مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

قضية يو بي اس: مجلس النواب يرفُـض الإتفاق بين برن وواشنطن

يواجه اتفاق المساعدة الإدارية مع الولايات المتحدة بخصوص مصرف يو بي إس، صعوبات متزايدة. Reuters

رفض مجلس النواب يوم الثلاثاء 8 يونيو بـ 104 صوتا مقابل 76 واحتفاظ 18 بأصواتهم، على اتفاق التعاون الإداري مع الولايات المتحدة المتعلِّـق بمصرف يو بي إس. ويعود الملف الآن إلى مجلس الشيوخ، الذي يُـفترض أن يُـصوِّت عليه يوم غد الأربعاء.

ويرى المراقبون أن الغرفة الثانية للبرلمان ستجدِّد تأييدها للاتفاق دون صعوبة تُـذكر، لكن رفضا ثانيا من جانب مجلس النواب في قادم الأيام، سيُـعلن الوفاة النهائية للاتفاقية.

وفي الواقع، كان الفشل المسجَّـل صبيحة الثلاثاء متوقّـعا، بعد أن رفضت الأغلبية تقديم أي تنازلات، سواء باتجاه اليسار أو لفائدة حزب الشعب السويسري (يمين شعبوي). وعند التصويت، لم يؤيِّـد الاتفاق، الذي كان سيسمح بتسليم السلطات الأمريكية، المعطيات المصرفية الخاصة بــ 4450 حريف لدى مصرف يو بي إس يُـشتبه في تحيُّـلهم على مصالح الجباية الأمريكية، إلا الليبراليون الراديكاليون (يمين) والديمقراطيون المسيحيون (وسط يمين) والحزب البورجوازي الديمقراطي (يمين محافظ).

وفي معرض تعليقهم على نتيجة التصويت، اعترف المتحدثون باسم هذه الأحزاب، بأن الأمر يتلخص (بالنسبة لهم) في ابتلاع هزيمة مُـرّة، لكنهم برّروا موقِـفهم المؤيِّـد بالسعي لتغليب المصلحة القومية، وشددوا على أن هذا الاتفاق يجب أن يظل حالة فريدة، مذكِّـرين بأنه لا يوجد حل بديل للخلاف القانوني القائم بين الولايات المتحدة وسويسرا، كما حذّروا من أن رفض الاتفاقية، سيُـسدد ضربة قوية إلى الاقتصاد السويسري، المُـعتمد على تصدير الخدمات، وسيضع آلاف مواطن العمل في مهبّ الريح.

هذه الحُـجج والمبررات لم يرفّ لها جفنٌ في صفوف نواب حزب الشعب أو في معسكر اليسار والخُـضر، ومع أن التشكيلة اليمينية (التي تتوفر على أكبر عدد من النواب في المجلس) أعلنت قبل بضعة أسابيع عن إمكانية تأييدها لهذه الاتفاقية مقابل بعض الشروط، إلا أنها لم تتقبّـل إقدام مجلس الشيوخ (الذي وافق عليها يوم الخميس 3 يونيو) على اعتماد مقترحين إضافيين يرميان إلى فرض ضريبة على علاوات ومكافآت كبار مسيِّـري المصارف.

اليمين المتشدّد في التسلّـل

لقد كان واضحا حرص حزب الشعب السويسري على إلغاء المقترحين السابقين قبل بدء التصويت على الاتفاقية مع الولايات المتحدة، لكن مجلس النواب رفض في وقت متأخّـر من مساء الاثنين 7 يونيو بـ 125 صوتا مقابل 58، إدخال تحوير على جدول أعماله واعتبرت بقية الأحزاب الممثلة في المجلس أن مقترح حزب الشعب لا يزيد عن محاولة للإبتزاز والمساومة.

في ظل هذه الأوضاع، التي نادرا ما يشهدُها البرلمان الفدرالي في برن، صوّتت التشكيلة اليمينية بالرفض، ويبدو أنها لا زالت تؤمِّـل أن يُـغيِّـر الليبراليون الراديكاليون والديمقراطيون المسيحيون رأيهم في المقترحين المتعلِّـقين بفرض رسوم على علاوات الصيارفة، قبل نهاية الدورة الصيفية الحالية.

في المقابل، وباستثناء هذه المسألة، يُـمكن القول أن حزب الشعب السويسري نجح حتى الآن في فرض وجهات نظره وجدول أعماله على الجميع، حيث صادق مجلس النواب على مذكِّـرة تدعو إلى تقليص مجال التحرّك المتاح للحكومة الفدرالية فيما يتعلّـق بالمعاهدات الدولية. إضافة إلى ذلك، تمكّـن الحزب من دفْـن خارطة الطريق التي تقدّمت بها الحكومة الفدرالية، والمتضمنة لعدد من الإجراءات الرامية إلى التصدّي للمشاكل الخاصة بالمصارف الكُـبرى، حيث رفض مجلس النواب يوم الاثنين أيضا بـ 123 صوتا مقابل 67، مجرد فتح النقاش حول المرسوم الحكومي.

هذا الموقف أثار غضب اليسار، الذي يُـصِـرّ على الحصول على مقابل ما للمساعدة القانونية التي وفّـرتها الكنفدرالية لمصرف يو بي إس وحاول – ولكن بدون جدوى- الحصول على ضمانات أخرى، اقترح إدراجها في المرسوم الداعي إلى الموافقة على الاتفاق مع واشنطن، لكن الأغلبية البورجوازية تصدّت في كل مرة ورفضت مقترحات اليسار، معتبرة أن المذكِّـرة المتعلقة بإشكالية المؤسسات المالية “الضخمة جدا، كي تُـعلن إفلاسها”، كافية للتعاطي مع هذه الإشكاليات.

رفض متكرِّر

تبعا لذلك، رفض مجلس النواب بـ 130 صوتا مقابل 58، مقترحا يدعو إلى منع المصارف من المساعدة، بشكل نشطٍ أو سلبي، على التهرّب الجبائي وجملة من الإجراءات ترمي إلى حلّ القضايا المتعلِّـقة بالمصارف، ذات الأحجام الضخمة جدا.

في السياق نفسه، رفض اليمين إدراج فقرة خاصة بالضريبة على العلاوات، وقوبل مقترح يدعو إلى فرض رسوم على المكافآت الفردية، التي تفوق مليون فرنك في السنة، برفض 126 نائبا مقابل 66.

وقبل التصويت على مُـجمل الاتفاقية، تجمّـعت قوى اليسار وحزب الشعب السويسري لاشتراط عرض الاتفاقية على الاستفتاء الاختياري، وقد حصل هذا المقترح على تأييد 97 نائبا مقابل 78، وعلى عكس ما يرى البعض، فإن هذه المسألة ليست هيِّـنة، حيث يُـمكن أن يتسبب الاستفتاء الاختياري في منع سويسرا من تسليم المعطيات المطلوبة إلى واشنطن قبل تاريخ 19 أغسطس، وهو الموعد المحدد في الاتفاقية، لأن الحكومة الفدرالية مُـضطرّة للانتظار 100 يوم قبل أن تتمكن من التطبيق الكامل لها.

خيبة أمل المصارف

في أول تعليق على التصويت، قال أورس روت، رئيس الرابطة السويسرية للصيارفة “إنني أصِـبت بخيبة أمل. إنها أشبه ما تكون بحمام بارد، لكن الأمر لا يتعلق بالقرار النهائي. فمجلس الشيوخ وافق على الاتفاق الأسبوع الماضي، وأنا واثق من أن البرلمان سيصادق في نهاية المطاف على الاتفاقية، التي تخدِم مصلحة سويسرا”. وأضاف السيد روت: أن “المسألة لا تتعلق هنا بمصداقية الساحة المالية، بل بمصداقية الحكومة السويسرية تجاه الولايات المتحدة”.

swissinfo.ch مع الوكالات

تمّ التوقيع على الاتفاق الخاص بمصرف يو بي إس من طرف الحكومتين السويسرية والأمريكية يوم 19 أغسطس 2009 في واشنطن.

طبقا لهذا الاتفاق، تتعهد سويسرا بتسليم معلومات تتعلّـق بـ 4450 حساب مصرفي افتتحت لدى يو بي إس من طرف أمريكيين تحايلوا على مصالح الجباية في بلادهم.

في سويسرا، يحتاج هذا الإتفاق للحصول على مصادقة البرلمان الفدرالي بغرفتيه قبل البدء في تنفيذه.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية