معضلة اسمها “الإتصالات مع حكومة حماس”
أعلنت الأمم المتحدة عن وقف الاتصالات السياسية بحكومة حماس والاكتفاء بمواصلة تقديم المساعدات الإنسانية. الأونروا انتقدت القرار، أما البنك الدولي فيدرس "كيفية التعامل معه".
في المقابل، صرح مسؤول سويسري أن برن “ستستمر في الاتصال بالمسؤولين الفلسطينيين ليس لأنهم من حركة حماس، ولكن لأنهم يمثلون الشعب الفلسطيني”.
ظهرت منذ أيام أخبار ومعلومات عن تجنب مسؤولين أمميين الاتصال بمسؤولين سياسيين فلسطينيين في الحكومة التي شكلتها حماس عقب إعلان كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي عن وقف تقديم المساعدات للحكومة الفلسطينية والاكتفاء بمواصلة تقديم المساعدات الإنسانية.
وعلمت “سويس إنفو” أن مسؤولين من منظمة الصحة العالمية كانوا يشاركون مؤخرا في بعثة لتقييم الأوضاع بخصوص محاربة مرض أنفلونزا الطيور في الأراضي الفلسطينية، انسحبوا من الاجتماع بعد وصول وزير الصحة الفلسطيني لتفادي إمكانية أن يلتقط الصحفيون صورا لهم برفقته.
بين التأكيد والتكذيب والغموض
عندما أثيرت هذه القضية عندما أثيرت من قبل الصحفيين في نيويورك يوم الأربعاء 11 أبريل، أوضح ستيفان دوجاريك، الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة أن “الإتصالات العملية مع المسؤولين في الحكومة الفلسطينية الجديدة ستستمر لضمان مواصلة تطبيق برنامج الدعم المقدم للأراضي الفلسطينية المحتلة”، لكنه أضاف أن الاتصالات السياسية “ستعالج عند وقوعها”.
ولما سئل الناطق باسم الأمم المتحدة عن “حقيقة التصريحات التي أوردتها وسائل إعلام بأن الأمم المتحدة وجهت توجيهات لمسؤوليها بتجنب الاتصال بمسؤولين رسميين من حماس، رد بأن “تقارير وسائل الإعلام تشير الى تصريحات مسؤول لم يفصح عن اسمه، بينما يردد هو موقف الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة”.
وإجابة عن سؤال عما إذا حدث تغيير في موقف الأمم المتحدة، رد دوجاريك بأنه “يكفي أن ننظر الى الخارطة السياسية والى موقف الأمين العام للأمم المتحدة الصادر ضمن المجموعة الرباعية والذي يدعو الحكومة الفلسطينية للاعتراف بدولة إسرائيل، وانتهاج سياسة غير قائمة على العنف، وأن تقبل الاتفاقات السابقة بما في ذلك خارطة الطريق”.
وعما إذا تم إقرار هذا التوجه الجديد للأمم المتحدة في قرار مكتوب، اكتفى الناطق باسم الأمم المتحدة بالرد بأن “هذا الموقف يعرف تطورات منذ انتخاب حكومة حماس وأنه لم يتم تدوينه في أي قرار مكتوب لحد الآن”، معترفا في الوقت نفسه بأن “هناك غموضا كبيرا بين الرسميين الأمميين حول طبيعة الاتصالات التي يمكنهم القيام بها مع مسؤولي حكومة حماس”، حسب تعبيره.
يجدر التذكير بأن آخر قرار أممي مكتوب تم اعتماده في 16 ديسمبر 2005 بخصوص تقديم الدعم للشعب الفلسطيني الذي يناشد الدول الأعضاء، والمؤسسات المالية الأممية والمنظمات الحكومية وغير الحكومية والمنظمات الإقليمية، بأن “تكثف مساعداتها قدر الإمكان، الاقتصادية والاجتماعية المقدمة للشعب الفلسطيني وهذا في تعاون وثيق مع منظمة التحرير الفلسطينية وعبر المؤسسات الفلسطينية الرسمية”، حسب ما ورد في نص القرار.
وقد علمت سويس إنفو أن السفراء العراب المعتمدين لدى المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف يجرون حاليا اتصالات مع مؤسسات أممية لمعرفة مواقفها من هذه القضية.
رفض الأونروا وحيرة البنك الدولي
قرار تحديد اتصالات المسؤولين الأمميين بالمسئولين في الحكومة الفلسطينية واقتصار ذلك على الخبراء وفي القضايا الإنسانية فحسب، وصفته الحكومة الفلسطينية بأنه “قرار سيء ويخرج عن أي منطق”. إذ صرح الناطق باسمها غازي حماد بأن “منظمة الأمم المتحدة منظمة دولية يتوجب عليها عدم انتهاج نفس المعايير السياسية التي تتبعها الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي”، معتبرا بأن ذلك يدخل في إطار “الحملة التي تقوم بها إسرائيل والولايات المتحدة ضد الحكومة الفلسطينية”.
أما مفوضة منظمة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) السيدة كارين أبو زيد فقد قللت من أهمية هذا الإعلان معتبرة “أنه يكون قد تجاوز ما كان يقصده في بداية الأمر”. وأوضحت السيدة أبو زيد أن “منظمة الأونروا لم تتوصل بأية تعليمات من المقر الرئيسي في نيويورك لتحديد اتصالاتها بالوزراء من حركة حماس”. وترى أنه “في الوقت الذي يتم فيه تشجيع الأونروا على تقديم المزيد والقيام بمزيد من الاتصالات لانجاز المهام الإضافية … فإنها ستواصل الاتصال بنفس المسؤولين ولن تغير من برنامجها الإنساني”.
من جهته، يجد البنك الدولي الذي يقدم جزءا هاما من الدعم للسلطة الفلسطينية نفسه في وضعية حرجة حيث أشار بعض المسؤولين فيه (دون الإفصاح عن هويتهم) إلى أن “اتصالاتهم مع الفلسطينيين سيتم تقليصها إلى أن يتخذ رئيس المدير العام للبنك بول فولفوفيتس قرارا بخصوص الموقف الذي يجب اتباعه”.
ومع أن مصادر البنك الدولي ترفض الحديث عن وجود رفض لتقديم القروض إلى السلطة الفلسطينية، إلا أن مسؤولا كبيرا فيه أوضح بأن “تلك القروض مجمدة في الوقت الحالي”. ومن منظور التزام البنك الدولي بالحياد في تعاملاته، يجد نفسه في موقف حرج بين الحفاظ على على هذا المبدإ من جهة، وبين اتباع مواقف الدول الممولة الكبرى (أي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي) التي تعتبر حركة حماس “حركة إرهابية”.
من جهة أخرى، يخشى مسئولو وموظفو البنك الدولي احتمال “تعرض الموظفين المتعاملين مع مسؤولين من حركة حماس لمتابعة قانونية من قبل القضاء الأمريكي أو غيره بتهمة التعامل مع منظمة مصنفة بأنها إرهابية”. وما لم يتم توضيح ذلك، يذهب أحد المسؤولين في البنك إلى أنه “يجب الإحجام عن اتخاذ أية خطوات”.
سويسرا تواصل الاتصالات
على صعيد آخر، أوضح جون جاك جوريس، ممثل الحكومة السويسرية (التي لها سفارة في إسرائيل ومكتب اتصال لدى السلطة الفلسطينية) لدى السلطة الفلسطينية في حديث مع وسائل إعلام سويسرية بأن “سويسرا غير قلقة من هذا القرار لأن لسويسرا مكتب يتعامل مع الجانب الفلسطيني وسفارة تتعامل مع الجانب الإسرائيلي”.
أما ما قد يخلق مشكلة من وجهة نظر الممثل السويسري فهو دور المنسق الذي يشرف على العمل الإنساني والذي عليه التعامل مع الطرفين. لكن هذا المنصب الذي كان يشغله السيد جون جاك جوريس قبل عودته إلى الكنفدرالية سيبقى شاغرا حتى نهاية شهر أبريل الجاري.
وفيما عبر الناطق باسم الخارجية الإسرائيلية أفي بازنر عن “الأمل في رؤية سويسرا تحذو حذو الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوربي وأن تقف على حقيقة حركة حماس” على حد قوله، أوضح السيد جون جاك جوريس في تصريحاته بأن “سويسرا ستواصل الاتصال بمسؤولي الحكومة الفلسطينية ليس لأنهم من حركة حماس بل لأنهم ممثلون للشعب الفلسطيني”.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.