هل بدأ انتعاش البورصة؟
يعلق خبراء البورصة آمالا كبيرة على عودة التعامل في الأوراق المالية بالشكل الذي كانت عليه قبل الأزمة الراهنة، وذلك استنادا إلى بعض التحركات الخجولة في التعاملات المصرفية.
وتوضح المؤشرات المالية تصاعدا خفيفا في تعاملات البورصة السويسرية والدولية منذ مارس الماضي، دفع بالبعض إلى التفاؤل، ولكنه مشوب بالحذر.
ينظر التجار في البورصة السويسرية بزيورخ بعين التفاؤل إلى تحركات المؤشر العام للأسهم والسندات، بعد أن تعافى من كبوته التي منى بها في مارس الماضي، والتي انخفض فيها إلى الحد الأدنى مسجلا آنذاك 3618 نقطة.
وعلى الرغم من تخطي هذا الحد الأدنى وارتفاع المؤشر إلى 4800 نقطة، إلا أنه يظل أقل مما كان عليه في صيف عام 2000 بنسبة 40%، مما يعكس حالة الضعف التي تمر بها التعاملات المالية في البورصة، سواء في سويسرا أو خارجها.
ويتزامن هذا التفاؤل “الحذر” في البورصة السويسرية مع تحركات ملموسة في أسواق نيويورك ولندن وفرانكفورت، لتشجع المستثمرين على إعادة ضخ أموالهم في الأسواق وإنعاش الحركة الاقتصادية مجددا، لإخراجها من الغيبوبة التي تعيش فيها الآن.
ويعتقد خبراء البورصة أن انتهاء العمليات العسكرية الأمريكية ضد العراق بسرعة لم تكن متوقعة، هو من أهم العوامل التي شجعت رؤوس الأموال على الخروج من مخبئها. وإن كان هذا يحدث بشكل بطيء جدا، حيث يفضل أغلب أصحاب الأموال في الاستثمار القصير الأجل والذي يحمل في النهاية ربحا مضمونا حتى ولو كان قليلا.
انعكاسات ايجابية محدودة
وتبقى هذه الأنباء الجيدة ذات تأثير محدود ولا يستفيد منه سوى أصحاب رؤوس الأموال فقط، دون أية انعكاسات إيجابية على الوضع الاقتصادي بصفة عامة، فانتعاش الاقتصاد السويسري يعتمد دائما على حركة رأس المال بمبالغ كبيرة، تنصب رأسا في قطاع الصناعة، إلا أن ذلك يعتمد على حركة التصدير التي ترتبط بشكل كبير مع الصناعة الأوروبية لا سيما الألمانية، أي أن تقدم عجلة الاقتصاد السويسري مرهون بالأوضاع الاقتصادية في دول الجوار.
ولذا، فليس من المتوقع أن يدب النشاط في أوصال الاقتصاد السويسري بشكل سريع، وربما تبقى فرص العمل محدودة، ونسبة البطالة كما هي عليه الآن (6.4%) إن لم تتصاعد ولو بشكل طفيف حتى نهاية العام والربع الأول من السنة القادمة أيضا، انتظارا لتحسن الاوضاع في اهم شركاء اقتصاديين لسويسرا من دول الجوار والذين يعتمدون على الصناعات السويسرية الوسيطة.
ارتفاع بطيء جدا
هذه الحالة تضع سوق الأوراق المالية في حالة غير مستقرة، بين خوف أصحاب رؤوس الأموال وتراجع الاستثمارات الكبيرة وأسعار الأسهم والسندات المتدنية في ناحية، والانعكاسات الاجتماعية المرتبة على ذلك على الناحية الأخرى.
في المقابل، ترى البنوك السويسرية هذا الأمر من منظور آخر، حيث يرى بيتر فولفي مدير بنك “يو بي اس” أن نتائج التعاملات في البوصة خلال الأشهر الماضية كفيلة بأن تمهد الطريق لتعافي الحالة الاقتصادية مما أصيبت به خلال العامين الماضيين، وكان واقعيا عندما صرح بأن هذا لا يعني ارتفاعا كبيرا في مؤشر تعاملات البورصة خلال الأشهر القادمة.
ويتفق هيرالد تسان محلل البورصة لدى بنك كريدي سويس مع هذا الرأي، مشيرا إلى أن أسعار الأسهم في البورصة لن ترتفع بشكل كبير في المستقبل القريب، لأن الإقبال عليها سيكون بشكل متأن، وسيستغرق ذلك وقتا غير قصير وربما يصل إلى عام على الأقل.
في انتظار تحسن الاوضاع
ولا ينفصل هذا الملف عن الحياة الاجتماعية في سويسرا، فأعداد العاطلين عن العمل التي تتصاعد وما يصاحبها من التزام حكومي بدفع إعانات البطالة، ينعكس بالطبع على حركة الاستهلاك اليومي، حيث تتراجع رغبة السويسريين في الشراء بشكل كبير ويقتصرون على ما هو ضروري، وهو ما يصيب الاسواق بركود واضح.
وعلى الرغم من هذا النشاط المحدود سواء في بورصة زيورخ والأسواق المالية الدولية الأخرى، إلا أنه من الصعب توقع ما يمكن أن يكون عليه الحال في النصف الثاني من هذا العام، حيث تبقى جميع الاحتمالات مفتوحة، وإن كان الجميع يتمنون ارتفاعا متواصلا – حتى ولو بطيئا – في التعاملات داخل أروقة البورصة، بدلا من الركود الذي قد يؤدي إلى إنهيار مدو، يأتي على البقية الباقية من الاقتصاد السويسري.
تامر ابو العينين – سويس انفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.