بسبب الأزمة المالية.. تحويلات العمال المهاجرين المغاربة تتراجع
بددت الأزمة المالية، التي ضربت الاقتصاد العالمي منذ نهاية العام الماضي، آمالا مغربية في إنعاش اقتصادي في عدد من الميادين، ودفعت المسؤولين عن وضع المخططات التنموية إلى اعادة حساباتهم ومراجعة مخططاتهم، على الأقل في المدى المنظور.
فالأزمة المالية العالمية شكلت انشغالا حقيقيا للمغرب، أسوة بدول العالم الثالث التي جاءت هذه الأزمة صدمة لها، تأخر الإقرار بها من طرف السلطات قبل أن تظهر تاليا كل آثارها الكارثية مباشرة على اقتصادياتها الهشة.
فإلى جانب ما كان المغرب يتلقاه من دعم ومنح وقروض مالية لتمويل مشاريع تنموية من دول الشمال، خاصة الأوروبية، يتلمّس المعنيون المغاربة بالملف المالي والإقتصادي، سواء كانوا يعملون في القطاعات الحكومية أو الأهلية، النتائج الكارثية المتوقعة للأزمة القائمة على قطاعي السياحة وتحويلات العمال المهاجرين اللذين يتنافسان على أولوية مصدر العملة الصعبة للخزينة المغربية.
مؤشرات سلبية
فمنذ سنوات رفع المعنيون بقطاع السياحة شعار “العشرة ملايين سائح سنويا” ابتداء من سنة 2010 وبدلا من أن يتجه عدد السياح نحو الإرتفاع، عرف في موفى السنة الماضية انخفاضا قد يحتد في مستقبل الأيام مع انتشار وباء انفلونزا (إتش 1 إن 1) المعروف بانفلونزا الخنازير بعد الإعلان عن إصابات في اسبانيا المجاورة.
وكان بالإمكان – لو اقتصرت الكارثة على انفلونزا الخنازير – أن تشكل تحويلات العمال المهاجرين المغاربة تعويضا عن الخسائر المسجلة في قطاع السياحة، إلا أن الأزمة المالية العالمية كشرت عن أنيابها في هذا القطاع قبل ذلك.
وأوضح الدكتور محمد الخشاني الاقتصادي المغربي والمتخصص بقضايا العمال المهاجرين المغاربة لسويس انفو بأن “انعكاس الأزمة المالية العالمية أدت ولأول مرة إلى تراجع تحويلات العمال المهاجرين إلى المرتبة الثانية بعد أن احتلت ولعقود المرتبة الاولى في تمويل خزينة الدولة المغربية بالعملة الصعبة، حيث تراجعت التحويلات خلال الشهور الثلاثة الأولى من سنة 2009 بنسبة 2.15 بالمائة عن معدلها السنوي”.
ويؤكد الدكتور الخشاني أن الانعكاسات المترتبة عن الأزمة المالية العالمية سؤال يطرح نفسه على المتخصصين المغاربة منذ عدة شهور. ومع أن المؤشرات السلبية بدأت بالظهور، لكن الوقت لا زال مبكرا للتدقيق في حجم هذه الانعكاسات على المدى البعيد.
ويشير الخبير الإقتصادي المغربي إلى أن العمال المهاجرين، (سواء كانوا مغاربة أم من جنسيات أخرى)، كانوا دائما كبش فداء الأزمات الاقتصادية التي تمر بها الدول المستقبلة للهجرة. من جهة أخرى، شكلت نسبة العاطلين عن العمل منهم على الدوام ضعف نسبة العاطلين عن العمل في صفوف مواطني تلك الدول.
وفي هذا الصدد، تتحدث الأرقام المتعلقة بالعاطلين عن العمل في أوساط العمال المهاجرين في إسبانيا التي يوجد فيها أكثر من 500 ألف مهاجر مغربي، أن معدل البطالة تجاوز 30 في المائة في حين بلغت البطالة المحلية مستوى 15%.
تحويلات تتراجع
وتعتبر دول أوروبا الغربية الجهة المستقبلة الأولى لليد العاملة المغربية المهاجرة التي تقدر بحوالي 3 ملايين و300 ألف مهاجر حسب أرقام وإحصائيات رسمية مغربية فيما تحتضن الدول العربية وأساسا ليبيا ودول الخليج نسبة 10 بالمائة من هؤلاء.
ويقول الدكتور الخشاني لسويس انفو “إن الإحصائيات الدولية تشير إلى أن عدد المهاجرين المغاربة لا يتجاوز المليون و700 الف شخص، وهي إحصائيات صحيحة إذا أخذ بعين الإعتبار أنها لا تسجل المهاجرين السريين والمهاجرين المغاربة حاملي جنسية الدولة التي يشتغلون بها فيما الاحصائيات المغربية تستند الى المغاربة الذين يُراجعون القنصليات والسفارات المغربية في تلك الدول”.
ورغم ان التقارير تشير إلى ان حالات الاستقرار التي عرفتها اليد العاملة المغربية المهاجرة إلى أوروبا، خاصة فرنسا وبلجيكا وهولندا، في خمسينات وستينات القرن الماضي، قد أدت إلى تقليص في تحويلات هؤلاء المالية إلى بلدهم، نظرا لارتفاع الإلتزامات العائلية، بعد الزواج وبناء اسرة، فإن التحويلات ظلت تحتل المرتبة الاولى في مداخيل العملة الصعبة للخزينة العامة للدولة حيث بلغت سنة 2008 أكثر من 5 مليارات أورو، وتعتبر الجالية المغربية في فرنسا في المرتبة الأولى نظرا لحجم هذه الجالية التي تقارب المليون نسمة فيما تحتل الإمارات العربية المتحدة المرتبة الأولى في التحويلات من العملة الصعبة على الصعيد الفردي.
في سياق متصل، شكلت أموال المهاجرين ما نسبته 23.4 بالمائة من ودائع البنوك المغربية وهو ما يُفسر الإرتباط الدائم والوثيق بين العامل المهاجر ووطنه الأم إن كان من خلال ما يرسله من مساعدات لعائلته (أسرته أبناء وزوجة إذا لم يكونوا ملتحقين به أو والدين وأشقاء حتى لو كانت لديه أسرة ترافقه أو بناء منزل أو مشروع تجاري) لأنه يضع نصب عينيه دائما أن المغرب مستقره النهائي حتى وإن كان متحصلا على الجنسية الأوروبية.
ويرى الدكتور الخشاني أن انخفاض نسبة التحويلات خلال الشهور الثلاثة الأولى من السنة الحالية والتي بلغت 2.15 بالمائة “ليست نهائية”، نظرا لالتزامات المهاجر بمشاريع سكنية أو تجارية في المغرب أو التزامه المعنوي تجاه أفراد عائلته وهو ما يدفعه للتوفيق بين تراجع مداخيله والوفاء بتعهداته، إلا أن استمرار الأزمة سيرفع بالتأكيد هذه النسبة لأن الذين طالتهم الأزمة وتحولوا إلى عاطلين عن العمل لا زالوا يتلقون إعانات بطالة من صناديق الضمان الاجتماعي في دول إقامتهم، موضحا أن جل الدول الأوروبية عدلت في نظام إعانات البطالة حيث باتت محددة في فترة زمنية ولم تعد دائمة كما كانت سابقا نظرا لركون مهاجري دول العالم الثالث للإعتماد على هذه الإعانات والبحث – بموازاة ذلك – عن مصدر رزق آخر أو البقاء بدون شغل.
نحو تعامل أكثر جدية
ولاحظ الخبير الاقتصادي عدم انخفاض حجم تحويلات العمال المغاربة المهاجرين في الدول العربية الذين يُقدر عددهم بحوالي 400 ألف نسمة (أي 10 بالمائة من إجمالي الجاليات المغربية في الخارج). ويذكّـر أن اقتصاديات هذه الدول (وهي ليبيا ودول الخليج وتحديدا السعودية والإمارات العربية المتحدة)، تعتمد أساسا على تصدير النفط المستقرة أسعاره منذ عدة شهور وأيضا ما تملكه هذه الدول من احتياطي من العملة الصعبة، ضمن لها عدم حدوث انهيارات اقتصادية كبرى.
وتبقى تحويلات العمال المهاجرين بالنسبة للدكتور الخشاني “محورا أساسيا من محاور الإقتصاد المغربي” حيث تبلغ ما نسبته 9 بالمائة من إجمالي الناتج الداخلي للبلاد وهو ما يدفع الدولة إلى التعامل بجدية مع كارثة الأزمة المالية العالمية وانعكاساتها السلبية على المملكة إن كان لعدم استفحالها أو لتطويق آثارها السلبية: إنسانيا (حيث ستتقلص، مع انتشار وباء انفلونزا الخنازير، عودة المهاجرين الصيفية للمغرب) واقتصاديا، (من خلال هذا التقلص أو من خلال انخفاض حجم التحويلات المالية).
وفي الوقت الحاضر، يشارك الدكتور محمد الخشاني في إعداد أوراق مؤتمر تنظمه وزارة الجالية المغربية المقيمة بالخارج في شهر أكتوبر القادم بالرباط حول الإستثمارات في المغرب الأقصى وتحويلات العمال المهاجرين بالإضافة إلى مساهمة الوزارة في ندوة دولية حول انعكاسات الأزمة المالية العالمية على التحويلات المالية للعمال المهاجرين نحو دولهم الأصلية بالإضافة إلى دراسات بتمويل مؤسسات دولية حول هذه الإنعكاسات.
ويذهب الدكتور الخشاني إلى أن هذه الندوات والمؤتمرات تؤكد انشغال الدولة المغربية (من خلال الوزارة المكلفة بالجالية المغربية في الخارج) بالأزمة الحالية وانعكاساتها على اقتصاد البلاد من خلال التأثيرات السلبية على تحويلات المهاجرين المغاربة. وهو يعتقد أيضا أن الأزمة المالية العالمية “لن تستمر وإلا فإنها ستكون كارثة على الإنسانية”، حسب قوله.
محمود معروف – الرباط – swissinfo.ch
الرباط (رويترز) – أفادت احصائيات رسمية أن الطبقة الوسطى في المغرب تشكل 53 في المائة من مجموع السكان مقابل 34 في المائة للطبقة الفقيرة و13 في المائة من الطبقة الميسورة.
وجاء في دراسة نشرتها المديرية السامية للتخطيط المغربية ان الطبقة الوسطى المغربية تضم 16.3 مليون نسمة 63 في المائة منهم بالوسط الحضري.
وخلصت الدراسة الى أن الفئات الاجتماعية المهنية “ذات مستوى تكوين وتأهيل متوسط هي التي تساهم بشكل أكبر في توسيع الطبقات الوسطى”.
لكن “الفوراق على مستوى دخلها وظروف معيشتها على حد سواء تساهم في عدم تجانس هذه الطبقة من حيث مكوناتها الاجتماعية والمهنية”.
ومن ناحية الدخل أفادت الدراسة أن 28 في المائة من الطبقة الوسطى يفوق دخلها المتوسط 5308 دراهم (نحو 638 دولارا) بينما 42 في المائة يفوق دخلها 3500 درهم و30 في المائة يقل دخلها عن هذا المبلغ.
وقال أحمد الحليمي المندوب السامي للتخطيط في تقديمه للدراسة انها أنجزت حول “الدخل ومستوى المعيشة للعام 2007″، وأنجزت على 7062 أسرة كعينة.
وتتوزع الطبقة الوسطى من حيث النشاط الاقتصادي والاجتماعي الى 48 في المائة من النشطين و8.2 من العاطلين و43.7 في المائة من غير النشطين يتكونون من ربات البيوت والطلبة والمتقاعدين والمسنين.
وكان العاهل المغربي محمد السادس قد دعا في خطبة ألقاها في يوليو تموز الماضي الى “ضرورة أن يكون الهدف الاستراتيجي لكافة السياسات العمومية هو توسيع الطبقة الوسطى لتشكل القاعدة العريضة وعماد الاستقرار”.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 8 مايو 2009)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.