هزيمة قاسية لسالفيني في انتخابات محلية إيطالية قوضت نتائجها موقع الحكومة
خسر زعيم اليمين المتطرف الإيطالي ماتيو سالفيني الرهان بعدما أخفق في الفوز الأحد في الانتخابات المحلية في منطقة إيميليا-رومانيا اليسارية تاريخياً وتحقيق وعده بالإطاحة بالحكومة التي باتت مع ذلك في موقع ضعيف بعد تراجع حركة الخمس نجوم.
وكان سالفيني قد رفع مستوى التحدي عبر سعيه الفوز في هذا الإقليم الذي يسيطر عليه الحزب الشيوعي ثم يسار الوسط منذ 70 عاماً. لكن مني حزب الرابطة الذي يقوده ماتيو سالفيني بهزيمة قاسية بنهاية المطاف في انتخابات الأحد.
وبحسب نتائج رسمية صادرة عن وزارة الداخلية الاثنين، حصد رئيس المنطقة المنتهية ولايته ستيفانو بوناتشيني الذي ينتمي إلى الحزب الديموقراطي (يسار الوسط) 51,36 بالمئة من الأصوات، متقدماً بفارق واضح على مرشحة اليمين لوتشيا بورغونزوني التي حصلت على 43,68 بالمئة.
وعلق الصحافي السياسي ستيفانو فولي في صحيفة “ريبوبليكا” بالقول “هذا الصباح، لن يتصل أحد بالقصر الرئاسي للمطالبة بانتخابات مبكرة”، معتبراً أن خطأ سالفيني هو “الثقة المفرطة وبعض الغرور”.
وكان سالفيني الذي يلقبه مناصروه بـ”كابيتانو” (القائد) قد تعهد بطرد حكومة جوزيبي كونتي، التي تعتمد على غالبية من الحزب الديموقراطي (يسار وسط) وحركة الخمس نجوم (المناهضة للمؤسسات) في البرلمان. وأكد الاثنين من بولونيا أن “المسألة مسألة وقت فقط”.
– أكبر حزب في إيطاليا –
لكن ستيفانو فولي اعتبر هزيمة سالفيني، الرجل القوي في الحكومة السابقة المؤلفة من تحالف الرابطة والخمس نجوم، تأكيد على “الضرورة الطارئة لأن يغير في أدائه الإعلامي وأسلوبه السياسي”.
ورأى ماسيمو فرانكو من صحيفة “كوريري ديلا سيرا” أن “استراتيجيته الهجومية انقلبت عليه، ربما سيطالبه البعض باعتماد خط أقل تطرفاً”.
واعتمد سالفيني على استطلاع الرأي على المستوى الوطني الذي يشير إلى أن حزبه يأتي في الطليعة ويلقى تأييد 30 بالمئة من الإيطاليين، ما يجعله أكبر حزب في إيطاليا نظرياً.
وتحدى لذلك اليسار في أحد معاقله التاريخية معتمداً خصوصاً على استياء الطبقة الوسطى القلقة من آثار العولمة على المنطقة التي كانت تعد مزدهرة ومتقدمة على مستوى الصحة والتعليم.
وتقول إيميليانا دي بلاسيو أستاذة العلوم السياسية في جامعة لويس في روما لفرانس برس “التاريخ الإيطالي الحديث لقننا درساً بأنه حين تُحول الانتخابات لاستفتاء على شخصية ما فسوف تنتهي بهزيمتها، كما حصل مع ماتيو رينزي” الزعيم السابق للحزب الديموقراطي أواخر عام 2016.
وتعتبر الباحثة أن الحزب الديموقراطي استفاد خصوصاً من صعود حركة “سردين” المدنية قبل شهرين في بولونيا، والتي نجحت في تعبئة ناخبي اليسار في هذه الانتخابات التي اتسمت بمشاركة كبيرة بلغت 67,67 بالمئة، مقابل 37 بالمئة في الاقتراع السابق الذي جرى في المنطقة في 2014.
وتضيف دي بلاسيو أن هذه الحركة لقنت الحزب الديموقراطي درساً مفاده أن “إدارة المنطقة جيداً كما فعل بوناتشيني لا تكفي، بل يجب إجادة التواصل، والاعتماد على الدعم الشعبي في الحكم”.
– ملفات خلافية –
وتعتبر الباحثة أن حركة “سردين” التي تدرسها عن كثب “هي حركة أصيلة نشأت من معارضة سالفيني لكن باتت مركزاً للقضايا العابرة للوطنية، مثل حركة الجمعة من أجل المستقبل (للدفاع عن المناخ) وتستند إلى القيم الأوروبية”.
وأعلنت الحركة أنها حالياً “ستعود إلى الكواليس”، ربما حتى حلول استحقاق انتخابي بارز آخر.
وقوضت نتائج انتخابات ايميليا-رومانيا كذلك موقع الائتلاف الحاكم المؤلف من الحزب الديموقراطي وحركة الخمس نجوم. ويعود ذلك إلى هزيمة الحركة في الانتخابات مع حصولها على 10% فقط من الأصوات، فيما كانت حققت نسبة 32% خلال الانتخابات التشريعية عام 2018.
ويعتمد مستقبل الائتلاف بحسب خبراء على استراتيجية الحركة التي لم يعد لها رئيساً مع استقالة لويجي دي مايو، الذي لا يزال وزيراً للخارجية.
وتساءل ستيفانو فولي “في ظل تراجع حركة الخمس نجوم التي لا تزال قوية في البرلمان، ما الذي يعتزم الحزب الديموقراطي القيام به؟”.
ويشير إلى وجود ملفات قد تنتج صراعاً بين الطرفين، مثل مسألة تقادم المحاكمات، وإلغاء امتيازات تشييد الطرقات لعائلة بينيتون على خلفية قضية انهيار جسر جنوى.
وتعتبر إيميليانا دي بلاسيو أن مصير الائتلاف يعتمد على خيارات الخمس نجوم: “قد يختارون ترك الحكومة والتحول إلى المعارضة، أو يعيدون تجديد أنفسهم خلال انعقاد المجالس العامة للحركة” في آذار/مارس.