كريستوف بلوخر في زيارة إلى تركيا
يتحول وزير العدل والشرطة السويسري يوم الأربعاء 4 أكتوبر إلى أنقرة للمشاركة في مؤتمر يُنظم بمناسبة مرور 80 عاما على صدور القانون المدني التركي.
وتأتي هذه الزيارة في وقت شهدت فيه العلاقات بين البلدين بعض التوتر على مدى الأعوام القليلة الماضية.
تأتي زيارة السيد بلوخر استجابة لدعوة وجهها الوزير التركي للعدل جميل شيشك، وسيُـلقي خطابا في حفل افتتاح مؤتمر يستمر يومين في مناسبة مرور 80 عاما على إصدار القانون المدني التركي، “الأخ الشقيق” للقانوني المدني السويسري، مثلما جاء في بيان صادر عن وزارة العدل والشرطة.
السيد بلوخر سيُـجري أثناء زيارته، التي تدوم يوما واحدا، لقاء عمل مع نظيره التركي، كما سيتحادث مع وزير الداخلية عبد القادر أكسو ومع رئيسة المحكمة الدستورية التركية طولاي توغشو.
علاقات مضطربة
تأتي هذه الزيارة بعد أن مرّت العلاقات بين سويسرا وتركيا بفترات توتّـر واضطراب على مدى السنوات الماضية، ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى موقف مجلس النواب وعدد من المجالس البرلمانية المحلية في الكانتونات حول قضية المذبحة التي تعرض لها الأرمن على يد الجيش العثماني في عام 1915، والتي عادة ما يطلق عليها نعت “الإبادة”.
ومن بين التطورات التي أثارت غضب أنقرة، مصادقة النواب في برلمان جنيف في شهر سبتمبر 2003 على مقترح يدعو إلى الاعتراف بـ “إبادة” الأرمن، وذلك بعد خمسة أعوام من موافقة البرلمان المحلي في كانتون فو على مقترح مماثل.
ولم يتأخر ردّ فعل السلطات التركية، حيث ابلِـغت وزيرة الخارجية السويسرية السيدة ميشلين كالمي – ري بعد أيام قليلة بسحب دعوة كانت وجِّـهت لها لزيارة أنقرة.
في شهر ديسمبر 2003، صادق مجلس الشيوخ السويسري بدوره على مقترح يعترف بـ “إبادة” الأرمن، وعلى إثره، أعلنت أنقرة عن “انعكاسات سلبية” على العلاقات بين البلدين.
السيدة كالمي – ري لم تتمكّـن من الذهاب إلى أنقرة قبل شهر مارس 2005، وهناك تجنّـبت التركيز على القضايا المثيرة للغضب وشدّدت في المقابل على المسائل ذات الطابع الاقتصادي.
أزمة جديدة
شهد شهر مايو 2005 بدوره أزمة جديدة، حيث أعربت السلطات التركية عن اندهاشها واستغرابها للتحقيق الذي فتحه مدعٍ عام في فينترتور (قرب زيورخ) ضد المؤرخ التركي المعروف يوسف هالاكوغلو، لأنه “قلّـل” من أهمية الإبادة التي تعرض لها الأرمن.
في شهر يوليو 2005، استجوب القضاء السويسري في فينترتور القومي اليساري التركي دوغو بيرينشك، لأنه “نفى علنا واقع “الإبادة” الأرمنية. وفي الشهر الموالي، ألغت أنقرة زيارة كانت مقرّرة لوزير الاقتصاد جوزيف دايس وأخرى لنظيره التركي إلى سويسرا.
ويعود آخر حادث تأزمت بسببه العلاقات بين البلدين إلى شهر أبريل الماضي، عندما قرّرت وزارة الدفاع التركية استبعاد شركة بيلاتوس Pilatus لصناعة الطائرات السويسرية (مقرها شتانس) بدون تقديم أية توضيحات من مناقصة لاقتناء طائرات تدريب جديدة.
يُـذكر أن العديد من المؤرخين يعتبرون أن عمليات “إبادة” ضد الأرمن راح ضحيتها مليون وثلاث مائة ألف شخص قد ارتُـكبت في الفترة الفاصلة بين عامي 1915 و1918 من طرف الإمبراطورية العثمانية، إلا أن تركيا ترفض هذه الاتهامات وتكتفي بالحديث عن 200 ألف قتيل وعن “أحداث ناجمة عن الحرب”.
سويس انفو مع الوكالات
القانون المدني التركي المعتمد في عام 1926، يكاد يكون نسخة مطابقة للأصل للقانون المدني السويسري ولمجلة العقود والالتزامات اللتان بدأ العمل بهما في سويسرا عام 1912.
هذا الاختيار جاء بمحض الصدفة، نظرا لأن وزير العدل التركي في تلك الفترة درس في نوشاتيل.
في عشرينيات القرن الماضي، عرفت تركيا عملية إصلاح كبيرة لقانونها. فبعد سقوط الإمبراطورية العثمانية في عام 1923، سعى أول رئيس للجمهورية التركية كمال أتاتورك إلى تغريب وتحديث بلاده.
في هذا السياق، بحث أتاتورك عن قانون مدني يمكن نقله ووافق على مقترح وزير العدل في حكومته، (الذي درس في نوشاتيل بسويسرا) باعتماد القانون المدني السويسري.
يقول أوغن بوخر، أستاذ القانون في جامعة برن، “إن اعتمادا شاملا من هذا القبيل، فريد من نوعه”، ومع أن بلدانا أخرى، مثل الصين وتايلاندا وكوريا قد تأثرت بشكل كبير بالقانون المدني السويسري، إلا أنها لم تعتمده بالكامل.
حكومة أتاتورك لم تُـدخل أي تغيير على بنود القانون المدني السويسري، باستثناء فصل يتعلق بنظام الزواج.
منذ عام 1923، شهدت تركيا تغيّـرات كبيرة، وخاصة بسبب اعتمادها النظام العلماني و”لا يمثل اعتماد القانون المدني السويسري إلا أحد عناصر هذا التطور”، مثلما يقول الأستاذ بوخر، الذي سيشارك في المؤتمر الذي تنظمه جامعة أنقرة في إطار الاحتفال بالذكرى 80 لبدء العمل بالقانون المدني التركي.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.