“لم نعد نقبل بمبررات الدول في حربها ضد الإرهاب”
تشرع لجنة تحقيق مستقلة تحت إشراف اللجنة الدولية للحقوقيين في إنجاز تحقيق مستقل حول تأثيرات الحرب ضد الإرهاب على تطبيق القانون الدولي واحترام حقوق الإنسان.
وتعتزم اللجنة التي تضم ستيفان تريكسلر (سويسرا) وجورج أبي صعب (مصر) وماري روبنسن (إيرلندا) وخمسة خبراء دوليين زيارة عدد من الدول التي كانت مسرحا لأعمال إرهابية.
من أجل معرفة مدى تأثير إجراءات محاربة الإرهاب التي تتخذها العديد من دول العالم على سير وتطبيق القانون الدولي وحقوق الإنسان، شكلت اللجنة الدولية للحقوقيين التي تتخذ من جنيف مقرا لها، لجنة تحقيق مكونة من ثمانية من كبار الأخصائيين في القانون الدولي وحقوق الإنسان في العالم.
ومن بين أعضاء اللجنة المفوضة السامية السابقة لحقوق الإنسان الأيرلندية ماري روبنسن، إلى جانب السويسري ستيفان تريكسلر الذي شغل رئاسة اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان سابقا، والخبير القانوني الدولي المصري وأستاذ القانون بالمعهد الدولي للدراسات العليا بجنيف جورج أبي صعب.
محاربة الإرهاب لا تبرر كل شيء
يتمثل الهدف الذي حددته اللجنة لنفسها في تقديم تقرير مستقل بعد ثمانية عشر شهرا من قيام أعضائها بالتحقيق في ممارسات الدول التي عرفت مراحل مضطربة لجأت فيها إلى قوانين محاربة الإرهاب سواء في بلدان الشمال او بلدان الجنوب.
وفي الندوة الصحفية التي عقدت في “نادي الصحافة السويسري” بجنيف يوم 19 أكتوبر، قال الأمين العام للجنة الدولية للحقوقيين نيكولا أوون: “لقد أسسنا لجنة الخبراء هذه لأننا لم نعد نقبل بمبررات الدول في حربها ضد الإرهاب، خصوصا وأننا شاهدنا خلال السنوات الأربع الماضية تصعيدا في الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان”.
وفي مرحلة أولية، حددت اللجنة قائمة الدول التي ستزورها للتحقق من مدى مطابقة قوانين محاربة الإرهاب فيها لاحترام القانون الدولي وحقوق الإنسان. وتشمل القائمة كلا من الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، وبريطانيا، وباكستان، وكولمبيا، وأستراليا، وسريلانكا، وإسبانيا. بينما تركت المجال مفتوحا لعقد جلسات تحقيق إقليمية في شرق وشمال افريقيا والشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية.
الإرهاب بين التعريف والممارسة
في رد على تساؤل لسويس إنفو حول القاعدة التي ستعتمدها اللجنة في تحقيقها في غياب تعريف متفق عليه دوليا لمفهوم الإرهاب، أجاب الخبير الأمريكي روبير غولدمان استاذ القانون بالجامعة الأمريكية في واشنطن وخبير لجنة حقوق الإنسان الأممية في مجال محاربة الإرهاب: “لا يمكن القول بأنه لا يوجد بين أيدينا تعريف للإرهاب، لأن هناك حوالي 12 معاهدة صادقت الدول على بعض منها، وهذا على الرغم من أن بعض الدول عرقلت التوصل الى تعريف متفق عليه”.
وأضاف الخبير الأمريكي: “هناك العديد من القوانين الوطنية لمحاربة الإرهاب التي لا تحترم حتى قوانين العقوبات الواردة في الصكوك الدولية. ومع أنه ليس من مهمتنا تحديد مفهوم متفق عليه للإرهاب، يبدو لي أن لدينا ما يكفي من الدعائم القانونية”.
من جهته، قال آرتور شالكلسن (من جنوب أفريقيا)، رئيس لجنة التحقيق: “إن علينا التحقيق أيضا في تصرفات دول أقامت قوانين لمحاربة الإرهاب على أسس صحيحة ومبررة، ولكنها استعملتها لأغراض سياسية في نفس المجتمع”.
أما الخبير السويسري ستيفان تريكسلر فأوضح بأن “كل القوانين الوطنية من المفروض أن تكون متماشية مع القوانين الدولية، ولكن في بعض الأحيان، ومثلما عايشته في روسيا، نجد أن ما يطبق على أرض الواقع مخالف تماما لما ينص عليه القانون”.
وعن سؤال لسويس إنفو حول كيفية تعامل اللجنة مع الوضع في فلسطين التي لا يوجد قانون وطني لمحاربة الإرهاب فيها، والتي تطبق فيها قوانين القوة المحتلة (أي القوانين الإسرائيلية)، اكتفى رئيس اللجنة بالرد: “إن اللجنة لم تناقش هذا الموضوع بعد وبالتالي لا يمكن الرد على هذا التساؤل، لكن من الممكن أن نجد أن في المنطقة قوانين يمكن ان تنطبق على هذا الوضع وسنحلل عندها مدى تبرير تلك الإجراءات ومدى تأثيرها على سكان المنطقة، تاركين جانبا ما يتردد عن تعريف الإرهاب”.
سويسرا من بين الدول الداعمة
سويسرا كانت من بين الدول الداعمة لهذا المشروع. فبالإضافة إلى أن لجنة التحقيق الدولية تضم في طاقمها خبيرا سويسريا في شخص ستيفان تريكسلر، أستاذ القانون الجزائي بجامعتي سانت غالن وزيورخ والرئيس السابق للجنة الأوروبية لحقوق الإنسان، سارعت الكنفدرالية إلى دعم عمل اللجنة ماليا إلى جانب كل من إسبانيا وأستراليا والنرويج.
وفيما يقدر المبلغ المخصص لهذه المهمة بحوالي مليون دولار أمريكي، يُشار إلى أن جميع الخبراء المشاركين في أعمال اللجنة تطوعوا للقيام بهذه المهمة بدون مقابل.
وعن سبب عدم إدراج سويسرا ضمن قائمة الدول المعنية بالتحقيق، أفاد الخبير السويسري ستيفان تريكسلر لسويس إنفو بأن “سويسرا لم تستخدم لحد الآن قوانين محاربة الإرهاب لتبرير إجراءات لا علاقة لها بذلك. وعلينا انتظار التطورات القادمة وبالأخص فيما يتعلق بمواجهة أمواج الهجرة”.
لكن السيد تريكسلر أوضح من جهة أخرى بأن “سويسرا معنية بشكل غير مباشر بقوانين محاربة الإرهاب التي لم تحددها هي مثل قرارات مجلس الأمن، عندما تم إقحام أشخاص في إجراءات قانونية رغم عدم تورطهم في عمليات إرهابية”. وأشار إلى أن “هذه العمليات أظهرت وجود نقص أي عدم وجود هيئة تشرف على كيفية تطبيق هذه القوانين التي تتعدى نطاق الحدود الوطنية، وهي مشكلة تعاني منها سويسرا وباقي بلدان العالم”.
ويصر أعضاء اللجنة على القول بأن تقريرهم المنتظر صدوره بعد ثمانية عشر شهرا من الآن سيكون أول تقرير قانوني يرى النور حول مدى تأثير محاربة الإرهاب على كيفية تطبيق القانون الدولي وحقوق الإنسان، ويتم إعداده بطريقة مستقلة كلية عن نظرة الحكومات والدول المورطة في محاربة الإرهاب من جهة، وعن نظرة الناشطين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، من جهة أخرى.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.