“مبادرة جنيف” هل تُـقـنـع الإسرائيليين؟
اعتبر المؤرخ الفلسطيني رشيد الخالدي أن "مبادرة جنيف" تساهم في التأثير، مع بقية الأفكار المطروحة على الساحة، على الرأي العام الإسرائيلي.
وأشار في تصريحات أدلى بها في جنيف إلى أن عدم تمتّـع المشاركين في صياغته للشرعية الضرورية يمثّـل أهم سلبياته.
استضافت جنيف يوم 24 نوفمبر 2003 الدكتور رشيد الخالدي، أستاذ التاريخ في جامعة كولومبيا الأمريكية، الذي ألقى عدة محاضرات شرح فيها وجهة نظره تجاه “اتفاق جنيف” وأجاب خلالها على العديد من التساؤلات.
وفي لقاء خاص مع سويس انفو، اعتبر الخبير الأمريكي من أصل فلسطيني أن اتفاق جنيف الذي ستوقع عليه شخصيات فلسطينية وإسرائيلية في غرة ديسمبر القادم في جنيف، “له جوانب إيجابية وأخرى سلبية”.
ويكمُـن الإيجابي في نظره في مساهمته مع مبادرات أخرى ظهرت على الساحة مؤخرا مثل مبادرة “نسيبة ـ أيالون”، وتصريحات الرؤساء الثلاثة السابقين لجهاز الشين بيت الإسرائيلي مع صحيفة يديعوت أحرونوت، في التأثير على الرأي العام الإسرائيلي، وفي تحريك الجمود السياسي السائد في إسرائيل منذ أكثر من 3 سنوات.
وأضاف الدكتور الخالدي في حديثه مع سويس إنفو أن هذا الاتفاق وباقي المبادرتين، “برهنوا للإسرائيليين على أن نهج حكومة شارون نهج فاشل، وسيؤدي إلى خطر حيوي على إسرائيل”.
ويرى الخبير الأمريكي أن ما جاء في هذا الاتفاق، رغم نقائصه والانتقادات الموجهة له، أقام الدليل على “إمكانية إيجاد حل عادل مع الفلسطينيين، وعلى وجود طرف فلسطيني يمكن التفاوض معه”.
من يمثّـل من؟
من جهة أخرى، اعتبر أستاذ التاريخ بجامعة كولومبيا الأمريكية، أن أهم سلبية في اتفاق جنيف تكمن في أنه تم التوصل إليه في ظل الافتقار إلى وجود هيئة لها شرعية تمثيل الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.
واعتبر الدكتور رشيد الخالدي أن اتفاق جنيف شمل الكثير من البنود الحيوية والمصيرية، مثل حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، والتي لا يمكن التفاوض بشأنها دون أن يكون للطرف المفاوض شرعية نابعة عن انتخابات جديدة. وفي هذا السياق، اقترح الدكتور الخالدي عرض بنود هذا الاتفاق على الشعب الفلسطيني في استفتاء شعبي يشمل فلسطينيي الشتات.
الأكثر انحيازا
ولدى تقييمه لموقف الإدارة الأمريكية من قضية الشرق الأوسط، أكد الدكتور الخالدي ما ذهب إليه الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر في تصريحاته الأخيرة إلى سويس إنفو، من أنها “أكثر الإدارات الأمريكية، ليس فقط دعما لإسرائيل، بل للنهج المتطرف في إسرائيل الذي لا يعترف بحق الفلسطينيين في الوجود، والمنادي بشرعية الاستيطان والداعي لضرورة قبول الفلسطينيين الاستسلام المفروض عليهم.”
وذكّـر الدكتور رشيد الخالدي أن الإدارة الأمريكية أيدت كليا تدمير أجهزة السلطة الفلسطينية وتصفية كوادرها وقتل المدنيين دون صدور أي انتقاد جذري عنها.
بين أمل واستحالة
وردا عن سؤال يتعلّـق باحتمالات نجاح المبادرة التي أصبحت تحمل اسم “مبادرة جنيف”، اعتبر استاذ التاريخ بجامعة كولومبيا أنها قد لن تؤدي إلى إطلاق مفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، إلا أنها فتحت المجال في الساحتين للتفكير مجددا في إمكانية التوصل إلى تسوية عادلة تستند إلى إقامة دولتين على أرض فلسطين التاريخية.
وفي رد عن سؤال حول حظوظ نجاح الأفكار المطروحة في المبادرة، وبالأخص فكرة إقامة دولتين جنبا إلى جنب، احتمل الدكتور الخالدي استحالة تحقيق ذلك مع استمرار السياسة الحالية التي وصفها بـ”سياسة الأبارتايد” أو التمييز العنصري.
وفي هذه الحالة، قد يتسبب الإسرائيليون أنفسهم في انهيار إمكانية قيام دولة يهودية ديموقراطية حسب تكهنات الدكتور الخالدي.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.