مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

توفيق الطيراوي: “اقتربنا من الحقيقة وإسرائيل هي المتهم الأول”

الندوة الصحفية للجنة التحقيق في وفاة الرئيس عرفات: من اليسار الدكتور عبد الله البشير، طبيب عرفات ورئيس اللجنة الطبية، والجنرال الطيراوي، رئيس لجنة التحقيق في الوسط، ووزير العدل ورئيس اللجنة القانونية مهنا) Keystone

صدور التقريرين السويسري والروسي حول أسباب وفاة الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، يرى فيه رئيس لجنة التحقيق الفلسطينية توفيق الطيراوي "إثباتا لصحة نظريتنا حول اغتيال ياسر عرفات". لكن التقريريْن معا ورغم تأكيدهما تواجد نسبة عالية من مادة البلوتونيوم في عينات رفات وملابس الزعيم الفلسطيني، لم يذهبا الى حد التأكيد بأن الوفاة كانت بسبب عملية تسمم بالبلوتونيوم.

وبحسب لجنة التحقيق الفلسطينية المكلفة بتحديد أسباب وفاة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفاة  وبعد إطلاعها على تفاصيل التقريرين السويسري والروسي، انتهت إلى أن هذيْن التقريريْن لم يرفعا الملابسات والشكوك التي حامت حول أسباب وفاة الرئيس عرفات بعد مرض غريب نقل على إثره الى مستشفى بريسي دو كلامار العسكري في باريس حيث توفي في 11 نوفمبر 2004.

وقد عبر عن ذلك رئيس لجنة التحقيق الفلسطينية توفيق الطيراوي في ندوة صحفية في رام الله صباح الجمعة، بقوله ” نحن اقتربنا من الحقيقة … وسنستمر بعمل تحقيق كامل للبحث  والتأكد من كافة التفاصيل”.

اثبات احتمال التسمم…لكن

وحتى الخلاصة التي توصل إليها  الخبراء الذين سهروا على إعداد التقرير السويسري  تميل الى احتمال التسمم بمادة البلوتونيوم. فقد أوضح البروفسور باتريس مانجان، مدير المركز الجامعي الرومندي للطب الشرعي في ندوة صحفية عقدها  يوم الخميس 7 نوفمبر 2013 في لوزان مع نظيره  البروفسور فرانسوا بوشو مدير معهد الفيزياء الإشعاعية التطبيقية “بأن النتائج التي تم التوصل إليها تدعم بشكل منطقي أن الوفاة كانت نتيجة لتسمم بمادة البلوتونيوم 210”. وأضاف: “أن النتائج التي تم التوصل إليها أكثر تلاؤما مع هذا الاحتمال بدل الاحتمال المعاكس”.

أما البروفسور فرانسوا بوشو الذي شارك أيضا في تحليل العينات المأخوذة من رفات وملابس الزعيم الفلسطيني فيرى من منظور علمي، ورغم اقراره باحتمال التسمم “أنه من غير الممكن التأكيد بأن الوفاة كانت بسبب مادة البلوتونيوم”.

ونفس الخلاصة توصل إليها التقرير الروسي الذي أعدته الوكالة الفدرالية الروسية للتحليلات البيولوجية بطلب من السلطات الفلسطينية. إذ قال رئيس اللجنة الطبية بلجنة التحقيق الفلسطينية الدكتور عبد الله البشير في رام الله “إن التقرير الروسي أفاد بأن التحاليل لا تعطي دلائل  كافية يعتمد عليها لتحدد بأن البلوتونيوم 210 هو فعلا سبب الوفاة”.

والسبب في هذا التباين في التقييم رغم اعتماد المخبرين الروسي والسويسري على نفس العينات، بحسب ما أوضحه الدكتور عبد الله البشير في حديث إلى swissinfo.ch: “هو نظرا لاستخدام كل طرف لتقنيات تقييم مختلفة”.

11  نوفمبر 2004: وفاة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في مستشفى “بيرسي  دو كلامارت” بالقرب من باريس، عن عمر يناهز 75 عاما، بعد أن تم نقله من مقر قيادته بالمقاطعة في رام الله بالضفة الغربية، حيث كان يعيش محاصرا من قبل الجيش الإسرائيلي منذ ديسمبر 2001.
 
14 نوفمبر 2004: وزير الصحة الفرنسي ينفي احتمال تسمم الرئيس الفلسطيني الراحل في أعقاب ظهور اتهامات تشير إلى تورط إسرائيل.
 
22 نوفمبر 2004: حفيد عرفات ناصر القدوة، وعلى الرغم من معارضة أرملة عرفات، السيدة سهى عرفات، يحصل على نسخة من التقرير الطبي الذي لا يشير إلى أية آثار تسمم. ولكنه رفض التسليم بذلك.
 
30 مارس 2009: شرعت لجنة تحقيق فلسطينية في بحث ظروف وفاة الرئيس عرفات.
 
3 يوليو 2012: ظهور نظرية التسمم من جديد بعد نشر قناة الجزيرة لفيلم وثائقي يتحدث عن توصل معهد الفيزياء الإشعاعية بمدينة لوزان السويسرية إلى تحديد نسبة غير عادية من مادة البولونيوم في أغراض الرئيس عرفات التي تسلمتها من المستشفى.
 
31 يوليو 2012: تقدمت السيدة سهى عرفات بشكوى قضائية ضد مجهول بخصوص عملية القتل المزعومة أمام محكمة نانتير بضواحي باريس.
 
28 أغسطس 2012: فتح المحاكمة والكشف عن تفاصيل التقرير الطبي  الذي حرّر في 14 نوفمبر 2004، والذي يشير إلى التهاب معوي، وصعوبة تجلط الدم، ولكن بدون تحديد طبيعة أسباب الوفاة.


24 نوفمبر 2012: تم فتح قبر الرئيس عرفات، وأخد حوالي 60 عينة، وتوزيعها على ثلاثة مخابر في فرنسا وسويسرا وروسيا.

14 أكتوبر 2013: أكد  الخبراء السويسريون في مقال بمجلة “لانسيت” الطبية البريطانية إمكانية الوفاة “بسبب مادة مشعة”.


6 نوفمبر 2013: أكدت تحقيقات المخبر السويسري “الدعم بشكل متوسط احتمال وقوع الوفاة بسبب تسمم بمادة البولونيوم 210″، وفقا لنسخة التقرير التي نشرتها قناة الجزيرة. 

7 نوفمبر 2013: الخبراء السويسريون يؤكدون في ندوة صحفية في لوزان بأن “نظرية التسمم بالبولونيوم هي أكثر انسجاما مع النتائج التي توصلوا إليها، ولو أنهم غير قادرين على التأكيد بأن هذه المادة هي التي تسببت في الوفاة.”  

إجماع على تواجد نسبة عالية من مادة البلوتونيوم

على الرغم من تشديد الخبراء على أن هناك عوامل كثيرة عقدت عملية التحليل كإتلاف المستشفى الفرنسي للعينات البيولوجية التي تم أخذها أثناء إقامة الزعيم الفلسطيني به في آخر أيام حياته، و مرور أكثر من 8 سنوات ما بين وفاة الزعيم الفلسطيني وإعادة أخذ عينات جديدة من رفاته وملابسه، وهو ما يؤدي علميا إلى تلاشي نسبة تركيز مادة البلوتونيوم بشكل كبير،… رغم  كل ذلك، يجمع كل من الخبراء الروس والسويسريين على أن العينات التي تم فحصها أكدت تواجد نسبة عالية من مادة البلوتونيوم.

إذ يقول الخبير السويسري بوشو: “إننا فوجئنا بارتفاع نسبة تركيز البلوتونيوم بشكل مهم أكثر مما كنا نتوقع”. وهنا  يشير التقرير السويسري الى تواجد نسبة تفوق بعشرين مرة نسبة تركيز مادة البلوتونيوم 210 في ملابس الرئيس عرفات ، وبحوالي 18 مرة في عظامه عما من المفترض وجوده في الحالات العادية!

والخلاصة التي يتفق عليها الخبيران السويسريان من خلال ما تم التوصل إليه  هو أن “الاحتمال الأكثر مصداقية  في سبب وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات هو التسمم بمادة البلوتونيوم”.

 كما يعتقدان بأن “نسبة البلوتونيوم التي تم اكتشافها تتطلب تدخل طرف آخر”، لأن الخبراء  يستبعدون إمكانية تناول جرعة بلوتونيوم عن طريق الخطأ. وكان الطبيب البريطاني، ديف باركلي، الذي  شارك في إعداد قسم من التقرير قد صرح لبعض وسائل الإعلام “بأن سلاح الجريمة تم العثور عليه. وأن ما لا نعلمه هو من استخدم ذلك السلاح”. 

في انتظار التقرير الفرنسي

نظرا للتعقيدات التي واجهتها لجان التحقيق تتجه الأنظار الآن إلى العينات التي أخذها المستشفى الفرنسي أثناء علاج الرئيس عرفات في بيرسي عام 2004. وكان  وزير العدل الفلسطيني علي مهنا قد أوضح في ندوة صحفية برام الله، بأن السلطة الفلسطينية عاودت مطالبة السلطات الفرنسية بإرسال تقريرها بعد ان تجاهلت الطلب الأول.

 وفي حديثه ل swissinfo.ch أوضح الدكتور عبد الله البشير رئيس اللجنة الطبية بلجنة التحقيق الفلسطينية أنه “بصفته رئيس اللجنة الطبية، وجه في حينها طلبا للسلطات الفرنسية للحصول على عينات من مختلف السموم التي توصلوا الى ضبطها أثناء علاج الرئيس عرفات ، لكنهم رفضوا. وان السيدة سهى عرفات لما وجهت لهم السؤال ردوا بأنهم أتلفوا تلك العينات ولو أنه من الناحية القانونية لا يجوز اتلافها”.

وانتهى الدكتور عبد الله البشير الى أنه “لو استطاع الخبراء الحصول من مستشفى بيرسي على عينات مما لديه،  فسيكون ذلك جيدا خصوصا وأن الأطباء الفرنسيين أكدوا في تقريرهم، بأنه لا يمكن تسجيل تطور للمرض بهذه السرعة، يعني أنه كانت هناك مادة سمية “.

الاتهامات والاستنتاجات…

 رئيس لجنة التحقيق الفلسطينية  توفيق الطيراوي، وبعد التأكيد على أن الزعيم الفلسطيني “لم يتوف بموت طبيعي ولا بكبر السن”،  وجه اتهاما الى إسرائيل بأنها هي التي كانت وراء اغتيال الزعيم الفلسطيني إذ قال في الندوة الصحفية في رام الله يوم الجمعية 8 نوفمبر 2013 “إن إسرائيل هي المتهم الأول والأساسي والوحيد في قضية اغتيال ياسر عرفات”. وهذا ما يجمع الشارع الفلسطيني على اعتباره أمرا بديهيا.

وكان عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية  واصل ابو يوسف قد طالب يوم الخميس 7 نوفمبر بلجنة تحقيق دولية وبتقديم الملف أمام العدالة الدولية، إذ صرح لوكالة الصحافة  الفرنسية “مثلما تم تأسيس لجنة تحقيق دولية بخصوص اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، يجب تأسيس لجنة تحقيق في مقتل الرئيس عرفات”.

وكان رئيس لجنة التحقيق الفلسطينية توفيق الطيراوي قد أعلن أثناء اخذ عينات من رفات الرئيس عرفات يوم 27 نوفمبر 2012 قائلا: “لو تثبت التحقيقات نظرية التسمم  فإن القادة الفلسطينيين سيتوجهون الى المحكمة الجنائية الدولية”.

 وقد أكدت أرملة الزعيم الفلسطيني سهى عرفات  في حديث للجزيرة بأنها وابنتها “ستتوجهان لكافة المحاكم في العالم  من أجل معاقبة  من ارتكب هذه الجريمة”. وكانت السيدة سهى التي لم تتهم جهة معينة، قد رفعت شكوى قضائية في عام 2012 في فرنسا  ما أدى الى فتح تحقيق بتهمة القتل. وهو التحقيق الذي لا زال مستمرا.

نفي الإسرائيلي متكرر

وقد تعالت عدة أصوات إسرائيلية تنفي تورط إسرائيل في مقتل عرفات. إذ وصف سيلفان شالوم وزير الطاقة الحالي والذي كان يشغل في عام 2004 منصب وزير الخارجية وعضو مجلس الأمن الداخلي  ما يتردد اليوم بخصوص احتمال مقتل عرفات بمادة البلوتونيوم “بانها زوبعة في فنجان” وذلك بقوله” لم نتخذ أبدا أي قرار بالتعرض جسديا لعرفات”.

أما  رعنان غيسين مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك آرييل شارون الذي كان قد عبر عن أسفه  “لرؤية أن عرفات لا يزال على قيد الحياة” فقد أوضح بالمناسبة “أن تعليمات آرييل شارون كانت لاتخاذ كل التدابير  لكي لا تُتهم إسرائيل  بوفاة عرفات”، وأضاف أنه “لهذه الأسباب سمح شارون بنقله الى المستشفى بيرسي الفرنسي عندما علم بأنه في حالة احتضار”.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية