للمرة الأولى.. مجلس حقوق الإنسان يُناقش “حماية الصحفيين في مناطق الصراعات”
سمحت الجلسة التي خصّصها مجلس حقوق الإنسان صباح الجمعة 4 يونيو 2010 في جنيف لمناقشة مسألة حماية الصحفيين في مناطق الصراعات المسلحة، بتأكيد الجميع مجددا على أن الصحفيين يدفعون الثمن غاليا في مناطق التوتر والنزاعات.
وفي الوقت الذي تطمح فيه “الحملة الدولية من أجل شارة لحماية الصحفيين” إلى الدفع من أجل إيجاد آليات حماية جديدة، فإن غالبية الدول الأعضاء في المجلس وبعض المنظمات الدولية والمهنية أصرت على القول بأن المشكلة تكمن في “تطبيق القوانين الموجودة”.
جلسة النقاش التي اقترحتها كل من مصر وبنغلاديش والمكسيك، استغرقت أكثر من ساعتين ونصف، وتمت بدفع من قبل “الحملة الدولية من أجل شارة لحماية الصحفيين”، سمحت بالتعرف عن كثب على مواقف الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان والمنظمات والآليات الدولية المعنية بحرية التعبير والصحافة مثل منظمة اليونيسكو والمقرر الخاص المعني بحرية التعبير والرأي واللجنة الدولية لصليب الأحمر ومنظمات مهنية متخصصة مثل الفدرالية الإفريقية للصحفيين، إضافة الى رئيسة الحملة ورئيس تحرير صحيفة الأهرام المصرية.
وأشارت السيدة كيونغ وها كينغ، نائبة المفوضة السامية لحقوق الإنسان عند افتتاح النقاش إلى أن “التغطية الصحفية لوقائع الحرب عملية خطيرة في حد ذاتها، ويمكن القول إنها إحدى أخطر المهن في العالم”، وأضافت “هناك العديد من الصحفيين الذين يتخذون قرارا شجاعا بالتوجه الى مناطق الصراع، وذلك لنقل للعالم أخبار الحرب وما تكلفه من أرواح بشرية. إنهم يقومون بدور حيوي يتمثل في إطلاع الرأي العام العالمي بواقع ما يتم وراء ستار دخان الحرب، ولضمان أن تكون إجابتنا مبنية على أساس الواقع والحقائق الميدانية”.
حقيقة بثمن باهظ!
في المقابل، يدفع الساهرون على نقل هذه الحقائق من مناطق التوتر والنزاعات في العالم ثمنا باهظا باعتراف الجميع. إذ أشارت إيطاليا – استنادا الى إحصائيات منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “يونسكو” – الى أن عامي 2008 و 2009 شهدا سقوط أكثر من 3000 صحفي ما بين قتيل وجريح ومُتعرض لسوء المعاملة.
في الوقت نفسه، نجد أن دولا مثل بريطانيا أو الولايات المتحدة تقر بهذا الواقع، حيث أشارت الولايات المتحدة إلى مقتل أكثر من 30 صحفيا منذ بداية العام الجاري فحسب، أما بريطانيا فاعتبرت أن “العام الماضي كان أتعس عام بالنسبة لعمل الصحفيين حيث قتل ما لا يقل عن 132صحفي”. من جهته أشار الإتحاد الأوروبي إلى أن “الفلبين والصومال والعراق من بين أكثر المناطق سخونة بالنسبة لعمل الصحفيين”.
وجاء في تقييم المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية التعبير والرأي فرانك لا روي أن “عام 2009 عرف زيادة في نسبة القتلى من بين الصحفيين بحوالي 29% مقارنة مع عام 2008، واضطر 157 صحفي للذهاب إلى المنفى”.
التمسك بالقوانين الحالية
“الحملة من أجل شارة لحماية الصحفيين” التي كانت المحرك وراء تنظيم هذه الجلسة النقاشية غير المسبوقة داخل مجلس حقوق الإنسان، رغبت في دفع الدول الأعضاء والآليات الأممية المختصة إلى بلورة تحرك عملي بدل الإقتصار على المطالبة بتحسين احترام القوانين الموجودة. وقالت رئيستها هدايت عبد النبي في الجلسة الإفتتاحية “نعتقد بأن الوقت قد حان لتحرك عملي في شكل وضع خطوط عريضة ضمن فريق عمل يهتم بهذا الموضوع ويطور آلية يتفق عليها الجميع”.
وكانت الحملة الدولية من أجل شارة لحماية الصحفيين قد اقترحت في وقت سابق بعض النقاط التي قد تتخذ كأساس لتطوير “معاهدة دولية” لحماية الصحفيين في مناطق الصراعات المسلحة مثل تخصيص ممرات آمنة للصحفيين في مناطق الصراعات على غرار الممرات الإنسانية، وتطوير آليات مستقلة للتحقيق في مقتل الصحفيين وتعويض عائلاتهم، لكن غالبية الدول بل حتى بعض المنظمات المهنية الصحفية ترى أن “القوانين الحالية كافية ولكن يجب تطبيقها بشكل جيد”.
فاللجنة الدولية للصليب الأحمر التي تُعتبر راعية القانون الإنساني الدولي، وعلى الرغم من اعترافها في مستهل كلمة ممثلها القانوني في الجلسة بأن “الضحية الأولى في الحرب هي الحقيقة”، شددت على أنه “من وجهة نظرنا مازالت القوانين الحالية تقدم حماية واقعية وقوية للصحفيين”. ولكنها أقرت في الوقت نفسه بأن “أكبر نقص اليوم هو في نقص التطبيق وفي نقص في آلية التحقيق والمتابعة القانونية ومعاقبة الجناة”. وتأمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تلافي هذا النقص “عن طريق تكوين أفراد القوات المسلحة ومتابعة مرتكبي الانتهاكات قضائيا”.
وفي انتظار معرفة كيف سيقرر مجلس حقوق الإنسان مواصلة نقاشه هذا في المستقبل، وفي ظل تشديد العديد من الدول وبالأخص الدول الغربية على أن القوانين الحالية كافية، فإن مجرد إثارة هذا النقاش يعد صحيا، لأنه سلط الأضواء على مشكلة الإفلات من العقاب في حالات استهداف الصحفيين في الصراعات المسلحة خصوصا وأن منظمة اليونسكو اعترفت بأن أكثر من 94% من حالات استهداف الصحفيين بقيت بدون تحقيق حتى اليوم.
محمد شريف – جنيف – swissinfo.ch
نظمت الحملة الدولية من أجل شارة لحماية الصحفيين حفلا بقصر الأمم المتحدة لتقديم جائزة العام 2010 لشخصيات ومنظمات عملت على مؤازرة الصحفيين في مناطق الصراعات المسلحة.
فقد كرمت الحملة كلا من مركز الحريات الصحفية في الفلبين الذي يقدم الدعم لعائلات الصحفيين الذين قتلوا أثناء تأدية واجبهم. وكان 32 صحفيا فيلبينيا تعرضوا لمجزرة مروعة يوم 23 نوفمبر 2009.
كما كرمت الحملة سفير مصر لدى المقر الأوربي لمنظمة الأمم المتحدة السيد هشام بدر على وقوفه الى جانب الحملة والدفع من أجل تنظيم جلسة النقاش هذه بخصوص ضرورة حماية الصحفيين في مناطق الصراعات المسلحة.
وقال أمين عام الحملة السويسري بليز لامبن بهذه المناسبة “إن عدد الصحفيين الذين سقطوا ضحايا منذ بداية العام فاق 48 صحفيا ومنذ أنشاء مجلس حقوق الإنسان في يونيو 2006 تجاوز العدد الـ 400 صحفي وصحفية”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.