مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

المساهمون في مصرف “يو بي إس” يقرّون خطة الإنقاذ الحكومية

Keystone

في رابع إجتماع طارئ لها منذ بداية هذا العام، أقرت الجمعية العمومية لأكبر مصرف سويسري، وبنسبة 98%، خطة الإنقاذ التي اقترحتها الحكومة الفدرالية والبنك الوطني السويسري.

الخطة التي أقرها اجتماع يوم الخميس 27 نوفمبر 2008 بمدينة لوتسرن (وسط سويسرا)، تهدف إلى تعزيز قاعدة الأصول المالية للمصرف وتمكينه من التخلص من الأسهم الفاسدة عبر قرض من الحكومة بستة مليارات فرنك ملزمة التحويل، وضمانة مالية من البنك الوطني السويسري قدرها 62 مليار فرنك.

ورغم موجة الانتقادات العارمة التي وُجّهت إلى إدارة المصرف خلال الاجتماع، صفّق أغلبية الحضور بحرارة لبيتر كورر، الذي لم يجد صعوبة في إقناعهم بجدوى خطة الإنقاذ المطروحة عليهم.

وأكد كورر خلال عرضه لبنود المشروع على أن “المسألة لا تتعلق بخطة طارئة، نسجت على عجل، بل هي حزمة من الإجراءات الحمائية الهادفة إلى استعادة الثقة في الأسواق المالية”، مشددا على أن “الأموال التي ضختها الحكومة والبنك الوطني السويسري في المصرف لن تكون مخصصات مالية ضائعة، كما لن تكون محض هدية من الكنفدرالية”.

تراجع ميزانية المصرف

ويتم اعتماد الخطة السابقة بعد أن تراجعت ميزانية المصرف بمقدار 800 مليار فرنك منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية وحتى موفى 30 سبتمبر من هذه السنة. ولازال المصرف يمتلك أسهما قدرها 40.8 مليار فرنك على درجة عالية من المخاطرة.

ومن المنتظر بحسب خطة الإنقاذ التي تنتظر موافقة البرلمان الفدرالي أن يتم إيداع 365 مليون من الأسهم الفاسدة مقابل قرض حكومي قدره 6 مليارات فرنك، وهذا المبلغ ملزم التحويل إلى أسهم خلال سنتيْن ونصف، وتحصل الحكومة مقابل ذلك وبالتزامن على أرباح بحسب معدل فائدة يصل إلى 12.5%. هذه المنتجات “السامة” التي تبلغ قيمتها 40.8 مليار فرنك لن يبقى منها سوى 9.7 مليار فرنك بعد أن يتم تحويل الأسهم الفاسدة إلى حساب خاص تحت مراقبة البنك الوطني السويسري، تقرر أخيرا أن يكون مقره ببرن.

وستجبر هذه العملية المصرف على إعادة النظر في قيمة تلك الأسهم وتقليصها بمقدار 4 مليارات فرنك خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من هذه السنة.

انتهى عهد الغطرسة!

المناسبة سنحت أيضا لبيتر كورر بطمأنة الحضور حول مستقبل المصرف مؤكدا بأن “ودائعهم آمنة، وأن كل الإجراءات التي اتخذت، بما في ذلك الزيادة في الأصول المالية للمصرف في فبراير وفي أبريل الماضييْن، كانا يهدفان أساسا إلى تعزيز الثقة في الأسواق بعد الأضرار التي لحقت بها نتيجة الأزمة المالية العالمية”.

في المقابل أقرّ بيتر كورر بأن خطة الحكومة كانت ضرورية، وأضاف مخاطبا الحضور: “لولا تدخل الحكومة والبنك الوطني السويسري، لكانت الحصيلة سيئة جدا، ولفقدت الساحة المالية السويسرية توازنها وقدرتها التنافسية على المستوى الدولي”.

وفي إشارة واضحة إلى أن إدارة المصرف قد استخلصت الدروس من التجربة السابقة وأنها راغبة في طي صفحة الإدارة السالفة التي راهنت كثيرا على المجازفة والمخاطرة على الساحة الدولية، وتناست الهوية السويسرية للمصرف، قال بيتر كورر: “الغطرسة والعجرفة، لا مكان لهما في إتحاد المصارف السويسرية، لا اليوم ولا غدا”، وتابع مضيفا: “المصرف مصرّ على القيام بدور أساسي في دعم وتمويل المشروعات السويسرية الصغيرة والمتوسطة”.

في الأثناء، عبّر المشاركون عن احترامهم لرئيس المصرف، الذي حرص من جهته على الرد على مجموع المتدخّلين، كل بلغته الخاصة (فرنسية، ولهجات ألمانية، وإنجليزية)، وهو أمر لم يعهد عن سلفه مارسيل أوسبيل.

استعادة المزيد من المنح والعلاوات

خلال الجمعية العامة، أعلن كذلك عن استعادة 22 مليون فرنك إضافية من مسؤولين سابقين بالمصرف من دون الكشف عن أسماء بعينها، لكن تسريبات وردت في صحيفة “لوتون” الناطقة بالفرنسية، أوردت أسماء كل من كليف ستانديش، المدير السابق للشؤون المالية، وهاو جينكينز، الرئيس السابق لبنك الاستثمار.

وكان قد أُعلن الأسبوع الماضي عن إعادة مارسال أوسبيل، رئيس المصرف السابق، لمبلغ 22 مليون فرنك، ومن قبله بيتر فوفلي التي تخلى هو الآخر عن علاوات ومنح قدرها 12 مليون فرنك.

هذه الأموال المستردة والتي وصلت بحسب آخر التقديرات إلى 70 مليون فرنك، لا تمثل بحسب صحيفة “فانت كاتر أور” الصادرة بلوزان “سوى قطرة من بحر، رغم الأهمية الرمزية لهذه الخطوة”، إذا ما علمنا أن “ثلاثة فقط من المسؤولين القدامى بـ “يو بي إس” حصلوا على علاوات عند المغادرة بقيمة 90 مليون فرنك” حسب تذكير الصحيفة في نسختها الصادرة يوم الجمعة 28 نوفمبر الجاري.

هذه المسألة مرشّحة لتطوّرات لاحقة، ويتساءل الكثيرون إن كان المصرف مستعدا فعلا لملاحقة مسؤوليه القدامى قضائيا، وهو ما يتمسك به ويدعو إليه الحزب الاشتراكي السويسري.

وفي ردّ ضمني على المقترح الإشتراكي، أشار بيتر كورر إلى أنه “من الضروري أن تعيّن لجنة من داخل مجلس إدارة المصرف خبيرا مستقلا لتحديد جدوى رفع دعوة قضائية ضد المسؤولين السابقين”.

ولكن ماذا لو لم يقدم مجلس إدارة المصرف على ذلك؟ يجيب كورر،الذي شغل منصب المسؤول القانوني بالمصرف قبل أن يشغل خطة رئيس مجلس إدارته: “القانون السويسري يسمح للمساهمين كذلك برفع دعوة قضائية متى أرادوا ذلك”.

سويس إنفو مع الوكالات

يوم الخميس 16 أكتوبر 2008، قررت الحكومة الفدرالية والبنك الوطني السويسري واللجنة الفدرالية للبنوك، تنفيذ جملة من الإجراءات لزيادة استقرار النظام المالي السويسري وتعزيز الثقة بشكل مستدام إزاء السوق المالية السويسرية. وشكل هذا التدخل القوي في القطاع الاقتصادي سابقة بالنسبة للدولة السويسرية.

نصت خطة الإنقاذ على تعزيز الكنفدرالية لقاعدة رأسمال اتحاد المصارف السويسرية “يو بي إس”، أكبر بنوك البلاد، من خلال الإسهام في قرض مُلزم التحويل بمبلغ 6 مليار فرنك. وقد تمت المصادقة على القرض الضروري من قبل لجنة الشؤون المالية في البرلمان الفدرالي. وفي نهاية المطاف، قد تمتلك الدولة 9,3% من أسهم يو بي إس.

يُقتطع المبلغ من أموال الكنفدرالية بدون التأثير على توازن صناديق الأموال الفدرالية. ويفترض أن يجلب القرض أكثر من 700 مليون فرنك سنويا للكنفدرالية بفضل معدل فائدة يستقر في 12,5%.

موازاة مع ذلك، تم إنشاء شركة مخصصة لشراء وإدارة الأصول السامة ليو بي إس. وستُمول الشركة، التي تقرر أخيرا أن يكون مقرها ببرن، من طرف المصرف المذكور بمبلغ 6 مليار دولار (كحد أقصى)، وبقرض من البنك الوطني السويسري بقيمة 54 مليار دولار (كحد أقصى).

في حالة تسجيل خسائر، لن يُقيد يو بي إس بواجب السداد. وفي حالة تسجيل أرباح، سيذهب المليار الأول و50% من رأس المال المتبقي (المحتمل) إلى البنك الوطني السويسري، بينما ستذهب بقية الأموال إلى مصرف يو بي إس.

بالإضافة إلى ذلك، سيتعين على وزارة المالية أن تقدم للحكومة الفدرالية، حتى نهاية مارس 2009، مشروع تنقيح مُعمق لمجمل النظام المعتمد لضمان الودائع في المصارف السويسرية. فيما يتوجّب لدخول الخطة حيّز التنفيذ، موافقة البرلمان عليها خلال الدورة الشتوية القادمة التي ستنعقد من 1 إلى 19 ديسمبر 2008.

في الوقت الذي كان فيه أصحاب الأسهم في يو بي إس مجتمعين في لوتسرن، بلغ عدد الممضين على عريضة الحزب الإشتراكي السويسري الداعية إلى إلزام البنوك بشروط مقابل الاموال العامة المستثمرة فيها.

العريضة التي نشرت على الموقع الإلكتروني للحزب الإشتراكي منذ خمسة أسابيع، تضع أربعة شروط لإنقاذ يو بي إس:

1- توفير ضمانات من المصرف مقابل الإستفادة من المال العام.

2- تحديد قيمة المنح والعلاوات التي تمنح للمسؤولين الكبار بالمصرف.

3- فرض عقوبات على المسؤولين “الذين ينزعون إلى المضاربة والمجازفة”.

4- توجيه الإستثمارات إلى القطاعات الإقتصادية المستقبلية.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية