كلهم أجانب… ولكن!!
قررت الحكومة السويسرية إدخال تعديلات على قوانين إقامة الأجانب واستقدامهم، وإذا كانت الأولوية ستكون للعمالة الأجنبية المؤهلة جيدا قبل غيرها، إلا أن التعديلات الجديدة ستضع الأجانب في سويسرا في فئتين ... غير متكافئتين.
فالتعديلات الجديدة التي تسعى الحكومة السويسرية إلى إدخالها على قوانين إقامة وعمل الأجانب، تمس بالدرجة الأولى القادمين من خارج دول الاتحاد الأوروبي ودول مجموعة التبادل التجاري الحر “إفتا”، التي تضم سويسرا وإمارة ليختنشتاين وايسلندا والنرويج، حيث ستكون الأولية في الحصول على الاقامة في سويسرا للأجانب من خارج تلك الدائرة للمؤهلين للقيام بحرفة أو عمل بشكل جيد.
وزيرة العدل والشرطة السويسرية روت متسلر أكدت في تعليقها على هذه التعديلات أنها تأتي مكملة للقانون الصادر عام واحد وتسعين وتعد استعدادا لتطبيق قانون حرية تنقل الأفراد بين سويسرا ودول الاتحاد الأوربي، حيث سيتمكن رعايا الاتحاد من العمل والإقامة في سويسرا مع منحهم تراخيص إقامة من نوع خاص، كما رأت الوزيرة الشابة أن المقصود بالتأهيل الجيد ليس الأكاديميين فقط بل أيضا جميع أنواع الحرف الأخرى.
الامتيازات الموعودة
الإقامة “الخاصة” أو “المتميزة” لرعايا دول الاتحاد الأوروبي تمنحهم امتيازات قانونية لا يتمتع بها الأجانب الآخرون، حتى المقيمون في سويسرا منذ وقت طويل، فمن بين هذه الامتيازات مثلا حق رعايا دول الاتحاد الأوروبي في جلب أبنائهم للعيش والعمل في سويسرا قبل أن تتجاوز أعمارهم الحادي والعشرين عاما، بينما لا يمكن للأجنبي من خارج الاتحاد الأوروبي أن يستقدم أبنائه إذا تجاوزت أعمارهم الثامنة عشرة، ومن حق السلطات السويسرية أن تسحب هذا الحق أيضا، إذا لم يتقدم الأجنبي من خارج دول الاتحاد الأوروبي بطلب استقدام أبنائه خلال خمس سنوات من حصوله على الإقامة في سويسرا، أو إذا ارتبط الابن أو الابنة بعلاقة زواج في بلده الأم.
هذه الامتيازات إذا أضفنا إليها أخرى نابعة بشكل تلقائي من الاتفاقيات الثنائية بين سويسرا والاتحاد الأوروبي تعني أن الأجانب في سويسرا سيتم تقسيمهم تلقائيا إلى مجموعتين، ليس حسب الكفاءة والمهارة في العمل مثلا، بل حسب انتمائهم وأي جواز سفر يحملونه، وهو مبدأ كانت سويسرا تحرص سابقا على استنكاره، وطالما أشاد المسؤولون في دوائر شرطة الأجانب والإقامة بأن الأجانب متساوون مهما كانت جنسياتهم، ولكن يبدو أن هذه العهد قد ولى.
انعكاسات متوقعة
أربعون في المائة من الأجانب المقيمين في سويسرا لا ينتمون إلى الاتحاد الأوروبي، ولاشك أنهم ينظرون إلى هذه الامتيازات بالدهشة والاستنكار والتساؤلات: فكيف يمكن مثلا لعامل ألماني لم يمض عليه في سويسرا سوى بضعة أشهر أن يحصل على امتيازات اجتماعية وقانونية لا يتمتع بها الأجنبي التركي أو الألباني أو العربي المقيم في سويسرا منذ عقود؟ وكيف يمكن أن تنتظر الحكومة الفدرالية من هؤلاء بذل مساعي من ناحيتهم للاندماج في المجتمع إذا شعروا بهذه التفرقة التي تتم بشكل رسمي و بموافقة القانون؟
ومن الطريف أن السلطات ترى أن قضية اندماج الأجانب في سويسرا وخاصة المنحدرين من بلدان غير أوروبية، هي مسؤولية مشتركة تجتمع فيها رغبة الأسرة الأجنبية – الغير أوروبية بالطبع – في الانسجام مع المجتمع الجديد الذي اختارت العيش فيه، وفي الوقت الذي تضع فيه الحكومة السويسرية قوانين تميز بين الاجانب، تحث المسؤولين على ضرورة ابتكار وسائل متطورة تسهل عملية الاندماج من بينها على سبيل المثال إنشاء مراكز للإرشاد والإجابة عن الأسئلة الكثيرة المتعلقة بالاندماج!
ما من شك في أن هذا القانون الجديد سيزيد الشعور بالاضطهاد بين بعض الأعراق مثل أبناء منطقة البلقان والأكراد أو الأفارقة ناهيك عن العرب، ويبدو أن المشرعين القانونيين يتناسون أحيانا أن مصطلح “أيادي عاملة” يعني في الوقت نفسه “آدميين” وليس “آلات ومحركات”.
تامر أبو العينين
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.