مائوية السينما المصرية.. بين تاريخ جلل وواقع مرير
تحتفي السينما المصرية هذا العام بمرور 100 عام على انطلاقتها حيث يعتبر المؤرخون السينمائيون أن منتصف عام 1907 يمثل بداية التاريخ للإنتاج السينمائي في مصر.
وعلى مدار مائة عام من ظهور السينما في “هوليود الشرق”، أنتجت المئات من الأفلام السينمائية التسجيلية والروائية والغنائية والوثائقية، التي تحولت إلى تاريخ لهذه الحِـقبة الزمنية المُـهمة من تاريخ مصر.
تحتفي السينما المصرية في هذه الأيام بمئويتها، إذ يعتبر المؤرخون السينمائيون منتصف عام 1907، هو بداية التاريخ للإنتاج السينمائي المصري، حينما قام آنذاك محل عزيز ودوريس بالإسكندرية بتصوير زيارة الخديوي للمعهد العالي في مسجد سيدي أبو العباس وعرضها في معرض الصور المتحركة.
وعلى مدار مائة عام من ظهور السينما في “هوليود الشرق”، أنتجت المئات من الأفلام السينمائية التسجيلية والروائية، والتي تُـعد بحق تاريخًا لهذه الحِـقبة الزمنية المُـهمة من تاريخ مصر، والتي شهدت تحوّلها من الحُـكم الملكي إلى الحُـكم الجمهوري قبل أكثر من نصف قرن.
إن السينما المصرية التي شهدت سلسلة من الأفلام الخالدة في الذاكرة من نوعية “الناصر صلاح الدين”، و”شيء من الخوف”، والثلاثية الشهيرة للأديب نجيب محفوظ، الحاصل على جائزة نوبل في الآداب، و”العزيمة”، الذي يأتي على رأس أفضل مائة فيلم مصري و….إلخ، باتت في هذه الآونة في حال يُـرثى لها، بعد أن أصبحت أفلام “التيك أواي” السِّـمة المُـميز لها، وتغييرات المفردات المستخدمة في “الإفيشات” لأدنى مستوى للكلمة.
السينما والسياسة
لقد لعبت السينما المصرية دورًا لا يقل أهمية عن الخُـطب السياسية ومقالات كِـبار الكتاب في حِـقبة ما بعد الإطاحة بالحُـكم الملكي، ولا يزال المصريون يتذكَّـرون فيلم “رُدّ قلبي” لأديب الثورة يوسف السباعي، والذي جسَّـد فيه حال الأسرة المصرية إبّـان العهد الملكي، وكيف كان أبناء الأسَـر الفقيرة محرومين من التّـعليم، ولا حظ لهم في الوظائف العُـليا، إلا بوساطة “باشاوات” هذا الزمن.
كما استخدم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر السينما في التعبير عن أشياء كثيرة، وقفت وراء الثورة وساهمت في نجاحها ودعمها، كما كانت بعد رحيله أداة استخدمها مُـعارضو الثورة في الكشف عن الكثير من سيِّـئاتها، من نوعية أفلام “الكرنك”، و”البريء”.
كذلك، وثّـقت السينما خلال مسيرتها لأحداث مهمَّـة، في مقدمتها سلسلة الحروب التي خاضتها مصر مع إسرائيل، ابتداءً من حرب 1948 وحتى حرب أكتوبر 1973، وأنتجت الكثير من الأفلام الخاصة بهذه المناسبات، كان النصيب الأكبر منها للحرب الأخيرة، التي حقق فيها المصريون انتصارا، هو الأول على إسرائيل.
وفي تلك الحِـقبة المهمّـة من حياة مصر، باتت السينما إلى حدٍّ كبير معزولة عن الواقع ولا تتعرّض لما يدور حولها، اللَّـهم إلا بوميض لا يظهر منه أكثر من “الهزل”، ساهم في تسطيح القضايا ولم يساهم – كما هو المرجو – في تشخيص الدّاء ووصف الدواء.
مِـرآة عاكسة وشاهِـد حيّ
ويرى الناقد السينمائي علي أبو شادي، رئيس هيئة الرقابة على المصنَّـفات الفنية، أن لصناعة السينما تأثير حيوي على مُـجريات الحياة في مصر، ويعتبرها شاهدا حيّـا على تاريخ مصر في القرن الماضي، بما شهده من أحداث سياسية واقتصادية لا تقتصر على مصر فقط، وإنما تشمل العالم أجمع.
كما تُـعد السينما بمثابة مِـرآة عكست بحِـرفية شديدة تاريخ مصر والعالم خلال القرن المنصرم، وشكَّـلت سًـندا قويًا لكثير من الثورات، التي شهدتها مصر بدءً من ثورة عُـرابي، مرورًا بحادثة دنشواي ودور الزعيم الوطني مصطفى كامل فيها، وثورة 1919، ثم ثورة 23 يوليو 1952 وانتهاءً بما نَـعيشه ونحيَـاه الآن، لذا، فالسينما هي خير شاهِـد على المائة عام الماضية.
ويقول أبو شادي في معرض حديثه لسويس إنفو عن التأثير السياسي للسينما على الأحداث، التي شهدتها مصر، “إن السينما قبل عهد الثورة كانت تُـحاول أن تنتقد الملك، ولكن بشكل غير مباشر، تجنُّـبا لحدوث تصادُم، لكنها بعد الثورة، أصبحت بمثابة الحديث عن الغائب، وليس عن الحاضر، فلم يكُـن مسموحا، على ما يبدو، أن يظهر الملك بوجهه، حتى إن كان نوعا من أنواع التمثيل.
ولعل ظهور صورة الملك في فيلم: “الله معنا”، تعكس ذلك والتفسير هو أن المودّة القديمة، التي يكِـنها الناس لفاروق، كان يمكنها أن تتأجج برُؤية وجهه، الذي كم هتف الناس باسمه وكنُّـوا له مشاعر خاصة، لذا، فإن الأفلام التي تؤرّخ للثورة، تتحدث عن الملك كشخصية غائبة فاسِـدة، وقد صورت هذه الأفلام رموزًا آخرين ينتمون للعصر، كرؤساء الوزراء أو الوزراء أو أشخاص مقرّبين من الملك، لكن إلا الملك نفسه.
أداة للانقلاب على الحُـكم
ويرى أبو شادي أن هذه التقنية الحديثة آنذاك، استُـخدمت كأداة مهمّـة للانقلاب على الحُـكم الملكي، وذلك عندما أحاطت شخصية الملك حوائط من النَّـفي وعدم التصوير، وضعت حِـجابًا بينه وبين الناس، حتى ينسوه، فكانت هذه هي أولى التِّـقنيات المُـستخدمة للانقلاب على هذا العهد بجميع رموزه.
ويؤكِّـد أبو شادي أن فيلم “الله معنا”، ليس هو الوحيد الذي ينطبق عليه هذا المثل، وإنما هناك ما جاء بحِـنكة لا بأس بها لإحداث تشويه لرموز ومسؤولي العهد السابق، مثل فيلم “غروب وشروق” للمخرج “كمال الشيخ”، إذ أن اسم الفيلم نفسه، يعني غروب العهد الملكي وشروق عهد الثورة، الذي يشخّـص رموز العهد الملكي بأنهم لا يمتلكون أي مبادئ أو قيم حقيقية، ويصوّرهم على أنهم غارقون حتى آذانهم في مستنقع الرذيلة، يستغلّـون نفوذهم للحصول على شهواتهم الخاصة والتخلُّـص من أعدائهم.
الأمر نفسه – كما يرى أبو شادي – ينطبق على عصر الرئيس الراحل أنور السادات، الذي شهد إنتاج عدّة أفلام تنتقد العصر الناصري، مثل فيلم “الكرنك” و”إحنا بتُـوع الأتوبيس” و”البريء”، التي تصور مدى القمع الذي تعرّض له المعارضون لنظام عبد الناصر، وكلها أفلام تحاول أن توضِّـح لأي مدى كانت مراكز القوى تستغِـل الناس وتعذبهم، فكأن السادات أراد أن ينتقد رموز القوى في العهد الناصري من خلال السينما.
الدولة وصناعة السينما
ويتَّـفق معه في الرأي، الكاتب الصحفي صلاح عيسى، رئيس تحرير مجلة “القاهرة”، ويُـضيف أن السينما استُـخدمت من قبل الحكّـام لتصفية حساباتهم مع من سبقوهم من حكّـام، مُـشيرًا إلى دور الدولة في التحكُّـم بصناعة السينما في جميع مراحلها، منذ كتابة السيناريو إلى التمويل والتوزيع والعرض، فلم يتوقف دورها عند حدِّ الإرشاد أو في الرقابة فقط، بل تعدّى ذلك إلى التحكُّـم وصنع توجّـهاتها والقضايا، التي تهتمّ بها وتعالجها.
ويصف عيسى لسويس إنفو فيلم “شيء من الخوف”، وهو من إنتاج عام 1969 وبطولة النّجم الراحل محمود مُـرسي والفنانة المعتزلة شادية، والذي ظهر فيه البطل في دور الظالم والطاغية وذات مشاعر متحجّـرة، وهو الذي كان في يوم من الأيام ذا قلب مرهف، بأنه أكثر الأفلام إثارة للجدل السياسي.
فهذا الفيلم حاولت الرقابة منع عرضه – آنذاك – بعد أن رأت فيه إسقاطًا على شخص الرئيس عبد الناصر، لكن الرئيس تدخل بنفسه وسمح بعرض الفيلم بعد مشاهدته، وقال عندما ربط بعض الأشخاص بينه وبين شخصية عتريس “لو كنت عتريس والناس صمتت، تستحق ما يجرى لها”.
وبينما يؤكِّـد عيسى على أهمية الدور الاقتصادي للسينما عبر تاريخها ويرى أنها لا تزال تمثِّـل مصدَرا اقتصاديًا هامًا للدولة، يعيش عليه قطاع كبير من المواطنين، بدءًا من الكتابة مرورًا بالإخراج والتمثيل والتصوير، وحتى الكومبارس، فإنه يرفض اعتبارها مصدر دخل قومي كأي صناعة أخرى، وذلك لأن السينما عبر تاريخها، لم تكن يوما مِـلكا خاصّا للدولة، وإنما قامت على أيدي أفراد.
لكنه يرصد في الآونة الأخيرة ظهور مستثمرين عرب بدؤوا يفرضون سيطرتهم على صناعة السينما في مصر، ممثلة في شركات كبرى، وهو ما يراه يشكِّـل تهديدًا لخصوصية الصناعة في أيدي مصريين، وربما نصل يوما إلى حدِّ انتهاء عصر السينما المصرية، إلى السينما المختلطة والمهجنة، حسب تعبيره.
“السينما النظيفة”
من جهته، يربط الناقد والمخرج السينمائي محمد عبد العزيز بقوة بين السياسة وعدم وجود ما يمكن تسميته بفيلم “إسلامي”، رغم المحاولات الفردية التي يقوم بها بعض المنتِـجين على فترات زمنية متفاوتة، والتي تكبِّـدهم خسائر مالية فادحة، كما حدث مع المنتجة آسيا في فيلم “الناصر صلاح الدين”، عندما اضطرت لبيع سيارتها لإكمال تصويره ولم تستطع تغطية خسائرها.
ويقول عبد العزيز في تصريحات خاصة لسويس إنفو: للأسف، ليس لدينا سينما إسلامية، ولكن يوجد فيلم إسلامي، فهناك محاذير تقِـف في وجه السينما، ولذلك، هناك نوعية من الأفلام البعيدة عن الدينية وينطبق عليها وصف “إسلامية”، مثل الترابط الأسري والفضيلة والمجتمع الإسلامي، وتؤصّـل للعادات والتقاليد، التي يحثُّـنا عليها الإسلام فيما لم تطرح هذه النوعية من الأفلام حتى الآن بشكلٍ مباشر في الأفلام الروائية، لأن الفيلم الروائي له معايير خاصة عند تناوله، مؤكّـداً أننا لا زلنا في حاجة ماسّـة لزيادة فِـقه الصورة السينمائية.
لكنه يتحدث عن دور للنظام في منع إنتاج مثل هذه الأفلام، نظرًا لأنه يرفض تقديمها على الخلفية الإسلامية، حتى لا يقال أنه يدعم الإسلاميين أو أن يستغل الإسلاميون السينما للترويج لأفكارهم، إلا أنه يرفض في ذات الوقت، حصر الأفلام الإسلامية في هذه النوعية من الأفلام الدينية ويؤكد على أن كل فيلم يقدّم قيمة إنسانية نبيلة ومحترمة، يُـعد فيلما إسلاميا، فلا توجد شارة معيَّـنة للدلالة على “أسلمة” الفيلم، سوى موضوعه وكيفية تناوله.
ويؤكد – والكلام لعبد العزيز – على ضرورة اختيار مكوِّنات العملية السينمائية من مؤلفين وممثلين ومخرجين بعناية، أما الفكرة، فكل الأفكار النبيلة هي في الواقع إسلامية، فالمشكلة ليست في الفكرة، وإنما في كيفية تناولها وطرحها ومعالجتها بأسلوب شيِّـق.
ويشير عبد العزيز إلى أن مُـصطلح “السينما النظيفة”، الذي بات شائعًا في السنوات الأخيرة، وقُدِمَت نماذج منها في إيران وتركيا، يقصد به الأفلام التي تخلو من المشاهد الساخنة و اللقطات المثيرة، التي تحتوي على إيحاءات جنسية.
ويختتم عبد العزيز قائلا، “إن هذا الأمر ما هو إلا عودة إلى مبادئ وقيَـم وتعاليم الإسلام، بما يتماشى ومفهوم العصر، لأن الناس تحب السينما، لكنها لا تحب أن ترى مشاهد تتنافى وتعاليم الدِّين، لذلك، بات مفهوم نجم الشبّـاك، مرتبط أساسا بمدى احترامه لجمهوره وعدم تقديمه لمشاهد جنسية.
همام سرحان – القاهرة
بدأت علاقة مصر بالسينما في نفس الوقت الذي بدأ في العالم الخارجي، فالمعروف أن أول عرض سينمائي تجارى في العالم، كان في ديسمبر 1895 في العاصمة الفرنسية باريس، وكان فيلماً صامتاً للأخوين لوميير. وبعد هذا التاريخ بأيام، عُـرض أول عَـرض سينمائي في مصر في مقهى زوانى بمدينة الإسكندرية في يناير 1896، وتبعه أول عرض سينمائي بمدينة القاهرة في 28 يناير 1869 في سينما سانتي. وعلى مدى أكثر من مائة عام، قدّمت السينما المصرية أكثر من ثلاثة آلاف فيلم، تمثل في مجموعها الرصيد الباقي للسينما العربية، والذي تعتمد عليه الآن جميع الفضائيات العربية تقريباً. وفى عام 1927، كانت البداية التاريخية الحقيقية للسينما المصرية، حيث تم إنتاج وعرض أول فيلمين شهيرين، هما “قبلة في الصحراء” والفيلم الثاني هو “ليلى”، ومن أشهر الأفلام في السينما الصامتة في تلك الفترة، كان فيلم “زينب”، الذي أخرجه محمد كريم، أحد رواد السينما المصرية.
وكان إنشاء أستوديو مصر عام 1935، نقلة جديدة في تاريخ السينما المصرية وظل أستوديو مصر مِـحور الحركة السينمائية، حتى نشوب الحرب العالمية الثانية. وكان فيلم “العزيمة” في عام 1939، محطة هامة في تلك الفترة، وكذلك، فقد ظهرت جريدة مصر السينمائية أو الجريدة الناطقة، التي لا تزال تصدر حتى الآن. وبعد الحرب العالمية الثانية، تضاعف عدد الأفلام المصرية من 16 فيلماً عام 1944 إلى 67 فيلماً عام 1946، ولمع في هذه الفترة عدد من المخرجين، مثل صلاح أبو سيف وكامل التلمساني وعز الدين ذو الفقار، وكذلك أنور وجدي، الذي قدم سلسلة من الأفلام الاستعراضية الناجحة. وعندما قامت ثورة يوليو 1952، كانت السينما المصرية مزدهرة، شهدت نشاطاً ورواجاً متزايداً منذ سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث كانت جميع أوجه النشاط السينمائي في أيدي شركات القطاع الخاص وكانت القاهرة هي هوليود الشرق بالفعل، فأنتشر الفيلم المصري في الدول العربية، التي عرفت السينما، واعتمدت عليه دور العرض في سوريا ولبنان والعراق وشرق الأردن وفلسطين والجزائر وتونس وليبيا، وحتى الحبشة، بل وصلت الأفلام المصرية إلى الهند وباكستان واليونان والولايات المتحدة.
وكان لابد هنا من ظهور نجوم جُـدد، أهمُّـهم: إسماعيل ياسين والممثل الشعبي محمود شكوكو، كما ظهر المطربون الممثلون وأبرزهم: عبد الحليم حافظ، الذي راجت على صوته الأفلام الغنائية. وقد تفاعلت السينما مع الأحداث الوطنية والاجتماعية التي قادتها الثورة، فظهرت الأفلام الوطنية، التي بدأت بفيلم أنتج قبل الثورة ولم يُـعرض إلا بعد قيامها، وهو فيلم “مصطفى كامل”، ثم توالت الأفلام كفيلم “الله معنا” لأحمد بدرخان وفيلم “رد قلبي” لعز الدين ذو الفقار. وفى الستينيات، تم تأميم صناعة السينما لصالح الحكومة، حيث تم تأميم بنك مصر وشركاته، والتي كان من بينها شركة مصر للتمثيل والسينما، وكذلك بعض شركات التوزيع الكبيرة، مثل الشروق ودولار فيلم، وبعض الاستوديوهات الكبرى، مثل مصر ونحاس والأهرام وجلال، لكن ظلت بعض شركات الإنتاج والتوزيع وبعض الاستوديوهات الصغيرة في مِـلكية أصحابها، وكان من نتيجة دخول الدولة مجال السينما، إنشاء المؤسسة المصرية العامة للسينما عام 1962. نشأ في تلك السنوات، تيار واع في السينما المصرية يختلف عما سبقوه، تمثل ذلك في الأفلام وفى مبدعي هذه الأفلام. ويمكن تقسيم الأفلام المصرية، التي عرضت في الستينيات إلى ثلاثة أقسام:
1- أفلام تتناول موضوع الفقر وإعلاء قيمة العمل والإشادة بالمجتمع الاشتراكي، مثل فيلم “اللص والكلاب”.
2- أفلام أدانت النماذج الانتهازية والأمراض الاجتماعية، كالرشوة والفساد وجرائم السرقة مثل “ميرامار”.
3- أفلام تناولت قضايا مشاركة الشعب السياسية، وأدانت السلبية، كما عالجت موضوعات الديمقراطية والارتباط بالأرض والمقاومة، مثل فيلم “جفَّـت الأمطار”.
وفى السبعينيات، وتحديدا في منتصف عام 1971، تمت تصفية مؤسسة السينما وإنشاء هيئة عامة تضم مع السينما المسرح والموسيقى، وتوقفت الهيئة عن الإنتاج السينمائي مكتفِـية بتمويل القطاع الخاص. وبدأ انحسار دور الدولة في السينما، حتى انتهى تماماً من الإنتاج الروائي، وبقيت لدى الدولة شركتان فقط، إحداهما للاستوديوهات والأخرى للتوزيع ودور العرض، وعاد القطاع الخاص. وقد شهدت السبعينيات واحداً من أعظم الأحداث في تاريخ مصر، وهو انتصار أكتوبر 1973، وقد تناولته السينما بالطبع في عدة أفلام وهى: “الوفاء العظيم”، “الرصاصة لا تزال في جيبي”، “بدور”، “حتى آخر العمر”، “العمر لحظة”. وبعد حرب أكتوبر، ظهر أول فيلم يتناول سياسة الانفتاح بعد إعلانها بعام واحد فقط، وهو فيلم “على من نطلق الرصاص”. وقد شهدت السبيعنيات عرض أفلام مصرية مهمة، مثل فيلم “المومياء” (1969) للمخرج شادي عبد السلام.
وفى الثمانينيات، ومع مناخ الحرية والديمقراطية، الذي شهدته مصر منذ تولى الرئيس مبارك للحكم، ظهر جيل جديد من المخرجين بأفلام جديدة شكلت بالفعل تياراً جديداً وهاماً في السينما المصرية، وأسسوا سينما جديدة تعتمد على لغة السينما وأساليبها، وليس على لغة الروايات والقصص والأفلام التقليدية، ومن هذا الجيل المخرج عاطف الطيب، وتجارب رأفت الميهي، وأفلام خيري بشارة ومحمد خان وغيرهم. وقد شهدت السينما المصرية في التسعينات ظاهرة إيجابية، تمثلت في انتهاء موجة أفلام المقاولات وتسابق النجوم: عادل إمام وأحمد زكى ونور الشريف ومحمود عبد العزيز وغيرهم في تقديم سينما جديدة، كما شهدت مصر في هذه الفترة إنشاء عشرات من دور العرض الجديدة وتحديث دور العرض القائمة. ولا شك أن هناك عدداً من الشخصيات البارزة تركت بصمات واضحة وأعمال مميزة في تاريخ السينما المصرية، منهم الفنان العالمي عمر الشريف، الذي جمع بين السينما المحلية والسينما العالمية، قدم العديد من الأدوار في السينما العالمية وأفلامها مثل “لورانس العرب” وفيلم “الجواد الشاحب” و”جنكيز خان”، وفى السينما المحلية، مثل 26 فيلماً مصرياً من الأفلام الجادّة مثل “صراع في الوادي” و”في بيتنا رجل” و”سيدة القصر” و”لا أنام” و”بداية ونهاية”.
ومن الأسماء اللامعة في الإخراج في تاريخ السينما المصرية: – يوسف شاهين، الذي قدم العديد من الأفلام المصرية والعالمية وحاز على العديد من الجوائز العالمية، وأشهر أفلامه “الناصر صلاح الدين”، “باب الحديد”، “صراع في الوادي”، “الأرض”، “وداعاً بونابرت” و”حدوتة مصرية”، “المهاجر”، “المصير”.
– المخرج شادي عبد السلام، الذي أثار دهشة العالم الغربي عندما قدم فيلمه الشهير “المومياء” عام 1969، والذي أكد من خلاله أن استعادة المصري الماضي وروابطه، ضروري نحو مسار جديد.
(المصدر: الموقع الإلكتروني للهيئة العامة للاستعلامات)
اختير ضمن قائمة (أفضل مائة مخرج) في تاريخ السينما العالمية، ولد بالإسكندرية في 15 مارس 1930،أكمل تعليمه الثانوي بمدرسة فيكتوريا 1948. درس المسرح ببريطانيا 1949- 1950 وتخرج مهندسا معماريا في كلية فنون القاهرة 1955. عمل مساعدا للمهندس المعماري، الفنان رمسيس ويصا واصف 1956. عمل مساعدا للمخرج صلاح أبو سيف 1956-1958. صمم المركب الفرعوني في فيلم كليوباترا، إنتاج شركة فوكس. صمم ديكور وملابس الأفلام التاريخية المصرية: وا إسلاماه، صلاح الدين، أمير الدهاء، شفيقة القبطية، ألمظ وعبده الحامولى.
صمم الأفلام المعاصرة: بين القصرين، الخطايا، الرجل الثاني، أضواء، السمان والخريف 1959-1966. عمل مستشارا تاريخيا ومشرفا على أقسام الديكور والملابس والأكسسوار في الفيلم البولندي فرعون، إخراج كفالوروفتس 1963. عمل مصمما لديكور وملابس فقرة عن الحضارة المصرية من مسلسل روبرتو روسيللينى، “الصراع من أجل البقاء” 1967. أخرج الفيلم الروائي الطويل “المومياء” 1968-1969. تولى إدارة مركز الأفلام التجريبية التابع لوزارة الثقافة عام 1970، كما أخرج الفيلم الروائي القصير “الفلاح الفصيح” وفيلم آفاق عام 1972.
أخرج فيلم تسجيلي عن حرب أكتوبر “جيوش الشمس” 1973-1974. ألّـف سيناريو فيلم روائي طويل “أخناتون”، وانتهى من تحضير تصميماته 1974-1985. صور أجزاءً من فيلمه التسجيلي “الحصن”، الذي لم يكتمل 1975-1977. أخرج فيلم تسجيلي “كرسي توت عنخ آمون الذهبي” عام 1982. أخرج فيلم تسجيلي عن رمسيس الثاني عام 1986. قام بالتدريس في المعهد العالي للسينما لأقسام الديكور والملابس والإخراج 1963-1969.
توفى يوم 8 أكتوبر عام 1986.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.