مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

معاناة اللاجئين من جنوب السودان العالقين في السودان بعد عشر سنوات على استقلال بلادهم

لاجئون من جنوب السودان في مخيم في شرق الخرطوم في الخامس من تموز/يوليو 2021 afp_tickers

بعد أن هيأت روزا غبريال نفسها ولملمت أشياءها استعدادا لبدء حياة جديدة في وطنها في جنوب السودان قبل عقد من الزمن، وجدت السيدة السمراء نفسا عالقة في مخيم بائس للنازحين ولا تزال تتطلع للعودة إلى الديار حتى اليوم.

فرت غبريال التي تبلغ من العمر اليوم 71 عاما من أطول حرب أهلية في القارة الإفريقية بين شمال السودان الذي تتألف غالبيته من العرب وجنوبه الذي تسكنه أغلبية مسيحية، في 1983 الى ما كان يومها منطقة شمال السودان. بعد استقلال الجنوب في تموز/يوليو 2011 إثر حرب مدمّرة تسببت بمقتل حوالى مليوني شخص، ظنّت أنها ستعود الى الجنوب مع أسرتها.

وتقول لوكالة فرانس برس وهي تجلس أمام كوخ مغطى بالخيش بمخيم للاجئي جنوب السودان في شرق الخرطوم، “جئت إلى الشمال في عام 1983 هربا من الحرب في الجنوب، وكان من المفترض إعادتي مع آخرين بعد استقلاله”.

وتضيف “لكنني لا أزال عالقة هنا منذ عشر سنوات، ولا تبدو للأمر نهاية”.

وانفصل جنوب السودان بموجب اتفاق السلام الذي وقعه عام 2005 مع نظام الرئيس السابق عمر البشير الذي تخلل فترة حكمه الكثير من النزاعات الداخلية والحروب الأهلية.

وخطّطت حكومة البشير تخطط لإعادة عشرات الآلاف من مواطني جنوب السودان إلى بلادهم عقب الانفصال.

إلا أن هذه الخطة تعطلت على خلفية الصراع الذي نشب على السلطة في دولة الجنوب بين رئيسه سلفا كير ميارديت ونائبه رياك مشار، والذي تحوّل إلى نزاع مسلح في كانون الأول/ديسمبر 2013.

إثر ذلك، أسكنت حكومة السودان آنذاك لاجئي الجنوب في “مناطق مفتوحة” هي عبارة عن أكواخ غير خرسانية بنيت بشكل عشوائي لا توفّر سوى القليل من الظلّ في حرارة الصيف الحارقة في السودان، وبالكاد تقي من الأمطار الموسمية الغزيرة.

وتعاني الآلاف من أسر جنوب السودان التي تعيش هناك من نقص حاد في الغذاء والماء والاحتياجات الأساسية.

ويقول إسحق شفيق المشرف على خمس مناطق مفتوحة في شرق العاصمة السودانية “بالكاد يحصلون على مساعدات على عكس اللاجئين في المخيمات الأخرى في السودان”.

– “مصيرنا مجهول” –

وحسب احصاءات الأمم المتحدة، يستضيف السودان أكبر عدد من اللاجئين من جنوب السودان يبلغ عددهم 792 ألف شخص، وقد طلب أكثر من نصفهم اللجوء الى السودان بعد اندلاع الصراع على السلطة في بلادهم.

وتقول مفوضية الأمم المتحدة للاجئين إن هناك 37 ألف لاجئ يعيشون في “مناطق مفتوحة” بالخرطوم، تعتبر أوضاعهم “الأكثر سوءا” بين لاجئي جنوب السودان.

ويؤكد شفيق أن أغلب سكان المخيمات يعتمدون على السودانيين، بالرغم من صعوبة الأوضاع الاقتصادية، لمدهم بالغذاء والماء.

وتردّى الاقتصاد السوداني خلال عهد البشير خصوصا بعد فقدان عائدات النفط على أثر انفصال الجنوب، وبسبب العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية على السودان الذي اتهمته بإيواء مجموعات إرهابية.

بعد الإطاحة بالبشير في نيسان/أبريل 2019، زاد تدهور الأوضاع الاقتصادية في ظل حكم سلطات انتقالية تفتقر الى موارد وتتعامل مع تداعيات عقود من إهمال البنى التحتية والفساد والحكم الدكتاتوري. وانعكس ذلك صعوبات بالنسبة الى لاجئي الجنوب الذين يعتمد العديد منهم على العمل المياوم والخدمة المنزلية لتأمين قوت يومهم.

وتقول كريستينا البالغة من العمر 46 عاما، وهي أم لستة أطفال وتعيش في المخيم، “زوجي وجد عمل في احدى المزارع خارج الخرطوم ويقوم بزيارتنا مرة في الشهر”.

وتضيف “بخلاف ذلك، ليس لدينا شيء الآن وبالكاد نحصل على مساعدة”.

وقرّرت سابينا فيليب وهي أم لتسعة أطفال، من جهتها التوقف عن البحث عن عمل عقب فصلها من الشركة التي كانت تعمل فيها في 2011 لكونها من جنوب السودان.

وتقول لفرانس برس “نحن لا ننتمي إلى هنا”.

ويشاركها اللاجئ غبريال خميس الشعور نفسه. ويقول “مشكلتنا أننا نحظى باهتمام ضئيل مقارنة باللاجئين الآخرين في هذا البلد”.

ويضيف “حتى اليوم يبقى مصيرنا مجهولا”.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية