هــل يهــدد الجفــــاف صنعــــــاء؟
أعلن البنك العالمي أن العاصمة اليمنية صنعاء، قد تتحول قريبا إلى أول عاصمة في العالم بدون مياه.
واعتمد البنك العالمي في توقعه على دراسات قام بها خبراء من روسيا وهولندا، عكست صورة مخيفة حول مضاعفات نقص المياه في صنعاء.
إنها سابقة خطيرة أن يكون هذا هو مستقبل عاصمة أثرية ذات تاريخ وحضارة مثل صنعاء، وينبئ بأن نفس المصير قد يكون أيضا للمدن اليمنية الأخرى. ويبدو أن المسؤولين اليمنيين على دراية تامة بحجم تلك المأساة، ولكنهم لا يرون الصورة قاتمة مثلما رآها البنك العالمي.
فالمهندس عبد الله إسماعيل المتوكل، المدير العام للهيئة المحلية للمياه في العاصمة اليمنية يعترف في حديثه إلى سويس انفو بأن جميع الدراسات الموجودة حاليا حول مستقبل المياه في اليمن طالبت بالتحرك بشكل عاجل قبل الوقوف في مواجهة الكارثة، وهي دراسات لم تحمل فقط التحذيرات، بل قدمت أيضا حلولا بعضها عاجل والآخر آجل.
ومن بين تلك الحلول العاجلة، ضرورة الحد من استخدام المياه على الصعيد الشخصي، والتأقلم على استخدام طرق حديثة في الري، وترشيد استهلاك الماء في المجالات العامة.
أما الحلول الآجلة فتتمثل في ضرورة العمل على تنويع مصادر الحصول على المياه، مثل إقامة السدود والاستفادة القصوى من مياه الأمطار، مع معالجة مياه الصرف لاستخدامها في مجالات عامة،إلى جانب البحث عن مصادر أخرى للمياه بعيدا عن محيط العاصمة.
ومن المهم في مثل هذه الكوارث المتوقعة ليس في الحصول على الأفكار، بل أن تكون جاهزة للعمل في أسرع وقت ممكن وتفعيلها في أية لحظة يتطلبها الأمر.
ويعترف المهندس عبد الله المتوكل بكل أسف بأن جميع الدراسات والحلول حبيسة الأدراج، والجاهز حاليا للتنفيذ من المشاريع ينتظر وضع اللمسات الأخيرة لدراسة حول امكانية الاستفادة من المياه العادمة بتكلفة 40 مليون دولار بتمويل من الصندوق العربي.
“المشكلة في الادارة وليست في نقص الموارد”
ولا تقتصر مشكلة المياه في صنعاء على الحصول عليها، بل تشمل أيضا مشاكل الصرف، والتي تراجعت في السنوات الأخيرة حسب تصريحات المهندس عبد الله أحمد المطاع مدير مشروع شبكات الصرف الصحي بأمانة العاصمة إلى سويس انفو.
وبفضل قرض من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، أمكن تنفيذ عشرة مشاريع في صنعاء وحدها على مدى خمس سنوات لحل 60% من تلك المشاكل.
في المقابل يرى السيد هشام شرف عبد الله وكيل وزارة التخطيط في حديثه إلى سويس انفو، أن المشكلة تكمن في إدارة ما لدى اليمن من مياه – وإن كان قليلا، قبل أن تكون مشكلة ندرة هذا الذهب الأزرق، حيث يتسبب الاستخدام السيئ في تصدع تلك المشكلة.
ومن بين المقترحات التي يرى السيد شرف أنها واجبة في المرحلة الراهنة، تنسيق استخدام المياه في ري النباتات التي تستهلك مياه كثيرة جدا مثل القات، حيث يجب أن يتم التعامل معها بأسلوب آخر، يتناسب مع المسموح به من المياه، في مقابل تعويض المواطن عن تركه الزراعات الغير مجدية، من خلال امتيازات معنية أو بضائع مختلفة أو تعويضات معنوية.
خطوات خجولة على طريق الحل
على الجانب الآخر هنالك ضرورة ملحة – حسب رأي المسؤول اليمني – لتوعية المواطن بضرورة التراجع عن الإسراف في الماء في الحياة العادية، فليس خافيا أن بعض المناطق في العاصمة صنعاء والمدن الكبرى يأتيها الماء مرة كل 5 أيام، بينما هناك أماكن أخرى تصلها في فترات مختلفة لا تزيد في أسوأ الأحوال عن 20 يوما.
في الوقت نفسه أشاد وكيل الوزارة بخطوات حكومية هامة مثل: اصدار قانون المياه الذي يجب الحزم في تنفيذه، ثم إقرار استراتيجية المياه لتقنين استعمالها على الشكل الأمثل، مع البدء في حصر الآبار المحفورة في اليمن، وحظر حفر آبار جديدة، إلا بعد دراسة جيدة في إطار البحث عن وسائل جديدة للحصول على الماء.
ويستنكر السيد هشام شرف وكيل وزارة التخطيط ما يتردد حول اقتراب صنعاء من الجفاف، قائلا” ليس صحيحا أنه سيأتي على العاصمة وقت تخلو فيه من المياه”، ويستند في ذلك إلى عزم المسؤولين على مواجهة هذا الخطر، قبل أن تواجه العاصمة الاثرية الهامة هذا المصير القاسي.
ولا شك في أن تلك المشروعات التي تحتاجها اليمن لمواجهة مشكلة المياه تحتاج إلى تمويل كبير، إلا أن الدول المانحة قليلة، مقارنة مع حجم الأموال المطلوبة حيث لم تفلح الجهود اليمنية سوى في الحصول على تمويل ميسر من هولندا واليابان وألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لتغطية 18% فقط من احتياجات المشاريع التنموية.
تامر أبوالعينين – سويس انفو
مساحة العاصمة صنعاء 528 كيلومتر مربع.
يزيد تعداد سكانها عن المليون نسمة ويقدر معدل النمو السكاني بها 2.7% سنويا.
تقع على ارتفاع 2000 متر عن سطح البحر، وتبعد 100 كم عن ساحل البحر الأحمر.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.