ملياردير مصري في جبال الألب السويسرية
أعلن رجل أعمال مصري ثري عن خططً لبناء منتجع فاخر في قرية أندرمات، قد تكون المنقذ الاقتصادي لهذه المنطقة الكاسدة.
وهذه هي المرة الأولى التي يعمد فيها السيد سامح ساويرس، الذي يدير القطاع الفندقي لمجموعة أوراسكوم التي تملكها عائلته، إلى الاستثمار خارج الشرق الأوسط ومنطقة الخليج في مشروع سياحي.
المئات من سكان أنديرمات توافدوا على مركز القرية مساء الأحد (18 ديسمبر) الماضي متشوقين إلى سماع ما يؤكد الإشاعات التي تناثرت هنا وهناك منذ فترة، ولكي يروا أيضاً الملياردير المصري بأم أعينهم.
في ذلك المساء، عمد المسؤولون من قرية أندرمات وكانتون أوري (الذي تقع فيه) إلى تقديم السيد سامح ساويرس، مقارنين قراره باستثمار مئات الملايين من الفرنكات في أندرمات بالفوز في اليانصيب، واصفين ما حدث بأنه “أسطورة من حكايات ألف ليلة وليلة”.
رجل الأعمال المصري، الذي يقف وراء منتجع الجونا الضخم على شواطئ البحر الأحمر في مصر، استخدم الإجتماع ليسحر السكان برؤيته لمنتجع من نوع “لم تراه جبال الألب من قبل”.
تحدث السيد ساويرس بلغة ألمانية سليمة خالية من أية أخطاء، وقال إن المنتجع الذي سيفتح أبوابه على مدار العام سيشمل 800 غرفة على الأقل في فنادق وشقق للإجازة وساحة للعب الجولف، وحتى مسبح بشاطئ رملي خاص به.
لحظة مناسبة… للغاية!
الخطة ستضاعف عدد الأسره المتوفرة في أندرمات، وستحولها من واحدة من أصغر المناطق السياحية في جبال الألب إلى منتجع سويسري متوسط الحجم، “كبير بما فيه الكفاية”، كما يقول السيد سويرس، لجعله جذاباً للعاملين في مجال الأفواج السياحية الدولية.
دخول السيد ساويرس إلى المشهد المحلي في أندرمات لم يكن ليأتي في وقت أفضل من اللحظة الراهنة. فالقرية كانت بدأت تعاني من فقدان العديد من الوظائف المتخصصة بعد أن قرر الجيش السويسري، الذي كان يوفر مواطن عمل رئيسية في المنطقة، تخفيض تواجده في إقليم الألب.
ورغم أن القرية تفاخر ببيئتها الرائعة التي تمكنها من توفير المجال للتزلج على ارتفاع يضمن أوضاعاً ثلجية ممتازة، إلا أن قطاع السياحة لم يستطع إلى حد الآن تعويض مواقع العمل التي خسرتها.
أندرمات كان ينظر إليها حتى الآن على أن حجمها أصغر من أن يمكنها من تأمين التمويل للتوسع أو لتطوير البنى التحتية السياحية، لكن السيد ساويرس أدرك إمكانياتها المدفونة، خصوصا وأن الجيش أعرب عن استعداده لتقديم 600 ألف متر مربع من الأراضي للمنتجع الجديد، الذي سيصبح عند الانتهاء منه في حجم القرية نفسها.
الشمس والرمال
يقف السيد ساويرس بمخططه هذا على عكس الاتجاه الذي ساد على مدى العقد المنقضي، وهوم اتجاه جعل من مناطق “الشمس والرمال” – كمنتجع الجونا الذي بناه بنفسه على سواحل البحر الأحمر المصري – أكثر شعبية من منتجعات الألب الباردة.
“سواء كنت في الألب أو على الشاطئ، فإنك سترغب في كل الأحوال في الراحة والاسترخاء”، هكذا صرح السيد سويرس في حديث مع سويس انفو.
وأضاف الملياردير المصري قائلاً: “الكثير من الناس في الألب لا يقدرون أن المنتجعات يجب أن توفر أكثر من إمكانيات التزلج، وهنا تكمن خبرتنا”.
وأردف السيد ساويسرس بأنه يتطلع إلى رفع التحدي المتمثل في بناء منتجع في أوروبا حيث “المنافسة صعبة”. واستخدم تعبيراً رياضياً عندما شبه الشرق الأوسط كفريق كرة قدم من “الدرجة الثانية”، وقال: “بعد أن أصبحت ناجحاً هناك، عليك أن تلعب مع الصبيان الكبار، والصبيان الكبار يوجدون هنا”.
عوائق .. ومواطن عمل
القسط الأكبر من التحدي الذي يواجهه السيد ساويرس يتعلق بتحويل قرية غير متطورة إلى منتجع عالمي من الطراز الأول، إضافة إلى التغلب على الكثير من العوائق القانونية والبيروقراطية التي تختص بها أوروبا وسويسرا.
وهو يقول إن أندرمات تقع في منطقة مثالية تتوسط قلب الألب، وتتصل بشبكة جيدة من الطرق التي تصلها بالمراكز السكانية الكبرى في زيوريخ شمالاً وميلانو جنوباً، وهو يعتبر نفسه محظوظاً لاكتشافه إمكانياتها قبل غيره من المستثمرين.
من جهة أخرى، كان لافتاً بالنسبة لإقليم معروف بتوجهاته وآراءه المحافظة ضعف الأصوات المعارضة للمشروع خلال الإجتماع. فقد أوضح أحد السكان: “لدينا أمل من جديد في المستقبل، وهو ما لم نكن نحوز عليه لفترة طويلة”.
“يسخر منا عادة السويسريون الآخرون ويصفونا بالمتأخرين، لكن هذا غير صحيح”، أكمل الرجل، ثم قال: “هذا يثبت إنه لا يجب الاستهانة بنا”.
وتدخل ساكن آخر قائلا: “عشت في أندرمات منذ خمسين عاماً، وقضيت معظم ذلك الوقت في قطاع الفندقة، وجربت كل الأوقات الطيبة والسيئة”، ثم أردف: “أنا أؤيد هذا المشروع بشدة لأنه سيخلق مواطن عمل”.
انتعاش إقتصادي في الأفق
“نحن في حاجة إلى السياحة، ويجب فعل شيء من أجل تطوير الوضع منذ أن أصبح الحال سيئاً”، شرحت سيدة حاضرة، مضيفة: “هذا سيساعد اقتصادنا على الانتعاش”.
أما بالنسبة للسيد جوزيف ديتي – عضو حكومة كانتون أوري الذي أقنع السيد ساويرس بالقدوم إلى أندرمات – فهو مقتنع بأن المنتجع الجديد لن يمثل تهديداً لهوية أندرمات.
ويقول: “المشروع كما نراه لن يضر بمصالح السكان المحليين، وسيكون التخطيط له جيداً بحيث يكون متناسقاً مع البيئة الطبيعية”.
كذلك صرح عمدة أندرمات هانز أولي كوملي لسويس انفو بأن مقترح ساويرس يمثل الفرصة الأخيرة للمنطقة، وقال “إذا لم يمضي المشروع قدما، سيواصل الناس مغادرتهم. المستقبل سيبقى قاتماً”.
خلال عرض المشروع مساء يوم الأحد 18 ديسمبر، وصُف عمدة القرية السيد ساويرس بأنه الرجل الذي “جعل الصحراء تزهر”، وذلك في إشارة إلى منتجع الجونا، الذي بُني من الصفر على ساحل قاحل للبحر الأحمر.
لكن الملياردير المصري حاول أن يقنع الجمهور أنه لا يعتقد أن واديهم يمثل صحراء ألبية، رغم تدهور أوضاعه الإقتصادي، وقال: “لديكم هنا الكثير الذي أستطيع أن أعمل به”.
وأردف سميح ساويرس قائلا: “يجب أن يكمّل المشروع القرية القائمة (ليجعل أندرمات تظهر كما يجب أن تظهر)، ونتركه ينمو عضوياً على مدى السنين حتى يتحول إلى مقصد سياحي عالمي من الطراز الأول”.
سويس انفو
يبلغ عدد سكان أندرمات 1351 شخص، وتقع على ارتفاع 1444 متر فوق مستوى البحر.
لدي القرية نحو 800 سرير في 20 فندقاً ومنازل للضيافة.
يخطط السيد سامح ساويرس لمضاعفة هذا العدد في المنتجع الجديد الذي يعتزم تشييده في القرية.
لا يتوقع المسؤولون المحليون إصدار تصاريح البناء للمنتجع قبل منتصف 2007.
تنقسم إمبراطورية السويرس الإقتصادية، أي مجموعة أوراسكوم، إلى ثلاث قطاعات وهي الاتصالات والبناء والسياحة.
يرأس سامح سويرس قطاع السياحة، ويدير ثلاث منتجعات سياحية في ساحل البحر الأحمر، وهو يبني في الوقت الحاضر منتجعاً رابعاً وخامساً في الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.