع الخبراء لآراء 24 منظمة غير حكومية سويسرية ركزت في انتقاداتها على المساس بالحقوق النقابية في سويسرا وعلى عدم إقرار أجر أدنى في سويسرا وعلى سوء ظروف استقبال طالبي اللجوء وظروف حياة النساء المهاجرات.
وللدفاع عن الملف السويسري قدم وفد يشتمل على ممثلي وزارات الخارجية والداخلية والعدل والشرطة ومصالح الهجرة واللجوء ويرأسه السفير جون جاك إيلميغر رئيس قسم الشئون الدولية بكتابة الدولية للشئون الاقتصادية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.