مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

راوول كاسترو يدعو في نهاية مسيرته إلى “حوار قائم على الاحترام” مع واشنطن

صورة وزّعتها الوكالة الكوبية للسكرتير الأول للحزب الشيوعي راوول كاسترو خلال مؤتمر الحزب الشيوعي في هافانا في 16 نيسان/أبريل 2021 afp_tickers

دعا السكرتير الأول للحزب الشيوعي الكوبي راوول كاسترو الجمعة إلى “حوار قائم على الاحترام”، وذلك في آخر خطاب له على رأس الحزب الأوحد في كوبا.

وقال كاسترو في خطاب أمام مؤتمر الحزب الشيوعي “أؤكد أمام مؤتمر الحزب، الرغبة في حوار قائم على الاحترام، شكل جديد من العلاقات مع الولايات المتحدة” على ألا “تتخلى كوبا عن مبادئ الثورة والاشتراكية”.

وافتُتح الجمعة في كوبا مؤتمر الحزب الشيوعي الذي يستمر أربعة أيام، والذي يشكّل هذا العام حدثا تاريخيا إذ سيضع حدا لستة عقود من حكم الأخوين كاسترو اللذين حل محلهما الآن جيل جديد.

وعقب انفراج تاريخي بين عامي 2014 و2016، توترت العلاقات بين كوبا والولايات المتحدة مجدداً في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الذي شدّدت إدارته الحصار المفروض على البلاد منذ عام 1962.

من جهته، لم يعلن بايدن الذي تعهّد خلال حملته الانتخابية رفع بعض من القيود المفروضة على كوبا، منذ توليه سدة الرئاسة أي تدبير على صلة بالجزيرة.

والجمعة قال كاسترو وفق لقطات بثتها القناة التلفزيونية الرسمية إن “الهدف من الإجراءات (الأميركية) تشديد الحصار الاقتصادي” على كوبا “بغية خنق البلاد وإحداث انفجار اجتماعي”. وندد بما سماه “الحرب الاقتصادية”.

ولقي راوول كاسترو الذي كان يرتدي الزي العسكري، ترحيباً حاراً لدى وصوله إلى المؤتمر الذي سيتعين عليه في ختامه التنازل عن منصب السكرتير الأول للحزب الشيوعي إلى الرئيس ميغيل دياز كانيل، المدني البالغ 60 عاما.

– المهمة أنجزت –

على عكس النسخ السابقة للمؤتمر، لم تبث صباح الجمعة أي مشاهد منه، وتداولت وسائل الإعلام الرسمية في صفحاتها على وسائل التواصل الاجتماعي صورا وفيديوهات قليلة للحدث، قبل أن تبث مقتطفات خلال نشرة الأخبار.

ويعقد الاجتماع المغلق بعد ستين عاما تماما من اليوم التالي لإعلان فيدل كاسترو الطابع الاشتراكي للثورة والذي “لا عودة فيه” منذ تبني الدستور الجديد في العام 2019.

وقال كاسترو “في ما يتعلق بي، تنتهي مهمتي بصفتي سكرتيرا أولا للجنة المركزية للحزب الشيوعي الكوبي، وأنا راضٍ عن أداء دوري ولدي ثقة في مستقبل الوطن”.

وشدد وسط تصفيق 300 مندوب حزبي أتوا إلى العاصمة هافانا من كل أرجاء البلاد، “لا يشكّكنّ أحد: ما دمتُ حيا، سأكون مستعدا (…) للدفاع عن الوطن والثورة والاشتراكية”.

وسيكون دياز-كانيل الذي تولى رئاسة البلاد منذ 2018 أول مدني يقود الحزب أيضا الذي أمضى فيه كل مسيرته السياسية.

وجاء في تغريدة أطلقها دياز-كانيل “إنه مؤتمر الاستمرارية”، مشددا على أن الخطوط التوجيهية لأحد آخر خمسة بلدان شيوعية في العالم، لن تتغيّر.

رغم الطابع الملحّ للإصلاحات الاقتصادية التي تحتاجها البلاد الغارقة في أزمة كبرى جراء العقوبات الأميركية والجائحة، إلا أن عقيدة الحزب الاوحد ستبقى مصانة.

وقال الرجل الثاني في الحزب خوسيه رامون ماتشادو فنتورا البالغ 90 عاما في افتتاح المؤتمر إن “الحزب ضمانة الوحدة الوطنية”، معربا عن قناعته “بالبقاء أوفياء لإرث شهدائنا على خطى فيديل وراوول”.

– “تحوّل تاريخي” –

بعد وفاة فيدل كاسترو في 2016، وبتقاعد راوول كاسترو الذي ناهز التسعين من العمر والذي سلم الشعلة إلى دياز-كانيل، تطوي كوبا صفحة تاريخية للجزيرة وسكانها الذين لم يعرفوا أي أسرة حاكمة أخرى غير عائلة الثائرَين.

قال رامون بلاندي الناشط الشيوعي البالغ 84 عاما إن “راوول لن يكون على رأس الحزب بعد الآن، لكن في حال وجود مشكلة سيكون راوول موجودا، فهو ما زال حيا”.

في شوارع هافانا الخالية من السياح بسبب الوباء، يبدو الكوبيون مشغولين بمسائل مختلفة منها نقص المواد الغذائية والانتظار في طوابير طويلة أمام المتاجر والتضخم الهائل الناجم من توحيد العملتين المحليتين أخيرا.

وقالت ماريا مارتينيز وهي متقاعدة تبلغ 68 عاما “آمل أن يتحسن الوضع مع عقد المؤتمر لأن الأسعار أصبحت مرتفعة جدا”، مؤكدة أنه “تمت زيادة الرواتب (…) لكن ذلك لا يكفي”.

في الأشهر الأخيرة، شهدت كوبا نقمة اجتماعية غير مسبوقة، مدفوعة بوصول شبكة الجيل الثالث (3 جي) للاتصالات مؤخرا إلى الهواتف المحمولة إضافة إلى تظاهرات لشرائح عدة من المجتمع المدني.

واعتبر الكاتب الشهير ليوناردو بادورا في مقالة نشرها موقع “نويفا سوسييداد” أن “خروج راوول كاسترو من المشهد السياسي هو منطقيا تحول تاريخي”، معتبرا أن هذا التحوّل قد لا يكون ملموسا على الفور.

وتابع “لكن الناس بحاجة إلى ما هو أكثر من ذلك”، مضيفا أن الكوبيين يريدون “حياة أفضل. أعتقد أنهم يستحقون ذلك بعد تضحياتهم الكثيرة”.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية