نتانياهو يتعهد “مواصلة القتال” على مختلف الجبهات في ذكرى هجوم حماس
تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ”مواصلة القتال” حتى تحقيق أهداف الحرب التي اندلعت في قطاع غزة وامتدت الى لبنان، وذلك مع إحياء الدولة العبرية الإثنين ذكرى الهجوم غير المسبوق لحركة حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وتخوض إسرائيل حربا منذ عام مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة، وصعّدت في الأسبوعين الماضيين غاراتها الجوية في لبنان ضد أهداف لحزب الله، وصولا الى شنّ عمليات برية في جنوب البلاد. كما تتعرض لإطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة من اليمن والعراق، وتوعدت بالرد على هجوم صاروخي إيران استهدفها الأسبوع الماضي.
وتثير هذه المواجهات مخاوف من نزاع واسع النطاق وطويل في الشرق الأوسط.
وأقامت إسرائيل الإثنين مراسم لإحياء ذكرى الهجوم الأكثر دموية منذ قيامها في العام 1948. وقال نتانياهو في كلمة مسجلة “ما دام العدو يهدد وجودنا وسلام بلادنا، سنواصل القتال”.
أضاف “طالما بقي رهائننا في غزة، سنواصل في القتال (…) لن أستسلم”.وتابع “لقد حددنا أهداف الحرب ونحن في طور تحقيقها: القضاء على حماس (في غزة)، إعادة كل الرهائن، الأحياء منهم والأموات. هذه مهمة مقدسة، لن نتوقف ما لم ننجزها”.
وشدد على أن للحرب أهداف أخرى هي “القضاء على كل تهديد مستقبلي ضد إسرائيل من قطاع غزة”، و”إعادة كل السكان الى الجنوب والشمال بأمان الى منازلهم”، في إشارة الى الذين نزحوا جراء القتال في الجنوب حيث قطاع غزة، والشمال حيث الحدود مع لبنان.
وأتت كلمة نتانياهو خلال مراسم مسائية في تل أبيب مع عائلات وأقارب الأشخاص الذين قتلوا أو خطفوا خلال هجوم حماس.
وأقيمت الإثنين تجمعات ومراسم في إسرائيل لإحياء الذكرى، شارك فيها مسؤولون وأفراد عائلات الضحايا. في المقابل، أقيمت تظاهرات في أنحاء العالم مؤيدة للفلسطينيين في ذكرى الهجوم الذي أسفر عن 1206 قتلى معظمهم مدنيون، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس استنادا الى أرقام رسمية إسرائيلية. وتشمل هذه الحصيلة الرهائن الذين قتلوا أو لقوا حتفهم أثناء احتجازهم في قطاع غزة.
وكانت أبرز المراسم الإسرائيلية في كيبوتس رعيم، في موقع مهرجان نوفا الموسيقي حيث قتل نحو 370 شخصا.
وتزامنا مع إحياء الذكرى، شنت إسرائيل غارات على غزة ومناطق في لبنان خصوصا جنوب البلاد والضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله. في المقابل، أطلق خصومها صواريخ في اتجاهها من الشمال والجنوب واليمن، متوعدين بمواصلة القتال رغم تكاليف باهظة تكبدوها خلال الفترة الماضية.
وحضّت الولايات المتحدة الإثنين إسرائيل على عدم شنّ أيّ هجوم على مطار بيروت أو الطرق المؤدية إليه، في وقت يوجّه فيه الجيش الإسرائيلي ضربات مكثّفة ضدّ حزب الله في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر في مؤتمر صحافي “نعتبر أنه من الأهمية بمكان ليس فقط أن يبقى المطار مفتوحا، بل أن تظل الطرق المؤدية إليه مفتوحة أيضا” وذلك خصوصا من أجل تمكين الراغبين بمغادرة لبنان من رعايا أميركيين ورعايا دول أخرى، من أن يفعلوا ذلك.
وفي ذكرى السابع من تشرين الأول/أكتوبر، تحدث الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس عن “وحشية” و”فظاعة” هجوم حماس، لكنهما أبديا تعاطفا مع معاناة المدنيين الفلسطينيين جراء الحملة العسكرية الإسرائيلية المدمرة على القطاع التي خلفت نحو 42 ألف قتيل معظمهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
وفي الفاتيكان، ندّد البابا بـ”عجز الأسرة الدولية المخزي وكذلك أقوى الدول، عن إسكات الأسلحة ووضع حد لمأساة الحرب”.
وأكد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو من القدس موقف باريس بأن “القوة وحدها لا تكفي لضمان أمن إسرائيل”.
من جانبه، كتب المفوّض العام للأونروا فيليب لازاريني “اثنا عشر شهرا من المعاناة التي لا توصف للرهائن في غزة” مضيفا أن الحرب حولت غزة أيضا إلى “بحر من الأنقاض لا يمكن التعرف عليه ومقبرة لعشرات الآلاف من الناس”.
– صواريخ على تل أبيب –
ومن أصل 251 شخصا خطفوا خلال الهجوم، ما زال 97 محتجزين في غزة، بينهم 34 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.
وخلال إضاءة أقرباء الضحايا الشموع في رعيم، دوت انفجارات القصف المدفعي على قطاع غزة القريب وسمع هدير المروحيات.
في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، تجاوز مقاتلو حماس السياج الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل، مستخدمين متفجرات وجرافات، وهاجموا كيبوتسات وقواعد عسكرية وموقع مهرجان نوفا الموسيقي.
وفي الساعات التالية، باشر الجيش الإسرائيلي هجوما عنيفا على قطاع غزة يهدف الى “القضاء” على حماس.
وأعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) مسؤوليتها عن إطلاق صواريخ استهدفت “تحشدات الاحتلال” عند معبر رفح وكرم أبو سالم وكيبوتس حوليت قرب الحدود مع غزة. ولاحقا، أعلنت إطلاق صواريخ على تل أبيب.
وأكد المتحدث باسم القسام أبو عبيدة في كلمة مصوّرة “قرارنا وخيارنا وهو الاستمرار في المواجهة في معركة استنزاف للعدو طويلة وممتدة ومؤلمة ومكلفة له بشدة، طالما أصر العدو على استمرار العدوان والحرب”.
وتوجه الى الإسرائيليين بالقول “نقول لجمهور الاحتلال كان باستطاعتكم أن تستعيدوا جميع أسراكم أحياء منذ عام (…) حالة الأسرى المتبقين المعنوية والصحية باتت في غاية الصعوبة. لا نستبعد إدخال ملفهم إلى نفق مظلم”.
ولم تقتصر الإطلاقات الصاروخية على غزة. اذ أعلن الجيش ليل الإثنين تفعيل صفارات الانذار في وسط إسرائيل بعد رصد إطلاق صواريخ من لبنان.
وكان الجيش أعلن بعد الظهر اعتراض صاروخ أرض-أرض أطلق من اليمن باتجاه وسط البلاد.
وتبنى الحوثويون المدعومون من طهران، إطلاق صاروخين بالستيين وطائرات مسيّرة في اتجاه إسرائيل الإثنين.
كما دوت صفارات الانذار في الشمال حيث توسع إسرائيل عملياتها ضد حزب الله.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أربع مناطق في شمال البلاد “مناطق عسكرية مغلقة” اعتبارا من ليل الإثنين.
وأكد الجيش أنه هاجم أكثر من 120 هدفا لحزب الله في جنوب لبنان “خلال ساعة” واحدة، بينما أشار الى أنه سيستهدف قريبا “المنطقة البحرية” في جنوب لبنان، مطالبا الصيادين ورواد البحر بالابتعاد عنها حتى إشعار آخر.
– غارات على ضاحية بيروت –
وبعد إضعاف حركة حماس، نقلت إسرائيل عملياتها إلى الجبهة الشمالية، وكثّفت غاراتها على لبنان اعتبارا من 23 أيلول/سبتمبر مستهدفة حزب الله المدعوم من إيران. وأعلنت في 30 منه بدء عمليات برية محدودة ضد الحزب.
وتعرضت عشرات البلدات والقرى في جنوب لبنان لغارات إسرائيلية، على ما أفاد الإعلام الرسمي الإثنين، فيما استهدفت غارة أخرى محيط مطار بيروت، حسب ما أفاد مصدر أمني وكالة فرانس برس.
وليل الإثنين، استهدفت سلسلة غارات جوية إسرائيلية على الأقل مناطق في الضاحية الجنوبية لبيروت، وفق الاعلام الرسمي، بعد إنذارات جديدة بالإخلاء أصدرها الجيش الاسرائيلي.
وتكررت الغارات الجوية العنيفة على الضاحية الجنوبية خلال الليل في الأيام الماضية، ما يتسبب بدمار هائل.
في المقابل، أعلن حزب الله الإثنين إن مقاتليه استهدفوا تجمعات لجنود إسرائيليين داخل بلدتين حدوديتين في جنوب لبنان هما مارون الراس وبليدا.
كما أكد أنه استهدف للمرة الثانية في يوم واحد مناطق تقع شمال مدينة حيفا.
وليل الإثنين، أعلن حزب الله أنّه استهدف قاعدة تابعة للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية قرب تل أبيب، وذلك بعيد إعلان الجيش الإسرائيلي تفعيل صفارات الانذار وسط البلاد بعد رصد صواريخ أطلقت من لبنان.
وكان الحزب أعلن قبل عام فتح جبهة “إسناد” لغزة عند الحدود الشمالية لإسرائيل. ووجهت الدولة العبرية سلسلة ضربات للحزب في الأسابيع الماضية، كان أبرزها اغتيال أمينه العام حسن نصرالله في غارة جوية في الضاحية الجنوبية لبيروت في 27 أيلول/سبتمبر.
وقتل أكثر من ألفي شخص وأصيب قرابة عشرة آلاف بجروح في لبنان منذ بدء التصعيد بين حزب الله وإسرائيل قبل عام. تجاوز عدد القتلى في التصعيد الأخير 1100 شخص، بحسب السلطات اللبنانية.
أما عدد النازحين فتجاوز المليون و200 ألف شخص، وفق الأرقام الرسمية.
أعلنت وحدة إدارة مخاطر الكوارث التابعة للحكومة اللبنانية أن أكثر من 400 ألف شخص عبروا إلى سوريا، غالبيتهم سوريون، في غضون أسبوعين.
– “العالم توقف” –
بعد عام من الحرب وفشل كل محاولات التوصل إلى وقف إطلاق نار، تستكمل إسرائيل عملياتها في قطاع غزة حيث أعلن الجيش صباح الإثنين أنه قصف مستشفى الأقصى في دير البلح (وسط)، قائلا إنه يضم مراكز قيادة لحماس.
وقالت نازحة تدعى إسراء أبو مطر (26 عاما) “ينتابك شعور بأن العالم توقف في 7 أكتوبر” مضيفة “أنا أتقدم في السن وأرى أطفالي يتضورون جوعا وخائفين ويرون كوابيس ويصرخون ليل نهار بسبب ضجيج القصف”.
في غضون ذلك، تتواصل التهديدات بين إسرائيل وإيران على خلفية الهجوم الصاروخي الذي شنّته الجمهورية الإسلامية على الدولة العبرية الثلاثاء، والذي توعدت إسرائيل بالرد عليه.
وحذرت طهران الإثنين من أنها سترد بقوة على أي هجوم إسرائيلي على أراضيها، لافتة إلى أنها لا تسعى إلى حرب أوسع نطاقا في المنطقة.
بور-روك/دص-ص ك-شي/كام