اللجنة الدستورية الخاصة بسوريا: كيف ولماذا؟
يجتمع دبلوماسيون ومسؤولون في جنيف يوم الأربعاء 30 أكتوبر الجاري لحضور الجلسة الأولى التي تعقدها اللجنة الدستورية الخاصة بسوريا، بهدف رسم خارطة طريق سياسية تُساعد على السير نحو الأمام والمضي قدماً في البلد الذي مزقته الصراعات منذ عام 2011. فيما يلي دليل مختصر لفهم ما يحدث.
ما هي أهمية هذا اللقاء السوري؟
بعد العديد من جولات محادثات السلام الفاشلة على مدار الأعوام الثمانية الماضية، تتجه الأنظار إلى جنيف مرة أخرى. فقد كلف مؤتمر دعت روسيا إلى عقده العام الماضي مبعوث الأمم المتحدة الخاص غير بيدرسنرابط خارجي بتشكيل لجنة لصياغة دستور جديد لسوريا.
في شهر سبتمبر 2019، أعلنت الأمم المتحدة عن التوصل لاتفاقرابط خارجي بين الحكومة السورية والمعارضة حول تشكيل اللجنة المكونة من 150 عضوًا. وقالت الأمم المتحدة إن هذا يمثل “أول اتفاق سياسي ملموس” من جانب الأطراف المتحاربة للبدء في تنفيذ خارطة الطريق للسلام لعام 2012 التي اعتمدتها مجموعة من الدول الرئيسية، وتم التصديق عليها في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 لعام 2015رابط خارجي. أما اجتماع جنيف، فهي الخطوة المُوالية.
المزيد
هل تفتح اللجنة الدستورية باباً لإحلال السلام في سوريا؟
من يحضر الإجتماع؟
تضم اللجنة المكونة من 150 عضوًا التي تجتمع في جنيف خمسين (50) شخصًا تم اختيارهم من قبل الحكومة السورية، وخمسين (50) شخصًا من طرف المعارضة السورية، وخمسين (50) اختارتهم الأمم المتحدة من المجتمع المدني السوري (30٪ منهم نساء).
ستقوم كل مجموعة بتعيين 15 شخصًا منها لإعداد وصياغة المقترحات الدستورية لتقديمها إلى اللجنة لاعتمادها بتوافق الآراء في الحالة المثالية، أو بأغلبية 75٪ من الأصوات على الأقل.
استغرق الأمر ما يقرب من عامين للاتفاق على أسماء أعضاء اللجنة. فقد واجهت قائمة الأمم المتحدة اعتراضات طويلة، وخاصة من جانب الحكومة السورية، شملت الأسماء ومجال عمل اللجنة. في المقابل، كل وفد يضم أكرادا في صفوفه، ولكن لا يوجد أي تمثيل لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) أو لوحدات حماية الشعب الكردية (و.ح.ش – YPG).
يشرف بيدرسن على العملية برمتها، بمساعدة رئيسين مُشاركيْن وهما أحمد كزبري عن الحكومة السورية وهادي البحرا عن المعارضة. أما مبعوث الأمم المتحدة فهو الرابع الذي يشغل هذا المنصب بعد استقالة أسلافه الثلاثة – بمن فيهم الأمين العام السابق للأمم المتحدة الراحل كوفي عنان – بعد سنوات من التوسط في محادثات السلام التي لم تُسفر عن أي نتيجة.
كما حصل في محادثات سلام سابقة، قدمت سويسرا دعمها الكامل لعمل اللجنة وللجهود المبذولة للتوصل إلى حل سلمي للصراع.
في السياق، أنشأت سويسرا منصّة في جنيف تحت مُسمى “غرفة دعم المجتمع المدني” سمحت بتمكين أكثر من 400 منظمة وشخص سوريين من المشاركة في عملية السلام.
منذ عام 2011، قدمت سويسرا مساعدات إنسانية إلى سوريا تفوق قيمتها عن 430 مليون فرنك.
ما هي فرص النجاح؟
يعتقد بيدرسن أن اللجنة يمكن أن تكون “فاتحة باب” باتجاه عملية سياسية أكثر إدماجا وأوسع نطاقاً، ونحو إصلاحات وربما إلى انتخابات جديدة لتوحيد سوريا في نهاية المطاف.
يُشدد المسؤول الأممي أيضا على أنها ستكون عملية بقيادة سورية وبتيسير من الأمم المتحدة، كما أنها تحظى بدعم كامل – ولكن دون مشاركة مباشرة – من طرف قوى دولية مثل تركيا وإيران وروسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة العربية السعودية، التي أرسلت مبعوثين.
ستجتمع اللجنة في جنيف “لبضعة أيام”، لكن لا زال من غير الواضح حاليا طول الفترة الزمنية التي تخطط مجموعة الصياغة لمواصلة العمل فيها.
يوم الإثنين 28 أكتوبر الجاري، قال بيدرسن للصحفيين في جنيف: “أنا متفائل بأننا سنشهد في المستقبل غير البعيد تقدمًا ملموسًا في المناقشات”K لكنه أقرّ بأنه ليس بإمكان اللجنة وحدها حل النزاع. ودعا إلى تحقيق “تقدم ملموس” في جنيف وإنجاز “تقدم ملموس على الأرض”. وقد يشمل ذلك تدابير مبكرة لبناء الثقة مثل إطلاق سراح نساء وأطفال تم احتجازهم من قبل أطراف النزاع. مع ذلك، وفي ظل تفوقها العسكري الواضح، فقد تكون حكومة الرئيس السوري بشار الأسد مترددة في تقديم أي تنازلات، فيما ألمح مسؤولون سوريون إلى أن الأسد قد يترشح مرة أخرى في الانتخابات.
يُشار إلى أنه تم التوقيع على اتفاقية تشكيل اللجنة في ديسمبر 2018 من قبل روسيا وتركيا وإيران، وهي الدول الثلاث الأعضاء فيما يسمى “مجموعة أستانا”، التي أطلقت في يناير 2017 في عاصمة كازاخستان عملية أستانا للسلام التي تهدف إلى إنهاء النزاع السوري. تدريجيا، طغت عملية أستانا على الإطار التفاوضي السابق الذي رعته الأمم المتحدة المعروف باسم “عملية جنيف”، الذي ركز بشكل أكبر على مسار الانتقال السياسي لكنه فشلت في كبح جماح العنف. حتى الآن، تم عقد ثلاثة عشر اجتماعًا في أستانا بكازاخستان، وأخرى في سوتشي بروسيا مع ممثلين عن النظام السوري وعدد من المعارضين، لكنها لم تُحقق سوى تقدم متواضع حتى الآن.
ما هو الوضع على الميدان في سوريا؟
منذ مارس 2011، قُتل مئات الآلاف من الأشخاص في الصراع القائم في سوريا. كما تم تشريد حوالي نصف سكان البلد الذين كان تعدادهم 22 مليون نسمة قبل الحرب، فـرّ العديد منهم إلى الخارج، كما أصبحت أجزاء كبيرة من البلاد في حالة خراب.
بعد عمليات ناجحة لاستعادة المناطق التي كانت تحت سيطرة المتمردين، بدعم من طرف روسيا ومن الميليشيات التي تدعمها إيران، تقول تقارير إن النظام السوري يتحكم الآن في حوالي 60 ٪ من البلاد. في الأثناء، يُعتبر شمال غرب سوريا، بما في ذلك منطقة إدلب، آخر مساحة كبيرة من الأراضي لا تزال في أيدي المتمردين.
المزيد
مدنيّون سوريون يتباحثون في جنيف حول مستقبل بلادهم
(ترجمه من الإنجليزية وعالجه: كمال الضيف)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.