مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مفوض حقوق الإنسان: العدالة الانتقالية بالغة الأهمية لمستقبل سوريا

afp_tickers

دعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك الأربعاء إلى تحقيق “العدالة الانتقالية” في سوريا، معتبرا أن الأمر “بالغ الأهمية” بعد تسلّم إدارة جديدة السلطة في البلاد. 

وتأتي زيارة تورك، وهي الأولى لمسؤول في منصبه إلى سوريا، بعد أكثر من شهر على إطاحة تحالف فصائل مسلحة بالرئيس المخلوع بشار الأسد بعد نحو 14 عاما من حرب مدمّرة كانت شرارتها قمع النظام السابق لتظاهرات مناهضة له.

وقال تورك خلال مؤتمر صحافي من دمشق إن “العدالة الانتقالية أمر بالغ الأهمية مع تقدّم سوريا نحو المستقبل … الانتقام والثأر ليسا أبدا الحل”. 

وأضاف تورك “يجب التحقيق بشكل كامل في حالات الإخفاء القسري، والتعذيب، واستخدام الأسلحة الكيميائية، وغيرها من الجرائم. وبعد ذلك، يجب تحقيق العدالة بشكل عادل وحيادي”.

وقال إن “مثل هذه الأفعال تشكل أخطر الجرائم بموجب القانون الإنساني الدولي”، ومن ضمنها “استخدام المواد الكيميائية المحظورة ضد المدنيين”، معتبرا أن ذلك “يكشف الكثير عن الوحشية المفرطة للأساليب التي استخدمها النظام السابق”.

فور سقوط النظام، خرج الآلاف من السجون، لكن مصير عشرات آلاف آخرين ما زال مجهولا وتبحث عائلاتهم عن أي أثر لهم. 

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، لقي أكثر من 100 ألف شخص حتفهم في السجون ومراكز الاعتقال السورية منذ بدء النزاع في العام 2011. 

ويبلّغ السكان في سوريا منذ سقوط الأسد، عن مواقع محتملة لمقابر جماعية، في ظل ضعف الخبرات المحلية في التعاطي مع ملفات مماثلة.

في الأثناء، تنظم السلطات الجديدة في مناطق مختلفة حملات أمنية تقول إنها لملاحقة “فلول ميليشيات الأسد”، ونفذت اعتقالات، لكن أفاد سكّان ومنظمات عن انتهاكات تتضمن مصادرة منازل أو إعدامات ميدانية. كما انتشرت مقاطع فيديو تظهر عمليات تعذيب وإهانة لمعتقلين على يد السلطات الجديدة، لم تتمكن فرانس برس من التحقق من صحتها.  

-“التعافي”-

التقى تورك خلال زيارته قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع الذي ناقش معه “الفرص والتحديات التي تنتظر سوريا الجديدة”، وفق تورك.

ونقل عن الشرع تأكيده على “أهمية احترام حقوق الإنسان لجميع السوريين ولكافة مكونات المجتمع السوري”.

وقال إن الشرع أعرب أيضا عن دعمه “السعي نحو التعافي، وبناء الثقة، والتماسك الاجتماعي، وإصلاح المؤسسات”.

واعتبر تورك أن “إعادة بناء سوريا التي تعمل لصالح جميع سكانها، على أساس المساواة في الكرامة وبدون تمييز، ستكون مفتاح نجاحها واستقرارها”.

ومنذ وصول السلطة الجديدة الى دمشق، يخشى سوريون كثر من توجهها إلى إقامة نظام حكم ديني وإقصاء مكونات سورية واستبعاد المرأة من العمل السياسي، رغم رسائل طمأنة يوجهها المسؤولون الى مختلف المكونات السورية وبينها الأقليات الدينية والى المجتمع الدولي.

ويكرّر موفدون دوليون يزورون دمشق تباعا، تأكيدهم ضرورة أن تشارك مختلف المكونات السورية في مرحلة الانتقال السياسي الذي يجب أن يكفل احترام الحقوق المدنية والحريات الأساسية.

ودعا تورك كذلك إلى إعادة النظر بالعقوبات على سوريا بشكل “عاجل”. 

وقال “مع بحث المجتمع الدولي قضية العقوبات، سيكون من الضروري أن يؤخذ في الاعتبار تأثير العقوبات على حياة الشعب السوري … لذلك، أدعو إلى إعادة النظر بشكل عاجل في العقوبات على بعض القطاعات بهدف رفعها”.

وزار تورك الثلاثاء سجن صيدنايا السيئ الصيت والتقى بأحد المعتقلين السابقين، وفقا لبيان للأمم المتحدة. 

ويشكّل هذا السجن رمزا للتعذيب والإعدامات خارج إطار القانون التي ارتكبت في ظل حكم الأسد.

وقال تورك في بيان الثلاثاء إن سجن صيدنايا “مسكون بذكريات عن أقصى درجات القسوة”، معربا عن أمله في أن يكون هذا المكان “درسا للعالم بألا نسمح لمثل هذه الفظائع أن تتكرر أبدا”.

وتقدّر رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا أن قوات المعارضة حررت أكثر من 4000 سجين، وهي تقدر أن أكثر من 30 ألف سجين أعدموا أو قضوا تحت التعذيب أو من قلّة الرعاية أو الطعام في صيدنايا بين عامي 2011 و2018.

– “فرصة تاريخية” –

ودعت عشرات المنظمات المعنية بملف المفقودين والمعتقلين والمخفيين قسرا في سوريا، في بيان مفتوح الثلاثاء، السلطات الجديدة الى “التحرك العاجل والفوري والصارم لإيقاف استباحة السجون ومراكز الاعتقال في سوريا والتعامل معها على أنها مسارح لجرائم وفظائع ضد الإنسانية، ومنع الدخول إليها وطمس معالمها وتصويرها والعبث بما تحويه من وثائق وأدلة”.

وأثار إقدام متطوعين على طلاء جدران زنزانة في سوريا غضب عائلات المفقودين والمعتقلين والمنظمات المعنية بالملف التي دعت السلطات الجديدة الى منع الدخول الى السجون للحؤول دون “طمس” معالمها و”العبث” بالأدلة.

وقالت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ميريانا سبولياريتش لوكالة فرانس برس الشهر الحالي إن معرفة مصير المفقودين يطرح “تحديا هائلا” بعد أكثر من 13 عاما من حرب مدمرة، مضيفة أن الأمر قد يتطلب سنوات.

بالتوازي مع زيارة تورك، وصلت وزير التنمية الألمانية سفينيا شولتسه زيارة الأربعاء إلى دمشق حيث أكّدت أن سوريا أمام “فرصة تاريخية” لبداية جديدة، وفق بيان. 

وبعد سوريا، يتوجّه تورك إلى لبنان. 

لغ-اه/لو/ص ك

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية