نجل أحمد شاه مسعود يخوض معترك السياسة الأفغانية
بعد 18 عاما على اغتيال زعيم الحرب الذي قاتل السوفيات وحركة طالبان أحمد شاه مسعود، يأمل نجله الوحيد في مواصلة مهمة والده ضد المتمردين بدخول معترك السياسة الأفغانية المفعم بالفوضى.
وفيما تبدو واشنطن قريبة من التوصل لاتفاق مع طالبان يتيح للبنتاغون خفض عديد قواته في أفغانستان، يريد أحمد مسعود البالغ 30 عاما، استقطاب المجموعات المناهضة لطالبان ومنع المقاتلين المتشددين من إطلاق موجة جديدة من الإسلام المتطرف.
وفي خطا والده الذي حشد مختلف المجموعات تحت راية “الجبهة الموحدة” — وتعرف أيضا ب”تحالف الشمال”– يريد مسعود الابن تشكيل تحالف كبير من العناصر المناهضة لطالبان التي يمكنها معارضة المتمردين سياسيا أولا، وعسكريا إن لزم الأمر.
وقال مسعود لوكالة فرانس برس في مقابلة في منزل الأسرة في كابول “أصلي وآمل ألا يرى الأفغان وأفغانستان حمام دم آخر”.
وأضاف “لا سمح الله. ولكن إذا حصل ذلك، لست أنا فقط ولكن هناك … مئات آلاف الشبان مثلي. نحن على استعداد لحمل السلاح”.
ويعتزم مسعود إطلاق حركته السياسية رسميا في الخامس من أيلول/سبتمبر في وادي بانشير الذي تتحدر منه عائلته إلى الشمال من كابول والذي لم يتمكن لا السوفيات ولا طالبان من هزيمته.
– أسد بانشير –
وفي بلد مشرذم يضم نسيجه السياسي أمراء حرب متنازعين، لا يزال الأفغان يرون في أحمد شاه مسعود شخصية كان بإمكانها قيادة البلد إلى مستقبل من دون طالبان، لولا اغتياله على أيدي عناصر من القاعدة.
ولا تزال صور أحمد شاه مسعود الذي يعرف ب”أسد بانشير” ترتفع على اللوحات الإعلانية والجدران ونوافذ السيارات وحتى أكواب القهوة في العاصمة وسائر أنحاء البلاد.
وقال مسعود الابن “كان شخصية لا مثيل لها في التاريخ الأفغاني، ولا أعتقد أن أحدا يمكن أن يكون مثله” متحدثا بطلاقة بالانكليزية مع لكنة لندنية اكتسبها من سبع سنوات عاشها في بريطانيا.
غير أن المقارنات بقائد المجاهدين لا مفر منها، وخصوصا في بلد تمر فيه السلطة من الاب إلى الابن، وحيث الشخصيات السياسية التي تلتقي حولها الأطراف المختلفة، يتلاشى وجودها.
ومسعود الذي عاد إلى أفغانستان عام 2016، يحمل أكثر من تشابه عابر بوالده خصوصا منذ إطلاقه لحية وارتدائه القبعة الصوفية التقليدية، التي اشتهر بها والده.
اغتيل أحمد شاه مسعود عن عمر يناهز 48 عاما، وكان ابنه بعمر 12 عاما، قبل يومين على هجمات 11 أيلول/سبتمبر التي غيرت تاريخ أفغانستان وأدت إلى غزو أميركي لتعقب أسامة بن لادن والاطاحة بحركة طالبان التي كان تقدم له الملاذ الآمن.
وبعد وفاة والده أنهى مسعود دراسته في إيران ثم انتقل إلى إنكلترا حيث التحق بكلية ساندهرست العسكرية — كانت خياره الثاني بعد فشله في الالتحاق بكلية ويست بوينت في نيويورك — قبل أن يحصل على شهادتين في لندن.
– لا شيء يمكن أن يحميك –
برأي مسعود، فإن اتفاقا مرتقبا بين الولايات المتحدة وطالبان لا يعالج إخفاقات المنظومة السياسية في أفغانستان — وهي منظومة يحصل فيها الرابح على كل شيء وحيث السلطة المطلقة هي دائما الهدف — وفي المقابل يكافئ حركة متطرفة لتشددها.
وقال “إن لم نذهب إلى عملية توزع السلطة على الجميع، وتلغي مركزية السلطة في أفغانستان، لا يمكننا حل أي مشكلة”.
وأضاف “سيمنح ذلك طالبان شعورا بالفوز والنصر … هذا هو الخوف الحقيقي، بأننا نشرعن ونعطي الأمل للمجموعات الإرهابية في أنحاء العالم”.
ويعتقد مسعود أن الولايات المتحدة سارعت كثيرا في تقديم تنازلات لطالبان فيما استبعدت أفغانا آخرين من محادثات السلام ما يسمح للمتشددين بمد نفوذهم إلى أي فراغ تتركه القوات الأميركية المغادرة.
وقال مسعود “إنها ليست عملية بقيادة أفغانية”.
وأضاف “إنها شيء يحصل بين أميركا وطالبان، بين القوى الإقليمية وطالبان. أين الأفغان؟”.
وتصر الولايات المتحدة على أن الاتفاق مع طالبان مشروط بالمحادثات بين المتمردين والحكومة الأفغانية، وبأن المشاكل الأفغانية لا يمكن حلها إلا من خلال الحوار “الداخلي الافغاني”.
وحذر مسعود من أن انسحابا متسارعا للقوات الأميركية يمكن أن يؤدي إلى انهيار القوات الأمنية الأفغانية حيث لا يزال الفساد وضعف القيادة مستشريان.
ويلفت مسعود أن مختلف المجموعات في بانشير وخارجها تتسلح من جديد وتعيد تنظيم صفوفها قبيل الانسحاب الأميركي.
وقال مسعود “الحكومة مع الأسف غير قادرة على مواصلة القتال ضد طالبان”.
وعما إذا كان يخشى على سلامته مع دخوله معترك السياسة، يبدي مسعود، الأخ لخمس بنات، إيمانه بالقدر.
وقال بابتسامة عريضة “كل شيء مكتوب لدى الله”، مضيفا “عندما تأتي الساعة لا شيء يمكنه أن يحميك”.